المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تقييم مخاطر تطور مقاومة الحشرات للمبيدات الحيوية
2024-06-14
أنواع الكذب
2024-06-14
الصدق عنوان المؤمن
2024-06-14
معنى المواساة وأهمّيّتها في المجتمع
2024-06-14
العطاء بين المصلحة والإيثار
2024-06-14
معنى الإيثار
2024-06-14

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


عقوبة القتل العمد المصحوب بظرف قانوني مشدد  
  
3976   12:57 صباحاً   التاريخ: 1-6-2021
المؤلف : عمر الفاروق الحسيني
الكتاب أو المصدر : شرح قانون العقوبات القسم الخاص
الجزء والصفحة : ص28-51
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون العقوبات / قانون العقوبات الخاص /

* حدد المشرع عقوبة القتل  العمد المصحوب بظرف قانوني مشدد بأنها عقوبة الإعدام . والظروف القانونية المشددة في جناية  القتل العمد، هي سبق الإصرار، والترصد ، واستعمال السم كوسيلة للقتل، واقتران القتل العمد بجناية أخرى ، وأخيراً ارتباط القتل العمد بجنحة .

* وسنخصص فرعاً مستقلاً لكل من هذه الصور الخمس ، على أننا سوف نكتفي في كل فرع ببيان المقصود بهذا الظرف المشدد ،وشروط قيامه ، لأن العقوبة واحدة في جميع الأحوال وهي الإعدام

الفرع الأول

سبق الإصرار

المقصود بسبق الإصرار :

* التسمية التشريعية لهذا الظرف المشدد ، هي " الاصرار السابق " ، وليس هناك أي أثر لاختلاف تلك التسمية عن التسمية الشائعة ، والتي يستعملها الفقهو القضاء وهي سبق الإصرار .

* وقد عرفه المشرع المصري في المادة ٢٣١ بقوله : " الاصرار السابق هو القصد المُصممعليه قبل الفعل ، لارتكاب جنحة أو جناية  ، يكون غرض المُصٌر منها إيذاء شخص معين أو شخص غير معين ، وجده أو صادفه ، سواء كان ذلك القصد معلق اً على حدوث أمر أو موقوفاً على شرط " .

* وهذا النص يبين ماهية س بق الاصرار ، وكذا الأحكام المتعلقة به ، وكذلك الأحوال التي يثور فيها التساؤل عن وجود إصرار سابق من عدمه . ونوضح ذلك في النقاط التالية .

 ماهية سبق الإصرار وتمييزه عن القصد الجنائي :

أن القصد الجنائي هو اتجاه إرادة الجاني إلى إحداث النتيجة المعاقب عليها قانوناً ، وهي إزهاق روح إنسان ، في جناية القتل العمد .

*  أن الوقت الذي يجب فيه توافر القصد الجنائي هو وقت ارتكاب الفعل ، أي وقت تنفيذ الجاني جريمته . فلا عبرة في ثبوت القصد الجنائي بوجوده قبل التنفيذ  إن كان الجاني قد انصرفت إرادته عن الفعل ثم ارتكبه على سبيل الخطأ ، كما لا عبرة بثبوته بعد الفعل ،بمعنى أن يتمنى الجاني لو أنه كان قد قصد تلك النتيجة التي حدثت بدون إرادة منه .

ومعنى ذلك أن القصد الجنائي حالة ذهنية لدى الجاني سابقة على ارتكابه الفعل المعاقب عليه .

* أما الإصرار السابق فهو حالة ذهنية لدى الجاني سابقة على ارتكابه الفعل ، ومضمون هذه الحالة أنه عقد العزمعلى ارتكاب الجريمة، أو على الجريمة كفكرة ، وراود نفسه فيها ملياً ، أي بصورة كاملة، واستقر رأيه بعد التفكير، على تدبير كيفية الإعداد والتجهيز للجريمة، وكيفية تنفيذها( وسيلته في ذلك ) ….الخ كل ما يتعلق بالتنفيذ منذ بدايته ( بل ومن قبله في الإعداد والتجهيز )وحتى تمام الانتهاء منه.

* وواضح من ذلك أن سبق الاصرار ، بمعنى عقد العزم الأكيد والذي لا رجعة فيه ، هو حالة ذهنية عناصرها التفكير والتأمل ثم اتخاذ القرار والتمسك به ، وذلك كله قبل الانتقال إلي مرحلة الإعداد والتجهيز ثم التنفيذ . ويحتاج ذلك إلى ما هو أشبه بالمداولة مع النفس ، أي التفكير مع النفس ، بهدوء وروية ، يتاح فيها للشخص أن يقلب كل الأمور على كافة وجوهها إلي أن يستقر على قراره .

*ولذلك كله لابد من فترة زمنية معقولة ، وكافية لآني راود الشخص نفسه حسبما تقدم . وكلما كانت هذه المدة الزمنية كلما كان أمام الشخص متسعاً أكثر من الوقتللتصميم على فعل هو الإقدام على  جريمته.. ومن هنا يتضح أن الإصرار السابق ليس فكرة طارئة ترد على ذهن الجاني في لحظة فيبادر إلى تنفيذها ، وإنما يجب تحقق المعاني السابقة للقول بوجود إصرار سابق لدى الجاني .

عناصر سبق الإصرار :

* يتضح مما تقدم أن لسبق الاصرار عن صرين أولهما نفسي ، وثانيهما زمني . بل إن الثاني لازم للأول ، لأن عنصر الزمن هو عنصر لازم في كل الأمور ، وخصوصاً في الأمور الذهنية من قبل كما ذكر .

