أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2017
9994
التاريخ: 10-10-2017
7910
التاريخ: 10-10-2017
8976
التاريخ: 10-10-2017
7777
|
قال تعالى : {وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 23 - 35].
{وقال قرينه} يعني الملك الشهيد عليه عن الحسن وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) وقيل قرينه الذي قيض له من الشياطين عن مجاهد وقيل قرينه من الإنس {هذا ما لدي عتيد} إن كان المراد به الملك الشهيد فمعناه هذا حسابه حاضر لدي في هذا الكتاب أي يقول لربه كنت وكلتني به فما كتبت من عمله حاضر عندي وإن كان المراد به الشيطان أو القرين من الإنس فالمعنى هذا العذاب حاضر عندي معد لي بسبب سيئاتي.
{ألقيا في جهنم كل كفار عنيد} هذا خطاب لخازن النار وقيل خطاب للملكين الموكلين به وهما السائق والشهيد عن الزجاج وقد ذكرنا ما قيل فيه وروى أبو القاسم الحسكاني بالإسناد عن الأعمش أنه قال حدثنا أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) (إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى لي ولعلي ألقيا في النار من أبغضكما وأدخلا الجنة من أحبكما وذلك قوله {ألقيا في جهنم كل كفار عنيد}). والعنيد الذاهب عن الحق وسبيل الرشد.
{مناع للخير} الذي أمر الله به من بذل المال في وجوهه {معتد} ظالم متجاوز يتعدى حدود الله {مريب} أي شاك في الله وفيما جاء من عند الله وقيل متهم يفعل ما يرتاب بفعله ويظن به غير الجميل مثل المليم الذي يفعل ما يلام عليه وقيل إنها نزلت في الوليد بن المغيرة حين استشاره بنوأخيه في الإسلام فمنعهم فيكون المراد بالخير الإسلام {الذي جعل مع الله إلها آخر} من الأصنام والأوثان {فألقياه في العذاب الشديد} هذا تأكيد للأول فكأنه قال افعلا ما أمرتكما به فإنه مستحق لذلك {قال قرينه} أي شيطانه الذي أغواه عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وإنما سمي قرينه لأنه يقرن به في العذاب وقيل قرينه من الإنس وهم علماء السوء والمتبوعون.
{ربنا ما أطغيته} أي ما أضللته وما أوقعته في الطغيان باستكراه أي لم أجعله طاغيا {ولكن كان في ضلال} من الإيمان {بعيد} أي ولكنه طغى باختياره السوء ومثل هذا قوله وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي {قال} الله تعالى لهم {لا تختصموا لدي} أي لا يخاصم بعضكم بعضا عندي {وقد قدمت إليكم بالوعيد} في دار التكليف ولم تنزجروا وخالفتم أمري {ما يبدل القول لدي} المعنى أن الذي قدمته لكم في دار الدنيا من أني أعاقب من جحدني وكذب رسلي وخالفني في أمري لا يبدل بغيره ولا يكون خلافه {وما أنا بظلام للعبيد} أي لست بظالم أحدا في عقابي لمن استحقه بل هو الظالم لنفسه بارتكابه المعاصي التي استحق بها ذلك وإنما قال بظلام على وجه المبالغة ردا على من أضاف الظلم إليه تعالى وتقدس عن ذلك {يوم نقول لجهنم هل امتلأت} يتعلق يوم بقوله {ما يبدل القول لدي} الآية وقيل يتعلق بتقدير اذكر يا محمد ذلك اليوم الذي يقول الله فيه لجهنم هل امتلأت من كثرة ما ألقي فيك من العصاة.
{وتقول} جهنم {هل من مزيد} قال أنس طلبت الزيادة وقال مجاهد المعنى معنى الكفاية أي لم يبق مزيد لامتلائها ويدل على هذا القول قوله لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين وقيل في الوجه الأول إن هذا القول كان منها قبل دخول جميع أهل النار فيها ويجوز أن تكون تطلب الزيادة على أن يزاد في سعتها كما عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قيل له يوم فتح مكة أ لا تنزل دارك فقال وهل ترك لنا عقيل من دار لأنه كان قد باع دور بني هاشم لما خرجوا إلى المدينة فعلى هذا يكون المعنى وهل بقي زيادة فأما الوجه في كلام جهنم فقيل فيه وجوه ( أحدها ) أنه خرج مخرج المثل أي إن جهنم من سعتها وعظمتها بمنزلة الناطقة التي إذا قيل لها هل امتلأت تقول لم أمتلىء وبقي في سعة كثيرة ومثله قول عنترة :
وقال آخر :
( وثانيها ) أنه سبحانه يخلق لجهنم آلة الكلام فتتكلم وهذا غير منكر لأن من أنطق الأيدي والجوارح والجلود قادر على أن ينطق جهنم ( وثالثها ) أنه خطاب لخزنة جهنم على وجه التقرير لهم هل امتلأت جهنم فيقولون بلى لم يبق موضع لمزيد ليعلم الخلق صدق وعده عن الحسن قال ومعناه ما من مزيد أي لا مزيد كقوله هل من خالق غير الله وهو قول واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد .
