المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
آثار امللك سعنخ كارع.
2024-07-03
الموظف معي.
2024-07-03
الموظف أمنمأبت.
2024-07-03
الموظف ري (روي)
2024-07-03
الكاهن نفر حتب.
2024-07-03
وفاة حور محب.
2024-07-03

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


مفتتح الدعوة.  
  
723   10:56 صباحاً   التاريخ: 2023-10-15
المؤلف : الشيخ محمّد جواد آل الفقيه.
الكتاب أو المصدر : عمّار بن ياسر.
الجزء والصفحة : ص 31 ـ 45.
القسم : الرجال و الحديث والتراجم / علم الحديث / مقالات متفرقة في علم الحديث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-14 720
التاريخ: 2023-09-10 853
التاريخ: 2023-10-08 699
التاريخ: 2023-12-19 553

بسم الله الرحمن الرحيم

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ *

اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *

عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ

[العلق: 1 - 5]

 

بهذا المفتتح الرائع كانت بداية الرسالة الإِسلامية لأهل هذا العالم كافة، ففي غار حراء كان النبي محمد ( ص ) يخلو بنفسه هناك غارقاً في سبحات التأمل والتفكر، متخشعاً لربه، بعيداً عن حماقات الوثنية التي كانت تملأ مكة وتكتنف شبه الجزيرة العربية، كان ( ص ) هو والحق على موعد، ففي تلك اللحظات التأريخية فجأه الوحي بأول كلمات الرسالة، كلمات على اختصارها تشتمل على معانٍ غاية في الدقة، فيها حثٌّ للإِنسان على فهم العوالم التي حوله، ومن ثمَّ على فهم ذاته بواسطة العلم الذي هو موهبة من الله سبحانه الذي علم الإِنسان ما لم يعلم .

إنّ هذا المفتتح الكريم هو أول وثيقةٍ دينية تسجل انتصار العلم في هذا العالم ممّا يؤكّد أنّ الإِسلام والعلم يرشحان من منهلٍ واحد، وكلّ منهما يدعم صاحبه.

كان ذلك يوم الإِثنين ـ على الأشهر ـ (1) وله (صلى الله عليه وآله) من العمر أربعون سنة وكان قد ستر أمره ودعوته ثلاث سنين، ولم يطلع أحداً من الناس على ذلك نعم أسرَّ بدعوته إلى اثنين هما ألصق الناس به، خديجة أول امرأة تؤمن به وعلى ـ رغم صغر سنه ـ أول ذكرٍ يؤمن به.

أمّا خديجة، فتلك المرأة الصالحة التي رغب بالقرب منها أشراف العرب، فلفظتهم ورغبت عنهم وعن دنياهم واختارت محمداً.

وأمّا علي، فذلك الصبي الذي كان لا يكاد يفارق محمداً في حلٍّ ولا ترحال، حتى قال هو عن نفسه واصفاً علاقته بالنبي: "كنت أتبعه إتباع الفصيل لأمه ...".

قال محمد بن إسحاق: لم يسبق علياً إلى الإِيمان بالله ورسوله ورسالة محمد (صلى الله عليه وآله) أحد من الناس، اللهم إلا أن تكون خديجة زوجة الرسول، وقد كان يخرج ومعه عليٌّ مستخفياً من الناس فيصليان الصلوات في بعض شعاب مكة، فإذا أمسيا رجعا، فمكثا بذلك ما شاء الله أن يمكثا، لا ثالث لهما (2).

وقد اطلع النبي (صلى الله عليه وآله) بعض الخواص من أصحابه الذين يركن لأمانتهم وإخلاصهم فكانوا إذا أرادوا الصلاة خرجوا إلى شعاب مكة خوفاً من قومهم، وكانت دار الأرقم بمكة ملتقىً لهم حيث اتخذها النبي (صلى الله عليه وآله) مقراً له لنشر دعوته بادئ الأمر، ومنتدىً لمن أحب أن يسمع منه ما جاء به من عند الله تعالى، ومن الطبيعي أن الأمر كان محاطاً بشيء من السرية والكتمان بالنسبة للراغبين في اعتناق الدين الجديد.

