أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-6-2017
2894
التاريخ: 28-5-2017
3212
التاريخ: 28-6-2017
2768
التاريخ: 12-5-2016
3644
|
1 - ضعف الحكام الفرس في اليمن
عندما بُعث النبي ( صلى الله عليه وآله ) كانت اليمن تُحكم من قبل كسري ، ولما كتب ( صلى الله عليه وآله ) إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام ، غضب ومزق الرسالة وأرسل إلى حاكم اليمن واسمه باذان أن يبعث له النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! فأرسل باذان إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأبلغه رسالة كسري ، فأجابه في اليوم التالي إن الله قد أخبرني أنه قتل كسرى في يوم كذا من شهر كذا ! فعاد الوفد مبهوتاً إلى باذان ، وجاءه الخبر بتصديق ما قاله النبي ( صلى الله عليه وآله ) حرفياً فأسلم باذان فقبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) إسلامه ، ونصبه حاكماً على اليمن .
قال الأحمدي في مكاتيب الرسول : 2 / 499 و 329 ، ملخصاً : « كانت اليمن كلها تحت حكم كسرى وكان عامله عليها وهرز « وهو الذي حرر اليمن من الحبشة مع سيف بن ذي يزن » ثم بعده المرزبان بن وهرز ، ثم بعده البينجان بن المرزبان بن وهرز ، ثم بعده خرخسرة بن البينجان ، ثم بعده باذان ، حتى هلك كسرى وأسلم باذان فنصبه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على اليمن كلها . . فلم يعزله عنها حتى مات أو قتله الأسود العنسي ، واستصفى زوجته المرزبانة لنفسه ! ففرق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عمله ما بين شهر بن باذان ، وعامر بن شهر الهمداني ، وأبي موسى الأشعري ، وخالد بن سعيد ، ويعلى بن أمية ، وعمرو بن حزم ، وزياد بن لبيد ، والطاهر بن أبي هالة ، وعكاشة بن ثور المهاجر أو عبد الله . . .
والمراد بالأبناء أبناء الفرس الذين بعثهم كسرى إلى اليمن لما استنجد سيف بن ذي يزن ، فاسترجعوا ملك سيف ، واستقروا في اليمن وتزوجوا في العرب ، وسميت أبناؤهم بالأبناء ، وغلب عليهم هذا الاسم » . وابن هشام : 1 / 45 .
2 - ضعف سلطة باذان وتفكك اليمن
كانت قبائل اليمن تخضع للحاكم الفارسي وأسرته « الأبناء » لأن وراءهم أمبراطورية إذا طلبوا منها مدداً عسكرياً أرسلت لهم ، لكن عندما قتل كسرى وضعفت فارس ونقل حكام اليمن ولاءهم من كسرى إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) طمع زعماء القبائل وأخذوا يستقلون بمناطقهم فاحتاج النبي ( صلى الله عليه وآله ) لأن يرسل لكل منطقة حاكماً ، فتوزع حكم اليمن . والحكام الذين عينهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) كانوا مميزين عسكرياً لحاجة المنطقة إلى ذلك ، أو أصحاب قبول ونفوذ في المناطق التي عينهم فيها . ويظهر أن نفوذ باذان والأبناء ضعف كثيراً حتى احتاجوا إلى التحالف مع القبائل : « فقالت الرسل من الفرس لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إلى من نحن يا رسول الله ؟ قال : أنتم منا وإلينا أهل البيت . قال ابن هشام : فبلغني عن الزهري أنه قال : فمن ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : سلمان منا أهل البيت » . سيرة ابن هشام : 1 / 45 .
يقصد الراوي أن ولاء الفرس لبنى هاشم ، ولذا صار سلمان من أهل البيت ، وهذا التعليل لا يصح . ويظهر أن نفوذ باذان اقتصر على صنعاء وبعض مناطق اليمن فقط ! فقد اتفق المؤرخون على أن قبائل همدان أسلمت على يد على ( عليه السلام ) ، وسجد النبي ( صلى الله عليه وآله ) شكراً لله على إسلامها وقال : السلام على همدان ، وكان ذلك في السنة الثامنة بعد حنين ، وقيل في العاشرة ، كما أن قبائل مذحج أسلمت بعدها .
وهمدان ومذحج هما الشطر الأعظم من اليمن . ويؤيد ذلك أن الأسود العنسي ادعى النبوة وسيطر على صنعاء ، وقتل باذان أو قتل ابنه الذي حكم بعده .