* ولذلك فإذا كانت الواقعة أن زيداً فوجئ لدى عودته إلى داره بمقتل أبيه على يد غريم له ، فحمل سلاحهو قام من فوره غاضباً هائجاً وثائراً يبحث عن قاتل أبيه ، ولم يجده إلا بعد أن بحث عنه في القرية والقرى المجاورة ، حتى ظفر به فأرداه قتيلاً ، فإن ظرف سبق الاصرار لا يتوافر في حقه ، لتخلف شرط التفكير العادي المتروي ، رغم توافر عنصر الزمن الذي استغرقه في البحث عن غريمه . ذلك أنه ( أي زيد ) وإن استغرق بحثه عن قاتل أبيه فترة زمنية طويلة ، إلا أنه لم يكن في حالة نفسية هادئة تسمح له بالتفكير والتدبر .

* أما إذا كانت الواقعة ، أن زيداً ، إثر عودته لدارهو علمه بما حدث ، عكف على الخلود في الدار بعض الوقت ، واستعرض في ذهنه أفراد عائلة قاتل أبيه ، حتى اختار من يشفي غليله منه مقابل أبيه ، ثم استقر رأيه على المجني عليهو هو غير من قتل أبيهو إنما هو درة عائلة القاتل ، وبدأ يرتب لجريمته بتحري سير المجني عليه الذي وقع عليه اختياره ، ومعرفة مكان إقامتهو عمله ، وتنقلاته …الخ ، ثم توجه إليهو ما أن ظفر به حتى أرداه قتيلاً ، فإن الإصرار السابق يكون متوافراً .

لا تعارض بين توافر سبق الإصرار وكون القصد الجنائي غير محدد :

* يستفاد ذلك من عبارة " إيذاء شخص معين أو شخص غير معين " التي وردت في نص المادة ٢٣١ عقوبات .

* فإذا كانت الواقعة   في المثال السابق   أن زيداً بعد أن فكر ودبر ، استقر على اختيار آخر رآه أفضل ، وأنه هو الذي يتفق ومقام والده ( القتيل ) ، فانتظر حتى أقامت عائلة قاتل أبيه حفلاً لمناسبة سعيدة ، فحمل سلاحه الآلي وتوجه إلي ذلك الحفل ، وأفرغ سلاحه الآلي في الحضور من عائلة قاتل أبي هو من معهم ، فأردى الكثير منهم بين قتيل وجريح ،فإن ظرف سبق الإصرار يكون متوافراً في حق زيد.

* وكذلك الحال ، إذا كان قرار زيد  بعد التفكير وعقد العزم  هو أن يقتل أول من يقابله أو يصادفه من عائلة قاتل أبيه .

لا تعارض بين توافر سبق الاصرار وتعليق القتل  على شرط أو على وقوع أمر ما :

* صورة ذلك يكون الجاني قد عقد العزم وبيت النية ( وتلك عبارات تستعمل للدلالة على توافر سبق الاصرار بعن صريه النفسي والزمني ) على أن يقتل كل من يحاول منعه من أن يكون أول من ي روي أرضه ، وتهديده بأنه إذا حاول أي من جيرانه أن يسبقه إلى ري أرضه فإنه سيقتله ، ويتجه فعلاً إلى أرضه فيجد أحد جيرانه قد سبقه بالفعل إلى الري ، فيرديه قتيلاً .

* كذلك إذا فوجئ بكر بقيام جاره بفتح نافذة تطل على فناء داره  دون وجه حق  فطلب منه سدها كما كانت فرفض ، فهدده بقتله إن لم يفعل ، وأمهله يوماً أو بعض يوم لذلك ، لكن الجار لم يفعل أيضاً ، فبادر بكر باقتحام دار جاره ، وإلقاءه من تلك النافذة قاصداً قتله ، فسقط الجار بالفعل قتيلاً ، فإن بكر يكون مرتكباً قتلاً عمداً مع سبق الإصرار .

 لا تعارض بين سبق الاصرار والغلط في الشخص أو الحيدة عن الهدف :

* رأينا من قبل أن الغلط في الشخص أو الحيدة عن الهدف هي أمر قد تعرض في عملية تنفيذ السلوك الإجرامي ، أي ارتكاب الفعل .

ومن ثم فهي أمور لاحقة على ثبوتا سبق الاصرار وهو بمعناه السابق عقد العزم وتثبيت النية على قتل المجني عليه بصفته إنساناً . فإذا حاد الجاني عن هدفه أو أخط أ في تحديد هوية المجني عليه فقتل من يظنه هدفه ، أو أخطأ التصويب فقتل من كان يصاحبه ، فإنه قاتل عمداً مع سبق الإصرار .

سبق الإصرار وتعدد الجناة :

اتضح من العرض السابق أن الاصرار السابق ظرف شخصي بحت يتعلق بالحالة النفسية والذهنية لمن أقدم على جريمته بعد تفكير وروية وتخطيط وتنفيذ رسمه لنفسه .

* والقاعدة أنه إذا تعدد الجناة فلا يسأل أحدهم عن ظرف شخصي قام لدى غيره من المساهمين في الجريمة ، فاعلين كانوا أم شركاء ، إلا إذا ثبت أنهم كانوا على اتفاق مسبق على ارتكاب الجريمة ، ومن ثم فقد خططوا لها مجتمعين، بعد تفكير وتروي منهم جميعاً . ففي الحالة الأخيرة فقط يقوم قرينة على توافر يبق الاصرار في جانبهم جميعاً .

ولكن إذا كان الثابت أنهم كانوا قد اتفقوا فعلاً على القتل  العمد ، لكن  بعضاً منهم فقط هم الذين شاركوا في التفكير والتدبير والإعداد للجريمة، فلا يقوم سبق الإصرار إلا بالنسبة لهؤلاء الآخرين فقط . والعبرة في ذلك بما يقوم أمام المحكمة من أدلة الإثبات وأدلة النفي، فضلاً عن القرائن وكافة وسائل الإثبات الجنائي .

