معرفة صفة من تقبل روايته، ومن ترد روايته وما يتعلق بذلك من قدح وجرح وتوثيق وتعديل / القسم العاشر |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-02-26
![]()
التاريخ: 2025-03-17
![]()
التاريخ: 2025-03-19
![]()
التاريخ: 2025-03-03
![]() |
العَاشِرَةُ: التَّائِبُ مِنَ الكَذِبِ في حديثِ النَّاسِ وغيرِهِ مِنْ أسْبَابِ الفِسْقِ، تُقْبَلُ روايتُهُ، إلاَّ التَّائبَ مِنَ الكَذِبِ مُتَعَمِّداً في حديْثِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلم -، فإنَّهُ لاَ تُقْبَلُ روايَتُهُ أبَداً، وإنْ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ عَنْ غَيرِ واحِدٍ مِنْ أهلِ العِلْمِ، منْهُمْ: أحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ (1)، وأبو بكرٍ الْحُمَيْدِيُّ - شَيْخُ البخارِيِّ (2) -.
وأطلَقَ الإمامُ أبو بكرٍ الصَّيْرَفِيُّ الشَّافِعِيُّ فيما وجدْتُ لهُ في "شرحِهِ لرسَالَةِ الشافِعِيِّ"، فقالَ: ((كلُّ مَنْ أسْقَطْنا خَبَرَهُ مِنْ أهلِ النَّقْلِ بكَذِبٍ (3) وَجَدْنا عليهِ، لَمْ نَعُدْ لقَبُولِهِ بتوبَةٍ تَظهَرُ، ومَنْ ضَعَّفْنا نَقْلَهُ لَمْ نَجْعَلْهُ قَوِيّاً بَعدَ ذَلِكَ، وذَكَرَ أنَّ ذَلِكَ مِمَّا افترَقَتْ فيهِ الروايةُ والشَّهادَةُ (4). وذَكَرَ الإمَامُ أبو المظَفَّرِ السَّمْعَانيُّ المروزيُّ: ((أنَّ (5) مَنْ كَذَبَ في خَبَرٍ واحِدٍ، وجَبَ إسْقَاطُ ما تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِهِ)) (6)، وهذا يُضَاهِي مِنْ حَيْثُ المعْنَى ما ذَكَرَهُ الصَّيْرَفِيُّ (7)، واللهُ أعلمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه عنه الخطيب في الكفاية: (190 ت، 117 هـ).
(2) رواه الخطيب أيضاً في الكفاية: (191 ت، 118 هـ).
(3) قال العراقي في التقييد: 151: ((ذكر المصنّف أنّ أبا بكر الصيرفي أطلق الكذب، أي: فلم يخصّه بالكذب في الحديث. والظاهر: أنّ الصيرفي إنّما أراد الكذب في الحديث، بدليل قوله: ((من أهل النقل))، وقد قيّده بـ((المُحدِّث)) فيما رأيته في كتابه المسمّى بـ "الدلائل والاعلام"، فقال: وليس يطعن على المحدّث إلا أن يقول: تعمّدت الكذب، فهو كاذب في الأول، ولا يقبل خبره بعد ذلك)).
(4) انظرها في: إكمال المعلم 1/ 107، والفروق 1/ 5، ومحاسن الاصطلاح: 231، والنكت الوفية: 225 / أ، وتدريب الراوي 1/ 331 - 334.
(5) بعد هذا في (ع) زيادة: ((كل))، ولم ترد في شيء من النسخ التي اعتمدناها في التحقيق.
(6) انظر: قواطع الأدلة 1/ 324، وبه قال الماوردي والروياني من الشافعية. انظر: البحر المحيط 4/ 284.
قال البلقيني في محاسنه: 232: ((ما نقل عن الصيرفي يقرب منه ما قاله ابن حزم: من أسقطنا حديثه لم نعد لقبوله أبداً، ومن احتججنا به لم نسقط روايته أبداً. وكذا قاله ابن حبّان في آخرين)).
