علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
الموضوع وأسباب الوضع
المؤلف:
الشيخ الدكتور صبحي الصالح
المصدر:
علوم الحديث ومصطلحه
الجزء والصفحة:
ص 263 ــ 274
2025-10-05
54
الفَصْلُ السَّادِسُ: المَوْضُوعُ وَأَسْبَابُ الوَضْعِ:
الموضوع هو الخبر الذي يختلقه الكذّابون وينسبونه إلى رسول الله - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - افتراء عليه (1). وأكثر ما يكون هذا الاختلاق من تلقاء نفس الوضّاع، بألفاظ من صياغته وإسناد من نسجه. وقد يلجأ بعض المفترين، إذا لم يتح لهم خيال خصيب يقدرهم على الوضع إلى اصطناع إسناد مكذوب ينتهون به إلى النبي - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - واضعين في فيه حكمة رائعة، أو كلمة جامعة، أو مثلاً موجزًا(2).
وَلَقَدْ قِيلَ لِلإِمَامِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ المُبَارَكِ: هَذِهِ الأَحَادِيثُ المَوْضُوعَةُ؟ فَقَالَ: «تَعِيشُ لَهَا الجَهَابِذَةُ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}» (3).
وقد عاش لها الجهابذة حَقًّا، فوضعوا منهجًا علميًّا دقيقًا، يميزون به الرواية الصحيحة من المختلقة المفتراة. وقواعد هذا المنهج كثيرة أشهرها الخمس التالية التي يكفي وجود إحداها في خبر ما للحكم بوضعه.
القاعدة الأولى: اعتراف الواضع نفسه، باختلاقه الأحاديث (4)، كما فعل أبو عصمة نوح بن أبي مريم، الملقب بنوح الجامع، فإنه أقر بوضعه على ابن عباس أحاديث في فضائل القرآن سورة سورة (5).
القاعدة الثانية: أن يكون في المروي لحن في العبارة أو ركة في المعنى (6)، فذلك مما يستحيل صدوره عن أفصح من نطق بالضاد - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، وهذه القاعدة يسهل إدراكها على المتمرسين بهذا الفن، فإن للحديث - كَمَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: «ضَوْءًا كَضَوْءِ النَّهَارِ تَعْرِفُهُ، وَظُلْمَةٌ كَظُلْمَةِ اللَّيْلِ، تُنْكِرُهُ» (7).
ونقّاد الحديث يولون عنايتهم ركّة المعنى قبل ركة اللفظ؛ لأنّ فساد المعنى أوضح دليل على الوضع، قال الحافظ ابن حجر: «المَدَارُ فِي الرِّكَّةِ عَلَى رِكَّةِ المَعْنَى، فَحَيْثُمَا وُجِدَتْ دَلَّتْ عَلَى الوَضْعِ، وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهَا رِكَّةُ اللَّفْظِ؛ لأَنَّ هَذَا الدِّينَ كُلُّهُ مَحَاسِنُ، وَالرِّكَّةُ تَرْجِعُ إِلَى الرَّدَاءَةِ. أَمَّا رَكَاكَةُ اللَّفْظِ فَقَطْ، فَلاَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، لاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى، فَغَيَّرَ أَلْفَاظَهُ بِغَيْرِ فَصِيحٍ، ثُمَّ إِنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم - فَكَاذِبٌ» (8).
القاعدة الثالثة: أن يكون المروي مخالفًا للعقل أو الحس والمشاهدة، غير قابل للتأويل(9). قِيلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ: حَدَّثَكَ أَبُوكَ عَنْ جَدِّكَ أَن رَسُول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ قَالَ: إِنَّ سَفِينَةَ نُوحٍ طَافَتْ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّتْ خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ (10). وواضع هذا الخبر، عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، مشهور بكذبه وافترائه، ففي "التهذيب" نقلاً عن الشافعي: «ذَكَرَ رَجُلٌ لِمَالِكٍ حَدِيثًا، مُنْقَطِعًا، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ يُحَدِّثْكَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نُوحٍ!!» (11).