* وقد يثير البعض تساؤلاً حول إمكانية توافر سبق الاصرار لدى بعض الأشخاص على قتل شخص ما ، بمعنى أن يتبادلوا الرأي لفترة من الزمن طالت أم قصرت ويجمعون رأيهم في نهاية اجتماعهم على قتل ذلك الشخص . لكن منهم فقط يستمرون في الإعداد للجريمة ثم يرتكبونها بالفعل دون مشاركة أولئك الذين اقتصر دورهم على مجرد الاتفاق والاصرار السابق ، دون دخول في تفاصيل ، ودون أن يصل دورهم إلي مرتبة التحريض أو المساعدة أو الاتفاق بمعناه الاصطلاحي في المساهمة الجنائية .

* ونعتقد أنه لا محل لهذا التساؤل ، لأن ظرف سبق الاصرار ظرف مشدد لجناية القتل العمد ، بمعنى أنه لا يقوم البحث في توافره أو تخلفه  عملاً  إلا بالنسبة لمن شارك بالقتل  في الجريمة فاعلاً كان أو شريكاً ، فإذا لم يتوافر في شخص مركز الفاعل أو الشريك كما هو معروف في القانون فلا محل بداه ة للبح ث في ت وافر س بق الاصرار من  عدمه بالنسبة إليه ، إذ أنه إذا لم تكن هناك جريمة منسوبة إليه ، فلا محل في البحث عن إصرار سابق لديه .

سبق الإصرار ، وبعض الحالات الخاصة للقتل العمد :

ثمة حالتان تحديداً، قد يثور البحث  فيهما عن جواز توافر سبق الإصرار لدى القاتل عمداً، وهي حالة القتل لمن قامت لديه حالة دفاع شرعي تبيح القتل ، وحالة استفزاز الزوج الواردة في المادة ٢٣٧ عقوبات مصري  .

* ونتناول هنا الحالة الأولى فقط. وسبب البحث هنا يعود إلى أن طبيعة الدفاع الشرعي تفترض المفاجأة ، وعدم التوقع ، وإذا كان ذلك فلا محل لتوافر إصرار سابق .

* والواقع أن هذا البحث نظري أكثر من كون  عملياً ، كما أننا نعتقد أنه محسوم قانوناً بالطبيعة الذاتية لحق الدفاع الشرعي ، التي هي نتيجة طبيعية لغريزة الإنسان الطبيعية لحرصه على حياتهو عرضهو ماله . فهذه الغريزة في تقديرنا جزء من التكوين البشري ذاته ، والذي يكمن تشبيهه ببرنامج آلي وذاتي التشغيل في حالة تعرض الإنسان لخطر من هذا النوع ، بمعنى أنه لا يحتاج إلي تفكير أو تروي أو تدبير …..الخ

بمناسبة كل خطر يتعرض له على حدة . وإنما هو قرار مسبق تحكمه التجارب الإنسانية والطبيعة البشرية ، فهو إصرار سابق " سابق التجهيز والإعداد " إن صح هذا القول ، لكنه إصرار سابق على الحفاظ على الحياة أو العرض أو المال ، حتى وإن أخذ هذا الدفاع صورة القتل العمد.

* وطبيعي أنه إذا كان قتل النفس هنا قد بات مباحاً  لقيام حالة الدفاع الشرعي  فلا معن ى قانوناً للبحث في حالة سبق إصرار ، إلا إذا كان تصوير الجريمة على أنها دفاع شرعي ، ليس إلا مجرد حيلة من الجاني للإفلات من العقاب ، وتلك مسألة واقع يترك تقديرها للتحقيق والمحاكمة .

إثبات سبق الإصرار في الحكم :

* يجب على المحكمة إذا انتهت للإدانة بالقتل  العمد المصحوب بسبق الاصرار ، أن تورد في أسباب حكمها دليلاً على ذلك . وإثبات توافر سبق الإصرار من عدمه ، هو مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع وفقاً لظروف الواقعة وملابساتها ، وفي ضوء الأدلة المطروحة أمامه في الدعوى .

* لكن  أي قاضي الموضوع  يخضع لرقابة محكمة النقض إذا شاب حكمه قصوراً في التسبيب أو فساد في الاستدلال ، أو أي وجه آخر من وجوه النعي على الأحكام في الطعون بالنقض .

ونحيل إلي الأمثلة السابق إيرادها في بيان توافر سبق الإصرار أو عدم توافره.

الفرع الثاني

الترصد

معنى الترصد :

* أصل الكلمة هي" رصد" وهو يعني تحديد مكان شخص أو شيء ما ، والمعنى الاصطلاحي كظرف مشدد في القتل  العمد ، أورده المشرع في المادة ٢٣٢ عقوبات فقرر أن :" الترصد " هو تربص الإنسان لشخص في جهة أو جهات كثيرة، مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة، ليتوصل إلي قتل ذلك الشخص أو إيذائه بالضرب ونحوه ".

* وعلة التشديد هنا ، هي أن الجاني قد حرص على تتبع المجني عليهو تحري حركاتهو تنقلاته …..الخ حتى يضمن لجريمته أكبر قدر من النجاح ، ومن ثم فيجب أن يعاقب بأكبر قدر من الشدة القانونية .

* وقد يمعن الجاني في ذلك التحري والزيف والتتبع ، بأن يختفي في صورة معينة ، أو يختبئ في مكان ما لمفاجأة المجني عليهو أخذه على حين غره . لكن الاختفاء أو التخفي ليس شرطاً ولا عن صراً من عناصر الترصد ، فيكفي التتبع أو الملاحقة .

عناصر الترصد :

يتضح من معنى الترصد ، أنه يقوم على عنصرين اثنين ، أولهما عنصر مكاني ، وثانيهما عنصر زمني .

* أما العنصر المكاني ، فيستدل عليه من لفظ " جهة أو جهات " الوارد في التعريف التشريعي للترصد . وتنصرف هذا اللفظ إلى مطلق المكان دون تحديد ، فقد يكون طريقاً أو محلاً أو مكان للعمل أو محل للإقامة …….الخ . غير أن أهم ما يميز هذا العنصر الزماني هو معنى الترقب بصفة عامة ، سواء كان ذلك مصحوباً بتحرك من مكان لآخر ، أو تتبع للمجني عليه ، أو بانتظاره بالقرب من مسكنه ، بقصد مباغتته أو أخذه على حين غرة . بمعنى أن مجرد انتظار الجاني في مكان ما ، ثم رؤيته الجاني على غير توقع منه ( أي من الجاني ) فبادر إلى الاعتداء عليهو النيل منه ، فلا يكفي ذلك لثبوت الترصد .

