أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-11-2016
555
التاريخ:
1086
التاريخ: 12-11-2016
452
التاريخ: 12-11-2016
1613
|
السكان:
تقع الحيرة، عاصمة دولة المناذرة، في اطراف العراق في منطقة سهلية منبسطة قريبة من الصحراء، هواؤها جاف عذب صحي. ويجري بالقرب منها نهر الفرات الذي يتفرع في أطرافها؛ وتؤخذ منه جداول وترع تروي تلك المنطقة، فتجعلها من اخصب مناطق العراق واكثرها انتاجا, كان بعض هذه الانهار تصل الى الحيرة، ولا سيما نهر الحيرة ونهر يوسف ونهر كافر. وتتجمع هذه الانهار في مجتمع نهري، او ما يدعوه الاراميون فرثا، والعبرانيون حاشير (1)؛ وهي تصب في بحر النجف الذي كان مليئا بالماء، وتصل إليه السفن البحرية، فيما يذكر المسعودي (2). وهكذا اجتمعت في هذه المنطقة نقاوة هواء الصحراء وخصب العراق وتجارة البحر. فلا عجب ان اتخذ المناذرة مقرهم فيها، وقد دعي هذا المقر الحيرة. وهو، في الاغلب، مشتق من الكلمة الآرامية حرتا ومعناها المعسكر والمقام. وهي قد تشير الى أنها كانت في البداية معسكراً لهم.
أهل الحيرة:
اتخذ آل لخم الحيرة عاصمة لهم. وليست لدينا تفاصيل عن أصلها او عن تطوراتها التاريخية. لكن يبدو من ثناياها الأخبار عن تاريخ المناذرة ان اغلب سكانها من العرب البدو. ويقسم المؤرخون سكانها ثلاثة أقسام، هي : عرب الضاحية والعباد والاحلاف (3). فأما عرب الضاحية، فهم من القبائل العربية التي استقرت في أطراف الحيرة، وكانت تسكن اما بيوت الشعر والخيام، وتمتهن الرعي، او تستقر وتبني البيوت. ويطلق النسابون عليهم اسم تنوخ. والراجح ان تنوخ ليست في الاصل قبيلة واحدة كما يزعم بعض النسابين، بل هي مجموعة قبائل تجمعت و(تنوخت) وكونت وحدة؛ وعلى مر الايام ظن النسابون انها قبيلة تربط افرادها رابطة الدم. ولا نعلم بالضبط من هي القبائل التي اشتركت وكونت تنوخ، وان كان من المحتمل ان يكونوا من مختلف القبائل المجاورة، كطي وتميم واسد، وصعاليك القبائل الأخرى.
يقول الطبري ان أهل الحيرة ثلاثة أثلاث :
الأول تنوخ: وهم من كان يسكن المضال وبيوت الشعر والوبر في غربي الفرات؛ وهم بين الحيرة والانبار وما فوقها.
والثلث الثاني العباد: وهم الذين سكنوا رقعة الحيرة فابتنوا بها.
والثلث الثالث الاحلاف: وهم الذين لحقوا بالحيرة(4).
وقد نقل أبو البقاء هذا النص واضاف إليه : (العباد وهم معظم أهل الحيرة واشرافهم واهل البيوتات؛ وهم أصحاب الحيرة، يقال لهم الحيرة الأولى؛ ومن كان بها من غيرهم فإنما كان ضميمة عليهم؛ واسمهم هذا غالب على اسم سواهم من أهل الحيرة من أصحاب الأسماء المذكور وغيرها؛ فأهل الحيرة باسرهم يعرفون بالعباد؛ وقد غلب هذا الاسم عليهم حتى صار كالنسب لهم، واكتفوا به عن الانتساب. روي (ان عمرو بن امرئ القيس الملك، لما ملك، ادخل في العباد أهل بيوتات من ربيعة ومضر واياد، لم يكونوا منه من قبل). وعلق أبو البقاء على هذا القول الذي لم اجده في النسخة المطبوعة من الطبري؛ وهذا على ان اسم العباد، انما وقع على من كان بالحيرة أولا(5).