ولما أخبر سبحانه عما أعده للكافرين والعصاة عقبه بذكر ما أعده للمتقين فقال {وأزلفت الجنة للمتقين} أي قربت الجنة وأدنيت للذين اتقوا الشرك والمعاصي حتى يروا ما فيها من النعيم والجنة هي البستان الذي يجمع كل لذة من الأنهار والأشجار وطيب الثمار ومن الأزواج الكرام والحور الحسان والخدم من الولدان ومن الأبنية الفاخرة المزينة بالياقوت والزمرد والعقيان نسأل الله التوفيق لما يقرب من رضاه {غير بعيد} أي هي قريبة منهم لا يلحقهم ضرر ولا مشقة في الوصول إليها وقيل معناه ليس ببعيد مجيء ذلك لأن كل آت قريب ومثله قول الحسن كأنك بالدنيا كأن لم تكن وبالآخرة كأن لم تزل.
{هذا ما توعدون} أي هذا الذي ذكرناه هوما وعدتم به من الثواب على ألسنة الرسل {لكل أواب} أي تواب رجاع إلى الطاعة عن الضحاك وابن زيد وقيل لكل مسبح عن ابن عباس وعطاء {حفيظ} لما أمر الله به متحفظ من الخروج إلى ما لا يجوز من سيئة تدنسه أو خطيئة تحط منه وتشينه {من خشي الرحمن بالغيب} أي هومن خاف الله وأطاعه وآمن بثوابه وعقابه ولم يره وقيل بالغيب أي في الخلوة بحيث لا يراه أحد عن الضحاك والسدي {وجاء بقلب منيب} أي ودام على ذلك حتى وافى الآخرة بقلب مقبل على طاعة الله راجع إلى الله بضمائره.
{ادخلوها بسلام} أي يقال لهم أدخلوا الجنة بأمان من كل مكروه وسلامة من كل آفة وقيل بسلام من الله وملائكته عليهم {ذلك يوم الخلود} الوقت الذي يبقون فيه في النعيم مؤبدين لا إلى غاية {لهم ما يشاءون فيها} أي لهم في الجنة ما تشتهيه أنفسهم ويريدونه من أنواع النعم {ولدينا مزيد} أي وعندنا زيادة على ما يشاءونه مما لم يخطر ببالهم ولم تبلغهم أمانيهم وقيل هو الزيادة على مقدار استحقاقهم من الثواب بأعمالهم .
_______________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص243-248.
2- مر البيت ف ج6.
3- مر البيات ايضا في ج1.
{ وقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ} . الضمير في قرينه يعود إلى من تقدم ذكره في الآية 17 وهو الملك القعيد الشهيد الذي يكتب أقوال الموكل به ، والمعنى ان هذا الكاتب يقول للَّه سبحانه : هذا كتاب ما وكلتني به ، وفيه كل ما كان منه على حقيقته {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49].
{أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ } . في الآية 21 قال سبحانه : {وجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وشَهِيدٌ} وفي الآية التي نفسرها حكى جل جلاله أنه يقول غدا للسائق والشهيد : خذا إلى جهنم من أشرك بي ، وكفر بالحق وعانده ، وأعرض عن الخير وصد الناس عنه ، ثم يعاود سبحانه القول عليهما مكررا ومؤكدا : {فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ} .
وتجدر الإشارة إلى أنه تعالى وصف هنا مناع الخير بالمعتدي المريب ، وفي الآية 12 من سورة القلم وصفه بالمعتدي الأثيم حيث قال : {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} وإذا عطفنا على هذه الآية قوله تعالى : {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} - 46 الدخان . إذا فعلنا ذلك تبين معنا ان جريمة مناع الخير لا تعادلها جريمة ، وان عذابه لا يقاس به عذاب .
{قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ ولكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ } . هذا القرين غير الأول ، فقد كان الأول من الكرام الكاتبين بدليل قوله تعالى : {هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ} أي هذا الذين سجلته هو حق لا ريب فيه ، أما القرين الثاني فهومن الأبالسة الغاوين الذي أشار إليهم سبحانه بقوله : {ومَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُولَهُ قَرِينٌ} - 36 الزخرف والدليل ان هذا هو المراد قول
القرين الثاني : {رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ} فإن القرين الأول لا يحتمل فيه الاطغاء والإغواء كي ينفيه عن نفسه لأن اللَّه قد اختاره لمهمة الكتابة على علم بصلاحه وأمانته . .
يضاف إلى ذلك قوله تعالى : {لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} فإن الاختصام غدا يكون بين المجرمين بعضهم مع بعض لا بينهم وبين غيرهم ، قال تعالى : {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُو إِلَّا الْمُتَّقِينَ} - 67 الزخرف .
{ قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} . الخطاب من اللَّه سبحانه إلى المجرم وقرينه الشيطان ، والمعنى لا يقل بعضكم لبعض : أنت أغويتني ويقول الآخر : ما أغويتك ، فإن اليوم يوم حساب وجزاء ، ولا ينتفع المرء فيه بكلام ولا بغيره إلا بعمله الصالح ، وقد دعوتكم إليه ، وأنذرت من خالف منكم لقاء يومكم هذا فأبيتم إلا كفورا {ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } . المراد بالقول هنا أمره سبحانه في الآية السابقة للسائق والشهيد : {أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} وهذا الإلقاء حتم وعدل ، هو حتم لأن اللَّه أمر به ولا تبديل لأمره ، وهو عدل لأن المجرم أهل له .
