علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
المسلسل
المؤلف:
الشيخ الدكتور صبحي الصالح
المصدر:
علوم الحديث ومصطلحه
الجزء والصفحة:
ص 249 ــ 253
2025-10-04
63
17 - المسلسل:
هو الحديث المسند المتّصل الخالي من التدليس الذي تتكرّر في وصف روايته عبارات أو أفعال متماثلة ينقلها كلّ راوٍ عمّن فوقه في السند، حتّى ينتهي إلى رسول الله (1). وخلوه من التدليس والانقطاع يحمل الناشئ في هذا العلم على الحكم بصّحته فورًا فيكون في حكمه هذا متسرّعًا، إذ يخفى عليه ما في تسلسل تلك العبارات أو الأفعال المماثلة من إثارة للريبة في اشتمال الرواية حقًّا عليها. قال ابن كثير: «وفائدة التسلسل بعده من التدليس والانقطاع. ومع هذا قلّما يصحّ حديث بطريق مسلسل» (2).
ولقد يكون أصل المتن في حديث من هذا النوع صحيحًا، لسلامته من التدليس، ولكن صفة الضعف تطرأ عليه بمجرّد تسلسل بعض الأقوال أو الأفعال في روايته نفسها تسلسلا كاملا متماثلا من كلّ وجه، لتعذّر هذا التسلسل وندرة هذا التماثل في تناقل الأخبار. ومن هنا صحّت متون أحاديث كثيرة، من غير أن تكون روايتها نفسها صحيحة بالتسلسل على الوجه الذي وصفناه (3).
ولذلك قال ابن حجر في المسلسل: «وهو من صفات الإسناد» (4) بخلاف المرفوع ونحوه فإنّه من صفات المتن، وبخلاف الصحيح فإنّه من صفاتهما معًا.
مثال الحديث المسلسل الذي تتماثل العبارات في روايته، ويستغرب وقوع التماثل فيه، ما حدّث به أبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن المؤمّل الضرير، حدثني إبراهيم بن راشد الأدمي، حدثني محمد بن يحيى الواسطي خادم أبي منصور الشنابزي قال: قال لي أبو منصور: قم فصب عليّ حتّى أريك وضوء منصور، فإنّ منصورًا قال لي: قم فصب عليّ حتّى أريك وضوء إبراهيم، فإنّ إبراهيم قال لي: قم فصب عليّ حتّى أريك وضوء علقمة، فإنّ علقمة قال لي: قم فصب عليّ حتّى أريك وضوء ابن مسعود، فإنّ ابن مسعود قال لي: قم فصب علي حتّى أريك وضوء النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم، فإنّ النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم قال لي: «قم فصب عليّ حتّى أريك وضوء جبرائيل عليه السلام» (5).
ومثال المسلسل الذي تتماثل الأفعال في روايته، ولا يقل عن السابق استغراب وقوع التماثل فيه: ما رواه الحاكم قال: «شبك بيدي أحمد بن الحسين المقرئ، وقال: شبك بيدي أبو عمر عبد العزيز بن عمر بن الحسن بن بكر بن الشرود الصنعاني، وقال: شبك بيدي أبي، وقال: شبك بيدي أبي، وقال: شبك بيدي إبراهيم بن أبي يحيى، وقال إبراهيم: شبك بيدي صفوان بن سليم، وقال صفوان: شبك بيدي أيوب بن خالد الأنصاري، وقال أيوب: شبك بيدي عبد الله بن رافع، وقال عبد الله: شبك بيدي أبو هريرة، وقال أبو هريرة: شبك بيدي أبو القاسم صلى الله عليه [وآله] وسلم، وقال: «خلق الله الأرض يوم السبت، والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الإثنين، والمكروه يوم الثلاثاء، والنّور يوم الأربعاء، والدوابّ يوم الخميس وآدم يوم الجمعة» (6).
ولقد استشعر رجال الحديث ما يثيره في النفس تماثل هذه الأفعال والأقوال من الشك فيها والتجريح في رواياتها، فقال الحاكم النيسابوري معلّقا على شواهد ذكرها من هذا الباب ما نصّه: «فهذه أنواع المسلسل من الأسانيد المتّصلة التي لا يشوبها تدليس، وآثار السماع بين الراويين ظاهرة غير أنّ رسم الجرح والتعديل عليها محكم، وإنّي لا أحكم لبعض هذه الأسانيد بالصحّة، وإنّما ذكرتها ليستدلّ بشواهدها عليها إن شاء الله» (7).
