الحلقة الثانية : ما يجب الابتعاد عنه من الصفات المذمومة والسلوك المحرم
في حلقاتنا المتسلسلة عن "مفاهيم أخلاقية وقيم مرجعية " والتي نحاول من خلالها التعريف بأهم القيم السلوكية لمن هم في دائرة المسؤولية، و ضرورة إحياء البعد الأخلاقي في وظائفهم وأعمالهم ...، ومنهم الباعة؛ فالبائع في موقع المسؤولية التي تحتم عليه أن يراعي القيم والضوابط الأخلاقية،
فالدوافع تجذبها المصالح في البيع، وقد ينزلق البعض أمام المغريات التي يزينها الشيطان ، إذ الربح مطلب لكل بائع، وخشية الخسارة أمر يدفع بالبعض الى تخليه عن المبادئ والقيم الأخلاقية، فيلجأ بعضهم الى تسويق مبيعاته بأي طريقة تناسبه، حتى وإن تضرر المشتري ماديا أو معنويا، عملا بمنطق "يجب أن أكون رابحا وإن خسر الطرف الآخر"
ومما يؤسف له : انتشار التعامل الأناني لبعض البائعين والتجار مما جعل السوق جوا غير آمن في البيع والشراء وصار المتبضع يشعر بالقلق حيال ما يود شراءه من حيثية الأسعار والماركات وسلامة المنتج من التلاعب والغش،
و نحن نقدم ما يجب على البائع والتاجر تجنبه من الصفات المذمومة والاجراءات المحرمة في الشريعة الاسلامية، ويقبحها العقل وترفضها الفطرة السليمة:
-الكذب و المبالغة في إبراز خصوصيات المبيع أو ذم المشترى: معلوم أن سمعة البائع في السوق هي مغناطيس جذب الزبائن، فإذا التصق باسمه أنه بائع محتال و كذاب سيفقد زبائنه، وبالتالي سيخسر في تجارته، كما أن الكذب سيجعله آثما ومسؤولا أمام الله تعالى ، ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله): أن من جملة الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم – "المزكي سلعته بالكذب" .
-الغش أو كتمان العيب : لا يوجد أحد يتقبل الغش في البيع؛ لما فيه من ظلم وإضرار بالآخرين يترتب عليه إثم عظيم ، و الغش سلوك منحرف عن مبادئ الدين والإنسانية، ويكشف عن مدى خبث سريرة البائع، إذ يتعمد إظهار محاسن الشيء المعروض، ويستر ما فيه من عيوب بالحيل والمكر ، روي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم - قوله: ((المسلم أخو المسلم؛ لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا فيه عيب إلا بينه له))
- الحلف واليمين الكاذب : من أسوأ أساليب ترغيب المشتري هو استغلال إيمان الناس والتلاعب بمشاعرهم الدينية؛ لتعزيز ثقتهم لدى الزبون وتحريك رغبته في الشراء، من خلال الحلف بأسماء الله الحسنى، وبأسماء الأنبياء والأئمة الأطهار، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الاستهانة بأسماء الله وأوليائه ، وعدم احترام قدسية الحلف الذي كرهه الشرع على الصدق ، وحرمه على الكذب ، عن الإمام الصادق (عليه السلام): "إن الله -تبارك وتعالى- ليبغض المنفق سلعته بالأيمان!"
-التورط بالربا والمعاملة الربوية: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أن رجلا قال: يا أمير المؤمنين إني أريد التجارة، قال: أفقهت في دين الله؟ قال: يكون بعد ذلك، قال: ويحك.. الفقه ثم المتجر، فإنه من باع واشترى ولم يسأل عن حرام ولا حلال ارتطم في الربا ثم ارتطم . ، فعلى المؤمن أن يتعلم ما يجب عليه من مسائل الحلال والحرام، ويستوعب معنى الربا وأقسامه، ويتخلص من مقدماته، وإلا فالربا هو طريق لحرب الله ورسوله، والمرابي له عذاب أليم.
_السرقة من الميزان : قال الله تعالى: (وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا) التلاعب في آلة الميزان لغرض السرقة حرام شرعا، ومن الأفضل أن يجعل كفة المباع راجحة ، عن النبي (صلى الله عليه وآله): "إذا وزنتم فأرجحوا" ، وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) مر على جارية قد اشترت لحما من قصاب وهي تقول: زدني، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): "زدها فإنه أعظم للبركة" .
-التلاعب بالأسعار: رفع سعر المبيع أو بيعه بقيمة غير منصفة أمر اعتدناه، الى درجة أنك تجد التفاوت بين بائع وبائع، وهما في نفس السوق وكل يدعي بما يؤيد ويبرر رفع سعر قيمته، وهذا يجعل المتسوق يناله العناء والتعب وهو يجوب السوق عن السعر المناسب لدخله، وهذا ما يجب أن يضبط تحت رقابة الدولة ولجانها في رصد المخالف للتسعيرات المحلية ولكن ،،، أ ليس الضمير خير رقيب !!!