وتسأل : لقد ذهب كثير من العلماء إلى ان الخلف بالوعيد جائز على اللَّه دون الوعد ، وبهذا جاءت السنّة النبوية حيث قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) : (من وعد لأحد على عمله ثوابا فهو منجز له ، ومن أوعده على عمله عقابا فهو بالخيار) .
يضاف إلى ذلك ان العقل يستحسن الوفاء بالوعد ، ولا يستقبح الخلف بالوعيد ، فما هو الوجه - إذن - لقوله تعالى : {ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} ؟ .
وأجاب بعض العلماء بأن اللَّه سبحانه لا يعفو جزافا ، بل لسبب موجب :
والعفو كذلك ليس من تبديل القول في شيء . . ونضيف نحن إلى هذا الجواب ان المراد بالوعيد هنا الوعيد بعذاب {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} وليس كل وعيد وتهديد ، لأن هذا المعتدي الأثيم لا كفارة له ولا شفيع عند اللَّه - كما نظن - .
{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } . هذا كناية عن شدة لهبها ، وأليم عذابها ، وانها لا تضيق بالمجرمين بالغا ما بلغ عددهم ، وقد وصف سبحانه جهنم في العديد من آياته بأوصاف رهيبة مخيفة تقشعر منها جلود الذين يخشون ربهم ، أما الذين في قلوبهم مرض فيسخرون منها وممن آمن بها
{وأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} . هذا على طريقة القرآن ، يقرن جزاء من أساء بثواب من أحسن . . هناك الشدائد والآلام ، وهنا النعيم والجنان ، وقوله تعالى : {غَيْرَ بَعِيدٍ} تأكيد لكلمة أزلفت لأنها بمعنى اقتربت ، والمراد بقرب الجنة من المتقين انهم لها ، وهي لهم {هذا ما تُوعَدُونَ} . لقد عملتم أيها المتقون على موعود من اللَّه ، واللَّه منجز وعده ، فإليكم هذا النعيم الذي لا يحده وصف ، ولا يبلغه عقل .
{لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ } . هذه الصفات الأربع علامات تدل على المتقين ، فمن علامة أحدهم انه تواب يبتعد عن المعصية خوفا من اللَّه ، ويحافظ على الطاعة أملا بثواب اللَّه ، وهو في إيمانه وإخلاصه على سبيل واحد ، سواء أكان غائبا عن الناس أم حاضرا بينهم ، على عكس المرائي الذي يكسل إذا كان وحده ، وينشط أمام الناس ، وهذا المتقي هو الذي يلقى اللَّه سبحانه بقلب منيب سليم . وبكلام آخر للإمام علي ( عليه السلام ) يصف به من اتقى وأتى اللَّه بقلب سليم : (أطاع من يهديه وتجنب من يرديه ، وأصاب سبيل السلامة ببصر من بصّره وطاعة هاد أمره ، وبادر إلى الهدى قبل أن تغلق أبوابه وتقطع أسبابه) .
{ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ لَهُمْ ما يَشاؤُونَ فِيها ولَدَيْنا مَزِيدٌ }. أنتم أيها المتقون في جنة (لا ينقطع نعيمها ، ولا يظعن مقيمها ، ولا يهرم خالدها ، ولا يبأس ساكنها) . . . ولكم على الدوام فوق ما تشتهون وتقترحون .
وبعد ، فإن هذا التفاوت الهائل بين الجنة والنار يكشف كشفا قاطعا عن مدى البعد والتفاوت بين درجات المتقين والمجرمين ، وان الفرق بين منازلهم عند اللَّه تعالى تماما كالفرق بين الجنة والنار .
_________________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص135-137.
قوله تعالى: {وقال قرينه هذا ما لدي عتيد} لا يخلو السياق من ظهور في أن المراد بهذا القرين الملك الموكل به فإن كان هو السائق كان معنى قوله: {هذا ما لدي عتيد} هذا الإنسان الذي هو عندي حاضر، وإن كان هو الشهيد كان المعنى هذا – وهو يشير إلى أعماله التي حمل الشهادة عليها - ما عندي من أعماله حاضر مهيأ.
وقيل: المراد بالقرين الشيطان الذي يصاحبه ويغويه، ومعنى كلامه على هذا هذا الإنسان هو الذي توليت أمره وملكته حاضر مهيأ لدخول جهنم.
قوله تعالى: {ألقيا في جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب} الكفار اسم مبالغة من الكفر، والعنيد المعاند للحق المستمر على عناده، والمعتدي المتجاوز عن الحد المتخطىء للحق، والمريب الشاك أو المشكك في أمر البعث.