وقد بعث النبي ( صلى الله عليه وآله ) علياً ( عليه السلام ) إلى اليمن ثلاث مرات ، في السنة الثامنة إلى قبائل همدان ، وفى العاشرة إلى قبائل مذحج ، وأرسله بينهما قاضياً على اليمن .
قال في أعيان الشيعة : 1 / 410 : « قال دحلان في سيرته . . . بَعْثُ على إلى همدان لم يكن سنة عشر إنما كان سنة عشر بعثه إلى بنى مذحج ، وأما بعثه إلى همدان فكان سنة ثمان بعد فتح مكة ، فيكون بعث على إلى اليمن حصل مرتين » .
وفى المستجاد من الإرشاد / 111 : « لما أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تقليده قضاء اليمن وإنفاذه إليهم ليعلمهم الأحكام ، ويبين لهم الحلال من الحرام ، ويحكم فيهم بأحكام القرآن قال له : تندبني يا رسول الله للقضاء وأنا شاب ولا علم لي بكل القضاء . فقال له : أدنُ منى فدنا منه ، فضرب على صدره وقال : اللهم اهد قلبه وثبت لسانه . قال أمير المؤمنين : فما شككت في قضاء بين اثنين بعد ذلك المقام » .
3 - فتح علي « عليه السلام » لليمن
صعدنا درج صنعاء ودخلنا سوقها ، فقالوا هذه الساحة « اسمها الحلقة » وسألنا عن معناها فقالوا : هنا وقف على ( عليه السلام ) وقرأ كتاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لأهل اليمن فتحَلَّقُوا حوله ! وزرنا بعد الساحة مسجد على ( عليه السلام ) وهو البيت الذي كان لامرأة فاستأجره على ( عليه السلام ) وسكن فيه مدة عمله في اليمن ، فحولته صاحبته إلى مسجد .
في الكافي : 5 / 28 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : بعثني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى اليمن وقال لي : يا علي لاتقاتلن أحداً حتى تدعوه ، وأيم الله لأن يهدى الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت ، ولك ولاؤه » .
وفى العدد القوية للحلي / 251 : « عن البراء بن عازب قال : بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام ، فكنت فيمن سار معه ، فأقام عليهم ستة أشهر لا يجيبونه إلى شئ ! فبعث النبي ( صلى الله عليه وآله ) علي بن أبي طالب وأمره أن يقفل « يرجع » خالداً ومن اتبعه إلا من أراد البقاء مع علي فيتركه ، فكنت ممن عقب مع علي ، فلما انتهينا إلى أوائل اليمن وبلغ القوم الخبر فجمعوا له ، فصلى بنا على صلاة الفجر ، فلما فرغ صفنا صفاً واحداً ثم تقدم بين أيدينا فحمد الله وأثنى عليه ثم قرأ عليهم كتاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأسلمت همدان كلها في يوم واحد ، وكتب بذلك على إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلما قرأ كتابه خر ساجداً ثم جلس فقال : السلام على همدان ، وتتابع أهل اليمن الإسلام » .
وروته مصادر السلطة وسماها ابن هشام : 4 / 1028 و 1056 : غزوة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه إلى اليمن ، غزاها مرتين ، وتوغل في مناطقها .
وقال الصالحي في سبل الهدي : 6 / 235 : « روى البيهقي في السنن والدلائل والمعرفة عن البراء بن عازب قال : بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام . قال البراء : فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد ، فأقمنا ستة أشهر ندعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوا . ثم إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعث علي بن أبي طالب مكان خالد وأمره أن يقفل خالداً ، وقال : مُرْ أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقب معك فليعقب ومن شاء فليقبل . . . إلى آخره ، وفيه : « وقال : إذا كان قتال فعلى الأمير ، قال : فافتتح على حصناً فغنمت أواقي ذوات عدد وأخذ على منه جارية ، قال : فكتب معي خالد إلى رسول الله يخبره ! قال الترمذي : يعنى النميمة ! قال : فلما قدمت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقرأ الكتاب رأيته يتغير لونه فقال : ما ترى في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله تعالى ورسوله ؟ فقلت : أعوذ بالله من غضب الله تعالى وغضب رسوله ، إنما أنا رسول » . فسكت .
