ما من نبي، أو وصي نبي، أو داعيه إلى الله عز وجل  إلا وواجه من المستكبرين :عنتاً وعنقاً، واستكباراً ... فهم يستنكفون أن يمتثلوا إليهم ويأنفون عن طاعتهم والانقياد لتعاليمهم والأحكام التي يبلغونها عن الله (عز وجل) ،  وقد نقل القرآن الكريم تصورات وأقوال هؤلاء المستكبرين بقوله: {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون: 47]

{قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [إبراهيم: 10]

{وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} [المؤمنون: 34]

{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا } [الفرقان: 21]

ويصور لنا الإمام علي (عليه السلام) هذا الاستكبار على رسل الله من خلال دعوة موسى لفرعون ، يقول (عليه السلام) : (ولقد دخل موسى بن عمران (عليه السلام) ومعه اخوه هارون (عليه السلام) على فرعون وعليهما مدارع الصوف ، وبأيدهما العصي، فشرطا له – ان اسلم – بقاء ملكه ودوام عزه.

فقال: الا تعجبون من هذين يشترطان لي دوام العز، وبقاء الملك، وهما بما ترون من حال الفقر والذلي ، فهلا القي عليهما اساور من ذهب ؟

إعظاماً للذهب وجمعه ، واحتقاراً للصوف ولبسه!)(1).

_________________

(1) نهج البلاغة خطبة : 192 .