* أما العنصر الثاني فهو عنصر الزمن أو الوقت فالترقب أو التتبع أو الكمون في مكان معين ، كل ذلك يحتاج ويستغرق فترة زمنية من الوقت طالت أم قصرت .

فإذا اجتمع العنصران قام ظرف الترصد المشدد . لكن السؤال الذي قد يطرح هنا هو عن علاقة الترصد بسبق الإصرار .

ثبوت الترصد يفترض غالباً ثبوت سبق الإصرار :

*الترصد ظرف مادي أو عيني ، يتعلق بكيفية تنفيذ الفعل على مسرح الجريمة ، بينما سبق الإصرار ظرف شخصي يتعلق بحالة الجاني الذهنية والنفسية وما قام به من تفكير هادئ متروى استقر بعده على ارتكاب الجريمة .

* وكلا الظرفين  الترصد والاصرار السابق  يحتوي ان على عنصر زمني  كما سبق القول ، ولذلك فالغالب أن ثبوت الترصد يعد قرينة على ثبوت سبق الإصرار. فبعد أن يعقد الجاني العزم على النيل من المجني عليه يكمن له في مكان ما ، أو يتتبعه أو يتحرى المكان المناسب لمباغتته بالاعتداء ، حتى يضمن تحقيق النتيجة التي يسعى إليها .

* ومع ذلك ، فقد لا يتوافر سبق الإصرار ، ومع ذلك يثبت الترصد في حق الجاني ، كما لو كان الجاني قد دخل في مشاجرة مع المجني عليه ، وانفضت المشاجرة ، ولكن الجاني ظل في حالة غضب وثورة وهياج نفسي ، فانطلق وأحضر سلاحاً وتوجه إلى  جوار مسكن المجني عليه مترقباً وصوله ، وما أن رآه حتى انقض عليه بسلاحه قاصداً قتله ، وكان له ما أراد .

* فالثابت هنا هو الترصد ، ولكن الثورة والهياج النفسي اللذين سيطرا على الجاني منذ المشاجرة غلي حين تنفيذ القتل  عمداً ، قد لا يسعفان في القول بثبوت سبق الإصرار .

الترصد وتعدد الجناة :

الترصد ظرف مشدد عيني ، أي أن هي تعلق بماديات الجريمة من حيث تنفيذها ، فهو مثل الإكراه في السرقة . ولذلك إذا تعدد الجناة ، ولم يقم بالترصد سوى بعضهم فقط دون الآخرين ، عومل الجميع بمقتضى الظرف المشدد ، وذلك تطبيقاً لما هو مقرر في القواعد العامة في المساهمة الجنائية .

إثبات ظرف الترصد في الحكم :

* يجب على المحكمة إذا انتهت إلي إدانة المتهم بالقتل  عمدا مع الترصد ، أن تضمن أسباب حكمها أدلتها علي استخلاص ثبوت الترصد .

وتلك مسألة موضوعية ، لا تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض إلا إذا شاب حكمها فساد في الاستدلال أو قصور في التسبيب أو  أي عيب من العيوب التي ينعى بها على الحكم في الطعون بالنقض .

الفرع الثالث .

استعمال السم كوسيلة للقتل عمدا

المقصود بالسم :

* نصت المادة ( ٢٣٣ ) عقوبات مصري على أن " من قتل أحد عمداً بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلاً أو آجلاً ، يعد قاتلاً بالسم أياً كانت كيفية استعمال تلك الجواهر ، ويعاقب بالإعدام

* وقد استعمل المشرع للتعبير عن السم " أي المادة السامة " عبارة" جواهر  يتسبب عنها الموت عاجلا أو آجلا " . ويدل ذلك على عدم اقتصار وصف" السامة "على مادة بعينها ، لأن المواد السامة لا حصر لها.

أما تعبير " جواهر " ، فلبيان أن المقصود هو أية مادة تحتوى على عنصر سام في مكوناتها ، حيث أن لكل مادة جوهرا معينا.

* وقد لا تكون للمادة السامة رائحة ولألون ولا طعم يميزها، كما قد يلجأ الجاني إلى إخفاء ما يدل على المادة السامة بإضافة مواد أخرى إليها تكسبها لوناً أو طعماً أو رائحة محببة للناس، حتى لا يتشكك المجني عليه في أمرها .

* وقد تكون المادة سامة بطبيعتها ، وقد تكون سامة بتفاعلها مع مادة أخرى يعلم الجاني أن المجني عليه يتعاطاها في دواء معين ، في تم تفاعل المادتين داخل جسم المجني عليه بعد تناولها .

* وقد تكون المادة سامة إذا تم إعطاء المجني عليه كمية كبيرة منها ، دون الجرعات الصغيرة. وهكذا ………….

* وقد تكون المادة السامة مما ينتج عنها الموت فور تناولها ، وقد تكون مما يتراخى أثرها إلي ما بعد ذلك ببعض الوقت .

وفي كل هذه الفروض ، يتحقق وصف المادة السامة ، أو "

الجواهر التي يتسبب عنها الموت " حسبما وردت في القانون .

علة التشديد في حالة القتل عمدا بالسم :

* من المعلوم أن الأصل هو  ألا يحدد المشرع وسيلة ما لارتكاب

جريمة ما ، إذ أن التطور الطبيعي في  الحياة وفي  العلم ، قد يعجز المشرع ، بل سيعجزه فعلا ، عن الإحاطة بكافة الوسائل المستخدمة في  ارتكاب الجرائم . ولذلك فالقاعدة أن "الوسيلة" ليست ركنا في الجريمة.