وبين هذه الصفات المعدودة شبه الاستلزام فإن كثرة الكفر برد الإنسان كل حق يواجهه تنتج العناد مع الحق والإصرار عليه، والإصرار على العناد يوجب المنع عن أكثر الخيرات إذ لا خير إلا في الحق ومن ناحيته، وهو يستلزم الخروج عن حد الحق إلى الباطل وتجاوز الإنسان عن حد العبودية إلى الاستكبار والطغيان ويستلزم تشكيك الناس في ما يرومونه من دين الحق.
والخطاب في الآية منه تعالى، وظاهر سياق الآيات أن المخاطب به هما الملكان الموكلان السائق والشهيد، واحتمل بعضهم أن يكون الخطاب إلى ملكين من ملائكة النار وخزنتها.
قوله تعالى: {الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد} العدول في ذكر صفة الشرك عن الإيجاز إلى الإطناب حيث لم يقل: مشرك وقال: {الذي جعل} إلخ، للإشارة إلى أن هذه الصفة أعظم المعاصي وأم الجرائم التي أتى بها والصفات الرذيلة التي عدت له من الكفر والعناد ومنع الخير والاعتداء والإرابة.
وقوله: {فألقياه في العذاب الشديد} تأكيد لما تقدم من الأمر بقوله: {ألقيا} إلخ، ويلوح إلى تشديد الأمر من جهة الشرك، ولذا عقبه بقوله: {في العذاب الشديد}.
قوله تعالى: {قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد} المراد بهذا القرين قرينه من الشياطين بلا شك، وقد تكرر في كلامه تعالى ذكر القرين من الشيطان وهو الذي يلازم الإنسان ويوحي إليه ما يوحي من الغواية والضلال، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ } [الزخرف: 36 - 38].
فقوله: {قال قرينه} أي شيطانه الذي يصاحبه ويغويه {ربنا} أضاف الرب إلى نفسه والإنسان الذي هو قرينه لأنهما في مقام الاختصام {ما أطغيته} أي ما أجبرته على الطغيان {ولكن كان في ضلال بعيد} أي متهيئا مستعدا لقبول ما ألقيته إليه تلقاه باختياره فما أنا بمسئولين عن ذنبه في طغيانه.
وقد تقدم في سورة الصافات تفصيل اختصام الظالمين وأزواجهم في قوله: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } [الصافات: 22] ، إلى آخر الآيات.
قوله تعالى: {قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد} القائل هو الله سبحانه يخاطبهم وكأنه خطاب واحد لعامة المشركين الطاغين وقرنائهم ينحل إلى خطابات جزئية لكل إنسان وقرينه بمثل قولنا: لا تختصما لدي، إلخ.
وقوله: {وقد قدمت إليكم بالوعيد} حال من فاعل {لا تختصموا} و{بالوعيد} مفعول {قدمت} والباء للوصلة.
والمعنى: لا تختصموا لدي فلا نفع لكم فيه بعد ما أبلغتكم وعيدي لمن أشرك وظلم، والوعيد الذي قدمه إليهم مثل قوله تعالى لإبليس: {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا } [الإسراء: 63] ، وقوله: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [ص: 84، 85].
أو قوله: { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [السجدة: 13].
قوله تعالى: {ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد} الذي يعطيه السياق أن تكون الآية استئنافا بمنزلة الجواب عن سؤال مقدر كان قائلا يقول: هب أنك قد قدمت فهلا غيرته وعفوت؟ فأجيب بقوله: {ما يبدل القول لدي} والمراد بالقول مطلق القضاء المحتوم الذي قضى به الله، وقد قضى لمن مات على الكفر بدخول جهنم وينطبق بحسب المورد على الوعيد الذي أوعده الله لإبليس ومن تبعه.
فقد بان أن الجملة مستأنفة، والمراد بتبديل القول تغيير القضاء المحتوم، و{لدي} متعلق بالتبديل، هذا ما يعطيه السياق، وقد ذكر بعضهم في هذه الجملة وإعراب مفرداتها ومعنى تبديل القول وجوها واحتمالات كثيرة بعيدة عن الفهم لا تزيد في الكلام إلا تعقيدا فأغمضنا عن إيرادها.
وقوله: {وما أنا بظلام للعبيد} متمم لمعنى الجملة السابقة أي لا يبدل قولي فأنتم معذبون لا محالة ولست أظلم عبيدي في عذابهم على طبق ما قدمت إليهم بالوعيد لأنهم مستحقون لذلك بعد إتمام الحجة.
ومن وجه آخر: لا ظلم في مجازاتهم بالعذاب فإنهم إنما يجزون بأعمالهم التي قدموها في أعمالهم ردت إليهم كما هو ظاهر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [التحريم: 7].
وما في قوله: {وما أنا بظلام} من نفي الظلم الكثير لا يستوجب جواز الظلم اليسير فإنه تعالى لو ظلم في شيء من الجزاء كان ظلما كثيرا لكثرة أمثاله فإن الخطاب لكل إنسان مشرك ظالم مع قرينه، وهم كثيرون فهو سبحانه لو ظلم في شيء من الجزاء لكان ظلاما.
قوله تعالى: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} خطاب منه تعالى لجهنم وجواب منها، وقد اختلف في حقيقة هذا التكليم والتكلم فقيل: الخطاب والجواب بلسان الحال ويرده أنه لوكان بلسان الحال لم يختص به تعالى بل كان لكل من يشاهدها على تلك الحال أن يسألها عن امتلائها فتجيبه بقولها: هل من مزيد؟ فليس لتخصيص الخطاب به تعالى نكتة ظاهرة.