وفى رواية : فكتب خالد إلى رسول الله فقلت إبعثنى فبعثني ، فجعل يقرأ الكتاب وأقول صدق ، فإذا النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد احمر وجهه فقال : من كنت وليه فعلى وليه ! ثم قال : يا بريدة أتبغض علياً ؟ فقلت : نعم . قال : لاتبغضه فإن له الخمس أكثر من ذلك . وفى رواية : والذي نفسي بيده لنصيب على في الخمس أفضل من وصيفة ، وإن كنت تحبه فازدد له حباً . وفى رواية : لا تقع في علي فإنه منى وأنا منه وهو وليكم بعدي . قال بريدة : فما كان في الناس أحد أحب إلى من علي !
قال الحافظ : كان بعث على بعد رجوعهم من الطائف ، وقسمة الغنائم بالجعرانة . . وهو وليكم بعدي : أي يلي أمركم .
الباب الثاني والسبعون في سرية علي بن أبي طالب إلى اليمن المرة الثانية : قال محمد بن عمر « الواقدي » وابن سعد واللفظ للأول : قالوا بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علياً إلى اليمن في رمضان وأمره أن يعسكر بقناة ، فعسكر بها حتى تتامَّ أصحابه . فعقد له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لواء وأخذ عمامته فلفها مثنية مربعة ، فجعلها في رأس الرمح ثم دفعها إليه ، وعممه بيده عمامة ثلاثة أكوار ، وجعل له ذراعاً بين يديه وشبراً من ورائه وقال له : إمض ولا تلتفت . فقال علي : يا رسول الله ما أصنع ؟ قال : إذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك ، وادعهم إلى أن يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فإن قالوا نعم فمرهم بالصلاة ، فإن أجابوا فمرهم بالزكاة ، فإن أجابوا فلا تبغ منهم غير ذلك . والله لأن يهدى الله بك رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت .
فخرج على في ثلاث مائة فارس فكانت خيلهم أول خيل دخلت تلك البلاد . فلما انتهى إلى أدنى الناحية التي يريد من مذحج ، فرق أصحابه فأتوا بنهب وغنائم وسبايا نساء وأطفالاً ونعماً وشاءً وغير ذلك ، فجعل على على الغنائم بريدة بن الحصيب الأسلمي فجمع إليه ما أصابوا قبل أن يلقى لهم جمعاً .
ثم لقى جمعهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ورموا أصحابه بالنبل والحجارة ، فلما رأى أنهم لا يريدون إلا القتال ، صف أصحابه ودفع اللواء إلى مسعود بن سنان السلمى فتقدم به ، فبرز رجل من مذحج يدعو إلى البراز ، فبرز إليه الأسود بن خزاعي فقتله الأسود وأخذ سلبه . ثم حمل عليهم على وأصحابه فقتل منهم عشرين رجلاً ، فتفرقوا وانهزموا وتركوا لواءهم قائماً ، وكف على عن طلبهم ، ثم دعاهم إلى الإسلام فأسرعوا وأجابوا ، وتقدم نفر من رؤسائهم فبايعوه على الإسلام وقالوا : نحن على من وراءنا من قومنا ، وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله تعالى . وجمع على ما أصاب من تلك الغنائم ، فجزأها خمسة أجزاء ، فكتب في سهم منها لله ثم أقرع عليها ، فخرج أول السُّهمان سهم الخمس .
وقسم على على أصحابه بقية المغنم ، ولم ينفل أحداً من الناس شيئاً ، وكان من كان قبله يعطون خيلهم الخاص دون غيرهم من الخمس ، ثم يخبرون رسول الله بذلك فلا يرده عليهم ، فطلبوا ذلك من على فأبى وقال : الخمس أحمله إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يرى فيه رأيه . وأقام فيهم يقرؤهم القرآن ويعلمهم الشرائع .
وكتب إلى رسول الله كتاباً مع عبد الله بن عمرو بن عوف المزنى يخبره الخبر ، فأتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يوافيه الموسم ، فانصرف عبد الله بن عمرو بن عوف إلى علي بذلك فانصرف على راجعاً ، فلما كان بالفتقن « مكان » تعجل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يخبره الخبر ، وخلف على أصحابه والخمس أبا رافع ، فوافى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمكة قد قدمها للحج ، وكان في الخمس ثياب من ثياب اليمن أحمال معكومة ونعم وشاء مما غنموا ، ونعم من صدقة أموالهم ، فسأل أصحاب على أبا رافع أن يكسوهم ثياباً يحرمون فيها ، فكساهم منها ثوبين ثوبين . فلما كانوا بالسدرة داخلين خرج على ليتلقاهم ليقدم بهم ، فرأى على أصحابه الثياب فقال لأبى رافع : ما هذا ؟ فقال : كلمونى ففرقت من شكايتهم وظننت أن هذا ليسهل عليك ، وقد كان من قبلك يفعل هذا بهم . فقال : قد رأيت امتناعى من ذلك ثم أعطيتهم وقد أمرتك أن تحتفظ بما خلفت فتعطيهم ! فنزع على الحلل منهم ! فلما قدموا على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) شكوه ، فدعا علياً فقال : ما لأصحابك يشكونك ؟ قال : ما أشكيتهم ، قسمت عليهم ماغنموا وحبست الخمس حتى يقدم عليك فترى فيه رأيك . فسكت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » . انتهي .
