المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الأخلاق والأدعية والزيارات
عدد المواضيع في هذا القسم 6343 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

فروع علم الأجرام
17-6-2022
الملك سخم واز خع-سبك امساف.
2024-03-13
الكاكاو Theobroma cacao
7-11-2017
لا شرعية لزيارة القبور في لاخبار
20-11-2016
نماذج لعلاقة الجغرافيا ببعض العلوم- علاقة الجغرافية السياسية بالجغرافيا
22/12/2022
تـصنيـف الـوظائـف Job Classification
27-9-2021


العفة في القرآن  
  
110   11:18 صباحاً   التاريخ: 2024-12-26
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : الأخلاق في القرآن
الجزء والصفحة : ج2/ ص200-206
القسم : الأخلاق والأدعية والزيارات / الفضائل / العفة والورع و التقوى /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-22 1122
التاريخ: 18-9-2021 2174
التاريخ: 2023-03-27 1846
التاريخ: 24-2-2022 2451

إنّ آيات القرآن الكريم تعد العفة من أعظم الفضائل الأخلاقية والإنسانية ، ولا يمكن لأي شخص أن يسير نحو الكمال الإلهي ويسلك مسلك الانفتاح على الله من دون التحلي بهذه الخصلة الشريفة ، ونجد في حياتنا الدنيوية أنّ كرامة الإنسان وشخصيته وسمعته رهينة بالتحلي بهذه الفضيلة الأخلاقية.

بعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن الكريم لنستوحي من آياته الكريمة هذا المفهوم السامي :

1 ـ (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ)([1]).

2 ـ (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)([2]).

3 ـ (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ)([3]).

4 ـ (قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ* قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ* فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)([4]).

5 ـ (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ)([5]).

6 ـ (... وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ ...)([6]).

التفسير :

الفقير المتعطش

في «الآية الاولى» يتحدّث القرآن الكريم عن أفضل موارد الانفاق ويقول مخاطباً المؤمنين بأن انفاقكم يجب أن يختص بالفقراء الّذين هاجروا من بيوتهم واوطانهم ولم يستطيعوا تأمين نفقاتهم واحتياجاتهم عن طريق الجهاد في سبيل الله أو السفر للكسب والتجارة (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ)([7]).

ثمّ يشير إلى خصوصية مهمة اخرى من خصوصيات هؤلاء الفقراء ، وهي أنّهم لشدة تعففهم وضبطهم لأنفسهم يحسبهم الناس أغنياء («يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ ...)([8]).

أجل فإنّ هؤلاء يعيشون الضبط الأخلاقي لنوازع النفس ولا يرسلون السنتهم بالشكوى رغم احتياجهم الشديد ، ويسلكون مسلك الأغنياء بين الناس ولكن المطلع على أحوالهم يعرف حاجتهم ومسكنتهم من سيماهم.

ويبين القرآن الكريم سمة اخرى من سماتهم ويقول (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً ...)([9]).

فهؤلاء لا يطلبون قضاء حاجتهم من الآخرين مهما أمكنهم ذلك ، ولو اشتد بهم الحال واضطروا إلى المسألة ، فإنّهم يفضلون اقتراض ما يحتاجونه من المال على السؤال من دون أن يكون لديهم اصرار على الآخرين.

وفي ختام الآية يقول تعالى (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ)([10]).

أجل ، فإنّ الأنفاق عملٍ إنساني وفضيلة أخلاقية وخاصة على من يتمتع بعزّة النفس وعلو الطبع وعفة الروح.

وبديهي أنّ المراد من «العفة» في هذه الآية هي العفة في المسائل المالية لا الامور الجنسية ، وقد ذكر بعض المفسّرين في شأن نزولها انها نزلت في «أصحاب الصفة» هؤلاء كانوا جماعة يبلغ عددهم أربعمائة نفر تقريباً من المسلمين المهاجرين من مكّة وضواحي المدينة الّذين لم يكن لديهم دارٌ في المدينة ولا معارف وأقرباء فيها ولا عملٍ يتكسبون فيه ، ولكنهم في نفس الوقت يعيشون في غاية التعفف في مكانٍ خاص إلى جوار مسجد النبي (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) ، وكان هؤلاء يتحركون نحو الجهاد في سبيل الله متى ما أمرهم رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) وكانوا يتمتعون بعزّة النفس والتعفف الشديد بالرغم من حاجتهم الشديدة وما يشعرون به من جوع.