* ولم يشذ المشرع عن هذه القاعدة هنا ، ولكنه أعتبر استعمال المادة السامة كوسيلة للقتل ظرفا مشددا . والتعليل السائد فقها وقضاء أن القتل بالسم هو أسلوب يتسم بالخسة أو الغدر أو الخيانة ، …… كما

أنه أسلوب سهل التنفيذ وفي متناول الجميع ، فلا شك أن الحصول على مبيد حشري سام أيسر كثيرا من الحصول على سلاح ناري ، أو حتى سلاح أبيض. كما أن إخفاء أثر الجريمة أمر وارد في  ضوء انتشار حالات التسمم العارضة ومجهولة المصدر ، أو التي لا يتم التحري بجدية وصدق عن مصادرها .

إعطاء المادة السامة بأية صورة كانت ، يتوافر بها الظرف المشدد :

* من المهم أن نوضح أن القتل عمداً بالسم ليس جريمة مستقلة قائمة بذاتها ، أو أنها مختلفة في أركانها عن أركان جناية القتل العمد . فكل ما هناك أن استعمال المادة السامة  بديلاً عن السلاح الناري مثلاً ، أو إشعال النار ، أو الإلقاء من علو … الخ  هو  ظرف قانوني مشدد ،يترتب عليه أن تكون العقوبة هي الإعدام بدلاً من السجن المؤبد أو المشدد .

* وأثر هذا التحديد للتكييف القانوني للقتل بالسم ، هو أنه لا توجد أحكام خاصة للقتل بالسم ، من حيث النتيجة ولا من حيث علاقة السببية، ولا القصد الجنائي ، وهكذا ……الخ .

 بعض الفروض العملية في القتل عمداً بالسم :

* هذه الجريمة شأنها شان جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار أو الترصد أو معهما معاً ، قد يثور فيها البحث ، كما في حالة تعدد الجناة ( فاعلين أو شركاء ) ، وحال ة الجريمة المستحيلة والجريمة الخائبة ، والشروع والعدول …الخ .

وتطبق في هذه الفروض جميعها القواعد العامة في تلك المسائل .

* وعلى ذلك فإذا كان الفرض أن زيداً أعطى الطعام المسموم إلى بكر لتقديمه إلي خاله ، فإذا كان بكر عالماً بذلك كان هو الفاعل الأصلي ، وكان زيداً شريكاً بالتربص والمساعدة والاتفاق .

* أما إذا كان بكر لا يعلم شيئاً عن ذلك ، أي أنه كان حسن النية ، فإنه يعتبر مجرد أداة في يد زيد ، ويكون زيداً هو  الفاعل الأصلي وفقاً لنظرية الفاعل المعنوي .

* وإذا كان زيداً قد وضع المادة التي أحضرها في  طعام بكر ، قاصداً قتله ، لكن هذه المادة في  حقيقتها لم تكن مادة سامة على الإطلاق، وإنما اختلط الأمر على زيد ، فإنه يكون قد ارتكب جريمة مستحيلة استحالة مطلقة ( لتخلف عنصر المادة السامة )  ومن ثم تكون جريمة لا وجود لها إلا في ظنه ( أي جريمة ظنية ) ولا عقاب عليه فيها .

* أما إذا كانت تلك المادة سامة فعلاً ، لكن زيداً لم يستعمل منها جرعة قاتلة ، وإنما استعمل جرعة بسيطة أمكن إسعاف بكر منها ، فإن زيداً يكون مسئولاً عن جريمة شروع في  قتل عمد بطريق السم ، لأن درجة الاستحالة هنا كانت نسبية ولم تكن مطلقة ، وقد خابت الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه ، هو  استعمال جرعة من المادة السامة غير كافية لإحداث الموت.

* وإذا كان الفرض أن زيداً نجح فعلاً في  إعطاء بكر الطعام المسموم قاصداً قتله ، لكنه ( أي زيد ) لما رأى بكر يتألم من تأثير السم،

أشفق عليه أو ندم على فعلته ، أو خشي العقاب ، فأعطى بكراً ترياقاً نجاه من الموت ، فلا يعد ذلك عدولاً معفياً من العقاب ، لأنه تجاوز مرحلة الشروع ، باستنفاد نشاطه الإجرامي كاملاً ، ولم يكن يتبقى سوى حدوث النتيجة وهي الموت . ولذلك يعاقب زيد بعقوبة الشروع في  قتل عمد بطريق السم ، وتسمى هذه الحالة " بالتوبة اللاحقة " أي لاحقة على ارتكاب الجريمة ، ومن ثم فهي لا تعفي من العقاب .

إثبات القتل بالسم :

* المقصود بذلك أمران : أولهما إثبات الصفة السامة في  المادة المعطاة بقصد القتل . وذلك أمر يثبت بتقرير الطب الشرعي .

* أما الأمر الثاني ، فهو إثبات توافر ذلك القصد من الركن المادي في  حكم الإدانة ، إذا ما انتهت محكمة الموضوع إلى ذلك ، وإلا كان الحكم مشوباً بالقصور بما يعرضه للنقض .

الفرع الرابع

اقتران القتل العمد بجناية أخرى

طبيعة الفرض محل الدراسة :

* بعد أن حدد المشرع في المادة ٢٣٤/١ عقوبات عقوبة القتل العمد غير المصحوب بسبق إصرار ولا ترصد ، بالسجن المؤبد أو المؤقت ، أضاف في  الفقرة الثانية " ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام ، إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى .

* ويتضح من ذلك أن المشرع يعالج في هذا الفرض حالة خاصة من حالات تعدد الجرائم ، تكون فيها جناية القتل العمد ( دون سبق إصرار ولا ترصد ) ومعها جناية أخرى ، قد وقعتا من نفس الفاعل .

* لكن المشرع ، بدلاً من الجمع بين عقوبة القتل العمد دون سبق إصرار ولا ترصد ، وبين الجناية الأخرى ، جعل للجريمتين عقوبة واحدة هي الإعدام .

