أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-2-2020
1484
التاريخ: 30-8-2019
1194
التاريخ: 31-10-2018
1833
التاريخ: 1-12-2016
2681
|
ولما انتهى علي من وقعة الجمل، واستتب أمره في العراق وَلَّى على البصرة عبد الله بن عباس — هو ابن عمه — وذلك في سنة 36ﻫ، وسار هو إلى الكوفة. فلما كانت سنة 37ﻫ سار الإمام علي لقتال معاوية في صفين، وسار عبد الله إلى الكوفة، واستخلف على البصرة زياد ابن أبيه، فوجه معاوية بن أبي سفيان — بعد استيلاء عمرو بن العاص على مصر — في سنة 38ﻫ عامر بن الحضرمي — ويُرْوَى أنه عبد الله بن الحضرمي — في جمع إلى البصرة، ولما سيره قال: «يا عامر، إن جل أهل البصرة يرون رأينا في عثمان، وقد قُتِلُوا في الطلب بدمه، فهم لذلك حنقون يودون أن يأتيهم من يجمعهم، وينهض بهم في الطلب بثأرهم ودم إمامهم. فانزل في مضر، وتودد الأزد فإنهم كلهم معك، وَدَعْ ربيعة فلن ينحرف عنك أحد سواهم؛ لأنهم كلهم ترابية فاحذرهم»، فسار ابن الحضرمي حتى وصل البصرة، فنزل في بني تميم، فأتاه العثمانية مسلمين عليه، وحضره غيرهم فخطبهم وحثهم على الأخذ بثأر عثمان.
وبلغ ذلك زيادًا وهو يومئذ نائبًا عن عبد الله بن عباس أمير البصرة، فكتب إلى الإمام علي بالخبر، فأرسل إليه أعين بن ضبيعة التميمي؛ ليفرق قومه عن ابن الحضرمي، فإن امتنعوا قاتل بمن أطاعه من عصاه، وكتب إلى زياد يعلمه ذلك. فلما قدم أعين نزل عند زياد، وجمع رجالًا، ثم سار إلى قومه فتبعه عدد قليل، فنهض بمن معه لقتال ابن الحضرمي ومن معه، فواقفهم يومًا ثم انصرف، فقتله قومه غدرًا.
فلما قُتِلَ أعين أراد زياد قتال بني تميم، فأرسلت تميم إلى الأزد: «إنا لم نعرض لجاركم فما تريدون منا؟» فكرهت الأزد قتالهم وقالوا: «إن عرضوا لجارنا منعناه»، وكان زياد قد لجأ إلى الأزد فأجاروه وحموه، فكتب زياد إلى الإمام علي يخبره بقتل أعين وما جرى، فأرسل علي جارية بن قدامة السعدي التميمي، وبعث معه خمسين رجلًا من تميم — ويُرْوَى خمسمائة — وكتب إلى زياد يأمره بمعونة جارية والإشارة عليه، فلما قدم جارية البصرة حذره زياد ما أصاب أعين، فأقام جارية في الأزد، وقرأ كتاب علي إلى أهل البصرة يوبخهم ويتهددهم ويتوعدهم بالمسير إليهم والإيقاع بهم. ثم سار جارية إلى قومه بني تميم، وقرأ عليهم كتاب علي، ووعدهم، فأجابه الأزد وكثير من تميم، فسار بمن تبعه لقتال ابن الحضرمي، فالتقيا بالقرب من قصر سنبل السعدي، وكان على خيل ابن الحضرمي عبد الله بن حازم السلمي فاقتتلوا ساعة فانهزم ابن الحضرمي، وتحصن بقصر سنبل (1)، فأحرق جارية القصر بمن فيه، فهلك ابن الحضرمي وسبعون رجلًا معه، وعاد زياد إلى القصر، ورجع إلى عمله بعد أن تغلب عليه ابن الحضرمي، واضطره إلى الالتجاء بالأزد هربًا منه(2) وعلى إثر ذلك عاد إلى البصرة عبد الله بن العباس.
فلما كانت سنة 40ﻫ وشي أبو الأسود الدؤلي على عبد الله بن عباس، فأرسل الإمام علي إلى عبد الله يعاتبه ويحاسبه في الخراج، وكتب إلى أبي الأسود يأمره بمراقبة أمور البصرة، فاغتاظ ابن عباس، وكتب إلى الإمام علي: «ابعث إلى عملك من أحببت؛ فإني ظاعن عنه، والسلام»، واستدعى أخواله من بني هلال بن عامر، فاجتمعت معه قيس كلها، فسار من البصرة إلى مكة، فضيع الإمام علي زعيمًا كبيرًا يتبعه عدد كبير، كما ضيع أمثاله بتدقيقه الشديد في محاسبتهم، والمبالغة في المحافظة على الدين في الوقت الذي طمع فيه العمال في الأحكام، وفسدت نياتهم، واتخذ بعض أعدائه قتل عثمان ذريعة للوصول إلى عرش الخلافة، ومنهم معاوية الذي ابتاع الأحزاب بالمال، واجتذب كبار الرجال بالدهاء.
ولما استقال عبد الله بن عباس من إمارة البصرة وَلَّى الإمام علي عليها حمران بن أبان، فبقي على عمله إلى أن قُتِلَ الإمام في الكوفة في 17 رمضان سنة 40ﻫ/661م، وتولى الخلافة ابنه الحسن، فلما سلم الحسن لمعاوية الأمر، وتنازل له عن الخلافة في ربيع الأول سنة 41ﻫ/661م بعد أن حكم ستة أشهر عصى حمران بالبصرة (3).
......................................
1- قصر سنبل كان مخفرًا للفرس، فلما فتح المسلمون العراق صار ملكًا لهم، ثم صار لسنبل السعدي فعُرِفَ به، وكان حوله خندق، وكان بالقرب من البصرة.
2- ويُرْوَى أن ابن الحضرمي لم يتمكن من دخول البصرة، فبقي حولها يشن الغارات، وقيل: إنه تغلب عليها، وهرب منه زياد ولجأ إلى الأزد فأجاروه حتى ثاب الناس، واجتمعوا، فطرد ابن الحضرمي، وأقام على عمله حتى عاد ابن العباس.
3- ويُرْوَى أنه وثب على البصرة، وتغلب عليها في أثناء تنازل الحسن لمعاوية.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
مكتبة العتبة العباسية.. خدمات رقمية متطورة وجهود لتلبية احتياجات الباحثين
|
|
|