أمّا عمار بن ياسر، الصديق الحميم لمحمدٍ (صلى الله عليه وآله) فلم تكن لتفوته الفرصة في المبادرة، فخف إلى دار الأرقم ليرى محمداً ومن معه، وليسمع منه، إلا أنّه فوجئ على الباب بصهيب بن سنان الرومي، ويظهر أن كلاً منهما خاف ان يكون الآخر عيناً عليه! يقول عمار: فقلت له: ما تريد؟ قال لي: ما تريد أنت؟ فقلت: أردت أن أدخل على محمدٍ فاسمع كلامه. قال: وأنا أريد ذلك، فدخلنا عليه فعرض علينا الإِسلام، فأسلمنا. ثم مكثنا يومنا على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا ونحن مستخفون (3).

بعد ذلك أمر الله تعالى نبيه بإظهار الأمر، وأن يبدأ بالخاصة من أقاربه وعشيرته إذ خاطبه تعالى بقوله: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (4) فاستدعى علياً للقيام بمهمة جمع العشيرة، وكان هذا أول ما استعان به الرسول (صلى الله عليه وآله) بابن عمه علي، فجمع بني هاشم في دار الحارث بن عبد المطلب، وهم يومئذٍ أربعون رجلاً أو يزيدون، الرجل منهم يأكل المسنّة ويشرب العس (5) فأمر علياً برجل شاة فآدمها، ثم قال: ادنو باسم الله. فدنا القوم عشرةً عشرة، فأكلوا حتى صدروا ثم دعا بقعب لبن، فجرع منه جرعة، ثم قال: اشربوا باسم الله، فشربوا حتى رووا. وكانت هذه الحادثة غريبة من نوعها بل معجزة خارقة للقوانين العادية ممّا حدا بأبي لهب عمّ النبي أن يقول للحاضرين: هذا ما سحركم به الرجل!!

سكت النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يتكلم، ثم التفت إليهم وقال: إنّ الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، وأنتم عشيرتي ورهطي، وانّ الله لم يبعث نبياً إلا جعل له من أهله أخاً ووزيراً ووصياً وخليفةً في أهله، فأيّكم يقوم فيبايعني على أنّه أخي ووارثي ووزيري ووصي ويكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلا أنّه لا نبي بعدي؟!

فسكت القوم. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ليقومنَّ قائمكم، أو ليكوننَّ في غيركم، ثم لتندمنَّ؟! ثم أعاد الكلام ثلاث مرات. فقام علي (عليه السلام)، فبايعه وأجابه، فقال (صلى الله عليه وآله): ادنُ منّي، فدنا منه ففتح فاه ومجّ في فيه من ريقه، وتفل بين كتفيه وثدييه. فقال أبو لهب: فبئس ما حبوت به ابن عمك أن أجابك، فملأت فاه ووجهه بزاقاً!! فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ملأته حكمةً وعلماً (6) ثم يلتفت أبو لهب إلى الحاضرين من بني هاشم ويقول: خذوا على يدي صاحبكم ـ أي امنعوه ـ قبل أن يأخذ على يده غيركم، فإن منعتموه قتلتم، وان تركتموه ذللتم. فقال أبو طالب: يا عورة، والله لننصرنّه، ثم لنعيننَّه ثم التفت إلى النبي وقال: يا بن أخي، إذا أردت أن تدعو إلى ربك فاعلمنا حتى نخرج معك بالسلاح (7) ثم نزلت الآية الكريمة: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (8) فوقف (صلى الله عليه وآله) على الصفا ونادى: وا صباحاه. فاجتمعت إليه قريش، فقالوا: ما لك؟ قال: أرأيتم إن أخبرتكم أنّ العدو مصبحكم أو ممسيكم، أما كنتم تصدقونني ؟؟ قالوا: بلى. قال: فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديد. فقال أبو لهب: تباً لك! ألهذا دعوتنا وجمعتنا؟ فأنزل الله عزَّ وجلّ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبّ} السورة.

وأقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم بالأبطح (9) فقال: إني رسول الله أدعوكم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر ولا تخلق ولا ترزق ولا تحيي ولا تميت. فاستهزأوا به وآذوه.

وذات يوم قام بسوق عكاظ، وعليه جبة حمراء، فقال: يا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا وتنجحوا! وإذا رجل يتبعه، له غديرتان كأنّ وجهه الذهب وهو يقول: يا أيها الناس، إنّ هذا ابن أخي، وهو كذّاب، فاحذروه!! وكان ذلك الرجل عمه أبو لهب.

 

المحنة وموقف أبي طالب (عليه السلام):

وكان أبو طالب ـ عم النبي ـ الداعم الأول لمحمدٍ (صلى الله عليه وآله) والمساند له، والمدافع عنه، مما حدا برهط من قريش أن يجتمعوا ويتفقوا فيما بينهم على أن يواجهوه في أمر ابن أخيه علّه أن يحد من نشاطه، ويخفف من عناده في أمر دعوته، فدخلوا عليه وفيهم أبو جهل فقال: إنّ ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويسفّه أحلامنا.. فلو بعثت إليه فنهيته. فبعث أبو طالب إلى النبي، فجاء (صلى الله عليه وآله) فدخل البيت ـ وكان بين أبي طالب وبين القوم قدر مجلس رجل ـ فخشي أبو جهل إن جلس محمد إلى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه، فوثب فجلس في ذلك المجلس، ولم يجد رسول الله مجلساً قرب عمه، فجلس عند الباب. فقال أبو طالب: أي ابن أخي، ما بال قومك يشكونك، يزعمون أنك تشتم آلهتهم، وتقول.. وتقول.. فابق عليّ وعلى نفسك، ولا تحمّلني من الأمر ما لا أطيق!؟ فظن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قد بدا لعمه فيه بداء، وأنه خاذله ومسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه، فقال (صلى الله عليه وآله): يا عمّاه، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته.!! ثم استعبر رسول الله فبكى ثم قام فلما ولىّ، ناداه أبو طالب فقال: أقبل يا بن أخي، فأقبل عليه، فقال: اذهب يا بن أخي، فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيءٍ أبداً (10) وفي ذلك يقول أبو طالب:

والله لن يصلوا إليك بجمعهم      

حتى أوسّد في التراب دفينا

فانفذْ لأمرك ما عليك مخافة      

وابشر وقرَّ بذاك منه عيونا

وعرضت ديناً قد علمتُ بأنه     

من خير أديان البرية دينا

فعرفت قريش أنّ أبا طالب أبى خذلان ابن أخيه، فلجأوا إلى حيلة ثانية ظنوا أنهم يستدرجون بها أبا طالب، فاختاروا أجمل فتىً في قريش يقال له عمارة على أن يقايضوه بمحمد!! فمشوا إلى أبي طالب وقالوا له: يا أبا طالب؛ هذا عمارة بن الوليد أنهد فتىً في قريش وأشعره وأجمله، فخذه، فلك عقله ونصرته، واتخذه ولداً، فهو لك، وسلم لنا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك، وفرّق جماعة قومك، وسفَهَ أحلامهم، فنقتله، فإنما رجل كرجل!! فقال: والله لبئسما تسومونني، أتعطونني ابنكم أغذوه لكم! وأعطيكم ابني تقتلونه؟! هذا والله ما لا يكون أبداً.