القاعدة الرابعة: أن يتضمّن المروي وعيدًا شديدًا على أمر صغير، أو وعدًا عظيمًا على أمر حقير (12)، كالخلود في جنات تجري من تحتها الأنهار، في رفقة آلاف من الحور العين، لفعل مندوب أو ترك مكروه (13)، أو الخلود في جهنم مع مقت الله وغضبه لترك مندوب أو فعل مكروه. وكان القُصَّاصُ مولعين بوضع أخبار من هذا النوع يستميلون بها قلوب العوام إليهم (14).
القاعدة الخامسة: أن يكون واضع الخبر مشهورًا بالكذب، رقيق الدين لا يتورّع عن اختلاق الأحاديث والأسانيد انتصارًا لهوى شخصيّ (15).
وَقِيلَ لِمَأْمُونِ بْنِ أَحْمَدَ الهَرَوِيِّ: أَلاَ تَرَى إِلَى الشَّافِعِيِّ، وَمَنْ تَبِعَهُ بِخُرَاسَانَ؟!، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْدَانَ الأَزْدِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: «يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ إِبْلِيسَ، وَيَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، هُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي!» (16)، وأغرب من ذلك ما أسنده الحاكم عن سَيْفِ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، فَجَاءَ ابْنُهُ مِنَ الكُتَّابِ يَبْكِي، فَقَالَ: "مَالَكَ؟" قَالَ: "ضَرَبَنِي المُعَلِّمُ" فَقَالَ: " لأُخْزِيَنَّهُمُ اليَوْمَ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مُعَلِّمُو صِبْيَانِكُمْ شِرَارُكُمْ، أَقَلُّهُمْ رَحْمَةً لِلْيَتِيمِ وَأَغْلَظُهُمْ عَلَى المِسْكِينِ!» (17)، ... ولقد دأب أصحاب الأهواء في مختلف العصور على الافتراء على رسول الله - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ -، حتى قال عَبْدُ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ المُقْرِئُ: «إِنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ البِدَعِ رَجَعَ عَنْ بِدْعَتِهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: انْظُرُوا هَذَا الحَدِيثَ عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ، فَإِنَّا كُنَّا إِذَا رَأَيْنَا رَأْيًا جَعَلْنَا لَهُ حَدِيثًا» (18)!
ومن أصحاب الأهواء الفقهاء الذين يتصدّون للدفاع عن مذاهبهم زُورًا وَبُهْتَانًا، فيشحنون كتبهم بالموضوعات، سواء اختلقوها بأنفسهم أم اختلقها الوضّاعون خدمة لهم وتأييدًا لهواهم. وقد تبلغ بهم الجراءة حد الخلط بين أقيستهم وبين أحاديث الرسول - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيضعون في فيه عبارات أقيستهم التي وصلوا إليها باجتهادهم، وغالبًا ما يكون هؤلاء الفقهاء من مدرسة الرأي التي تعنى بالقياس عناية خاصة. قال أبو العباس القرطبي (19): «اسْتَجَازَ بَعْضُ فُقَهَاءِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ نِسْبَةَ الحُكْمِ الذِي دَلَّ عَلَيْهِ القِيَاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم - [نِسْبَةً قَوْلِيَّةً، فَيَقُولُ فِي ذَلِكَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ كَذَا]. وَلِهَذَا تَرَى كُتُبَهُمْ مَشْحُونَةً بِأَحَادِيثَ تَشْهَدُ مُتُونُهَا [بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ؛ لأَنَّهَا] تُشْبِهُ فَتَاوَى الفُقَهَاءِ، [وَلاَ تَلِيقُ بِجَزَالَةِ كَلاَمِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ]؛ وَلأَنَّهُمْ لاَ يُقِيمُونَ لَهَا سَنَدًا [صَحِيحًا]!!».