وعلى أي حال فالقرآن الكريم ذكر هؤلاء في الآية محل البحث بتعبيرات مختلفة من المدح والثناء وجعلهم اسوة لجميع المسلمين.

في «الآية الثانية والثالثة» يتحدّث القرآن الكريم عن عفّة يوسف وطهارة ذيله في أحلك الظروف الّتي توفرت فيها جميع أسباب التورط في الإثم والمعصية ولكنَّ يوسف حفظ نفسه أمام تحديات الواقع وضغوط الحالة واستعاذ بالله تعالى ، فنجح في هذا الامتحان الإلهي الكبير وخرج منه مرفوع الرأس ، وكما يذكر القرآن الكريم واصفاً هذه الحالة والحادثة الّتي حدثت ليوسف وامرأة العزيز فيقول : (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)([11]).

فلم تجذب ملامح يوسف ووجهه الجميل عزيز مصر فحسب ، بل احبته زوجة العزيز أيضاً وعشقته بشدّة إلى درجة أن هذا العشق أثَّر اثَرُهُ في نفس هذه الامرأة وامتد إلى أعماق قلبها ، وشيئاً فشيئاً تعمق في وجودها إلى درجة انها لم تعد تُطيق كبته ، ولكن النبي يوسف الّذي كان يعيش العفة والطهارة والتقوى كان قد عشق الله تعالى ولا غير.

هذا وقد استخدمت امرأة العزيز الشابة الجميلة شتّى الطرق بمختلف الوسائل للوصول إلى هدفها ، هذه الوسائل الّتي كان يكفي بعضها في تحريك أي شابٍ أعزب في عمر النبي يوسف ، ولكنَّ يوسف عاش حالة الصمود أمام تحديات الشهوة الشديدة وفوّض نفسه وسفينة حياته إلى ذكر الله تعالى ورحمته ، وإلّا لكان الغرق في الخطيئة من نصيبه كما تصرّح الآية الّتي تليها (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ)([12]).

إن عبارة «من عبادنا» وكذلك «مخلصين» من العبارات العميقة المعنى والّتي وردت في هذه الآية بعنوان اوسمة افتخار ليوسف على موقفه الشجاع هذا.

ورغم أنّ يوسف كان قد اتهم من قبل زوجة عزيز مصر بالخيانة مع عفته وطهارته بحيث يمكنها أن تودي بحياته ، إلّا أنّ الله تعالى قد وعد المؤمنين الطاهرين بالنجاة وانقذ يوسف بواسطة شهادة طفل رضيع في المهد ببراءته وطهارته من التهمة بصورة إعجازية.

وهناك مسطورات لبعض الأفراد الجهلة والمغرضين الّذين ذكروا في تفسير هذه الآيات أنّ المقصود بقوله «همَّ بها» هو أنّ يوسف بدوره همَّ بالمعصية ومقاربة زليخا ، وكما هو المعلوم أنّ هذا المعنى لا يليق بمقام عصمة الأنبياء ولا ينسجم مع سياق الآيات المذكورة أعلاه بل إن القرآن الكريم يصرّح بأنه لو لا برهان الله الّذي أعان يوسف في وقت الشدّة لكان قد همَّ بها ، ولكن بما إن برهان الرب حلَّ في الوقت المناسب فإنه لم يقصد الخطيئة.

وللفخر الرازي تعبير جميل في تفسير هذه الآية حيث يقول : «وأما أنّ إبليس أقرّ بطهارته ، فلأنه قال : فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلّا عبادك منهم المخلصين ، فأقر بأنه لا يمكنه اغواء المخلصين ، ويوسف من المخلصين لقوله تعالى : «انه من عبادنا المخلصين» فكان هذا إقراراً من إبليس بأنه ما أغواه وما أضله عن طريق الهدى ، وعند هذا نقول : هؤلاء الجهال الّذين نسبوا إلى يوسف (عليه‌ السلام) الفضيحة إن كانوا من اتباع دين الله تعالى فليقبلوا شهادة الله تعالى على طهارته وإن كانوا من اتباع إبليس فليقبلوا شهادة إبليس على طهارته» ([13]).