فقال المطعم بن عدي بن نوفل: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، وجهدوا على التخلص مما تكرهه، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئاً. فقال أبو طالب: والله ما أنصفوني ولكنك قد أجمعت خذلاني، ومظاهرة القوم علي، فاصنع ما بدا لك! فحقب الأمر عند ذلك، وحميت المواجهة بين قريش وأصحاب الرسول ومؤيديه، وعمدت قريش إلى استعمال القوة والعنف منزلةً أبشع ألوان التعذيب النفسي والجسدي بأتباع محمد (صلى الله عليه وآله) سيما الضعفاء منهم والدهماء الذين لا حول لهم ولا عشيرة فوثبت كل قبيلةٍ على من فيها من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم، وكان نصيب عمار وأبويه ياسر وسمية من ذلك التعذيب وتلك الفتنة ما يفوق حد الوصف، ومنع الله رسوله منهم بعمه أبي طالب. حين رأى أبو طالب قريشاً وهي تصنع ما تصنع ببني هاشم وبني المطلب، جمعهم ودعاهم إلى تأييد موقفه في الدفاع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنع قريش عنه، فاجتمعوا إليه وقاموا معه وأجابوا إلى ما دعاهم، ما عدا أبو لهب الذي أصرّ على عدائه لمحمد. فكان أبو طالب بعد هذا يمدح قومه على موقفهم ومساندتهم للرسول، ويذكر فضله (صلى الله عليه وآله) فيهم، ومكانه منهم وفي ذلك يقول:

يقولون لو أنّا قتلنا محمداً 

أقرت نواصي هاشمٍ بالتذللِ

كذبتم ورب البيت تدمى نحوره 

بمكة والبيت العتيقِ المقبلِ

تنالونه أو تصطلوا دون نيله      

صوارمَ تفري كل عضوٍ ومفصل

فهلّا ولما تنتج الحرب بكرها    

بخيل ثمام أو بآخر معجل

وتلقوا ربيع الأبطحين محمداً     

على ربوةٍ في رأس عنقاء عيطلِ

وتأوي إليه هاشم إن هاشماً       

عرانينُ كعب آخرِ بعد أولِ

فإن كنتم ترجون قتل محمدٍ        

فروموا بما أجمعتم نَقْل يذبلِ

فإنا سنحميه بكل طِمرةٍ    

وذي ميعةٍ نهد المراكل عسكل

وكل رديني ظماءِ كعوبه 

وعضبٍ كإيماضِ الغمامة معصل

وقوله:

وأبيض يُستسقى الغمام بكفه      

ثمالُ اليتامى عِصمة للأرامل

يُطيفُ به الُهلّاك من آل هاشم   

فهم عنده في نعمةٍ وفواضلِ

ونحن نقرأ أبا طالب في شعره ناصراً للنبي (صلى الله عليه وآله)، ومؤيداً له في دعوته، فهو يدلي برأيه جهاراً أمام الناس أن ما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) هو دين منزل من السماء، على نبي اختارته السماء، فها هو ذلك يقول:

أمينٌ حبيبٌ في العباد مسوّمٌ       

بخاتم رب قاهر في الخواتمِ

يرى الناس برهاناً عليه وهيبةً   

وما جاهلٌ في قومه مثل عالمِ

نبيٌّ أتاه الوحيُ من عند ربه      

ومن قال: لا، يَقرعْ بها سنَّ نادمِ

ويقول أيضاً حين عذبت قريش عثمان بن مظعون:

ألا ترون أذلّ الله جمعكم  

أنا غضبنا لعثمان بن مظعون

ونمنع الضيم من يبغي مضيمنا  

بكل مطّردٍ في الكف مسنون

ومرهفاتٍ كأن الملح خالطها     

يشفي بها الداء من هام المجانين

حتى تقرَّ رجالٌ لا حلوم لها       

بعد الصعوبة بالإِسماح واللين

أو تؤمنوا بكتابٍ منزل عجبِ    

على نبي كموسى أو كذي النون

وأكثر ما نسب من الشعر لأبي طالب يمكن اعتباره من وحي المناسبة، وتخال وأنت تقرأ ما ورد من الشعر المنسوب إليه أنه كان يصب في مصبٍّ واحد، وهو الدفاع عن محمد وعن دعوته ورسالته، والتشهير بمناوئيه وتحديهم وتوعدهم، سيما حين يرى استفزاز قريش لمحمد واستهزائهم به، فمن ذلك قوله مشيراً إلى إصرار الهاشميين على افتدائه ببذل النفس والنفيس:

يرجون أن نسخي بقتل محمدَ     

ولم تختضب سمر العوالي من الدم

كذبتم وبيت الله حتى تفلقوا        

جماجم تلقى بالحطيم وزمزم

وتقطع أرحام وتنسى حليلةٌ        

حليلاً ويغشى محرمٌ بعد محرم

على ما مضى من مقتكم وعقوقكم       

وغشيانكم في أمركم كل مأثَم

وظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى 

وأمرٌ أتى من عند ذي العرش قيّم

ومن مواقف أبي طالب التي تنم عن مدى شجاعته وهيبته وسطوته، ومدى حبه واخلاصه لمحمد، ما حدث له مع طواغيت مكة، وهم: العاص بن وائل، والحارث بن قيس، والأسود بن المطلب، والوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث الزهري (11) وكان هؤلاء من أشد الناس على محمدٍ، وأكثرهم سخريةً واستهزاءً به، وكانوا يوكلون به صبيانهم وعبيدهم فيلقونه بما لا يحب.

ففي ذات يوم نحروا جزوراً بالحزورة (12) ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قائم يصلي، فأمروا غلاماً لهم فحمل السلى والفرث حتى وضعه بين كتفيه وهو ساجد! فانصرف (صلى الله عليه وآله) وأتى عمه أبا طالب، فقال: كيف موضعي فيكم؟ قال: وما ذاك يا بن أخي؟ فأخبره ما صُنع به، فأقبل أبو طالب آنذاك مشتملاً على السيف، يتبعه غلام له، فاخترط سيفه وقال مخاطباً إياهم: والله لا تكلم رجل منكم إلا ضربته، ثم أمر غلامه، فأمرَّ ذلك السلى والفرث على وجوههم واحداً واحداً. فقالوا: حسبك هذا فينا يا بن أخينا؟!

وفي الليلة التي أسري به (صلى الله عليه وآله) إلى السماء، افتقده أبو طالب، فخاف أن تكون قريش قد اغتالته أو قتلته، فجمع سبعين رجلاً من بني عبد المطلب معهم الشفار، وأمرهم أن يجلس كل منهم إلى جانب رجل من قريش، وقال لهم: إن رأيتموني ومحمداً معي فأمسكوا حتى آتيكم. وإلا فليقتل كل رجلٍ منكم جليسه ولا تنتظروني، ثم مضى، فما لبث أن وجدوه واقفاً على باب أم هانئ، فأتى به بين يديه حتى وقف على قريش فعرفهم ما كان منه، فأعظموا ذلك، وجلَّ في صدورهم، وعاهدوه وعاقدوه ألا يؤذونه(13).

إنّ هذه المواقف من شيخ مكة وعميدها كانت تمهد للرسول المصطفى ( ص ) طريق دعوته وتشد من عزائم المؤمنين، وتزيد من صبرهم على المكاره، كما كانت في المقابل تؤجج نار الحقد في قلوب مشركي مكة من القرشيين وغيرهم، فهم لا يستطيعون النيل من محمدٍ بشخصه في تلك الفترة تحامياً لسطوات بني هاشم، وهيبةً لهم ولعميدهم أبي طالب، لذلك عمدوا إلى الانتقام من أتباع محمد ممن كانوا تحت قبضتهم وسلطتهم، فوثب كل واحدٍ منهم إلى أحلافه وعبيده من المسلمين منزلين بهم أشد العقوبات، وأقسى ألوان التعذيب، طمعاً في ردهم عن دينهم الجديد، وانتقاماً من محمد ( ص ) في آنٍ واحد .