وأدهى من ذلك وَأَمَرُّ ما يضعه بعض علماء السوء في كلّ جيل تقرّبًا إلى الطبقة الحاكمة، وكسبًا للحظوة عندها: كما صنع غياث بن إبراهيم النخَعي الكوفيّ، فإنّه دخل على المهديّ [العبّاسيّ]، وكان المهديّ يحب الحمام ويلعب به، فإذا قدّامه حمام، فقيل له: حَدِّثْ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا فُلاَنٌ عَنْ فُلاَنٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - قَالَ: «لاَ سَبَقَ إِلّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ جَنَاحٍ». فَأَمَرَ لَهُ المَهْدِيُّ بِبَدْرَةٍ، فَلَمَّا قَامَ قَالَ: «أَشْهَدُ عَلَى قَفَاكَ أَنَّهُ قَفَا كَذَّابٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ -»، ثُمَّ أَمَرَ بِذَبْحِ الحَمَامِ، وَرَفَضَ مَا كَانَ فِيهِ (20).
وأحيانًا، يكون التعالم بين العامّة سببًا في وضع الأحاديث، وذلك حين يظهر جاهل بزيّ العلماء، ويحرص على أن يظلّ في أعين العامّة عالمًا يشار إليه بالبنان، فلا يستر جهله إلّا كثرة وضعه للغرائب التي تخلب ألباب العامّة في جميع الأجيال. روى ابن الجوزي بإسناده إلى أبي جعفر بن محمد الطيالسي قال: «صَلَّى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي مَسْجِدِ الرُّصَافَةِ. فَقَامَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قَاصٌّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - «مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلّا اللهَ خَلَقَ اللهُ مِنْ كُلِّ كَلِمَةٍ طَيْرًا مِنْقَارُهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَرِيشُهُ مِنْ مَرْجَانَ!» وَأَخَذَ فِي قِصَّتِهِ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ وَرَقَةً! فَجَعَلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَنْظُرُ إِلَى يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، وَجَعَلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَنْظُرُ إِلَى أَحْمَدَ. فَقَالَ لَهُ: «حَدَّثْتَهُ بِهَذَا!؟» فَيَقُولُ: «وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِهَذَا إِلّا السَّاعَةَ»، فلمّا فرغ من قصصه وأخذ العطيّات، ثم قعد ينتظر بقيتها، قال له يحيى بن معين بيده: «تَعَالَ»، فجاء مُتَوَهِّمًا لِنَوَالٍ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: «مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الحَدِيثِ؟!» فَقَالَ: «أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ». فَقَالَ: «أَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَهَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. مَا سَمِعْنَا بِهَذَا قَطُّ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ -! فَقَالَ: «لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ أَحْمَقٌ، مَا تَحَقَّقْتُ هَذَا إِلّا السَّاعَةَ! كَأَنْ لَيْسَ فِيهَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ ابْن حَنْبَلٍ غَيْرُكُمَا؟ وَقَدْ كَتَبْتُ عَنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنَ مَعِينٍ» فَوَضَعَ أَحْمَدُ كُمَّهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَقَالَ: «دَعْهُ يَقُومُ»، فَقَامَ كَالمُسْتَهْزِئِ بِهِمَا» (21)!
والقصّاص المتعالمون أصفق النّاس وجهًا، وأشدّهم وقاحة، وهم يتخذون - لترويج أحاديثهم المختلفة - أسانيد مشهورة يحفظونها كالببغاء ثم يضمّونها إلى كلّ حديث يفترونه كما فعل هذا القاص الوقح مع أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وَكَمَا فَعَلَ قَاصٌّ آخَرَ حَكَى عَنْه أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِي إِقْرَارَهُ بِجَهْلِهِ وَاخْتِلاَقِهِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: دَخَلْتُ مَسْجِدًا، فَقَامَ بَعْدَ الصَّلاَةِ شَابٌّ فَقَالَ: «حَدَثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَثَنَا أَبُو الوَلِيدِ عَنْ شُعَبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ» وَذَكَرَ حَدِيثًا، «فَلَمَّا فَرَغَ دَعْوَتُهُ، فَقُلْتُ: "رَأَّيْتَ أَبَا خَلِيفَةً؟ "قَالَ: لاَ، قُلْتُ: "كَيْفَ تَرْوِي عَنْهُ وَلَمْ تَرَهُ؟ "فَقَالَ: إِنَّ المُنَاقَشَةَ مَعَنَا مِنْ قِلَّةِ المُرُوءَةِ! أَنَا أَحْفَظُ هَذَا الإِسْنَادَ، فَكُلَّمَا سَمِعْتُ حَدِيثًا ضَمَمْتُهُ إِلَى هَذَا الإِسْنَادِ!» (22).
