المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

تصنيع مخلفات المجازر
15-1-2018
مذهب المعتزلة في إعجاز القرآن في إخباره عن الغيوب
15-1-2016
وحدة الاتجاه في حركة المخلوقات
2023-10-01
الخصائص العامة للصخور النارية
4-8-2017
بوليه ، بيدروب
19-10-2015
مراكز الالوان Color Centers
2023-10-12


في الوصف  
  
1657   04:30 مساءاً   التاريخ: 22-03-2015
المؤلف : جرجي زيدان
الكتاب أو المصدر : تاريخ آداب اللغة العربية
الجزء والصفحة : ج1، ص80-81
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015 2006
التاريخ: 22-03-2015 9654
التاريخ: 23-03-2015 12188
التاريخ: 23-03-2015 16186

وكانوا اذا وصفوا حادثة مثلوها بلا مغالاة في المجاز والكناية كما يفعل المتأخرون، وهذا وصف أبي ذؤيب لحمر الوحش وصائد، كيف ترد الحمر وكيف يحتال الصياد في صيدها، قال :

فوردن والعيوق مقعد رابئ الـ      ـضرباء خلف النجم لا يتتلع

فشرعن في حجرات عذب بارد حصب البطاح تغيب فيه الاكرع

فشرب ثم سمعن حسا دونه    شرف الحجاب وري قرع يقرع

فنكرنه فنفرن فامترست له     هوجاء هادية وهاد جرسع

فرمى فانفذ من نحوص عائط       سهما فخر وريشه متمصع

فبدا له اقراب هاد رائغا            عنه فعيث في الكنانة يرجع

فرمى فالحق صاعديا مطحراً     بالكشح فاشتملت عيله الاضلع

فابدهن حتوفهن فهارب          بذمائه او بارك متجعجع

واذا وصف احدهم حيوانا او مكانا او امرأة تحدى تصوير الطبيعة كما هي واو اضطر الى ذكر بعض الأعضاء التي يعد ذكرها من قبيل البذاء، يفعل ذلك لا تهتكاً وانما يصف الطبيعة كما هي على عادته في سائر الأمور. واحسن الامثلة في وصف المرأة على النحو الذي تقدم قصيدة النابغة الذبياني التي مطلعها :

أمن آل مية رائح او مغتدي       عجلان ذا زاد وغير مزود

وقصيدته اليتيمة في دعد، ومطلعها :

هل بالطلول لسائل رد    ام هل لها بتكلم عهد (1)

وهم مثل قصيدة سليمان الحكيم في وصف ملكة سبأ المعروف بنشيد الانشاد، وهو مذهب جماعة من شعراء عصرنا وكتابه في اوروبا يمثلون الطبيعة كما هي، ويعرفون بأصحاب الحقيقة Realistes ومنهم زولا وتولستوي.

على ان الجاهليين لا تخلو اشعارهم من التشبيه والمجاز او الكناية، ولكنهم يفعلون ذلك بلباقة كقول عنترة يصف ذباب الروض :

وخلا الذباب بها فليس ببارح      غدرا كفعل الشارب المترنم

هزجا يحك ذراعه بذراعه      قدح المكب على الزناد الاجذم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  نشرت هذه القصيدة في السنة 14 من الهلال ص174 مع سبب نظمها.

 

 

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.