علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
الفرد والغريب
المؤلف:
الشيخ الدكتور صبحي الصالح
المصدر:
علوم الحديث ومصطلحه
الجزء والصفحة:
ص 226 ــ 229
2025-09-29
115
جـ - 7 و8 - الفَرْدُ وَالغَرِيبُ:
بين الفرد والغريب رابط مشترك لغة واصطلاحًا: وهو مفهوم التفرّد، وقد سَوَّغَ هذا الرابط لبعض العلماء أن يحكموا بترادف الفرد والغريب، فأنشأوا يقولون: تفرّد به فلان تارة، وأغرب به فلان تارة أخرى، وهو يقصدون شيئًا واحدًا (1).
والحق أنّ أكثر المحدّثين على التغاير بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلّته: فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق الذي لم يقيّد بقيد ما والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبيّ الذي قُيِّدَ بقيد ما، والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبيّ الذي قُيِّدَ بالنسبة إلى شيء معيّن. وإنّما يغايرون بينهما عند التسمية الاصطلاحيّة، فالأصل في مثل هذه التسمية عدم الترادف، أمّا من حيث استعمالهم الفعل المشتق فلا يفرّقون بين التفرّد والإغراب (2).
والفرد المطلق لا يجوز أن يتداخل مع الشاذ، فقد رأينا، في الشاذّ شرطين لا بد منهما: التفرّد والمخالفة (3). أمّا الفرد فلا يلاحظ فيه إلّا مطلق التفرّد. ومن هنا جاء تعريفهم له بأنّه: «الحَدِيثُ الذِي اِنْفَرَدَ بِهِ رَاوٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الطُّرُقُ إِلَيْهِ» (4). ويحكم له بالصحّة أو الحسن أو الضعف تبعًا لحال رواته، وقد مثّلوا للفرد المطلق الصحيح بحديث النهي عن بيع الولاء وهبته، فإنّ هذا الحديث تفرّد به عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر (5). والمعروف عن ابن دينار أنّه ثقة ضابط متقن.
والفرد النسبيّ (أو الغريب كما يسمّى في الاصطلاح) لا يجوز أن يتداخل أيضًا مع الشاذ، فلا تشترط فيه المخالفة مع التفرّد، وإنّما يكون فيه ضرب من التفرّد المقيّد بِرَاوٍ أو براوية عن رَاوٍ معيّن أو بأهل بلد أو نحو ذلك، ولذلك عَرَّفُوهُ بِأَنَّهُ: «الحَديثُ الذِي يَنْفَرِدُ بِرِوَاِيَتِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ فِي أَيِّ مَوْضِعِ وَقَّعَ التَّفَرُّدُ بِهِ مِنَ السَّنَدِ» (6).
ويقع التفرّد في الغريب في أثناء السند فيقيّد بالموضع الذي وقع فيه، كأن يروي عن الصحابيّ أكثر من واحد ثم ينفرد بروايته عن واحد منهم شخص واحد (7)، بينما يقع التفرّد في الحديث الفرد في أصل السند وهو طرفه الذي فيه الصحابيّ، وإليه يرجع ولو تعدّدت الطرق إليه (8). وحين يكون التقيّد في الغريب بأهل بلد ما لا يراد من تفرّدهم إلّا انفراد واحد منهم تَجَوُّزًا (9). فراوي الغريب شخص واحد على جميع الأحوال. وأنواع الغريب متكاثرة، وإنّما تضبط بنسبة التفرّد فيه إلى شيء معيّن.
وأهمّ هذه الأنواع ثلاثة:
الأول: تفرّد شخص عن شخص (10)، كتفرّد عبد الرحمن بن مهدي عن الثوريّ عن واصل بحديث عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهُوَ خَلَقَكَ»، [قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ»]، قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ» (11). وهذا النوع كثير متعارف عند المحدّثين.