ومن الغريب حَقًّا أن بعض الزهّاد والمتصوّفين طوّعت لهم أنفسهم وضع الأحاديث على رسول الله - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - تَرْغِيبًا للنّاس في صالح الأعمال، كأنّ هذه الثروة التي لا يدرك البيان وصفها من أقواله - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - ونوابغ حِكَمِهِ وَجَوَامِعِ كَلِمِهِ لم تكفهم ولم تشف صدورهم. واشتغال هؤلاء بالعبادة، واشتهارهم بالزهد والعفة، يحمل العامّة على الاغترار بما يختلقونه، فخطرهم من هذه الناحية أشدّ هَوْلاً ممّا نتصور. ولقد شَوَّهُوا بجهلهم وجه الإسلام، وأدخلوا في تعاليمه ما ليس منه. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانَ: «مَا رَأَيْتُ الكَذِبَ فِي أَحَدٍ أَكْثَرَ مِنْهُ فِيمَنْ يُنْسَبُ إِلَى الخَيْرِ [وَالزُّهْدِ]» (23).
ولو ذهبنا نستقصي ما افتراه الوضّاعون ونسبوه إلى رسول اللهِ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - لما أمكننا إحصاؤه، فالزنادقة وحدهم وضعوا- كما قال حمّاد بن زيد - أربعة عشر ألف حديث (24)، وَعَبْدُ الكَرِيمِ بْنُ أَبِي العَوْجَاءِ (25) وَضَعَ وَحْدَهُ - بِاعْتِرَافِهِ - أَرْبَعَةَ آلاَفِ حَدِيثٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا أُخِذَ لِتُضْرَبَ عُنُقُهُ فِي خِلاَفَةِ المَهْدِيِّ صَاحَ قَائِلاً: «لَقَدْ وَضَعْتُ فِيكُمْ أَرْبَعَةَ آلاَفِ حَدِيثٍ، أَحَرِّمُ فِيهَا الحَلاَلَ وَأُحَلِّلُ الحَرَامَ!».
على أنَّنَا - نحمد الله - أن حفظ دينه من عبث العابثين، وكلام نبيّه من كذب الوضّاعين بما قيّض للأمة من علماء أمناء مخلصين مازوا الخبيث من الطيّب، وعرفونا أسباب الوضع، وَجَرَّحُوا الوضّاعين، وكشفوا معايبهم، وَأَلَّفُوا الكتب في الموضوعات يجمعونها، وأحيانًا يحفظونها، لِكَيْلاَ يلتبس عليهم منها شيء.
وأشهر الكتب في بيان الأحاديث المختلفة كتاب "الموضوعات"، لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزيّ (ت 597 هـ) أخذ أكثره من كتاب "الأباطيل" للجوزقاني، وكان هذا الأخير يحكم بالوضع على كلّ حديث يخالف السنّة النبويّة فعلاً أو تركًا(26)، فكان على ابن الجوزيّ وقد تأثّر بمنهجه أن يقع في كثير من الأخطاء التي تشبه أخطاءه هو «أي الجوزقانيّ»، وهكذا حكم ابن الجوزي بالوضع على بعض الصحاح والحسان. بل لقد حكم بوضع حديث في "صحيح مسلم"، وهو حديث أبي هريرة مرفوعًا: «إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ، أَوْشَكْتَ أَنْ تَرَى قَوْمًا يَغْدُونَ فِي سَخَطِ اللهِ، وَيَرُوحُونَ فِي لَعْنَتِهِ، فِي أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ البَقَرِ» (27) وقد تعقّبه الحافظ ابن حجر فقال: «وَلَمْ أَقَفْ فِي كِتَابِ "المَوْضُوعَاتِ" لاَبِنَ الجَوْزِيِ عَلَى شَيْءٍ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالوَضْعِ وَهُوَ فِي أَحَدِ "الصَّحِيحَيْنِ" غَيْرَ هَذَا الحَديثِ، وَإِنَّهَا لَغَفْلَةٌ شَدِيدَةٌ مِنْهُ!» (28).
