إحدى نواتج الاحتراق التي درست على نطاق واسع التي تمثل مصدراً هاماً للقلق بسبب خواصها المسرطنة هي فئة من المركبات التي تسمى الهدروكربون متعدد الحلقات العطرية polyaromatic hydrocarbon PAHs. تتكون هذه المركبات ذات الـ 2-8 حلقات عطرية حين حرق الخشب والفحم الحجري وأنواع الوقود الأخرى القائمة على الكربون بوجود مقادير محدودة من الأكسجين. وعلى غرار الكربون العنصري، تعتبر هذه المواد نواتج لاحتراق غير تام عند درجات حرارة منخفضة نسبياً. وأحد المصادر النقطية الأخرى لإصدار تلك المواد هو ما يحصل في أثناء إنتاج الألمنيوم. تتضمن المواد الهدروكربونية متعددة الحلقات العطرية الشائعة مركبات زاوية angular وطوقية pericondensed وخطية linear كتلك المبينة فيما يلي:

لقد جرى تحديد أكثر من 150 مركّبا هدروكربونيا ثنائياً حتى ثماني الحلقات العطرية، بعضها مع ألكيل أو ما شابهه، على أنها نواتج موجودة في الدخان. ومع أن هذه المركبات توصف بأنها عطرية، فإن تطبيق قاعدة هَكّلْ Huckel يُشير إلى أن أجناساً من قبيل البيرين pyrene لا تخضع للقاعدة " 4+27 إلكترون رابط" التي تُعبر عن العطرية. إلا أن القاعدة تتحقق إذا أخذنا في الحسبان محيطيات المركب فقط. ومع ذلك، سوف نعامل جميع المواد الهدروكربونية المتعددة الحلقات العطرية على أنها عطرية، وسوف نرسم بناها وفقاً لذلك. وتختلف الكتل المولية لتلك المواد من 128 حتى ما يزيد على 300 بكثير. والأجناس ذات الكتلة المولية الصغيرة منها متطايرة إلى حد ما، في حين أن تلك ذات الكتلة المولية الكبيرة توجد على شكل أجسام صلبة متوضعة عادة على سطوح السخام أو جسيمات نواتج الاحتراق الأخرى. ورصد الكريسين Chrysene (كتلة مولية = (228) أيضا موزعاً تقريباً بالتساوي بين الطورين البخاري والصلب.

وأشارت القياسات التي أُجريت في مدينة هاميلتون الصناعية بأونتاريو إلى وجود مواد هدروكربونية متعددة الحلقات العطرية بتركيز يساوي 10ngm3 في الصيف 30ng m في الشتاء ⁽¹⁾. ووُجد أن تلك المواد تقترن بجسيمات سخام أقطار 80% منها أقل من 3.3 مكرون. صحيح أننا نتوقع العثور على مركبات هدروكربونية متعددة الحلقات العطرية في مراكز المدن الصناعية، إلا أننا لا نتوقع وجودها في مناطق بعيدة عن مصادر الاحتراق الرئيسية. لكن تراكيز تساوي 3 1ngm أو أكثر قد اكتشفت في منطقة القطب الشمالي الأمريكية. وهذا دليل على عدم قابليتها للتفاعل، ومن ثُمَّ على بقائها محمولة ضمن تيارات الرياح من مصادر بعيدة في أوراسيا (فيما بين أوروبا وآسيا) وأمريكا الشمالية والمدة التي تستغرقها تلك الرحلة تزيد على سنة كاملة. وقد وصف ذلك السلوك بأنه مفعول الجندب grasshopper effect . ففي أثناء فصل الصيف، تساعد الريح الجنوبية ودرجات الحرارة العالية نقل الطور الغازي باتجاه الشمال، أما في الشتاء فتحصل مساعدة الأطوار الصلبة، وهذا يؤدي إلى تناقص النقل بتيارات الهواء المتجهة شمالاً، وتبقى المركبات ساكنة تقريباً. وتحصل قفزة أخرى نحو القطب في الفصل الدافئ القادم.

 ⁽¹⁾ V. A. Sidorov, Organic Chemistry of the Earth's Atmosphere (Berlin: Springer- Verlag, 1990).