المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الرقابة الذاتيّة والاجتماعيّة
2024-07-02
الأسلوب العمليّ في الأمر والنهي
2024-07-02
ساحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
2024-07-02
فلسفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
2024-07-02
معنى الصدق
2024-07-02
{كيف تكفرون بالله}
2024-07-02

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حُسن الابتداءات (براعة الإستهلال)  
  
15874   03:44 مساءاً   التاريخ: 26-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص21-22
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015 3334
التاريخ: 26-03-2015 7234
التاريخ: 13-9-2020 8122
التاريخ: 26-09-2015 15875

هذه تسمية ابن المعتز، وأراد بها ابتداءات القصائد، وقد فرع المتأخرون من هذه التسمية براعة الاستهلال، وخصوا بها ابتداء المتكلم بمعنى ما يريد تكميله ولقد وقع في أثناء القصيدة.
وقد روى أن أحسن ابتداء ابتدأ به مولد قصيدة قول إسحاق بن إبراهيم الموصلي، حيث يقول [خفيف]:
هل إلى أن تنام عيني سبيل ... إنَّ عهدي بالنوم عهد طويل
ومن إنشادات ابن المعتز في هذا الباب قول النابغة الذبياني [طويل]:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
ولعمري لقد أحسن ابن المعتز الاختيار، فإني أظنه نظر بين هذا الابتداء وبين ابتداء امرئ القيس في معلقته حيث قال [طويل]:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فرأى أن ابتداء امرئ القيس على تقدمه وكثرة معاني ابتداءاته متفاوت القسمين جداً، لأن صدر البيت جمع بين عذوبة اللفظ وسهولة السبك، وكثرة المعاني بالنسبة إلى العجز ما لم يجمع العجز، فإن ألفاظ العجز غريبة بالنسبة إلى ألفاظ الصدر، والعجز أقل معان من الصدر بخلاف بيت النابغة، فإنه لا تفاوت بين قسميه البتة، فبيت امرئ القيس وإن كان أكثر معان من بيت النابغة، فبيت النابغة أفضل، من جهة ملاءمة ألفاظه، ومساواة قسمية، ومثل بيت النابغة قول زهير [طويل]:
صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعرى أفراس الصبا ورواحله
فإن قسمي هذا البيت متلائمان، فإن لفظ كل واحد منهما متوسط بين الغرابة والابتذال، وفي كل قسم منهما استعارتان، فقد تساويا في اللفظ والمعنى كبيت النابغة، وهذا من قول امرئ القيس [طويل]:
خليلي مرا بي على أم جندب ... نقضّي لبانات الفؤاد المعذب
وإنما عظم ابتداء معلقة امرئ القيس في النفوس الاقتصار على سماع صدر البيت، فإنه يشغل الفكر بحسنه عن النظر في ملاءمة عجزه أو عدم ملاءمته، وهو الذي قيل عند سماعه للمنشد: حسبك، فإن قائل هذا الكلام أشعر الناس، لأنه وقف واستوقف، وبكى واستبكى وذكر الحبيب والمنزل في شطر بيت ولم يستنشد العجز منه شغلاً بحسن الصدر عنه، وإذا تأمل الناظر في نقد البيت بكماله ظهر له تفاوت القسمين، فعلم جملة أن الابتداء غير موصوف بحسن الابتداء، إذ حسن الابتداء عبارة عن ملاءمة القسمين.
ومن جيد ابتداءات المولدين قول أبي نواس وهو في غاية الحسن [طويل]:
خليلي هذا موقف من متيم ... فعوجا قليلاً وانظراه يسلم
وقوله [طويل]:
لمن دمن تزداد حسن رسوم ... على طول ما أقوت وطيب نسيم
ومن إنشادات ابن المعتز لأبي تمام [بسيط]:
يا بعد غاية دمع العين إذ بعدوا ... هي الصبابة طول الدهر والكمد
وإذا وصلت إلى قول البحتري [طويل]:
بودي لو يهوى العذول ويعشق ... ليعلم أسباب الهوى كيف تعلق
وصلت إلى الغاية التي لا تدرك، وما سمع أشد مباينة كبيت جميل وهو قوله: [طويل]
ألا أيها النوّام ويحكم هبوا ... أسائلكم هل يقتل الرجل الحبُّ
وهذا البيت الذي قال فيه الرشيد إما للمفضل الضبي أو غيره: هل تعرف بيتاً نصفه بدوي في، شمله وباقيه مخنث في بذلة فأنشده البيت فاستحسن ذكره.
ولقد أحسن أبو الطيب ما شاء في قوله [خفيف]:
تراها لكثرة العشاق ... تحسب الدمع خلقة في المآقي
لو لم يكدر صفوه ويقبح حسنه بقوله:
كيف ترثي التي برى كل جفن ... راءها غير جفنها غير راقي
وأكثر ابتداءات أبي العلاء المعري تأتي على سنن الصواب، كقوله: [بسيط]
يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر ... لعل بالجزع أعوانا على السهر
وكقوله [طويل]:
طربن لضوء البارق المتعالي ... ببغداد وهنا ما لهن ومالي
وقوله [طويل]:
مغاني اللوى من شخصك اليوم أطلال ... وفي النوم مغنى من خيالك محلال
وكقوله [خفيف]:
غير مجد في ملتي واعتقادي ... نوح باك ولا ترنم شاد
فهذه أمثلة ابتداءات القصائد.
وأما أمثلة براعة الاستهلال فمنها قول محمد بن الخياط [طويل]:
لمست بكفي كفه أبتغي الغنى ... ولم أدر أن الجود من كفه يعدي
فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى ... أفدت وأعداني فأنفدت ما عندي
ولقد أحسن البحتري اتباعه في هذا المعنى حيث قال [كامل]:
أعدت يداه يدي وشرد جوده ... بخلي فأفقرني كما أغناني
ووثقت بالخلق الجميل معجلاً ... منه فأعطيت الذي أعطاني
وإذا نظرت إلى فواتح السور الفرقانية جملها ومفرداتها رأيت من البلاغة والتفنن في الفصاحة ما لا تقدر العبارة على حصر معناه، ومن أراد الوقوف على ذلك فليقف على كتابي المنعوت بالخواطر السوانح في كشف أسرار الفواتح والله أعلم.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.