في حلقاتنا المتسلسلة عن "مفاهيم أخلاقية وقيم مرجعية "، والتي نحاول من خلالها التعريف بأهم القيم السلوكية لمن هم في دائرة المسؤولية، و ضرورة إحياء البعد الأخلاقي في وظائفهم وأعمالهم، ومنهم الأطباء ، خطاب نخصك به أيها الطبيب في هذه الحلقة ، حيث ننظر الى مظاهر جمالك وصورتك الإيجابية دون غيرها، فنبرز بعضا من سجايا الخير في ذاتك الجميلة، و نؤكد على صفاتها الطيبة ، لتشاهدها وكأنها ملاك رحمة لا يقرب الشرور ، كأنموذج تنشده الإنسانية وتأمله ، و هكذا أملنا أن نشاهدك دائما :
- إخلاص و رعاية : أنك تجتهد لأجل راحة الناس، فتسهر حتى تخفف من أوجاعهم ، ويسلب القلق راحتك حتى يسكن آنينهم ، فأنت صورة جميلة عن الإنسان الذي يسعد بسعادة الناس ، وأنت صورة سامية ذكرها الرب –سبحانه- بقوله: {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } ، وأنت إشراقة يتفاءل بها من أنهك المرض عيشهم ، وأنت بصيص أمل تتوسل به عيون الراقدين في ردهات المشافي، عندما تطوف عليهم بجولتك الليلية إذ إنهم لم يلتفتوا لأم ، ولا لأب غير أنهم آمنوا بك طبيبا يداوي داءهم، وهذا من فضل الله عليك ورحمته ، "فحوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملوا النعم فتتحول إلى غيركم"، كما يقول الإمام الحسين (عليه السلام)
-فوق العنصرية والتمايز: جميل أنت أيها الطبيب؛ حينما لا تلتفت الى خصوصيات مرضاك مهما كانت ، فلا يهمك قومياتهم ، ولا دينهم أو مذهبهم ، ولا مدنهم ولا أنسابهم ولا كونهم من طبقة الفقراء أو الأغنياء أو الأشراف ..، تعالج الجميع بصدق ومهنية دونما تمييز ، فأنت تعانق الإنسانية وتحتضن كرامتها، مستهدفا سلامة الإنسان وإنقاذه من بين مخالب الموت، ويهمك أن يعيش الفرد معافى يرفل بثوب الصحة ، ويسعد به أهله وأحباؤه.
- جرأة بعلم: جميل أنت بهيئتك ! ، مرتديا طقم العمليات ، وتمضي بعزم وهمة حينما تتخذ قرارا خطرا لإنقاذ نفس بين الموت والحياة ، فثقتك بما تعلمته وإيمانك بتوفيق الله ! ، يدفعانك الى المغامرة وتحمل المسؤولية، فكم شابهت شجاعتك جنودنا الأبطال ، فأنت في صالة العمليات تتصارع مع الموت لتنقذ المريض ، وهم يقاتلون لأجل حماية أرواح الناس لتسعد البشرية بعظماء أمثالكم.
- مشاعر سامية : جميل أنت بهدوئك، وإخفاء مخاوفك عن المريض، خشية أن يصاب بالذعر فتلتهمه الوساوس ويضطرب من القلق ، لتسمو بأناقة أسلوبك الى درجة انتقاء عبارات الأمل و مفردات التفائل؛ لتشحنه بها وترفع من معنوياته، بل يمتد رفقك وشفقتك على ذويه فتبين لهم حالته بوضوح، مضمنا ذلك بكلمات تهدئ من قلقهم ،وتزيد من تسليمهم لأمر الله إن حدث ما هو خارج عن إرادتك !
- أول الفرحين: جميل أنت بنفسك المحبة للإنسانية، والتي تسعد وتفرح بشفاء مرضاك، وتحمد الله على سلامتهم، فأنت أب للإنسانية برعايتك، وأم بحنانك وشفقتك ...
-قائمة الخلود النورانية : هناك قائمة في ذاكرة الناس، وقد نحتتها الملائكة على جدران الجنان فيها أسماء لأطباء خصصوا يوما لمعالجة الفقراء مجانا، وآخرين ترفعوا عن الطمع برفع أجور الفحص والعلاج؛ فاكتفوا بأجر بسيط، وآخرين ساهموا بأموالهم في شراء أجهزة طبية لدعم المراكز الطبية الخيرية ... فاحرص أن يكون اسمك في تلك القائمة النورانية .
أيها الطبيب الجميل .. لا تدع هذه الصور تزول عن اعتقادنا بك.