ووجد ابن حجر في تعقّبه لابن الجوزي أربعة وعشرين حديثًا من "المسند" أوردها هذا في كتابه على أنّها موضوعات، فَرَدَّ عليه حكمه ودافع عن صاحب "المسند" أحمد بن حنبل في كتابه: " القول المسدّد في الذبّ عن المسند" واستطاع السيوطي في "ذيله" على هذا الكتاب أن يستخرج من "موضوعات" ابن الجوزي أربعة عشر حديثًا أخرى كتلك من "المسند" وَنَبَّهَ على عدم جواز وصفها بالوضع، كما أنّه ألّف "ذيلاً" على الكتابين "القول المسدّد" و"ذيله" عليه سمّاه "القول الحسن في الذبّ عن السنن" استخرج فيه من "موضوعات" ابن الجوزي مائة وبضعة وعشرين حديثًا من "جوامع السنن الأربعة" (الترمذي، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه) وأشار كذلك إلى تسرّع ابن الجوزي في حكمه عليها بالوضع. وأخيرًا فإن السيوطي رأى أن يلخص كتاب ابن الجوزي ويتتبع أقوال الحفاظ الذين تعقبوا بعض أحاديثه، فسمى تلخيصه بـ"اللآلئ المصنوعة" وسمّى إفراده للأحاديث المتعقّبة "بذيل اللآلئ المصنوعة" (29).
وبنشاط العلماء في تعقّب ابن الجوزي وانتقاد كتابه اِنْتِقَادًا عِلْمِيًّا مُجَرَّدًا، أصبح الانتفاع بمصنّفه "الموضوعات" ميسورًا، ولا سيما للمشتغل بعلم الحديث الذي لا يفتأ يتابع أبحاثه برغبة واهتمام. وجدير بالذكر أنّ الضرر في كتاب ابن الجوزي - قبل تعقّب العلماء له - لا يتمثل في إغفاله أشهر الموضوعات والوضّاعين، «وَفِيهِ مِنَ الضَّرَرِ - كَمَا يَقُولُ ابْنُ حَجَرٍ - أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ مَوْضُوعًا عَكْسُ الضَّرَرِ بِـ"مُسْتَدْرَكِ" الحَاكِمِ، فَإِنَّهُ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ صَحِيحًا» (30).
ولا بُدَّ من التنبيه على أنّ بعض ما يسمّيه العلماء موضوعًا هو إلى المدرج أقرب، وبه أشبه: وذلك حين يحدّث الشيخ مثلاً فيسرق إسنادًا معيّنًا، ثم يعرض له ما يستوجب كلامه في غير سياق الحديث الذي يريد أن يرويه، فيظنّ السامع أنّ كلامه العارض هو المتن الذي من أجله ساق الإسناد، فيتحمّله منه، ويؤدّيه عنه. مثاله مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الطَّلْحِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ مُوسَى العَابِدِ الزَّاهِدِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا «مَنْ كَثُرَتْ صَلاَتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ». قَالَ الحَاكِمُ: دَخَلَ ثَابِتٌ عَلَى شَرِيكٍ وَهُوَ يُمْلِي، وَيَقُولُ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم - وَسَكَتَ لِيَكْتُبَ المُسْتَمْلِي، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى ثَابِتٍ، قَالَ: مَنْ كَثُرَتْ صَلاَتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ. وَقَصَدَ بِذَلِكَ ثَابِتًا لِزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ، فَظَنَّ ثَابِتٌ أَنَّهُ مَتْنُ ذَلِكَ الإِسْنَادِ؛ فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: إِنَّمَا هُوَ قَوْلُ شَرِيكٍ، [فَإِنَّهُ] قَالَهُ عَقِبَ حَدِيثِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ». فَأَدْرَجَهُ ثَابِتٌ فِي الخَبَرِ، ثُمَّ سَرَقَهُ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَحَدَّثُوا بِهِ، عَنْ شَرِيكٍ (31).