وقيل: حقيقة الخطاب لخزنة جهنم والجواب منهم وإن كانا نسبا إلى جهنم وفيه أنه خلاف الظاهر لا يصار إليه إلا بدليل.
وقيل: الخطاب والجواب على ظاهره، ولا دليل يدل على عدم الجواز، وقد أخبر الله سبحانه عن تكليم الأيدي والأرجل والجلود وغيرها، وهو الوجه وقد تقدم في تفسير سورة فصلت أن العلم والشعور سار في جميع الموجودات.
وقوله: {هل امتلأت} استفهام تقريري، وكذا قوله حكاية عنها: {هل من مزيد} ولعل إيراد هذا السؤال والجواب للإشارة إلى أن قهره وعذابه لا يقصر عن الإحاطة بالمجرمين وإيفاء ما يستحقونه من الجزاء قال تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: 49].
واستشكل بأنه مناف لصريح قوله تعالى: {لأملأن جهنم{ الآية وأجيب بأن الامتلاء قد يراد به أنه لا يخلو شيء من طبقاتها من السكنة كما يقال: البلد ممتلىء بأهله.
على أنه يمكن أن يكون هذا القول منها قبل دخول جميع أهل النار فيها.
وقيل: الاستفهام في قوله: {هل من مزيد} للإنكار والمعنى: لا مزيد أي لا مكان في يزيد على من ألقي في من المجرمين فقد امتلأت فيكون إشارة إلى ما قضى به في قوله: {لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}، وقوله: {هل امتلأت} في معنى أن يقال: {حق القول مني لأملأن جهنم}، وقوله: {هل من مزيد} تقرير وتصديق له.
وربما أيد هذا الوجه قوله تعالى قبل: {ما يبدل القول لدي} على تقدير أن يراد بالقول قوله تعالى: {لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}.
قوله تعالى: {وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد} شروع في وصف حال المتقين يوم القيامة، والإزلاف التقريب، و{غير بعيد} على ما قيل صفة لظرف محذوف والتقدير في مكان غير بعيد.
والمعنى: وقربت الجنة يومئذ للمتقين حال كونها في مكان غير بعيد أي هي بين أيديهم لا تكلف لهم في دخولها.
قوله تعالى: {هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ} الإشارة إلى ما تقدم من الثواب الموعود، والأواب من الأوب بمعنى الرجوع، والمراد كثرة الرجوع إلى الله بالتوبة والطاعة، والحفيظ هو الذي يدوم على حفظ ما عهد الله إليه من أن يترك فيضيع، وقوله: {لكل أواب حفيظ} خبر بعد خبر لهذا أوحال.
قوله تعالى: {من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب{ بيان لكل أواب والخشية بالغيب الخوف من عذاب الله حال كونه غائبا غير مرئي له، والإنابة هو الرجوع، والمجيء إلى ربه بقلب منيب أن يتم عمره بالإنابة فيأتي ربه بقلب متلبس بالإنابة.
قوله تعالى: {ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود} خطاب للمتقين أي يقال لهم: ادخلوا بسلام أي بسلامة وأمن من كل مكروه وسوء، أو بسلام من الله وملائكته عليكم، وقوله: {ذلك يوم الخلود} بشرى يبشرون بها.
قوله تعالى: {لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد} يمكن أن يكون {فيها{ متعلقا بيشاءون أو بمحذوف هو حال من الموصول، والتقدير: حال كون ما يشاءون فيها أومن الضمير المحذوف الراجع إلى الموصول، والتقدير: ما يشاءونه حال كونه فيها، والأول أوفق لسعة كرامتهم عند الله سبحانه.
والمحصل: أن أهل الجنة وهم في الجنة يملكون كل ما تعلقت به مشيتهم وإرادتهم كائنا ما كان من غير تقييد واستثناء فلهم كلما أمكن أن يتعلق به الإرادة والمشية لو تعلقت.
وقوله: {ولدينا مزيد} أي ولهم عندنا ما يزيد على ذلك - على ما يفيده السياق - وإذ كان لهم كل ما أمكن أن تتعلق به مشيتهم مما يتعلق به علمهم من المطالب والمقاصد فالمزيد على ذلك أمر أعظم مما تتعلق به مشيتهم لكونه فوق ما يتعلق به علمهم من الكمال.
وقيل: المراد بالمزيد الزيادة على ما يشاءون من جنس ما يشتهون فإذا شاءوا رزقا أعطوا منه أكثر مما شاءوا وأفضل وأعجب كما ورد عن بعضهم أنه تمر بهم السحابة فتقول: ما ذا تريدون فأمطره عليكم فلا يريدون شيئا إلا أمطرته عليهم.
وفيه أنه تقييد لإطلاق الكلام من غير مقيد فإن ظاهر قوله: {لهم ما يشاءون فيها} إنهم يملكون كل ما يمكنهم أن يشاءوا لا تملكهم ما شاءوه بالفعل فالمزيد وراء ما يمكن أن تتعلق به مشيتهم.
