يتأثر مناخ القارة بحركة الشمس الظاهرية نحو الجنوب في نصف السنة الشتوى ونحو الشمال فى نصفها الصيفى، ويظهر هذا واضحا في توزيع الضغط الجوى ونظام هبوب الرياح على أجزائها المختلفة ، فبالنظر إلى خريطتي الضغط الجوى والرياح لفصلى الصيف والشتاء الشماليين  كما تمثلهما خريطتا يوليو ويناير نلاحظ وجود بعض المظاهر العامة التي يمكن إجمالها فيما يلى :

( ب ) الحالة فى فصل الصيف ( يوليو ) : في هذا الفصل يكون توزيع مناطق الضغط الجوى الكبرى التي تؤثر في مناخ القارة كما يأتي :

1- نطاق من الضغط المنخفض يمتد على الصحراء الكبرى بسبب شدة الحرارة ويصل في امتداده نحو الجنوب حتى يتصل بنطاق الضغط المنخفض الاستوائى الذى يتزحزح شمالا في هذا الفصل ، ويتكون من النطاقين معا نطاق عظيم يشمل معظم القسم الشمالي من إفريقية ويكون مركزه ممتدا بين خطى عرض 10 و 20 شمالا على وجه التقريب .

2ـ نطاق الضغط المرتفع الآزوري الذي يتسع نطاقه على المحيط الأطلسي الشمالي في هذا الفصل، ويمتد منه ذراع عظيم على جنوب أوروبا وحوض البحر هذا النطاق تهب الرياح التجارية الشمالية الشرقية نحومركز المتوسط ، ومن الضغط المنخفض الذى سبق ذكره ، وهذه الرياح هي التي تكون سائدة على السواحل الجنوبية للبحر المتوسط ومعظم شمال القارة.

3ـ نطاق الضغط المرتفع وراء مدار الجدى ، وهو يتزحزح قليلا نحو الشمال في هذا الفضل ويكون ممتدا بدون انقطاع تقريبا على جنوب القارة وعلى المحيط الهندى من جهة والمحيط الأطلسي الجنوبي من جهة أخرى وتهب الرياح الشمالية الغربية من هذا النطاق على قسم صغير من الطرف الجنوبي الغربي للقارة أى على إقليم رأس الرجاء الصالح، وتؤدى هذه الرياح بما يصاحبها من المنخفضات جوية إلى سقوط الأمطار الشتوية .

وفيما عدا هذا القسم نلاحظ أن الهضبة الجنوبية بأكملها تقريبا تسودها الرياح التجارية الجنوبية الشرقية التي تهب من نفس نطاق الضغط المرتفع متجهة نحو الضغط المنخفض الاستوائى، وتستمر في هبوبها نحو الشمال حتى بعد خط الاستواء ، ولكن بعد عبورها لهذا الخط تواصل هبوبها حتى حوالي خط عرض 20 شمالا ، ويكون اتجاهها عندئذ جنوبيا غربيا.

( ب ) الحالة في فصل الشتاء ( يناير ) : فى هذا الفصل تتزحزح مناطق الضغط الجوى بصفة عامة نحو الجنوب تبعا لحركة الشمس الظاهرية ويطرأ عليها في نفس الوقت كثير من التغيرات سواء على القارة أو على الأقاليم المحيطة بها . ويكون توزيعها مختلفا من بعض الوجوه عما كان عليه في فصل الصيف بسبب الاختلاف الذي يطرأ على توزيع المناطق الحرارية سواء على القارة نفسها أو على المحيطات والقارات الأخرى المحيطة بها ، ويمكننا أن نلخص نظام الضغط الجوى على القارة فى هذا الفصل كما يلى :

-1 الضغط المرتفع الأزوري الذي يمتد في هذا الفصل على شمال إفريقية، ويتكون منه نطاق عظيم الاتساع يقع إلى الجنوب من السواحل الشمالية للقارة ويكون مركزه واقعا في جنوب جبال أطلس .