وعلى سبيل المثال لا الحصر، وثب لبلال بن رباح أمية بن خلف الجمحي (14) فكان يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة توضع على صدره، ويقول أمية: لا يزال بلالٌ على ذلك حتى يموت، أو يكفر بمحمد! فيقول بلال: أحدٌ أحد (15).

وخباب بن الأرت، كان يُعرّى ويُلْصَقُ ظهره بالرمضاء، ثم الرضف ـ الحجارة المحماة بالنار ـ ويلوون رأسه، وهو لا يجيبهم إلى شيء ممّا أرادوه منه، وقد قال يوماً لعمر بن الخطاب انظر إلى ظهري! فنظر، فقال: ما رأيت كاليوم! قال خباب: لقد أوقدت لي نارٌ وسحبت عليها، فما أطفأها إلا ودك ظهري (16).

وأبو فكيهة، كان عبداً لصفوان بن أمية الجمحي، أسلم مع بلال، فأخذه أمية بن خلف وربط في رجله حبلاً، وأمر به فجُرَّ، ثم ألقاه في الرمضاء، ومرَّ به جُعَلْ ـ خنفساء ـ فقال له أمية: أليس هذا ربك؟! فقال: الله ربي وربك ورب هذا. فخنقه خنقاً شديداً، ومعه أخوه أبيّ بن خلف يقول: زده عذاباً حتى يأتي محمدٌ فيخلصه بسحره! وكانوا يضعون الصخرة على صدره حتى يدلع لسانه، ولم يرجع عن دينه، ولم يزل على تلك الحال حتى ظنّوا أنّه قد مات (17).

ولم يقتصر الأمر على الرجال فقط، بل شمل النساء حتى العواجز منهن، فكانت سميّة ـ أم عمار ـ وزنَّيرة، ولبيبة، وغيرهن ممّن عذبن في الله.

أمّا زنيرة: فكانت امرأةً وقوراً أدبها الفقر، وأعزها الإِسلام، وكانت أمةً لبني عدي، وكان يشترك في تعذيبها كل من أبي جهل وعمر حتى عميت، فقال لها: إنّ اللات والعزى فعلا بك ذلك! قالت: وما يدري اللات والعزى من يعبدهما؟! ولكن هذا أمر من السماء، وربي قادرٌ على رد بصري. فأصبحت من الغد وقد ردَّ الله بصرها. فقالت قريش: هذا من سحر محمد (18)!!

ومثلها لبيبة، جارية بني مؤمل، أسلمت قبل إسلام عمر، وكان عمر يعذبها حتى تفتن، ثم يدعها ويقول: إني لم أدعك إلا سآمة. فتقول: كذلك يفعل الله بك إن لم تسلم (19)!! وكذلك أم عبيس جارية بني زهرة، والنهدية مولاة بني نهد واضرابهن ممّن واجهن المحنة في سبيل الإِسلام.

غير أنّ سمية ـ أول شهيدة في الإِسلام ـ كان لتعذيبها حتى شهادتها وجه آخر يختلف تماماً عن رفيقاتها ورفقائها، حيث كانت تُعذَّبُ في نفسها وفي زوجها ياسر، وفي ولدها عمار، بل كان كل واحدٍ من هذه العائلة يلاقي نفس الدور من طاغوت مكة أبي جهل. لقد كان نصيب آل ياسر من تلك المعاناة الحصة الكبرى والحظ الأوفر.

كانت سمية سابعة سبعةٍ في الإِسلام، عجوزاً ضعيفةً وقعت في براثن وحش كاسر، إلا أن نفسها كانت أصلب من الحديد، وأقوى من السياط، تواجه الحقد الأعمى لهباً يتمدد على جسدها الطاهر بإيمان قوي وعقيدة راسخة مما جعل طاغوت مكة أبا جهل يفقد صوابه.. لقد أراد أن يسمع منها ما يكرهه قلبها.. أن تنال من محمدٍ ودينه.. ولكنها أسمعته ما يكره، فعمد إلى حربةٍ كانت بين يديه، فوجأها في قلبها، فكانت أول شهيدة في الإِسلام.