* وقد اصطلح على تسمية هذا الفرض بالقتل العمد المقترن أو بـ " الاقتران " ، أي المصاحبة أو التزامن ، فالعلاقة بين الجريمتين هنا هي علاقة زمنية ، بحيث تكون الجناية الأخرى قد سبقت جناية القتل العمد ، أو لحقتها أو عاصرتها ( أي وقعت معها في وقت واحد ) .

* ومعنى ذلك إذن أن الاقتران ، بالمعنى المتقدم  هو  ظرف قانوني مشدد لجناية القتل العمد .

شروط توافر ظرف الاقتران :

يلزم لذلك توافر أربعة شروط ، كما يلي :

الشرط الأول : وحدة الفاعل :

* يجب أن يكون مرتكب الجنايتين شخص واحد ، بحيث يكون هذا الشخص الواحد مسئولاً عن الجنايتين .

* وقد استعمل المشرع في  هذا المقام عبارة "… يحكم على فاعل هذه الجناية … " مشيراً إلي جناية القتل العمد .

* والتزاماً بهذا النص ، يلزم أن يكون الجاني مسئولاً عن جناية القتل العمد بوصفه فاعلاً لا شريكاً ، ولكن يستوي أن يكون فاعلاً أو شريكاً في  الجناية الأخرى حيث لم يقيد المشرع ذلك بقيد مماثل لما أورده في شان جناية القتل العمد .

الشرط الثاني : ارتكاب جناية قتل عمداً :

* يجب أن يكون الفاعل  في  هذا الفرض  قد ارتكب جناية قتل عمد . والمقصود هنا هو الجريمة التامة ، لماذا توقفت عند حد الشروع فلا قيام لظرف الاقتران .

* وقد يثور التساؤل هنا ما الحكم إذا كانت جناية القتل في  هذا الفرض مصحوبة بسبق إصرار أو ترصد ، والإجابة أن العقوبة تكون هي أيضاً الإعدام، إذ ليس هناك عقوبة أشد من الإعدام ، كما أنه من غير المنطق توقيع عقوبة السجن أولاً( أياً كان نوعها ) ثم الإعدام بعد ذلك !.

الشرط الثالث : ارتكاب الفاعل في  القتل عمداً جناية أخرى :

* يجب أن تكون الجريمة المقترنة بالقتل العمد جناية ، بغض النظر عن طبيعتها ، فيجوز أن تكون جناية اعتداء على الأشخاص كقتل عمد أخرى ، أو ضرب أفضى إلي موت ، أو أن تكون جناية اعت داء على الأموال كسرقة بإكراه أو اختلاس مال عام …..الخ .

* كما يجوز أن تكون هذه الجناية تامة ، أو توقفت عند حد الشروع ، لأن الشروع في الجناية جناية .

ولكن هناك شرطين هامين يجب توافرهما في  الجناية المقترنة بالقتل العمد ، نتنا ولهما فيما يلي :

الشرط الأول : أن تكون الجناية المقترنة قائمة بذاتها : بمعنى أن تتكامل أركان تلك الجناية المقترنة ، دون تداخل بين أي من أركانها وأركان القتل العمد . فلو فرض أن الجناية المقترنة كانت سرقة بإكراه وكان فعل الإكراه هو الذي أدى غلي وفاة المجني عليه ، فلا يقوم ظرف

الاقتران ، بل قد لا تقوم جناية القتل العمد ، لانتفاء قصد القتل . وكذلك إذا كانت وسيلة الإكراه في السرقة هي القتل العمد ، لا يقوم أيضاً ظرف الاقتران . لأنه في هاتين الحالتين لم تكتمل أركان كل من الجن ايتين على استقلال ، وإنما كان فعل الإكراه مشتركاً فيما بينهما . وتكون الحالة في  هذين الفرضين خاضعة لأحكام التعدد وفقاً للقواعد العامة ، أو لحكم ارتباط القتل العمد بجنحة حسب الأحوال .

الشرط الثاني : أن تكون الجناية المقترنة بالقتل العمد معاقباً عليها :

* أوضحنا فيما تقدم ، أن عقوبة الإعدام المقررة في  حالة الاقتران ، إنما يعود سببها إلي الظرف المشدد المتمثل في  اقتران القتل العمد بجناية أخرى . فقد استبدل المشرع بعقوبتي الجريمتين معاً ( القتل العمد والجناية الأخرى ) عقوبة واحدة مشددة هي عقوبة الإعدام .

* وعلى ذلك لو فرض أن الجناية الأخرى ( المقترنة بالقتل العمد) لا عقاب عليها لسبب خاص بالمتهم ، فلا معنى لتغليظ العقوبة عليه لأنه لا يستحق أصلاً سوى عقوبة القتل عمداً .

* مثال ذلك أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مما يتمتع فيها الجاني بإعفاء وجوبي من العقوبة لشروط تحققت في  جانبه ، كالراشي والوسيط في  رشوة الموظف العام وفقاً لنص المادة ١٠٧ مكرراً عقوبات، أو كالإعفاء المقرر في المادة ٢٠٥ عقوبات في  جرائم تزييف وتقليد وتزوير العملة .

  الشرط الرابع : الرابط  الزمنية بين القتل العمد والجناية الأخرى :

* عبر المشرع عن تلك الرابطة الزمنية  كما رأينا  باشتراط أن تكون هناك جناية أخرى قد تقدمت أو لحقت أو عاصرت جناية القتل العمد .. فكل ما هو مطلوب وفقاً لذلك هو " التلاحق أو التعاصر الزمني  بين الجريمتين " . ولم يحدد المشرع إطاراً زمنياً … ساعات أو دقائق… الخ . لهذا التلاحق الزمني ، وإنما يفترض أن تكون الجريمتان قد وقعتا في فترة زمنية معقولة يترك تقديرها لقاضي الموضوع ، ولما تسفر عنه ظروف الواقعة وملابساتها .