ويذكر أبو البقاء ان الاحلاف قوم لحقوا بالعباد بعد نزولهم الحيرة، فحالفوهم وانضموا إليهم، ودخلوا معهم في امرهم، وهم من عشائر كثيرة، منهم بنو لحيان من بني الحارث بن كعب، وقوم من بني غسان، وبنو مرينا، وهم من اشرافهم ونسبهم في جعفي، ومنهم قوم من بني عبد القيس بن أفصى؛ ومن الرويس بن عمرو بن عامر، وبنو جرموز من طيء، وهم رهط اياس بن قبيصة الذي استعمله كسرى على الحيرة بعد النعمان الأصغر؛ ومن حنيفة بن لجيم، ومن نمير بن عامر، واهل بيت من اسد بن خزيمة يقال لهم بنو شجرة. وقيل إنه دخل فيهم قوم من قريش من ولد عبدالله الأعرج بن عبد شمس بن عمير بن عبد مناف، يقال لهم بنو عميس. وقيل ان اسم الاحلاف بالحيرة كان يجمع قوما من أربعة عشر حيا(6).
ويضاف إليهم الوظائف والرهائن، وهم القبائل العربية التي حالفت المناذرة، واعترفت بسيادتهم، وتجولت في أطراف الحيرة، او استقرت عندها. وهم غير ثابتين، ويتوقف عددهم على مدى امتداد حكم المناذرة وتجول القبائل. والراجح انه في اواخر أيام المناذرة كان من أهم الاحلاف تغلب التي هاجرت بعد حرب البسوس في أيام عمرو بن هند، واستقرت على ضفاف الفرات شمال الحيرة؛ وبكر، وخاصة بني عجل وشيبان.
وبجانب هؤلاء، كان النبط وهم سكان العراق الاصليون من بقايا البابليين والسريان، وكانوا يمتهنون الزراعة والفلاحة(7).
يضاف الى ذلك اليهود الذين استقروا بعد السبي البابلي في هذه المنطقة، وانشأوا لهم مدارس، وكان لجاليتهم رئيس خاص (رأس جالوتا). وفي هذه المنطقة كتب التلمود البابلي الذي يعتبر من أعظم كتب الفقه اليهودية (8)؛ ومدرسة بمبادئها، وهي من أهم مراكز دراستهم الدينية.
وبجانب هذا، أقام الفرس جالية لهم في الحيرة. ولعل عددا من أصحاب المهن والتجار اقاموا فيها أيضاً.
وبامتداد التجارية الحيرية، انتشر الحيريون في مختلف البلاد. ويروي بعض المؤرخون العرب : (انك لا ترى بلدا في الارض ليس فيه حيري)(9). ولعل هذا الانتشار قديم، ولكن مصادرنا عنه قليلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع المقال الذي كتب عن الحيرة في دائرة المعارف الإسلامية، وما كتبه الواموزيل في كتابه (الفرات الأوسط) ص287 فما بعد، ترجمة صالح احمد العلي وعلي المياح وعبد المطلب عبدالرحمن.
(2) مروج الذهب : ج1 ص103.
(3) الطبري : ج2 ص59.
(4) الطبري : 1/122؛ وانظر حمزة الاصفهاني : تاريخ سني ملوك الارض والانبياء، 86.
(5) المناقب المزيدية : 109.
(6) المناقب المزيدية : 109؛ وانظر الاغاني : 2/116، 8، 8/76، 11، 15؛ ابن أبي أصبعه؛ عيون الانباء في طبقات الأطباء : 1/135، 184.
(7) المسعودي : مروج الذهب ج2 ص119.
(8) Newman. Agricultural life according to the Talmud
(9) الهمداني : مختصر كتاب البلدان ص51.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|