«الآية الرابعة» تتحدّث عن سيرة النبي يوسف المليئة بالأحداث بعد ما حصل بينه وبين امرأة العزيز ما حصل ، وتشير إلى محنة اخرى وامتحان آخر للنبي يوسف (قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) فعند ما امتد خبر وقوع هذه الحادثة ليشمل جميع بيوت المدينة وعلم الناس بقضية العشق الملتهب الّذي ألَمَّ بقلب امرأة العزيز اتجاه غلامها ، فإنّ نسوة مصر اطلقن السنتهنَّ باللوم والتوبيخ لامرأة العزيز ، ولكنها لما رأت ذلك أرادت إثبات براءتها فأعدت مائدة كبيرة واستضافت النسوة المعروفات ونساء الشخصيات الكبيرة في مصر ، ثمّ طلبت من يوسف أن يخرج عليهن ويدخل عليهنَّ ذلك المجلس الحافل.

وعند ما وقعت أعينهنَّ على الجمال العجيب ليوسف ارتبكن بشدّة وفقدن اختيارهُنّ وجرحنَّ أيديهنَّ بالسكين الّتي كانت بأيديهنّ لتقطيع الفاكهة وقلن جميعاً (حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ)([14]).

فعند ما رأت امرأة العزيز منهن ذلك ورأت انها قد انتصرت في هذا الموقف ، توجهت إليهنّ بالخطاب وقالت (قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ)([15]).

وكان هو ثاني امتحان صعب يمر بيوسف حيث وقع بين أمرين وطريقين ، فاما أن يستسلم لنوازع امرأة العزيز ويُرضي هيامها وعشقها منه ، وبالتالي يعيش حالة الترف والدلال والنعمة الدنيوية ، واما أن يقاوم هذه الرغبة الممنوعة ويكون مصيره السجن وتحمل أنواع الضغوط والصعوبات.

ولكن يوسف ومن دون أي ترديد انتخب الطريق الثاني وسأل الله تعالى أن يوفقه لذلك وقال (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ)([16]).

ويتضح من سياق هذه الآية أنّ نسوة مصر اللواتي حضرن في مجلس امرأة العزيز قد دعون يوسف إلى التسليم لامرأة العزيز والرضوخ لطلبها ، فكلّ واحدة تحدثت معه بأنواع الوسوسة فأحداهنَّ تقول : ايها الشاب ألم تر الجمال الآسر لامرأة العزيز ، ألست تلتذ بالجمال وممارسة العشق معها؟ والاخرى تقول : إذا لم يؤثر في قلبك جمال هذه المرأة فلا ينبغي أن تنسى انها زوجة عزيز مصر ، فلو استطعت أن تكسب قلبها فسوف يكون بإمكانك التمتع بالثروة والمقام وتمام ما تريد في الحياة.

الثالثة تحذره من أنك لو لم يؤثر فيك جمال هذه المرأة ، ولم تكن تهم بمقامها ومكانتها الاجتماعية ولكنك يجب أن تعلم بأن هذه المرأة سوف تغضب عليك وتتحول إلى موجود خطر يهدد حياتك ، وسوف تنتقم بنفسها وترسلك إلى قعر السجون المظلمة حيث تنسى إلى الابد.