مثل هذا الحديث يرى ابن حجر أنّه مدرج، فهو ضعيف، وليس بموضوع، ولكنّ أبا عمرو بن الصلاح يعتبره نوعًا من الموضوع على غير تعمّد، وقد تابعه على ذلك النووي والسيوطي.
والواقع أنّ من العسير جِدًّا الحكم بالوضع على حديث ما؛ لأنّ التسرّع في الوصف بالوضع كالتسرّع في الوصف بالصحّة إنّما يصدر عن باحث متساهل يلقي الكلام على عواهنه. أمّا ما يندرج تحت إحدى القواعد الخمس التي ذكرناها فليس من التسرّع في شيء الحكم بوضعه، وإنّنا نكرّر مع ابن الجوزي: «مَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْقَائِلِ: إِذَا رَأَيْتَ الحَدِيثَ يُبَايِنُ المَعْقُولَ أَوْ يُخَالِفُ المَنْقُولَ أَوْ يُنَاقِضُ الأُصُولَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ»(32).
وغني عن البيان بعد هذا كلّه أنّه محرّم علينا أن نروي خبرًا موضوعًا علمنا يقينًا بوضعه إلّا مع التنبيه على أنّه مختلق مصنوع، لقوله - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبِينَ» (33) وإِنّما نتشدّد في هذا لكيلا يظنّ أحد أنّه منسوب إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وسَلَّمَ -، أمّا روايته للتمثيل على الموضوع فلا ضير فيها؛ لأنّ الغرض منها. حينئذٍ التفهيم والتعليم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) " التدريب ": ص 98.
(2) " شرح النخبة ": ص 20.
(3) " التدريب ": ص 102. ونسب هذا القول في (" التوضيح ": 2/ 89) إلى عبد الرحمن بن مهدي.
(4) " شرح النخبة ": ص 20.
(5) " التدريب ": ص 102. ومن ذلك إقرار عمر بن صبح بن عمران [التميمي] بأنّه وضع خطبة للنبيّ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ -....
أمّا أبو عصمة فإنّما لقب بالجامع؛ لأنّه أخذ العلم عن أبي حنيفة وابن أبي ليلى، والحديث عن حجّاج بن أرطأة، والتفسير عن الكلبيّ ومقاتل، والمغازي عن [ابن] إسحاق، فكأنّه جمع الكمالات. قال فيه أبو حاتم: جمع فيه كلّ شيء إلّا الصدق. وقد ولي نوح الجامع قضاء مرو في خلافة المنصور. (انظر "التوضيح": 2/ 81).
(6) "التدريب": ص 88. وقارن بما ذكرناه عن اللحن ص 83.
(7) "التوضيح": 2/ 94.
(8) "التدريب": ص 99.
(9) "الكفاية": ص 17، و" شرح النخبة ": ص 20.
(10) "التهذيب": 6/ 179 وقارن بـ "التدريب": ص 100. ومن ذلك ما رواه ابن الجوزي في كتابه "الموضوعات" مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ الثَّلْجِيِّ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي المُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الفَرَسَ فَأَجْرَاهَا، فَعَرَقَتْ، ثُمَّ خَلَقَ نَفْسَهُ مِنْهَا!!». ويعلّق على هذا السيوطي في ("التدريب": ص 100) فيقول: «هَذَا لاَ يَضَعُهُ مُسْلِمٌ، بَلْ وَلاَ عَاقِلٌ، وَالمُتَّهَمُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، كَانَ زَائِغًا فِي دِينِهِ، وَفِيهِ أَبُو المُهَزِّمِ، قَالَ شُعْبَةُ: "رَأَيْتُهُ، لَوْ أُعْطِيَ دِرْهَمًا وَضَعَ خَمْسِينَ حَدِيثًا"!».