2ـ الضغط المنخفض الذى يتكون على البحر المتوسط نتيجة لدفئه بالنسبة لليابس المحيط به، وتهب الرياح الجنوبية الغربية نحو هذا الضغط المنخفض من منطقة الضغط المرتفع التي سبق ذكرها ، وهذه الرياح هي التي تكون سائدة على السواحل الشمالية الإفريقية .

و تغزو البحر المتوسط في هذا الفصل كثير من المنخفضات الجوية التي تتحرك على طوله من الغرب إلى الشرق وتكون سببا في سقوط معظم الأمطار الشتوية التي تصيب الأطراف الشمالية للقارة .

3ــ نطاق الضغط المنخفض الاستوائى ، وهو على الرغم من تزحزحه نحو الجنوب في هذا الفصل فإنه لا ينتقل بأكمله إلى الجنوب من خط الاستواء بل يظل معظمه واقعا إلى الشمال من هذا الخط بصفة عامة خصوصا في الغرب حيث نجد أنه يمتد إلى الشمال مباشرة من خط عرض 5 شمالا ، والسبب في يرجع إلى عظم اتساع القارة فى الشمال مما يجعل المناطق المدارية الشمالية ذات حرارة مرتفعة طول السنة ختی في فصل الشتاء ، وباستثناء السواحل الشمالية نلاحظ أن معظم القسم الشمالي من إفريقية تسوده الرياح التجارية الشمالية الشرقية التي تهب من نطاق الضغط المرتفع الأزوري الذي سبق ذكره في الشمال نحو نطاق الضغط المنخفض الاستوائي في الجنوب .

4ـ منطقة الضغط المنخفض التي تتكون فى هذا الفصل على جنوب القارة بسبب ارتفاع درجة الحرارة ، ويلاحظ أن هذه المنطقة تمتد نحو الشمال تتصل بنطاق الضغط المنخفض الاستوائى، ويتكون من المنطقتين نطاق واحد يقع مركزه حول خط الاستواء ويكون له أثر واضح في اجتذاب الرياح التجارية الشمالية الشرقية من جهة والرياح التجارية الجنوبية الشرقية من نطاق الضغط المرتفع وراء مدار الجدى من جهة أخرى .

5ـ نطاق الضغط المرتفع وراء مدار الجدى ، ويلاحظ أن هذا النطاق يكون له في هذا الفصل مركزان منفصلان يقع أحدهما على المحيط الهندى ، ويقع الثاني على المحيط الأطلسي ، وتفصل بينهما منطقة الضغط المنخفض التي تتكون على جنوب القارة ، ومما يلاحظ أن هذا النطاق يتزحزح في هذا الفصل نحو الجنوب بحيث يمتد عموما حول خط عرض 35 ، ولهذا السبب نجد أن كل جنوب القارة يقع في نطاق الرياح التجارية الجنوبية الشرقية، وتختفى الرياح الغربية التي كانت تهب في الفصل السابق على إقليم رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي الغربى .

ونظراً لأن الضغط المنخفض الاستوائى فى غرب القارة يظل في هذا الفصل واقعا إلى الشمال من ساحل غانة فإن الرياح التجارية الجنوبية الشرقية تضطر لعبور خط الاستواء بحيث تنحرف وتصير جنوبية غربية كما يحدث في فصل الصيف  (يوليو ) ولكنها لا تمتد في هبوبها نحو الشمال إلى أبعد . من خط عرض 10 شمالا بينما يصل هبوبها في فصل الصيف إلى حوالى خط عرض 20 شمالا.

ومما يلاحظ أيضا أن وجود الضغط المنخفض على جنوب القارة يؤدى إلى ضعف الرياح التجارية وعدم انتظام هبوبها على الساحل الغربي إلى الجنوب من خط الاستواء، وهذا هو السبب في أن الرياح التي تسود على هذا الساحل في فصل الصيف الجنوبي تكون ما بين الجنوبية والجنوبية الغربية والغربية .