وواجه زوجها ياسر ـ الشيخ الهرم ـ عين المصير فأمسى نجماً متألقاً في سماء الشهادة

وبين الوالد والأم كانت محنة عمّار ـ الابن ـ تتفاقم وتزداد حتى كأنه يتلقى صورة تعذيبهما نصب عينيه ونبأ استشهادهما عذاباً متجدداً عليه يضاعف آلامه ومحنه.

بالإِضافة إلى هذا فانهم لم يتركوا وسيلةً من وسائل القهر والتعذيب إلا استعملوها معه، فتارةً يسحبونه على الرمضاء المحرقة مجرداً من ثيابه، ثم يضعون صخرةً كبيرةً على صدره، فان يئسوا منه لجأوا إلى تغريقه بالماء بغمس وجهه ورأسه حتى يختنق أو يشرف على الموت، فكان لا يدري بما يقول!

قال بعضهم وقد رأى عماراً متجرداً في سراويل: نظرت إلى ظهره فيه حبط كثير، فقلت: ما هذا ؟! قال: هذا ممّا كانت تعذّبني به قريش في رمضاء مكة (20).

ويمرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتلك الكوكبة من طلائع المسلمين وهم يواجهون المحنة ويصوغون بها الفجر الجديد في تأريخ الإِنسانية، فيمسح جراحهم ويلملم أحزانهم معزياً ومسلياً وينظر الكل إليه بعيونٍ أتعبها ظلام العابثين والحاقدين، فيرون في عينيه بريق أملٍ ووميض رجاء، وينظر إليهم (صلى الله عليه وآله) ثم يصافحهم مقوياً من عزائمهم شاداً على أيديهم.. وفي تلك اللحظات يقول له خباب بن الأرت: يا رسول الله، أدعُ لنا، فيدعو لهم ثم يلتفت إليهم ويقول: إنكم لتعجلون! لقد كان الرجل ممن كان قبلكم يمشط بأمشاط الحديد ويشق بالمنشار فلا يرده ذلك عن دينه! والله ليتممن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله، والذئب على عنزه (21) إلا أنّه صلوات الله عليه حينما يمر على عائلة ياسر ينظر إليهم برحمةٍ وشفقة ثم ما يلبث أن يقول: صبراً يا آل ياسر، فإنّ موعدكم الجنة (22) ثم يقبل على عمّار فيعزيه ويسليه، ويجهش عمّار باكياً وهو يبث إلى رسول الله همومه وأحزانه فيقول: يا رسول الله، بلغ منا العذاب كل مبلغ فيقول (صلى الله عليه وآله): صبراً يا أبا اليقظان، اللهم لا تعذّب أحداً من آل ياسر بالنار (23).

وكاد عمّار أن يلتحق بأبويه لفرط ما واجه من ضغوط نفسية وجسدية تترك أقوى النفوس مضعضعةً مهزوزة، وأقوى الأجساد مكلومةً ومعاقة لولا إن المشيئة الإِلهية اختارت البقاء لهذا الإِنسان كي يؤدي دوره التأريخي كاملاً أزاء الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) ورسالته الخالدة، وأن يتوج حياته المباركة بأعظم المواقف التي يسجلها تأريخ أمةٍ لعظيم من عظمائها وقائدٍ من قادتها. بطلٌ من أبطال «بدر» وأمير على الكوفة، وقائد من قوّاد علي (عليه السلام).

لقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه فقط، وربما كان ذلك من فرط التعذيب الذي وصفه المؤرخون بقولهم: «كان يعذب حتى لا يدري ما يقول..» (24) .