(11) "الباعث الحثيث": ص 91.
(12) قارن بـ "التدريب": ص 99.
(13) "لقط الدرر": ص 83.
(14) "التدريب": ص 99.
(15) "شرح النخبة": ص 20.
(16) "لسان الميزان": 5/ 7، 8، وقارن بـ "التدريب": ص 100 و"لقط الدرر": ص 84.
(17) "التدريب": ص 100. وسعد بن طريف هذا قال فيه ابن حبّان: «كَانَ يَضَعُ الحَدِيثَ». قال فيه يحيى بن معين: «لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ»، أمّا راوي القصة عنه، سيف بن عمر فقال فيه الحاكم: «اتُّهِمَ بِالزَّنْدَقَةِ، وَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ سَاقِطٌ» (وقارن بـ "الباعث الحثيث": ص 89).
(18) "التدريب": ص 103.
(19) أبو العباس القرطبيّ هو صاحب كتاب "المفهم شرح صحيح مسلم". وعبارته هذه عن فقهاء الرأي نقلها عنه السخاوي في "شرحه ألفيّة العراقيّ في مصطلح الحديث": ص 111.
(20) "شرح النخبة": ص 20، و"التدريب": ص 103، و"التوضيح": 2/ 76. وللحديث أصل في "السنن الأربعة" إلّا أنّ أصحابها لم يذكروا «الجَنَاحَ». انظر "لقط الدرر": ص 82.
(21) أحمد محمد شاكر، "شرح ألفيّة السيوطيّ في المصطلح": (ص 87، 88) و"الباعث الحثيث": ص 93، 94، و"التوضيح": 2/ 76، 77.
(22) "الباعث الحثيث": ص 93.
(23) "التوضيح": 2/ 78. ولقد وجد المستشرق نولدكه في مثل هذه العبارة مادة صالحة للتعليق والتعقيب، مع أنّها تشير إلى دقّة المقاييس عند رجال الحديث، انظر: Geschischte des Coran. p. XXII
(24) "التدريب": ص 103.
(25) وهو خال معن بن زائدة الشيباني الأمير المعروف. وقد ضرب عنقه محمد بن سليمان بن علي أمير مكّة. قال الذهبي في "الميزان" في ترجمة عبد الكريم هذا: «زِنْدِيقٌ مُبِينٌ». قارن بـ "التوضيح": 2/ 75. ومثله في الزندقة والافتراء محمد بن سعيد بن حسان الأسديّ الشاميّ المصلوب فإنّه وضع كذلك أربعة آلاف حديث. ومن الأحاديث التي وضعها ما حكاه عنه الحاكم أبو عبد الله: أَنَّهُ رَوَى عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: «أَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ، لاَ نَبِيَّ بَعْدِي إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ». قال الحاكم معقبًا ومفسّرًا: «وَضَعَ هَذَا الاِسْتِثْنَاءَ، لِمَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الإِلْحَادِ، وَالزَّنْدَقَةِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى [التَّنَبِّي]». انظر "التدريب": ص 103.
(26) "الرسالة المستطرفة": ص 112. وكان عليه أن يقيد السنّة بالمتواترة: ("التوضيح ": 2/ 96).
(27) " صحيح مسلم ": 2/ 355.
(28) ابن حجر العسقلاني: "القول المسدّد في الذبّ عن المسند": ص 31.
(29) قارن "الباعث الحثيث": ص 87 بـ "التدريب": ص 101.
(30) "التدريب": ص 100.
(31) "الباعث الحثيث": ص 84 نقلاً عن "التدريب": ص 104.
(32) ينقل هذا عن ابن الجوزي السيوطي في كتابه "التدريب": ص 100.
(33) رواه مسلم من حديث سمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة: ("التوضيح": 2/ 71) وقوله: «يُرَى» فيه روايتان (بضمّ الباء وفتحها). وقوله: «الكَاذِبِينَ» فيه روايتان أيضًا: بكسر الباء وبفتحها.
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