* وعلى ذلك إذا كانت الواقعة أن زيداً إثر مشاجرة مع جاره بكر ، أطلق عليه النار قاصداً قتله ، فأصابه ، وانتقل الخبر إلي خاله شقيق بكر الذي حضر مسرعاً لنجدته ، وهو  مصاب ، فما أن رآه زيد حتى أطلق عليه النار قاصداً قتله ، فأرداه قتيلاً ، فإن زيداً يكون مرتكباً لجناية القتل العمد ( قتل خاله ) المقترن بجناية أخرى هي الشروع في قتل " بكر " .

* أما إذا كانت الواقعة أن زيداً اعتدى بالضرب على بكر فأصابه بعاهة مستديمة ، وإذ علم أبناء عمومته بكر بذلك حتى سافروا إلي البلدة

التي يقيم فيها ابن عمهم بكر و زيد الذي أحدث به العاهة المستديمة ، للانتقام أو الثأر لقريبهم ، فما كان من زيد إلا أن أطلق النار على أولهم قاصداً قتله فأرداه قتيلاً بالفعل ، فإن هذه الواقعة قد لا يتوافر فيها الاقتران لعدم توافر الرابطة الزمنية المعقولة بين الجريمتين ، وتكون الواقعة صورة للتعدد المادي للجرائم والعقوبات وفقاً للقواعد العامة ، بمعنى أن يسأل زيد عن كل من الجنايتين على حده .

إثبات الظرف المشدد في الحكم :

* إذا انتهت المحكمة إلي إدانة الفاعل بالقتل العمد المقترن بجناية أخرى ، فإن عليها أن تورد في أسباب حكمها دليلها على ذلك ومصدره من الأوراق ووقائع الدعوى ، ومفاد هذا الدليل ، وإلا كان حكمها قاصر البيان، وهو عيب يستتبع نقض الحكم.

الفرع الخامس

ارتباط القتل العمد بجنحة

 طبيعة هذا الفرض:

* ورد هذا الفرض في  المادة ٢٣٤/٢ عقوبات ، التي خصص المشرع فقرتها الأولى لجناية القتل العمد غير المصحوب بظرف مشدد ،

ثم تناول في  جزء من فقرتها الثانية ظرف اقتران القتل العمد بجناية أخرى ، فقد ورد في الجزء الثاني من الفقرة الثانية من المادة ٢٣٤/2

" … وأما إذا كان القصد منها ( أي من جناية القتل العمد غير المصحوب بظرف مشدد آخر ) التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل ، أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب ، أو التملص من العقوبة ، فيحكم بالإعدام أو السجن المؤبد " .

* ويتضح من ذلك أن الفرض محل الدراسة هنا هو  عبارة عن ظرف قانوني مشدد، إذا توافر كانت العقوبة على القتل عمداً هي الإعدام .

شروط توافر ظرف ارتباط القتل العمد بجنحة :

يجب لقيام هذا الظرف المشدد إل ي جان ب جناي ة القتل العمد ، أن تتوافر الشروط التالية :

الشرط الأول : ارتكاب جنحة معاقب عليها القانون في  الحالة المعروضة :

* يجب أن يرتكب الجاني جنحة ما ، بخلاف جناية القتل العمد .

ولم يشترط المشرع هنا أي شروط خاصة بهذه الجنحة ، فقد تكون جنحة سرقة ، أو شروع في سرقة ، وقد تكون جنحة قتل خطأ .

* أما عن اشتراط عقاب القانون على تلك الجنحة في  الحالة  المعروضة ، فنعني بذلك ألا يكون هن اك سبب يعفي  الجاني من العقاب لأس باب شخصية ، أو وسيلة رفع الدعوى الجنائية على شكوى من المجني عليه مثلاً ، كما في  إخفاء الجاني الهارب( إذا وقع من بعض ذوي هو فقاً لنص المادة ١٤٤ عقوبات). أو إذا كانت السرقة بين الزوجين أو الآباء والأبناء وفقاً للمادة ٣١٢ عقوبات .

* وذلك لأن الإعفاء من العقاب هنا ، أو عدم تصور حدوثه أصلاً ، يزول معه مبرر تشديد العقوبة الذي يقوم أصلاً على تعدد العقوبات ، بحيث تكون العقوبة المشددة بديلاً عن العقوبتين المقررة إحداهما للقتل عمداً ، والمقررة أخراها للجنحة المرتبطة .

الشرط الثاني : توافر علاقة السببية بين القتل العمد والجنحة المرتبطة :

* قد يجد الجاني أن وسيلة دخوله إلي مكان السرقة لإتمامها هي قتل ح ارس العقار فيكون القتل العمد هنا قد ارتكب لتسهيل ارتكاب جنحة السرقة .

* وقد يفاجأ الجاني بعد إتمام السرقة ، وحارس المكان يهم بضبطه ، فيقتله عمداً للفرار بالمسروقات ولعدم ضبطه .

* وقد يصدم سائق سيارة شخصاً فيقتله خطأ ، فيتبعه أحد المارة أو أحد رجال الضبط لضبطه ، فيقتله عمداً حتى يتمكن من الهرب .

* أو أن يرتكب الجاني قتلاً عمداً ، ويفاجأ بمن يحاول القبض عليه متلبساً فيصيبه إصابة تعجزه عن ملاحقته ، ويتمكن الجاني بذلك من الهرب … وهكذا .

* وقد يتعدد الجناة ، فتقع إحدى الجريمتين من أحدهم ، وتقع الثانية من آخر ، كما لو كان زيداً قد أتم سرقته ، وهو بالانصراف حاملاً المسروقات ، لكن شريكه بكر يفاجأ بالحارس على غير انتظار ويراه متجهاً لضبط زيد ، فيقتله عمداً ، فيكون الفاعل والشريك هنا مسئولين عن القتل العمد المقترن ، ما دام قد ثبت الاتفاق بينهما على السرقة ، باعتبار القتل العمد نتيجة محتملة لها .