أقول : يظهر أن خالداً لم يطع أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقد أمره أن يرجع ، وخير جنوده بين البقاء مع علي ( عليه السلام ) أو الرجوع ! لكنه بقي يتتبع عمل على ( عليه السلام ) ويرسل إلى النبي يشكوه ! كما يتضح من روايتهم أن علياً ( عليه السلام ) أعطى جنوده أربعة أخماس الغنيمة فطمعوا في خمس النبي ( صلى الله عليه وآله ) واستغلوا مسارعة على ( عليه السلام ) قبلهم إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأصروا على أبى رافع وأخذوا من الخمس الذي للنبي ( صلى الله عليه وآله ) بغير حق ، فلما رجع على ( عليه السلام ) نزعه منهم ! وظلم رواة الحكومة علياً ( عليه السلام ) فصوروا أنه أخطأ مع جنوده !
ثم تابع الصالحي في سبل الهدي : « الباب الرابع والتسعون في وفود همدان إليه ( صلى الله عليه وآله ) : قالوا قدم وفد همدان على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعليهم مقطعات الحبرات مكففة بالديباج ، وفيهم حمزة بن مالك من ذي مشعار ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
نِعْمَ الحي همدان ما أسرعها إلى النصر وأصبرها على الجهد ، ومنهم أبدال وأوتاد الإسلام . فأسلموا وكتب لهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) كتاباً بمخلاف خارف ، ويام ، وشاكر ، وأهل الهضب ، وحقاف الرمل من همدان ، لمن أسلم منهم . . .
وقد روى البيهقي بإسناد صحيح من حديث ابن إسحاق عن البراء : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعث خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام . قال البراء : فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد ، فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام ، فلم يجيبوه ، ثم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعث علي بن أبي طالب وأمره أن يعقب خالداً إلا رجلاً ممن كان مع خالد أحب أن يعقب مع علي فليعقب معه . . إلى آخر ما تقدم » .
وقال ابن إسحاق : فقام مالك بن نمط بين يديه فقال : يا رسول الله نصيةٌ من همدان من كل حاضر وباد ، أتوك على قلص نواح ، متصلة بحبائل الإسلام ، لا تأخذهم في الله لومة لائم ، من مخلاف خارف ويام وشاكر ، أهل السواد والقود أجابوا دعوة الرسول وفارقوا الإلاهات والأنصاب ، عهدهم لا ينقض عن سِنَة ماحل ، ولا سوداء عنقفير ، ما أقام لعلع ، وما جرى اليعفور بصيلع .
فكتب لهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كتاباً فيه : بسم الله الرحمن الرحيم : هذا كتاب من محمد رسول الله لمخلاف خارف ، وأهل جناب الهضب ، وحقاف الرمل ، مع وافدها ذي المشعار مالك بن نمط ، ومن أسلم من قومه أن لهم فراعها ووهاطها وعزازها ، ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ، يأكلون ظلافها ، ويرعون عفاءها ، ولنا من دفئهم وصرامهم ما سلموا بالميثاق والأمانة ، ولهم من الصدقة الثلب والتاب والفصيل والفارض والداجن والكبش الحورى وعليهم فيها الصالغ والقارح . لكم بذلك عهد الله وذمام رسوله ، وشاهدكم المهاجرون والأنصار .
فقال في ذلك مالك بن نمط :
ذكرت رسول الله في فحمة الدجي * ونحن بأعلى رحرحان وصلدد
وهن بنا خوص طلائح تغتلي * بركبانها في لأحب متمدد
على كل فتلاء الذراعين جسرة * تمر بنا مر الهجف الخفيدد
حلفت برب الراقصات إلى مني * صوادر بالركبان من هضب قردد
بأن رسول الله فينا مصدق * رسول أتى من عند ذي العرش مهتد
فما حملت من ناقة فوق رحلها * أشد على أعدائه من محمد
وأعطى إذا ما طالب العرف جاءه * وأمضى بحد المشرفى المهند »
ومن رواياتها عن أبي رافع : « بعث رسول الله علياً أميراً على اليمن ، وبعث خالد بن الوليد على الجبل فقال : إن اجتمعتما فعلى على الناس ، فالتقوا وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله وأخذ على جارية من الخمس ، فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال : إغتنمها فأخبر النبي ما صنع ! فقدمت المدينة ودخلت المسجد ورسول الله في منزله وناس من أصحابه على بابه فقالوا : ما الخبر يا بريدة ؟ فقلت : خيراً فتح الله على المسلمين ، فقالوا : ما أقدمك ؟ قلت : جارية أخذها على من الخمس فجئت لأخبر النبي ! فقالوا : فأخبر النبي فإنه يسقط من عين النبي ! ورسول الله يسمع الكلام فخرج مغضباً فقال : ما بال أقوام ينتقصون علياً ! من تَنَقَّصَ علياً فقد تنقصنى ومن فارق علياً فقد فارقني ! إن علياً منى وأنا منه خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم ، وأنا أفضل من إبراهيم ، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم . يا بريدة : أما علمت أن لعلى أكثر من الجارية التي أخذ وأنه وليكم بعدي ؟ فقلت : يا رسول الله بالصحبة إلا بسطت يدك فبايعتنى على الإسلام جديداً ! قال : فما فارقته حتى بايعته على الإسلام » ! أوسط الطبراني : 6 / 163 .
أقول : بحثنا شكاية خالد وجواب النبي ( صلى الله عليه وآله ) في كتاب العقائد الإسلامية : 4 / 91 ، وتحريف البخاري وغيره لها .
وأخيراً ، ادعى كعب الأحبار أنه لقى عليا ( عليه السلام ) باليمن وأسلم ! ففي مغازى الواقدي / 668 : « لما قدم علي بن أبي طالب اليمن خطب به ، وبلغ كعب الأحبار قيامه بخطبته ، فأقبل على راحلته في حلة ، معه حبر من أحبار اليهود حتى استمعا له . . . قال كعب الأحبار : لما قدم على اليمن لقيته فقلت : أخبرني عن صفة محمد ، فجعل يخبرني عنه وجعلت أتبسم ، فقال : مم تتبسم ؟ فقلت : مما يوافق ما عندنا من صفته . . . قال : فأقمت باليمن على إسلامي حتى توفى رسول الله وتوفى أبو بكر فقدمت في خلافه عمر ، ويا ليت أنى كنت تقدمت في الهجرة » !
وكذب كعب في ادعائه ، لأنه إنما أعلن أنه مسلم في أواسط خلافة عمر !
4 - أهدى علي « عليه السلام » إلى النبي « صلى الله عليه وآله » أفراساً من اليمن
في الكافي : 6 / 535 ، عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : « أهدى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أربعة أفراس من اليمن فقال : سمها لي ، فقال : هي ألوان مختلفة قال : ففيها وضح ؟ فقال : نعم فيها أشقر به وضح ، قال : فأمسكه علي ، قال : وفيها كميتان أوضحان ، فقال : أعطهما ابنيك ، قال : والرابع أدهم بهيم قال : بعه واستخلف به نفقة لعيالك ، إنما يمن الخيل في ذوات الأوضاح » .
5 - وأرسل النبي « صلى الله عليه وآله » علياً « عليه السلام » قاضياً إلى اليمن
في بصائر الدرجات / 472 ، عن عبد العزيز القراطيسي : « قلت لأبى عبد الله : جعلت فداك إن الناس يزعمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وجه علياً ( عليه السلام ) إلى اليمن ليقضى بينهم فقال على ( عليه السلام ) : فما وردت على قضية إلا حكمت فيها بحكم الله وحكم رسوله ( صلى الله عليه وآله ) . فقال صدقوا . قلت : وكيف ذاك ولم يكن أنزل القرآن كله ، وقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) غائباً عنه ؟ فقال : يتلقاه به روح القدس » .
وفى أمالي الصدوق / 428 : « عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) قال : بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علياً إلى اليمن فانفلت فرس لرجل من أهل اليمن فنفح رجلاً برجله فقتله ، وأخذه أولياء المقتول فرفعوه إلى علي ، فأقام صاحب الفرس البينة أن الفرس انفلت من داره فنفح الرجل برجله ، فأبطل على ( عليه السلام ) دم الرجل ، فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) يشكون علياً ( عليه السلام ) فيما حكم عليهم فقالوا : إن عليا ظلمنا وأبطل دم صاحبنا ! فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن علياً ليس بظلام ، ولم يخلق على للظلم ، وإن الولاية من بعدى لعلي ، والحكم حكمه ، والقول قوله ، لا يرد حكمه وقوله وولايته إلا كافر ، ولا يرضى بحكمه وقوله وولايته إلا مؤمن . فلما سمع اليمانيون قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
في علي ( عليه السلام ) قالوا : يا رسول الله ، رضينا بقول على وحكمه . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : هو توبتكم مما قلتم » . والتهذيب : 10 / 228 .
أقول : من القواعد المتفق عليها أنه لا يبطل دم امرئ مسلم ، فلا بد أن يكون إبطال دم الذي نفحه الفرس ، بمعنى عدم ضمان صاحب الفرس لعدم تقصيره ، فتكون ديته على الوالي من بيت المال .
6 - ثم أرسله النبي « صلى الله عليه وآله » إلى اليمن ليصلح بينهم
في بصائر الدرجات / 521 ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : « دعاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فوجهنى إلى اليمن لأصلح بينهم ، فقلت له يا رسول الله ( عليه السلام ) إنهم قوم كثير وأنا شاب حدث . فقال لي : يا علي ( عليه السلام ) إذا صرت بأعلى عقبة فيق فناد بأعلى صوتك : يا شجر يا مدر يا ثري ، محمد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقرؤكم السلام ! قال : فذهبت فلما صرت بأعلى عقبة فيق أشرفت على اليمن ، فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوى مشرعون أسنتهم ، متنكبون قسيهم شاهرون سلاحهم ، فناديت بأعلى صوتي : يا شجر يا مدر يا ثرى محمد ( صلى الله عليه وآله ) يقرؤكم السلام ، قال : فلم يبق شجرة ولا مدرة ولا ثرى الا ارتجت بصوت واحد : وعلى محمد رسول الله وعليك السلام ! فاضطربت قوايم القوم وارتعدت ركبهم ، ووقع السلاح من أيديهم ، وأقبلوا مسرعين فأصلحت بينهم وانصرفت » .
7 - ثم أرسله النبي « صلى الله عليه وآله » إلى اليمن عندما ارتد ابن معديكرب
في البحار : 21 / 356 والإرشاد : 1 / 145 : « لما عاد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من تبوك إلى المدينة قدم إليه عمرو بن معدى كرب فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أسلم يا عمرو يؤمنك الله من الفزع الأكبر ، قال : يا محمد وما الفزع الأكبر فإني لا أفزع ، فقال يا عمرو : إنه ليس كما تظن وتحسب ! إن الناس يصاح بهم صيحة واحدة ، فلا يبقى ميت إلا نشر ولا حي إلا مات ، إلا ما شاء الله ، ثم يصاح بهم صيحة أخرى فينشر من مات ، ويصَفُّونَ جميعاً وتنشق السماء وتهد الأرض وتخر الجبال هداً ، وترمى النار بمثل الجبال شرراً ، فلا يبقى ذو روح إلا انخلع قلبه وذكر ذنبه وشغل بنفسه إلا من شاء الله ! فأين أنت يا عمرو من هذا ؟ قال : ألا إني أسمع أمراً عظيماً ، فآمن بالله ورسوله وآمن معه من قومه ناس ورجعوا إلى قومهم .