وقيل: المراد أنه يضاعف لهم الحسنة بعشر أمثالها وفيه ما في سابقه.
_______________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج18 ، ص285-289.
قرناء الإنسان من الملائكة والشياطين:
مرّةً اُخرى ترتسم في هذه الآيات صورة اُخرى عن المعاد، صورة مثيرة مذهلة حيث أنّ الملك ـ قرين الإنسان ـ يبيّن محكومية الإنسان بين الملأ ويصدر حكم الله لمعاقبته وجزائه.
تقول الآية الاُولى من هذه الآيات: يقول صاحبه وقرينه هذا كتاب أعمال هذا الإنسان حاضر لديّ: {وقال قرينه هذا ما لديّ عتيد} فيكشف الستار عن كلّ صغيرة وكبيرة صدرت منه.
ولكن ما المراد من «قرينه»؟ للمفسّرين أقوال كثيرة، إلاّ أنّ أغلبهم يرى أنّ المراد منه هو الملك الذي يرافق الإنسان في الدنيا والذي كان مأموراً بتسجيل أعماله وضبطها ليشهد عليه هناك في محكمة عدل الله.
والآيات السابقة التي كانت تشير إلى أنّ من يرد عرصات المحشر فإنّ معه سائقاً يسوقه وشهيداً يشهد عليه، تدلّ على هذا المعنى أيضاً. زد على ذلك لحن الآية نفسها والآية التي تليها تتناسبان مع هذا المعنى أيضاً
[فلاحظوا بدقّة].
إلاّ أنّ بعض المفسّرين ذكر أنّ المراد من قرينه هو «الشيطان»، لأنّ كلمة «قرين» أُطلقت في كثير من آيات القرآن على الشيطان الذي يصطحب الإنسان .. فيكون معنى الآية على هذا التقدير هكذا: «وقال الشيطان قرين الإنسان: «إنّني أعددت هذا المجرم لجهنّم وبذلت أقصى ما في وسعي من جهد في هذا السبيل».
إلاّ أنّ هذا المعنى لا أنّه لا يتناسب مع الآيات السابقة واللاحقة فحسب، بل لا ينسجم مع تبرئة الشيطان نفسه من إغوائه الإنسان على الذنب كما تصرّح بذلك الآية الواردة بعد عدّة آيات من هذه الآية محلّ البحث.
فطبقاً لهذا التّفسير للآية فإنّ الشيطان يعترف بمسؤوليته في إغواء الإنسان، والحال أنّ الآيات المقبلة نقرأ فيها قوله: {وقال قرينه ربّنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد} فيقع التضادّ بين القولين كما تلاحظون.
وهناك تفسير ثالث وهو أبعد ممّا ذكر آنفاً ولا قرينة عليه أبداً، وهو أنّ المراد من «قرينه» هومن رافق الإنسان في حياته من البشر!!
ثمّ يخاطب الله الملكين المأمورين بتسجيل أعمال الإنسان فيقول لهما: {ألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد}.
كلمة «عنيد» مشتقّة من العناد، ومعناها التكبّر وحبّ الذات وعدم الخضوع للحقّ!
ومن هم المخاطَبَين هنا؟ هناك تفاسير متعدّدة أيضاً، فمنهم من إختار التّفسير آنف الذكر، ومنهم من قال بأنّهما خازنا النيران.
وقال بعضهم ـ أيضاً ـ من المحتمل أن يكون المخاطب واحداً فحسب، وهو الشاهد الذي يرد عرصة القيامة مع المجرم، وصرّحت به الآيات آنفة الذكر، وتثنية الفعل هومن أجل التأكيد، فكأنّه يؤكّد مرتين: «القِ، الق» وإستعمال التثنية في خطاب المفرد وارد في لغة العرب، إلاّ أنّ هذا التّفسير بعيد جدّاً. وخير التفاسير وأنسبها هو التّفسير الأوّل.
وفي الآية التالية إشارة إلى بعض الأوصاف التي يتّصف بها هؤلاء الكفّار ـ الذميمة المنحطّة إذ تقول الآية: {منّاع للخير معتد مريب}.
«المنّاع» بحكم كونه صيغة مبالغة فإنّه يطلق على الشخص الذي يمنع كثيراً من الاُمور، فيكون التعبير بـ «منّاع للخير» يقصد به من يمنع كلّ عمل صالح فيه خير وبأيّة صورة كانت.
وقد ورد في بعض الرّوايات أنّ الآية نزلت في «الوليد بن المغيرة» حيث أنّه كان يمنع أبناء أخيه عن الإسلام ويقول لهم: طالما كنت حيّاً فلن أعينكم في حياتكم(2).
وكلمة «معتد» معناها المتجاوز على الحدود، سواءً أكان متجاوزاً لحقوق الآخرين أو لحدود الله وأحكامه!
وكلمة «مريب» مشتقّة من الريب، وتعني من هو في شكّ، الشكّ المقرون بسوء الظنّ، أومن يخدع الآخرين فيجعلهم بما يقول أو يعمل في شكّ من أمرهم .. فيضلّوا عن سواء السبيل.