وإذا كان الحاكم - على حدّ تعبيره - لا يحكم لبعض تلك الأسانيد التي ذكرها بالصحّة، فإنّ بعضها الآخر لا بد أن يكون حكمه عليها أوفر حظًّا من الصحيح أو التحسين، وهو بذلك يشير إلى نوع من التسلسل تستدعيه حالة الرواة الضابطين، الذين ثبت لهم الضبط فعلاً، فأدّوا جميعًا روايتهم كما تحمّلوها بعبارات مماثلة كسمعت أو حدّثنا أو أخبرنا حتّى يصل الحديث مسلسلاً بالعبارة نفسها إلى رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -: فمثل هذا التسلسل في الألفاظ الدالّة على صور الأداء ممكن الوقوع، أو هو- على الأقلّ - أكثر إمكانًا من تماثل ألفاظ الرواية نفسها أو أفعالها لدى الرواة. مثال ذلك قول الحاكم: «سمعت أبا [الحسين] بن علي الحافظ، يقول: سمعت علي بن سالم الأصبهاني، يقول: سمعت أبا سعيد يحيى بن حكيم، يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول: سمعت سفيان الثوري، يقول: سمعت أبا عون الثقفي، يقول: سمعت عبد الله بن شداد، يقول: سمعت أبا هريرة، يقول: "الوضوء ممّا مسّت النار" قال: فذكرت ذلك لمروان أو ذكر له، فأرسل أو أرسلني إلى أم سلمة فحدّثتني، أنّ رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: " كان يخرج إلى الصلاة، فانتشل عظمًا أو أكل كتفًا، ثم صلّى، ولم يتوضّأ» (8).
ومن المسلسل الصحيح مسلسل الحفّاظ، وهو ممّا اتّفقت فيه صفات الرواة، وكلّ واحد منهم قد بلغ درجة الحفظ، فهذا النوع من المسلسل ممّا يفيد العلم القطعيّ (9).
لكن أصحّ حديث مسلسل يروى في الدنيا هو المسلسل بقراءة سورة الصف (10). وهو ما رواه عبد الله بن سلام قال: «قعدنا نفرًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -، فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أيّ الأعمال أقرب إلى الله لعملناه. فأنزل الله - عز وجل - {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1، 2] قال عبد الله بن سلام: فقرأها علينا رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - هكذا. قال أبو سلمة: وقرأها علينا عبد الله بن سلام هكذا. قال يحيى: وقرأها علينا أبو سلمة. قال الأوزاعي: فقرأها علينا يحيى. قال محمد بن كثير: فقرأها علينا الأوزاعيّ. قال الدارمي: فقرأها علينا محمد بن كثير»(11).
ومن الأحاديث المسلسلة التي حكم النقّاد ببطلانها متنًا وتسلسلاً الحديث المسلسل بالقسم، وهو أنّ النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم - قال: «بالله العظيم لقد حدّثني جبريل - عليه السلام -، وقال: بالله العظيم لقد حدّثني ميكائيل - عليه السلام -، إلى أن ينتهي إلى ربّ العزة - تبارك وتعالى - ...» الحديث، قال السخاوي: «هذا الحديث باطل متنًا وتسلسلاً» (12).
والخلاصة، أنّ الحكم على حديث ما بالصحّة أو بالضعف لا يكون اعتباطًا، فسلامة الحكم من الخطأ متوقّفة - إلى حد بعيد - على تتبعّ السند والمتن في جميع جوانبهما، تمهيدًا لتوجيه الوصف اللائق بهما في أناة ورويّة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قارن بتعريف ابن جماعة للمسلسل في " حاشية لقط الدرر ": ص 136 فهو يقول: «المسلسل ما اتّفق رواته على صفة أو حالة أو كيفيّة».
(2) " اختصار علوم الحديث ": ص 189.
(3) " حاشية لقط الدرر ": ص 136.
(4) " شرح النخبة ": ص 34.
(5) " معرفة علوم الحديث ": ص 30.
(6) " معرفة علوم الحديث ": ص 33، 34.
(7) " معرفة علوم الحديث ": ص 34.
(8) " معرفة علوم الحديث ": ص 30.
(9) " التدريب ": ص 195.
(10) المصدر نفسه: ص 194.
(11) " حاشية لقط الدرر ": ص 135.
(12) المصدر نفسه: ص 136.
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