* أما إذا لم يكن هناك اتفاق بين مرتكبي الجريمتين فلا يقوم الظرف المشدد أصلاً ، ومن ثم يسأل كل من الجناة عن جريمته فقط .

هل يقوم ظرف الارتباط المشدد بين جناية قتل عمداً وجناية أخرى ؟

* إذا كان ارتباط القتل عمداً بجنحة ، يتوافر به الظرف المشدد موضوع البحث ، أفلا يقوم هذا الظرف من باب أولى   إذا كانت جناية

القتل العمد قد ارتبطت بجناية أخرى وليس بجنحة ؟

* لا نعتقد ذلك . إذ أنه  من ناحية  لا مجال للقياس في  قواعد التجريم والعقاب ، كما هو مقرر قانوناً . ومن ناحية أخرى ، فإذا كانت الجريمة المرتبطة هنا جناية وليست جنحة ، فإن الوقائع ترشح قيام ظرف الاقتران المشدد ، وليس ظرف الارتباط ، والأول عقوبة الإعدام وجوباً ، بينما الثاني عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد .

* وقد يرى البعض ضرورة أن يشمل الارتباط الجناية أيضاً وليس الجنحة فقط، لأن الاقتران يعني وجود جناية قتل عمد + جناية + رابطة زمنية، بينما الارتباط يعني وجود جناية قتل عمد + جنحة + رابطة سببية .

* وقد يحدث أن تقوم جناية قتل عمد + جناية + رابطة سببية ( دون رابطة زمنية ) وفي  هذا الفرض الأخير يختل فكل من ظرف الاقتران وظرف الارتباط .

* وما نراه في  هذا الشأن ، أننا لسنا في  حاجة للخروج على المبادئ العامة في  تفسير الن صوص الجنائية ، وأن النتيجة المطلوب الوصول إليها عن طريق ذلك المنهج الواسع في  التفسير ، يمكن الوصول إليها مع احترام قواعد التفسير الضيق ، وهذا أفضل طبعاً ، وهو الأصوب قانوناً . ذلك أن عقوبة ظرف الارتباط ليست هي الإعدام وجوباً ، وإنما هي الإعدام أو السجن المؤبد.

* وكلاهما عقوبة أصلية ، ولا تأثير على القاضي إن حكم بأي منهما رغم ثبوت الارتباط .

* أو إذا وقع الفرض الذي يتخوف البعض من إفلاته من العقوبة المشددة المقررة للارتباط ، والتي يمكن أن تكون هي السجن المؤبد ، واستقر التكييف القانوني للواقعة على مجرد تعدد للجرائم ، يضم جناية قتل عمد مرتبطة بجناية أخرى ، ارتباط لا يقبل التجزئة ، فإن بإمكان القاضي أن يحكم بالسجن المؤبد ، بوصفه عقوبة مقررة للجريمة ذات الوصف الأشد ( وهي القتل عمداً دون ظرف مشدد ) ، وبذلك يتحقق عملاً ما يحرص عليه البعض من عدم الإفلات من العقاب ، ولكن من خلال الالتزام بقواعد التفسير الضيق للنصوص العقابية .

الفرع السادس

ارتكاب القتل العمد لغرض إرهابي

طبيعة هذا الفرض:

* نصت المادة ٢٣٤ فقره أخيرة من قانون العقوبات ، على أن " …… وتكون العقوبة الإعدام إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة ٢٣٤ تنفيذاً لغرض إرهابي ".

* فما أراده المشرع إذن من هذا النص هو إضافة ظرف مشدد آخر لجريمة القتل العمد غير المصحوبة بظرف مشدد ، ولذلك كان يتعين ضبط صياغة هذه الفقرة بتحديد  أن المقصود ليس مطلق المادة ٢٣٤ عقوبات ، ولكن ٢٣٤/١ ( أي الفقرة الأولى فقط ) ، لأن الفقرة الثانية  تتناول ظرف الاقتران والارتباط ، وهما يقرران الإعدام للأول وجوباً ، والإعدام أو السجن المؤبد للثاني .

المقصود بالغرض الإرهابي :

* يعود بنا هذا الظرف المشدد إلي التفرقة بين القصد والغرض أو الغاية ، والباعث .

* فالجريمة العمدية  أياً كانت  لا تضم بين أركانها من تلك المسميات ، سوى القصد .. وهو المعول عليه في ثبوت الجريمة العمدية وجوداً وعدماً . أما " الغرض" ، فهو رغبة يسعى الجاني إلى تحقيقها من خلال ارتكاب الجريمة بكاملها ، أو هو هدف بعيد ، أو غاية يتوخاها

الجاني من جريمته . والأمر بهذا المعنى قد يختلط بالباعث على الجريمة، فإذا كان الغرض  حسبما جاء في  النص القانوني  غرضاً إرهابياً ، فإن الباعث أيضاً قد يكون إرهابياً .

* على أنه بصرف النظر عن دقة الصياغة من عدمها ، فإن المقصود بالغرض الإرهابي  كما قلنا آنفاً  هو  الرغبة أو الأمر الذي يسعى الجاني إلى تحقيقه مثلاً في  إشاعة الذعر والهلع وال شعور بعدم الاطمئنان بين الناس ، أو هو  ترويع  الناس بصفة عامة ، سواء فئة محددة منهم أو فئة غير محددة .

* ولا يعني الغرض الإرهابي بال ضرورة أن يكون وراء الجريمة دواف ع سياسية أو أيدولوجية أو مذهبية ، وإنما قد تكون تلك الدوافع إجرامية بحتة ، كفرض السطوة والنفوذ لتسهيل تهديد الأفراد وابتزازهم شخصياً أو مالياً .

إثبات ذلك في الحكم :

التزاماً بالقواعد العامة في تسبيب الأحكام ، فإنه يتعين على الحكم متى انتهى إلي الإدانة مع توافر هذا الظرف المشدد ، أن يورد في أسبابه دليله عليه بتسبيب سائغ ووافي  مما له سند في  الأوراق وفي  وقائع الدعوى .




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .