المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24

مع E.coli والأنواع الأخرى من البكتيريا
2023-04-11
تحضير الكحولات Preparation of alcohols
15-2-2017
سريع المشروع
2023-05-29
الإطار في الصورة
27-3-2022
رفاعة بن طالب الجرهمي
18-8-2017
نمو وتطور ثمار الحمضيات
2023-03-06


شبهة كثرة زواج الامام الحسن  
  
7181   01:15 صباحاً   التاريخ: 4-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسن دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ج2، ص448-457
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته /

تساءل السائلون عن كثرة أزواج الإمام الحسن (عليه السلام) وأرجف المرجفون فى ذلك وقد بلغ الحقد وسوء الظن ببعض الجاهلين أن قالوا إنه إنما تزوج بهذه الكثرة اجابة لداعي الهوى واشباعا للشهوة وما عرفوا أن الإمام بعيد كل البعد عن الانقياد لهذه الغرائز فهو سيد شباب أهل الجنة وممن نطق القرآن الكريم بعصمته وطهارته وسنذكر نص كلام القائلين بذلك مشفوعا ببيان بطلانه وفساده وحيث أن الموضوع قد حامت حوله الشكوك والظنون وحفّت به التهم والطعون فلا بد من البحث عنه وبيان الواقع فيه ولو اجمالا فنقول : قد ذهب بعض أهل العلم الى تصحيح ذلك والى عدم منافاته لسيرة الإمام وهديه وذهب بعض آخر الى وضع ذلك وعدم صحته ومن الخير أن نسوق أدلة الطرفين أما المصححون فقد استدلوا عليه بما يلي :

1 ـ انه لا مانع بحسب الشريعة الإسلامية المقدسة من كثرة الزواج فقد ندب الإسلام إليه كثيرا وقد اشتهرت كلمة المنقذ الأعظم في الحث على ذلك فقد قال (صلى الله عليه واله) :  تناكحوا تناسلوا حتى أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالقسط ؛ وقال سفيان الثوري :  ليس فى النساء سرف ؛ وقال الخليفة الثاني :  إني أتزوج المرأة ومالي فيها من أرب وأطؤها ومالي فيها من شهوة  فقيل له :  فلماذا تتزوجها؟  فقال :  حتى يخرج مني من يكاثر به النبي (صلى الله عليه واله)  وتزوج المغيرة بن شعبة بألف امرأة ؛ وقد كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) أربع نسوة وتسعة عشر وليدة , هذا في الإسلام وأما قبل الإسلام فقد كان لسليمان بن داود سبعمائة حرة وثلاثمائة سرية وتزوج أبوه داود (عليه السلام) بمائة حرة وثلاثمائة سرية فكثرة التزويج لا مانع منها بحسب الشرع الإسلامى وغيره وعليه فأي حزازة على الإمام في ارتكابه لذلك؟

2 ـ إنما تزوج بهذه الكثرة لتقوى شوكته ويشتد أزره بالمصاهرة على الأمويين الذين بذلوا جميع جهودهم للقضاء على الهاشميين وتحطيم كيانهم ومحو ذكرهم.

3 ـ إن أولياء النسوة كانوا يعرضون بناتهم على الإمام ويلحون عليه بالتزويج بهن لأجل التشرف به والتقرب إليه فهو حفيد النبي (صلى الله عليه واله) وسبطه الأكبر وسيد شباب أهل الجنة ومضافا الى ذلك انهم رأوا أن عائشة بنت أبي بكر كان أبوها من أواسط قريش شرفا وبسبب زواج النبي (صلى الله عليه واله) بابنته قد احتل مكانة مرموقة فى العالم الإسلامى ولهذا الأمر كانوا يعرضون بناتهم على الإمام ويلحون عليه بالتزويج بهن ليحضوا بالعز والشرف بمصاهرة الإمام لهم هذا ما استدل به المصححون للكثرة وأما النافون فقد استدلوا على ذلك بأمور :

1 ـ كراهة الطلاق شرعا , لقد ثبت عند القائلين بالكثرة والملتزمين بها ان الإمام كان مطلاقا وانه كان يفارق من تزوجها بأقرب وقت ومن المعلوم ان الطلاق من أبغض الأشياء في الإسلام وقد تواترت الأخبار في كراهته وفي النهي عنه فقد أثر عن النبي (صلى الله عليه واله) انه لما بلغه أن أبا أيوب يريد أن يطلق زوجه قال (صلى الله عليه واله) إن طلاق أم أيوب لحوب أى أثم وقال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) : إن الله يحب البيت الذي فيه العرس ويبغض البيت الذي فيه الطلاق وما من شيء أبغض الى الله عز وجل من الطلاق , وقال أبو عبد الله (عليه السلام) : ما من شيء مما أحله الله أبغض إليه من الطلاق وإن الله عز وجل يبغض المطلاق الذواق وقال (عليه السلام) : تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش ومع هذه الكراهة الشديدة كيف يرتكبه الإمام ويبالغ فيه؟

2 ـ منافاته لهدي الإمام , وقد ثبت ان الإمام حليم المسلمين والمثل الأعلى للأخلاق الفاضلة ومن المعلوم أن الطلاق ينافي الحلم إذ فيه كسر لقلب المرأة وإذلال لها وذلك لا يتفق مع ما عرف به الإمام من الحرص على ادخال السرور على الناس واجتناب المساءة والأذى لكل انسان.

3 ـ انشغاله عن ذلك , لقد كان الإمام مشغولا عن أمثال هذه الأمور بعبادته واتجاهه نحو الله وعمله المستمر في حقل الإصلاح وقضاء حوائج الناس وجلب الخير لهم ودفع الشر والشقاء عنهم فلا تفكير له إلا بالأمور الإصلاحية وليس عنده مزيد من الوقت ليقضيه فى ذلك , هذا مجموع ما استدل به النافون وإن كان بعضه لا يخلو من ضعف , أما أنا فبحسب تتبعي عن أحوال الإمام أرى أن هذه الكثرة موضوعة وبعيدة عن الواقع كل البعد وبيان ذلك لا يتم إلا بعرض الروايات والبحث عن سندها الذي هو شرط فى قبول الرواية فنقول : قد اختلف رواة الأثر فى ذلك اختلافا كثيرا فقد روي أنهن :

1 ـ سبعون.

2 ـ تسعون.

3 ـ مائتان وخمسون.

4 ـ ثلاثمائة.

وروي غير هذا إلا أنه من الشذوذ بمكان والمهم البحث عن سند هذه الروايات فعليها يدور البحث نفيا واثباتا فنقول :

أما الرواية الأولى : فقد ذكرها ابن أبي الحديد وغيره وقد أخذوها عن علي بن عبد الله البصري الشهير بالمدائني المتوفى سنة 225هج وهو من الضعفاء الذين لا يعول على أحاديثهم فقد امتنع مسلم من الرواية عنه فى صحيحه وضعفه ابن عدي فى الكامل فقال فيه :  ليس بالقوي الحديث وهو صاحب الأخبار قل ماله من الروايات المسندة  ؛ وقال له الأصمعي : والله لتتركن الإسلام وراء ظهرك وكان من خلص أصحاب أبي اسحاق الموصلي وقد رافقه من أجل أمواله وثرائه. فقد روى أحمد بن أبي خيثمة قال : كان أبي ويحيى بن معين ومصعب الزبيري يجلسون على باب مصعب فمر رجل على حمار فاره وبزة حسنة فسلم وخص بسلامه يحيى فقال له : يا أبا الحسن الى أين؟ قال : الى دار هذا الكريم الذي يملأ كمي دنانير ودراهم اسحاق الموصلي فلما ولى قال يحيى : ثقة ثقة ثقة فسألت أبي من هذا؟ فقال : هذا المدائني وكان يروي عن عوانة بن الحكم المتوفى سنة 158هج وهو عثماني وكان يضع الأخبار لبني أمية ولذا كان المدائني يشيد بالأمويين ويبالغ فى تمجيدهم وبالإضافة لذلك فقد كان مولى لسمرة بن حبيب الأموي والموالي على الأكثر تنطبع في نفوسهم ميول مواليهم وسائر نزعاتهم وقد تأثر المدائني بنفسية سمرة فكان أموي النزعة ومن المنحرفين عن أهل البيت وبعد هذا فلا يبقى لنا أي وثوق برواياته واحاديثه.

وأما الرواية الثانية : فقد اقتصر على روايتها الشبلنجي وقد رواها مرسلة فلا يصح التعويل عليها نظرا لارسالها , وأما الرواية الثالثة و الرابعة : فقد رواهما المجلسي وابن شهر اشوب وقد نص كل منهما انه قد أخذهما عن قوت القلوب لأبي طالب المكي المتوفى سنة 380هج وقد راجعنا هذا الكتاب فوجدناه قد ذكر ذلك وهذا نص ما جاء فيه : وتزوج الحسن بن علي (عليه السلام) مائتين وخمسين وقيل ثلاثمائة وكان علي يضجر من ذلك ويكره حياء من أهلهن إذ طلقهن وكان يقول : ان حسنا مطلق فلا تنكحوه فقال له رجل من همدان : والله يا أمير المؤمنين لننكحنه ما شاء فمن أحب أمسك ومن كره فارق فسرّ علي بذلك وأنشأ يقول :

ولو كنت بوابا على باب جنة         لقلت لهمدان ادخلوا بسلام

وهذا أحد ما كان الحسن يشبه فيه رسول الله (صلى الله عليه واله) وكان يشبهه فى الخلق والخلق فقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : اشبهت خلقي وخلقي وقال : حسن مني وحسين من علي وكان الحسن ربما عقد له على أربعة وربما طلق أربعة  , وأبو طالب المكي لا يعول على مؤلفه فقد ورد في ترجمته انه لما ألف قوت القلوب كان طعامه عروق البردي حتى اخضر جلده من كثرة تناولها وكان مصابا بالهستيريا قدم بغداد واعظا فاحتف به البغداديون فرأوا في حديثه هذيانا وخروجا عن موازين الاستقامة فتركوه ونبذوه ومن هجره وشذوذ قوله :  ليس على المخلوقين أضر من الخالق  وكان يبيح سماع الغناء فدعا عليه عبد الصمد بن علي ودخل عليه معاتبا فقال له أبو طالب :

فيا ليل كم فيك من متعة         ويا صبح ليتك لم تقرب

فخرج منه عبد الصمد وهو ساخط عليه ومن شذوذه انه لما حضرته الوفاة دخل عليه بعض أصدقائه فقال له أبو طالب :  إن ختم لي بخير فانثر على جنازتي لوزا وسكرا  فقال له صديقه : وما علامة الغفران لك؟ قال : إن قبضت على يدك , فلما حان موته قبض على يد صاحبه قبضا شديدا فامتثل زميله ذلك فنثر على جنازته لوزا وسكرا ونص المترجمون له أيضا أنه ذكر في كتابه أحاديث لا أصل لها , ومع هذا فكيف يعول على رواياته ويؤخذ بها ومن أخذ عنه فهو غير عالم بحاله وعلى كل فالرقم القياسي لكثرة أزواج الإمام مستندة إليه ومأخوذة عنه ونظرا لما هو فيه من الشذوذ والانحراف فلا يمكن التعويل على ما ذكره , ومهما يكن من شيء فليس عندنا دليل مثبت لكثرة أزواج الإمام سوى هذه الروايات وهي لا تصلح للاعتماد عليها نظرا للشبه والطعون التي حامت حولها ويؤيد افتعال تلكم الكثرة امور :

1 ـ انها لو صحت لكان للإمام من الأولاد جمع غفير يتناسب معها والحال أن النسابين والرواة لم يذكروا للإمام ذرية كثيرة فان الرقم القياسي الذي ذكر لها اثنان وعشرون ولدا ما بين ذكر وانثى وهذا لا يلتئم كليا مع تلك الكثرة ولا يلتقي معها بصلة.

2 ـ ومما يزيد وضوحا في افتعال تلكم الروايات هي المناظرات التي جرت بين الإمام الحسن (عليه السلام) وبين خصومه فى دمشق وغيره وقد أجهدوا نفوسهم وانفقوا كثيرا من الوقت للتفتيش عما يشين الامام ليتخذوه وسيلة الى التطاول عليه والنيل منه فلم يجدوا لذلك سبيلا ؛  ولو كان الامام (عليه السلام) كثير الزواج والطلاق كما يقولون لقالوا له : أنت لا تصلح للخلافة لأنك مشغول بالنساء ولطبلوا بذلك واتخذوه وسيلة للتشهير به وجابهوه به عند اجتماعهم به فسكوتهم عنه وعدم ذكرهم له مما يدل على عدم واقعيته وصحته.

3 ـ ومما يؤيد عدم صحة تلك الروايات أن أبا جعفر محمد بن حبيب المتوفى سنة 245هج قد ذكر فى كتابه المحبر ثلاثة أصهار للإمام وهم : الامام علي بن الحسين (عليه السلام) وعنده أم عبد الله وعبد الله بن الزبير وعنده أم الحسن وعمرو بن المنذر وعنده أم سلمة ولم يزد على ذلك ولو كان الامام (عليه السلام) كثير الأزواج لكان له من الأصهار ما يتناسب مع تلك الكثرة ومضافا لذلك فان أبا جعفر من المعنيين بأمثال هذه البحوث فقد ذكر في المحبر كثيرا من نوادر الأزواج ولو كان للإمام تلك الكثرة من الأزواج لألمع لها في محبره.

4 ـ ومما يدل على وضع ذلك وعدم صحته ما روي أن الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يصعد المنبر فيقول :  لا تزوجوا الحسن فانه مطلاق  كما روى ذلك أبو طالب وغيره إن نهي أمير المؤمنين الناس عن تزويج ولده على المنبر لا يخلو إما أن يكون قد نهى (عليه السلام) ولده عن ذلك فلم يستجب له حتى اضطر (عليه السلام) الى الجهر به والى نهي الناس عن تزويجه وإما أن يكون ذلك النهي ابتداء من دون أن يعرف ولده الامام الحسن (عليه السلام) مبغوضية ذلك وكراهته لأبيه وكلا الأمرين بعيدان كل البعد أما الأول فهو بعيد لأن الامام الحسن من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وممن باهل بهم النبي (صلى الله عليه واله) ومن المستحيل أن يخالف أباه ويعصي أمره ؛ وأما الثاني فبعيد أيضا لأن الاولى بالامام أمير المؤمنين أن يعرف ولده بمبعوضية ذلك وكراهته له ولا يعلن ذلك على المنبر أمام الجماهير الحاشدة الأمر الذي لا يخلو من حزازة على ولده ووصيه وشريكه فى آية التطهير ومضافا الى ذلك أن الأمر إما أن يكون سائغا شرعا أو ليس بسائغ فان كان سائغا فما معنى نهى الامام (عليه السلام) عنه وإن لم يكن سائغا فكيف يرتكبه الحسن؟ إنا لا نشك في افتعال هذا الحديث ووضعه من خصوم الامام ليشوهوا بذلك سيرته العاطرة التي تحكي سيرة جده رسول الله (صلى الله عليه واله) وسيرة أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام).

5 ـ ومما يؤيد افتعال تلك الكثرة لأزواجه ما روي أن الامام الحسن (عليه السلام) لما وافاه الأجل المحتوم خرجت جمهرة من النسوة حافيات حاسرات خلف جنازته وهن يقلن نحن أزواج الامام الحسن ؛ ان افتعال ذلك صريح واضح فانا لا نتصور ما يبرر خروج تلك الكوكبة من النسوة حافيات حاسرات وهن يهتفن أمام الجماهير بأنهن زوجات الامام فان كان الموجب لخروجهن إظهار الأسى والحزن فما الموجب لهذا التعريف والسير فى الموكب المزدحم بالرجال مع أنهن قد أمرن بالتستر وعدم الخروج من بيوتهن إن هذا الحديث وأمثاله قد وضعه خصوم العلويين من الأمويين والعباسيين والغرض منه الحط من قيمة الامام وتقليل أهميته ؛ ومن الأخبار الموضوعة التي تشابه تلك الأخبار ما رواه محمد بن سيرين ان الامام الحسن (عليه السلام) تزوج بامرأة فبعث لها صداقا مائة جارية مع كل جارية الف درهم إنا نستبعد أن يعطي الامام هذه الأموال الضخمة مهرا لاحدى زوجاته فان ذلك لون من ألوان الاسراف والتبذير وهو منهى عنه في الاسلام فقد أمر بالاقتصار على مهر السنة وكره تجاوزه فقد أثر عن النبي (صلى الله عليه واله) أنه قال :  أفضل نساء أمتي أقلهن مهرا  وتزوج (صلى الله عليه واله) نساءه بمهر السنة وكذلك تزوج أمير المؤمنين به ولم يتجاوزه وسبب ذلك تسهيل أمر الزواج لئلا يكون فيه ارهاق وعسر على الناس ومن المقطوع به ان الامام الحسن (عليه السلام) لا يجافى سنة جده ولا يسلك أي مسلك يتنافى مع شريعته ؛ إن هذا الحديث وأمثاله من الموضوعات فى المقام تؤيد وضع كثرة الأزواج وتزيد فى الافتعال وضوحا وجلاء , وعلى أي حال فليس هناك دليل يثبت كثرة أزواج الإمام سوى تلكم الروايات ونظرا لما ورد عليها من الطعون فلا تصلح دليلا للإثبات.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.