لا تستقيم حياتنا مالم نعتد على احترام الحدود والحقوق، وإن معظم مشاكلنا في الحياة سببها عدم الوقوف عند الحدود التي ينبغي الوقوف عندها، سواء كانت في العلاقات أو المسؤوليات أو المعاملات الحياتية المختلفة، فما حياة الفوضى والهرج والمرج إلا بسبب عدم مراعاة الحقوق والحدود الواجب مراعاتها أو المتفق عليها، وهو ما يمكن أن نصفه بعدم الإنصاف، فالإنصاف أفضل الفضائل وأفضل الشيم كما يقول سيدنا وإمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام، فما هو الإنصاف في أدبيات النبي الأكرم والعترة وما هو أثره في علاقتنا وتعاملنا مع بعضنا البعض؟ جاء في روايات مباركة ما يشير إلى ذلك: -
الإنصاف يكشف عن حقيقة إيمان المرء والتزامه بالدين وإلا فإن الظلم والتعدي يعتبر هادما لإيمان المرء، وكاشفا عن عدم استقامته،
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من واسى الفقير من ماله ، وأنصف الناس من نفسه ، فذلك المؤمن حقا)،
وقال الإمام علي -عليه السلام-: (نظام الدين خصلتان : إنصافك من نفسك ، ومواساة إخوانك)،
وقال -عليه السلام-: (المؤمن ينصف من لا ينصفه، وإن أفضل الإيمان إنصاف الرجل من نفسه).
إن أهم ثمار العمل بالإنصاف بين أفراد المجتمع والمؤمنين خصوصا هو انتشار المحبة والاحترام والتواصل بينهم، وانحسار الظلم والتعدي، اللذان هما أساس دمار المجتمع وطغيان بعض أفراده وتسلطهم.
قال الإمام علي -عليه السلام-: (الإنصاف يستديم المحبة ؛ وبالنصفة تدوم الوصلة ؛ والإنصاف يرفع الخلاف ، ويوجب الائتلاف؛ وبالنصفة يكثر المواصلون؛ وعامل سائر الناس بالإنصاف، و عامل المؤمنين بالإيثار؛ والإنصاف يألف القلوب).
إن الإنسان المتزين بزينة الإنصاف مع نفسه والآخرين يكون ذا ضمير مرتاح وبال هادئ.
قال الإمام علي -عليه السلام-: (الإنصاف راحة) و(المنصف كثير الأولياء و الأوداء)؛ و(تاج الرجل عفافه و زينه إنصافه)؛ و(الإنصاف شيمة الأشراف)؛ و(إن من فضل الرجل أن ينصف من نفسه، و يحسن إلى من أساء إليه). و(المنصف كريم، الظالم لئيم).
في مقام الحكم والقيادة والإدارة يعد (الإنصاف زين الإمرة) كما يقول الإمام علي عليه السلام ، إذ أن المنصف يضع الأمور في موضعها المناسب، فلا يحيف أو يتحيز فيسود العدل ويتحقق الرضا بين الأطراف؛ قال الإمام علي -عليه السلام-: (إن من العدل أن تنصف في الحكم و تجتنب الظلم) ؛ ويقول أيضا : (أعدل الناس من أنصف من ظلمه) ؛ بل يعد الإمام علي -عليه السلام- المكافئة المبنية على الإنصاف هي الأفضل فيقول : (إن أعظم المثوبة مثوبة الإنصاف)؛ ومن لطف الله بعباده أن أي حاكم أو قائد وصاحب سلطة إذا (..منع الإنصاف سلبه الله الإمكان) كما يقول الإمام علي عليه السلام.