(7) قلنا: وهذا الذي اختاره ابن الصلاح ونقله عن الصيرفي وأبي المظفّر السمعاني، نقله أيضاً الحازمي عن سفيان الثوري وابن المبارك ورافع بن الأشرس وأبي نعيم الفضل بن دكين. انظر: شروط الأئمة الخمسة: 54. وقد ردَّ الإمام النووي هذا القول، فقال في الإرشاد 1/ 307: ((وكلّ هذا مخالف لقاعدة مذهبنا ومذهب غيرنا، ولا يقوى الفرق بينه وبين الشهادة)). ومثله قال في التقريب: 95. وقال في شرح صحيح مسلم 1/ 57: ((وهذا الذي ذكره هؤلاء الأئمّة ضعيف مخالف للقواعد الشرعيّة، والمختار القطع بصحّة توبته في هذا، وقبول رواياته بعدها)).
وأجاب الزركشي عن ردّ النووي، فقال: ((هذا الذي ادّعاهُ الشيخ من أنّه مخالف لمذهبنا ممنوع، فإنّ جمهور الأصحاب عليه، منهم: الطبري، وابن السمعاني - كما نقله ابن الصلاح -، وقد حكاه عن الصيرفي: القاضي أبو الطيّب ولم يخالفه، ومنهم: القفال المروزي فيما حكاه صاحب "البحر" في باب الرجوع عن الشهادة، فقال: ((قال القفال: إذا أقرّ المحدّث بالكذب لم يقبل حديثه أبداً)). وحكى ابن الرفعة في المطلب عند الكلام فيما إذا بان فسق الشاهد عن الماوردي: ((إنّ الراوي إذا كذب في حديث النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - ردّت جميع أحاديثه السالفة، ووجب نقض ما حكم به منها، وإن لم ينقض الحكم بشهادة مَنْ حدث فسقه، بأنّ الحديث حجّة لازمة لجميع المسلمين، وفي جميع الأمصار، فكان حكمه أغلظ))، ولم يتعقّبه ابن الرفعة بنكير. وحكاه الخطيب في الكفاية عن الحميدي، وقال: ((إنّه الحق)). وهو كما قال فإنّ الدليل يعضده، وهو قوله - صلى الله عليه [وآله] وسلّم -: ((إنَّ كَذِباً عَلَيَّ ليسَ ككَذِبٍ عَلى أحدٍ))؛ ولهذا حكى إمام الحرمين عن والده أن مَن تعمّد الكذب على النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - يكفر. وقد فرّق أصحابنا بين الرواية والشهادة في مواضع كثيرة، فلا بدع أن هذا منها.
نعم ... قال القاضي أبو بكر الشامي من أصحابنا - وهو في طبقة القاضي أبي الطيّب - ((لا يقبل فيما ردّ، ويقبل في غيره اعتباراً بالشهادة)). حكاه القاضي من الحنابلة عنه أنّه أجابه بذاك لمّا سأله عن هذه المسألة.
فحصل فيها وجهان لأصحابنا، وأصحّهما: لا تقبل.
وأمّا قوله: إنّه مخالف لمذهب غيرنا فممنوع، فقد حكى الخطيّب عند عبد الله بن أحمد الحلبي، قال: ((سألت أحمد بن حنبل عن محدّث كذب في حديث واحد ثُم تاب ورجع؟ قال: توبته فيما بينه وبين الله (عزّ وجلّ)، ولا يكتب عنه حديث أبداً)). نكت الزركشي 3/ 405 - 408.
|
|
دراسة: خطر يتعرض له الملايين يفاقم خطر الإصابة بالباركنسون
|
|
|
|
|
الأمم المتحدة: ذوبان الجليد يهدد إمدادات الغذاء والماء لملياري شخص حول العالم
|
|
|
|
|
عند مرقده الطاهر موكب أهالي كربلاء يحيي ذكرى شهادة الإمام علي (عليه السلام) في النجف الأشرف
|
|
|