ربما قال ما قال وهو في حالة غيبوبة أو شبه غيبوبة، فحينما سأله النبي (صلى الله عليه وآله) ما وراءك؟ قال: شرٌّ يا رسول الله، والله ما تركت حتى نلت منك يا رسول الله، وذكرت آلهتهم بخير. قال: فكيف تجد قلبك؟ قال: مطمئنٌ بالإِيمان. قال: فان عادوا عُدْ. وفي ذلك نزلت الآية الكريمة: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (25).

أجل، أعطاهم بلسانه ما أرادوا، وأمّا قلبه فظلّ كما هو مطمئناً بالإِيمان مفعماً بحب محمدٍ وآل محمد، مشرقاً بنور الهداية وآلاء الله سبحانه.

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أكثر المفسرين على أن هذه السورة هي أول ما نزل من القرآن، وأنّ يوم الإثنين هو أول يوم نزل فيه جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو قائم على حراء، علّمه خمس آيات من هذه السورة. البحار: 18 ـ 174.

(2) شرح النهج: 3 ـ 39.

(3) الطبقات الكبرى ـ 247.

(4) الشعراء: 214.

(5) مجمع البيان: 7 ـ 206 ـ 221.

والمسنّة من الإبل ما دخلت في السنة الثالثة. والعس: السقاء.

(6) مجمع البيان: 7 ـ 206.

(7) اليعقوبي: 2 / 28.

(8) ـ الطبري: 2 / 325.

(9) اليعقوبي: 2 / ص 24 ـ 26.

(10) الطبري: 2 / 325 ـ 326.

(11) في مجمع البيان: م 2 ص 346 في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} قال: وأتى جبرائيل النبي والمستهزؤن يطوفون بالبيت، فقام جبرئيل ورسول الله إلى جنبه، فمر به الوليد بن المغيرة، فأومى بيده إلى ساقه، فمر الوليد على قين ـ حدّاد ـ لخزاعة وهو يجر ثيابه. فتعلقت بثوبه شوكة فمنعه الكبر أن يخفض رأسه فينزعها وجعلت تضرب ساقه فخدشته فلم يزل مريضاً حتى مات. ومرّ به العاص بن وائل السهمي فأشار جبرئيل إلى رجله فوطئ العاص على شوكة فدخلت في أخمص رجله، فقال: لدغتُ فلم يزل يحكها حتى مات.

ومرّ به الأسود بن المطلب فأشار إلى عينه فعمي. وقيل: رماه بورقة خضراء فعمي وجعل يضرب رأسه على الجدار حتى هلك ومرّ به الأسود بن عبد يغوث، فأشار إلى بطنه فاستسقى فمات. وقيل: أصابه السموم فصار أسود فلم يعرفوه فمات وهو يقول! قتلني رب محمد.

ومرّ به الحارث بن الطلاطلة فأومأ إلى رأسه فامتخط قيحاً فمات. وقيل: انّ الحرث بن قيس أكل حوتاً (سمكاً) مالحاً فأصابه العطش فما زال يشرب حتى أنقد بطنه فمات وذلك بدعوة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) عليهم لشدة ما كانوا يؤذونه به.

(12) الحزورة: مكان.

(13) اليعقوبي: 2 / 24 ـ 26.

(14) أمية بن خلف كان من طواغيت مكة وكان شديد العداء لمحمد، وقد قتل في غزوة بدر بعد أن أسره بلال

(15) الإصابة: ج 1 ـ 165.

(16) سفينة البحار: 1 ـ 372 وكذلك الإِصابة.

(17) الكامل: 2 ـ 66 وغيره.

 (18) نفس المصدر ـ 68 وكذلك الإِصابة: 4 / 312.

(19) نفس المصدر: 68 والإصابة.

(20) الطبقات الكبرى 3 / 248.

(21) اليعقوبي: 2 / 28.

(22) الإِصابة: 2 / 648.

(23) الإِصابة 4 / 334.

(24) الطبقات الكبرى: 2 / 248.

(25) الطبقات الكبرى: 3 / 249.

 

 

 

 

 

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)