ثمّ تضيف الآية التالية لتذكر وصفاً ذميماً لمن كان من طائفة الكفّار فتقول: {الذي جعل مع الله إلهاً آخر}.
أجل: {فألقياه في العذاب الشديد}.
وفي هذه الآيات بيان ستّة أوصاف لأهل النار، فالأوصاف الخمسة المتقدّمة بعضها لبعض بمثابة العلّة والمعلول، أمّا الوصف السادس فإيضاح للجذر الأصيل لهذه الأوصاف.
لأنّ معنى الكفّار هومن أصرّ على كفره كثيراً، وينتهي هذا الأمر إلى العناد.
والمعاند أو العنيد يصرّ على منع الخير أيضاً، ومثل هذا الشخص بالطبع يكون معتدياً متجاوزاً على حقوق الآخرين وحدود الله.
والمعتدون يصرّون على إيقاع الآخرين في الشكّ والريب وسلب الإيمان عنهم.
وهكذا تبيّن أنّ هذه الأوصاف الخمسة أي «الكفّار والعنيد والمنّاع للخير والمعتدي والمريب» يرتبط بعضها ببعض إرتباطاً وثيقاً، وبعضها لبعض يشكّل علاقة اللازم بالملزوم.
وفي الوصف السادس أي {الذي جعل مع الله إلهاً آخر} يكمن الجذر الأصيل والأساس لجميع الإنحرافات الآنف ذكرها، والمراد من هذا الوصف هو الشرك، لأنّ التدقيق فيه يكشف أنّ الشرك هو الباعث على جميع هذه الاُمور المتقدّمة!
وفي الآية التالية يكشف الستار عن مشهد آخر وصورة اُخرى ممّا يجري على هؤلاء الكفّار وعاقبتهم، وهو المجادلة بينهم وبين الشيطان الغويّ في يوم القيامة، فكلّ من الكفّار يلقي التبعات على الشياطين، إلاّ أنّ قرينه «الشيطان» يردّ عليه ويقول كما يحكي عنه القرآن: (قال قرينه ربّنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد). فلم أجبره على سلوك طريق الغواية والضلالة، بل هوالذي سلكه بإختياره وإرادته وإختار هذا الطريق.
وهذا التعبير يشبه ما ورد في سورة إبراهيم الآية (22) إذ يتبرّأ الشيطان من أتباعه فيقول: {... وما كان لي عليكم من سلطان إلاّ أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم}!!
وبالطبع فإنّ الشيطان لا يريد أن ينكر أثره في إغواء الإنسان إنكاراً كليّاً، بل يريد أن يثبت أنّه لم يجبر أحداً على إغوائه، بل الإنسان بمحض إستجابته ورغبته قبل وساوس الشيطان، فعلى هذا الأساس لا تضادّ بين هذه الآية والآية (82) من سورة (ص): {لاُغوينّهم أجمعين}.
وبالرغم من أنّ هذه الآيات تتحدّث عن دفاع الشيطان عن نفسه فحسب، ولا يظهر فيها كلام على إعتراض الكفّار وردّهم على الشيطان، إلاّ أنّه وبقرينة سائر الآيات التي تتحدّث عن مخاصمتهم في يوم القيامة وبقرينة الآية التالية يتّضح جدال الطرفين إجمالا، لأنّها تقول حاكية عن ربّ العزّة: (قال لا تخصموا لديّ وقد قدّمت إليكم بالوعيد) وأخبرتكم عن هذا المصير.
إشارة إلى قوله تعالى للشيطان من جهة: {قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا } [الإسراء: 63].
ومن جهة اُخرى فقد أنذر سبحانه من تبعه من الناس { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [ص: 85].
وهذا التهديد والوعيد واردة في سائر آيات القرآن، وهي حاكية جميعاً عن أنّ الله أتمّ الحجّة على الشياطين والإنس كلّهم .. وحذّر كلا الفريقين من الإغواء والغواية والإضلال والضلال.
ولمزيد التأكيد تقول الآية التالية حاكية عن لسان ربّ العزّة: {ما يبدّل القول لدي وما أنا بظلاّم للعبيد}(3).
والمراد من «القول» هنا هو التهديد أو الوعيد الذي أشار إليه الله سبحانه مراراً في آيات متعدّدة وذكرنا آنفاً أمثلةً منها.
والتعبير بـ «ظلاّم» وهو صيغة مبالغة معناه كثير الظلم، مع أنّ الله لا يصدر منه أقل ظلم، ولعلّ هذا التعبير هو إيذان بأنّ مقام عدل الله وعلمه في درجة بحيث لو صدر منه أصغر ظلم لكان يعدّ كبيراً جدّاً ولكان مصداقاً للظلاّم، فعلى هذا فإنّ الله بعيد عن أي أنواع الظلم.
أو أنّ هذا التعبير ناظر إلى الأفراد والمصاديق، إذ لو نال عبداً ظلم من الله فهناك نظراء لهذا العبد، وفي المجموع يكون الظلم كثيراً.
وعلى كلّ حال، فإنّ هذا التعبير دليل على أنّ العباد مخيّرون ولديهم الحريّة «في الإرادة» فلا الشيطان مجبور على شيطنته وعمله، ولا الكفّار مجبورون على الكفر وأتباع طريق الشيطان، ولا العاقبة والمصير القطعي الخارج عن الإرادة قد تقرّرا لأحد أبداً.