ثم إن عمرو بن معدى كرب نظر إلى أبي بن عثعث الخثعمي ، فأخذ برقبته ثم جاء به إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أُعْدُنى على هذا الفاجر الذي قتل والدي ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أهدر الإسلام ما كان في الجاهلية ، فانصرف عمرو مرتداً ، فأغار على قوم من بنى الحارث بن كعب ، ومضى إلى قومه ! فاستدعى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علي بن أبي طالب وأمره على المهاجرين وأنفذه إلى بنى زبيد ، وأرسل خالد بن الوليد في الأعراب وأمره أن يعمد لجعفي ، فإذا التقيا فأمير الناس أمير المؤمنين . فسار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) واستعمل على مقدمته خالد بن سعيد بن العاص واستعمل خالد على مقدمته أبا موسى الأشعري ، فأما جعفى فإنها لما سمعت بالجيش افترقت فرقتين : فذهبت فرقة إلى اليمن وانضمت الفرقة الأخرى إلى بنى زبيد ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فكتب إلى خالد بن الوليد : أن قف حيث أدركك رسولي فلم يقف ! فكتب إلى خالد بن سعيد بن العاص : تعرض له حتى تحبسه ، فاعترض له خالد حتى حبسه ، وأدركه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فعنفه على خلافه ! ثم سار حتى لقى بنى زبيد بواد يقال له كثير ، فلما رآه بنو زبيد قالوا لعمرو : كيف أنت يا با ثور إذا لقيك هذا الغلام القرشي فأخذ منك الإتاوة ؟ قال : سيعلم إن لقيني ! قال : وخرج عمرو فقال : من يبارز ؟ فنهض إليه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقام إليه خالد بن سعيد وقال له : دعني يا أبا الحسن بأبى أنت وأمي أبارزه ، فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إن كنت ترى أن لي عليك طاعة فقف مكانك فوقف ، ثم برز إليه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فصاح به صيحة فانهزم عمرو ! وقتل أخاه وابن أخيه . وأُخِذَت امرأته ركانة بنت سلامة ، وسبى منهم نسوان ، وانصرف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وخلف على بنى زبيد خالد بن سعيد ليقبض صدقاتهم ، ويؤمِّن من عاد إليه من هرابهم مسلماً ، فرجع عمرو بن معدى كرب واستأذن على خالد بن سعيد فأذن له ، فعاد إلى الإسلام ، فكلمه في امرأته وولده فوهبهم له ! وقد كان عمرو لما وقف بباب خالد بن سعيد وجد جزوراً قد نحرت فجمع قوائمها ثم ضربها بسيفه فقطعها جميعاً ، وكان يسمى سيفه الصمصامة ، فلما وهب خالد بن سعيد لعمرو امرأته وولده ، وهب له عمرو الصمصامة .
وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قد اصطفى من السبي جارية ، فبعث خالد بن الوليد بريدة الأسلمي إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقال له : تقدم الجيش إليه فأعلمه بما فعل على من اصطفائه الجارية من الخمس لنفسه ، وقَعْ فيه ! فسار بريدة حتى انتهى إلى باب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلقيه عمر بن الخطاب فسأله عن حال غزوتهم وعن الذي أقدمه فأخبره أنه إنما جاء ليقع في علي وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه فقال له عمر : إمض لما جئت له فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي !
فدخل بريدة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ومعه كتاب من خالد بما أرسل به بريدة ، فجعل يقرأه ووجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتغير فقال بريدة : يا رسول الله إنك إن رخصت للناس في مثل هذا ذهب فيئهم ! فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ويحك يا بريدة أحدثت نفاقاً ؟ إن علي بن أبي طالب يحل له من الفئ ما يحل لي ، إن علي بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك ، وخير من أخلف بعدى لكافة أمتي ! يا بريدة إحذر أن تبغض علياً فيبغضك الله ! قال بريدة : فتمنيت أن الأرض انشقت لي فسخت فيها وقلت : أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسول الله . يا رسول الله استغفر لي ، فلن أبغضن علياً أبداً ولا أقول فيه إلا خيراً ، فاستغفر له النبي ( صلى الله عليه وآله ) » .
أقول : نلاحظ أن خالد بن الوليد كان مأموراً من النبي ( صلى الله عليه وآله ) بطاعة على ( عليه السلام ) ، ولكنه كان يتصرف كأنه مستقل ، وقد تركه على ( عليه السلام ) حتى إذا خشي الضرر من تصرفه أمر خالداً بن سعيد أن يمنعه بالقوة من مواصلة مسيره ، فمنعه !
وهذا يثبت شجاعة خالد بن سعيد وخوف خالد بن الوليد منه ومن على ( عليه السلام ) ، لأنهما أشجع منه ، ومكانته في قريش ومكة أعلى من مكانته !
وقد يكون على ( عليه السلام ) منعه من التقدم إلى زبيد لخوفه عليه من الهزيمة أمام ابن معديكرب وهو هزيمة للمسلمين ، ثم ظهر أن علياً ( عليه السلام ) كان أعد خطة لهزيمة ابن معديكرب بدون أن يقتله ! ولا بد أن ابن الوليد بهت لفزع عمرو من صرخة على ( عليه السلام ) ! ويبدو أن تلك الصرخة الحيدرية بأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) وفيها سرٌّ من أسراره ! لأنه ( صلى الله عليه وآله ) لما أنذر عمرواً من فزع الآخرة قال له عمرو : « يا محمد وما الفزع الأكبر فإني لا أفزع » ! وعندما ارتد عمرو أراه الله الفزع في الدنيا ، وأبقاه حياً .
8 - الأسود العنسي يدعى النبوة في اليمن
في البحار : 21 / 411 : « لما رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من حجه طارت الأخبار بأنه قد اشتكى فوثب الأسود باليمن ومسيلمة باليمامة ، فأما الأسود العنسي فاسمه عهيلة بن كعب ، وكان كاهنا يشعبذ ويريهم الأعاجيب ويصمى منطقه قلب من يسمعه .
وكان أول خروجه بعد حجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فسار إلى صنعاء فأخذها ، فكتب فروة بن مسيك إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بخبره وكان عامل رسول الله على مراد ، وخرج معاذ بن جبل هارباً حتى مر بأبى موسى الأشعري وهو بمارت فاقتحما حضر موت ، ورجع عمرو بن خالد إلى المدينة ، وقتل شهر بن باذام وتزوج امرأته ، وكانت ابنة عم فيروز ، فأرسل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى نفر من الأبناء رسولاً وكتب إليهم أن يحاولوا الأسود إما غيلة وإما مصادمة ، وأمرهم أن يستنجدوا رجالاً سماهم لهم ممن حولهم من حمير وهمدان ، وأرسل إلى أولئك النفر أن ينجدوهم ، فدخلوا على زوجته فقالوا : هذا قد قتل أباك وزوجك فما عندك ؟ قالت : هو أبغض خلق الله إلى وهو مجرد والحرس محيطون بقصره إلا هذه البيت فانقبوا عليه فنقبوا ، ودخل فيروز الديلمي فخالطه فأخذ برأسه فقتله ، فخار خوار ثور فابتدر الحرس الباب فقالوا : ما هذا ؟ فقالت : النبي يوحى إليه ثم خمد ! وقد كان يجئ إليه شيطان فيوسوس له فيغط ويعمل بما قاله ، فلما طلع الفجر نادوا بشعارهم الذي بينهم ثم بالأذان وقالوا فيه : أشهد أن محمداً رسول الله ، وأن عهيلة كذاب ، وشنوها غارة وتراجع أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
إلى أعمالهم ، وكتبوا إلى رسول الله بالخبر فسبق خبر السماء إليه ، فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قبل موته بيوم أو بليلة فأخبر الناس بذلك ، فقال : قتل الأسود البارحة ، قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين ، قيل : ومن هو ؟ قال : فيروز ، فاز فيروز ، ووصل الكتاب ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد مات إلى أبى بكر . وكان من أول خروجه إلى أن قتل نحو أربعة أشهر . وفيروز قيل : إنه ابن أخت النجاشي وقيل هو من أبناء فارس .
وأما مسيلمة بن حبيب الكذاب فكان يقال له : رحمن اليمامة ، لأنه كان يقول : الذي يأتيني اسمه رحمن ، وقدم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فيمن أسلم ثم ارتد لما رجع إلى بلده ، وكتب إلى رسول الله : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، أما بعد فإن الأرض لنا نصف ولقريش نصف ، ولكن قريش قوم يعتدون » !
وفى الينابيع الفقهية : 9 / 143 : « وقيل كان أهل الردة إحدى عشرة فرقة ، ثلاث في عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : بنو مدلج ، ورئيسهم ذو الخمار ، وهو الأسود العنسي وكان كاهناً تنبأ باليمن واستولى على بلاده ، وأخرج عمال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فبيته فيروز الديلمي فقتله . وأخبر رسولُ الله بقتله ليلة قتل فسر المسلمون وقبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الغد . وبنو حنيفة قوم مسيلمة الذي تنبأ . وبنو أسد قوم طليحة بن خويلد تنبأ أيضاً ثم أسلم وحسن إسلامه . وبعد وفاة رسول ( صلى الله عليه وآله ) كفى الله أمرهم » .
وفى مناقب آل أبي طالب : 1 / 94 : « وأخبَرَ ( صلى الله عليه وآله ) بمقتل الأسود العنسي الكذاب ليلة قتله وهو بصنعاء وأخبر بمن قتله » . راجع : مكاتيب الرسول : 1 / 278 و 270 : كتبه في الردة في قتل الأسود العنسي . والاستيعاب : 2 / 698 والإصابة : 2 / 330 ، الطبقات : 5 / 534 وتاريخ دمشق : 6 / 127 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|