الثاني: تفرّد أهل بلد عن شخص (12)، كحديث ابْنِ بُرَيْدَةَ: مَا كُنْتُ لأَجْلِسَ عَلَى قَضَاءٍ بَعْدَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي بُرَيْدَةَ، يَقُولُ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - يَقُولُ]: «القُضَاةُ ثَلاثَةٌ: فَاثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الجَنَّةِ، فَأَمَّا الاثْنَانِ: فَقَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ الحَقِّ، وَهُوَ يَعْلَمُ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ الحَقِّ، وَهُوَ لا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَأَمَّا الوَاحِدُ الَّذِي هُوَ فِي الجَنَّةِ، فَقَاضٍ قَضَى بِالحَقِّ فَهُوَ فِي الجَنَّةِ». قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ الخُرَاسَانِيُّونَ فَإِنَّ رُوَاتَهُ، عَنْ آخِرِهِمْ مَرَاوِزَةٌ (13).
الثالث: تفرّد شخص من أهل بلد عن أهل بلد آخر (14)، كحديث خَالِدٍ بْنِ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الجُمَحِيُّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ، البَلِيغُ الذِي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ تَخَلُّلَ البَاقِرَةِ بِلِسَانِهَا». قَالَ الحَاكِمُ: "وَهَذَا الحَدِيثُ مِنْ أفْرَادِ المِصْرِيِّينَ، عَنِ الْمَكِّيِّينَ، فَإِنَّ خَالِدَ بْنَ نِزَارٍ عِدَادُهُ فِي المِصْرِيِّينَ، وَنَافِعَ بْنَ عُمَرَ مَكِّيُّ" (15). وقد عَبَّرَ الحاكم عن هذا النوع الثالث بقوله: «أَحَادِيثُ لأَهْلِ المَدِينَةِ تَفَرَّدَ بِهَا عَنْهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ مَثَلاً، وَأَحَادِيثُ لأَهْلِ مَكَّةَ يَنْفَرِدُ بِهَا عَنْهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَثَلاً، وَأَحَادِيثُ يَنْفَرِدُ بِهَا الخُرَاسَانِيُّونَ، عَنْ أَهْلِ الحَرَمَيْنِ مَثَلاً، وَهَذَا نَوْعٌ يَعِزُّ وُجُودُهُ وَفَهْمُهُ!»(16).
كلّ هذه الأنواع الثلاثة - كما لاحظنا - تفرّد بها شخص واحد، وكان التفرّد مقيّدًا في كلّ نوع منها بموضع من السند وقع فيه، لم يكن في أصل السند بل في أثنائه. وهذا التقييد الإضافي في الحديث الغريب هو الذي سَوَّغَ تسميته «فَرْدًا نِسْبِيًّا»، وأكثر الأمثلة التي استشهدنا بها عليه ذكرها الحاكم في النوع الخامس والعشرين من علم الحديث وهو معرفة الأفراد (17)، كأنّه لا يرى بين الفرد والغريب فرقًا إلّا في التوجيه والتعليل بين إطلاق وتقييد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قارن بـ " التوضيح ": 2/ 8 هامش.
(2) " شرح النخبة ": ص 8.
(3) راجع بحث الشاذ: ص 196 إلى 203.
(4) " ألفيّة السيوطي ": ص 95 وانظر الهامش حول البيت 184.
(5) " شرح النخبة ": ص 8.
(6) " شرح النخبة ": ص 6.
(7) نفسه: ص 8.
(8) نفسه: ص 7.
(9) " التدريب ": ص 88.
(10) " التوضيح ": 2/ 10. وهذا عند الحاكم هو النوع الثاني الذي سمّاه «أَحَادِيثُ يَتَفَرَّدُ بِرِوَايَتِهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، عَنْ إِمَامٍ مِنَ الأَئِمَّةِ». انظر "معرفة علوم الحديث": ص 99.
(11) " معرفة علوم الحديث ": ص 100.
(12) " التوضيح ": 2/ 10. وهو عند الحاكم النوع الأول، ويسمّيه «مَعْرِفَةُ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ يَتَفَرَّدُ بِهَا أَهْلُ مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ عَنِ الصَّحَابِيِّ». انظر " معرفة علوم الحديث ": ص 96.
(13) " معرفة علوم الحديث ": ص 99. وراجع الطابع الإقليمي في نشأة الحديث أثناء بحث الرحلة في طلبه (ص 50) وأمثلة التفرّد في رواية بعض الأمصار للحديث (ص 52). والمراوزة: أبناء مرو.
(14) " التوضيح ": 2/ 10.
(15) " معرفة علوم الحديث ": ص 102.
(16) نفسه: ص 100.
(17) نفسه: من ص 96 إلى 102.
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