وبما أنّ الطريق الأخير الّذي يقف أمام يوسف وهو الوقوع في السجن الموحش فإنّ يوسف طلب من الله تعالى ذلك فوراً ، وخاطب ربّه بأن السجن احبُ إليَّ من الوقوع بالمعصية والإثم ، فانا مستعد لدخول السجن اطاعة لأمره وحفظاً لحدوده ومن أجل المحافظة على شرفي وعفتي في مقابل طلب هؤلاء النسوة ، وكان تهديد هؤلاء النسوة ليوسف بصورة جدية ، وقد تمّ ذلك عملياً وأُلقي يوسف في السجن ، وبذلك انقذ نفسه وشرفه من تلوثات القصر ومفاسد المحيط حيث تذكر الآيات الّتي تلي هذه الآية أنّ ذلك السجن الموحش كان في الحقيقة سُلَّماً لنيل يوسف مراتب سامية من الكمال الإلهي والمعنوي ، وأخيراً تمكن يوسف بمشيئة الله أن يجلس على عرش مصر واستطاع بمحافظته على تقواه وعفته وشرفه أن ينال كلّ شيء ، في حين أنّ جميع الملوثين افتضحوا ولم ينالوا مرادهم ، فكان هذا هو جزاء الله تعالى وثوابه الدنيوي للشرفاء والمخلصين من عباده ، ويقول القرآن الكريم في سياق هذه الآيات (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»)([17]).

العفة السمة الأخلاقية للمؤمن :

«الآية الخامسة» من الآيات محل البحث تتحدّث عن الصفات البارزة للمؤمنين حيث يذكرها القرآن الكريم بعبارات قصيرة ومليئة بالمعنى ضمن بيان قسم مهم من صفات المؤمنين ، ويذكر صفة العفة والطهارة بأنّها إحدى الصفات والخصال الممتازة لهؤلاء المؤمنين ويقول (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ)([18]).

والملفت للنظر أنّ القرآن الكريم يذكر من ضمن الصفات الممتازة للمؤمنين صفة العفة بعد الصلاة والزكاة والامتناع من اللغو وحتّى انه يذكرها قبل صفة الأمانة والوفاء بالعهد أيضاً.

العفة مفتاح النجاة :

وفي (آخر آية) من الآيات محل البحث يستعرض القرآن الكريم عشرة طوائف من الرجال والنساء الّذين نالوا المغفرة من الله تعالى والأجر العظيم ، فتذكر الآية في سياقها أنّ الطائفة التاسعة من هؤلاء الرجال والنساء هم الّذين يعيشون العفة والطهارة من التلوث بالذنوب والّذين حفظوا اذيالهم وشرفهم من وحل الخطيئة.

وتشير الآية الكريمة إلى الطائفة العاشرة من هؤلاء في سياق بيان أوصافهم أنّهم كثيراً ما يذكرون الله تعالى ولا يصعب أن تكون هذه الصفة مرتبطة مع الصفة السابقة ، وهي العفة لوجود الارتباط الوثيق بين العفة وذكر الله تعالى ، فتكون من نتائج التحلّي بهذه الصفات هي المغفرة الإلهية والأجر العظيم الّذي لا يعلم عظمته إلّا الله تعالى.

وقد وردت في النصوص الدينية إشارة اخرى إلى أحد الطرق لحفظ النفس أمام تحديات الشهوة وطغيان الغريزة الجنسية ، وهو «الصوم» ، فعليه يكون بين العفة والصوم ارتباط وثيق ومباشر حيث يقول الرسول الأكرم (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم ([19]).


[1] سورة البقرة ، الآية 272.

[2] سورة يوسف ، الآية 23.

[3] سورة يوسف ، الآية 24.

[4] سورة يوسف ، الآية 32 ـ 34.

[5] سورة المؤمنون ، الآية 5 ـ 7.

[6] سورة الأحزاب ، الآية 35.

[7] سورة البقرة ، الآية 273.

[8] المصدر السابق.

[9] سورة البقرة ، الآية 273.

[10] سورة البقرة ، الآية 272.

[11] سورة يوسف ، الآية 23.

[12] سورة يوسف ، الآية 24.

[13] التفسير الكبير للفخر الرازي ، ج 18 ، ص 82 و 83 ذيل الآية محل البحث.

[14] سورة يوسف ، الآية 31.

[15] سورة يوسف ، الآية 32.

[16] سورة يوسف ، الآية 33.

[17] سورة يوسف ، الآية 34.

[18] سورة المؤمنون ، الآية 5 ـ 7.

[19] تفسير المراغي ، ج 22 ، ص 10.




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.