وهنا ينقدح هذا السؤال! وهو:
كيف يقول سبحانه (ما يبدّل القول لديّ)؟ مع أنّ جماعة من العباد يشملهم عفوه وغفرانه؟
والجواب على هذا السؤال: أنّ العفو أيضاً وفقاً لمنهج دقيق وفرع على عمل أدّاه الإنسان بحيث أنّه على رغم جرمه فهو جدير بالعفو، وهذا بنفسه أحد السنن الإلهيّة، وهو أنّ من يستحقّ العفو يشمله عفوه، وهذا أيضاً لا يتغيّر.
وفي آخر آية من الآيات محلّ البحث إشارة إلى جانب قصير ومثير من مشاهد يوم القيامة إذ تقول الآية: {يوم نقول لجهنّم هل امتلأت وتقول هل من مزيد}(4).
والمراد من (هل من مزيد) ما هو؟ هناك تفسيران:
الأوّل: أنّه إستفهام إنكاري، أي أنّ جهنّم تقول لا مجال للزيادة، وبهذا فينسجم هذا المعنى مع الآية 13 من سورة السجدة: (لأملأنّ جهنّم من الجنّة والناس أجمعين) وهو تأكيد على أنّ تهديد الله يتحقّق في ذلك اليوم تماماً وأنّ جهنّم تمتلىء في يوم القيامة من الكفّار والمجرمين.
والثّاني: إنّ هذه الجملة فيها طلب للزيادة! أي هل يوجد غير هؤلاء ليدخلوا النار، وأساساً فإنّ طبيعة كلّ شيء أن يبحث عن سنخه دائماً، فلا النار تشبع من الكفّار ولا الجنّة تشبع من المؤمنين الصالحين.
إلاّ أنّ هذا السؤال سيبقى بلا جواب، وهو أنّ مفهوم هذا الطلب أنّ جهنّم ما تزال غير ممتلئة، فلا تنسجم مع الآية 13 من سورة السجدة آنفة الذكر التي تقول: (لأملأنّ جهنّم من الجنّة والناس أجمعين).
ولكن ينبغي الإلتفات إلى أنّ طلب المزيد لا يدلّ على عدم الإمتلاء لأنّه:
أوّلا: قد يكون إناء مليء بالطعام مثلا، إلاّ أنّ شخصاً ما يزال يتمنّى أن لو اُضيف إليه فيكون متراكماً أكثر!
ثانياً: هذا الطلب يمكن أن يكون طلباً لتضييق المكان على أهل جهنّم وعقابهم الأليم أو تمنّي السعة لإستيعاب أنفار آخرين أكثر.
وعلى كلّ حال، فإنّ هذه الآية تدلّ دلالة واضحة أنّ أهل جهنّم كثيرون، وأنّ صورة جهنّم مرعبة وموحشة وأنّ تهديد الله جدّي وحقّ يربك الفكر في كلّ إنسان فيهزّه ويحذّره ألاّ يكون واحداً من أهلها! وهذا التفكير يمكن أن يصيّره ورعاً ملتزماً فلا يقدم على الذنوب الكبيرة والصغيرة!.
وينقدح سؤال آخر، وهو كيف تخاطب النار وهي موجود غير عاقل فتردّ وتجيب على الخطاب!
ولهذا السؤال توجد إجابات ثلاث:
الاُولى: إنّ هذا التعبير نوع من التشبيه وبيان لسان الحال! أي أنّ الله يسأل بلسان التكوين جهنّم وهي تجيب بلسان الحال، ونظير هذا التعبير كثير في اللغات المختلفة!
الثّانية: إنّ الدار الآخرة دار حياة واقعية، فحتّى الموجودات المادية كالجنّة والنار يكون لها نوع من الإدراك والحياة والشعور، فالجنّة تشتاق إلى المؤمنين، وجهنّم تنتظر المجرمين.
وكما أنّ أعضاء جسم الإنسان تنطق في ذلك اليوم وتشهد على الإنسان، فلا عجب أن تكون الجنّة والنار كذلك!
بل وحسب إعتقاد بعض المفسّرين إنّ ذرّات هذا العالم جميعها لها إدراك وإحساس خاصّ، ولذلك فهي تسبّح الله وتحمده، وقد أشارت إليه بعض آيات القرآن كالآية (44) من سورة الإسراء(5).
والثّالثة: إنّ المخاطبين هم خزنة النار وهم الذين يردون على هذا السؤال.
وجميع هذه التفاسير يمكن قبولها، إلاّ أنّ التّفسير الأوّل أنسب كما يبدو!
وقوله تعالى : {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيد ( 31 ) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ ( 32 ) مَّنْ خَشِىَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْب مُّنِيب( 33 ) ادْخُلُوهَا بِسَلَم ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ( 34 ) لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }:
ادخلوا الجنّة .. أيّها المتّقون!
مع الإلتفات إلى أنّ أبحاث هذه السورة يدور أغلبها حول محور المعاد والاُمور التي تتعلّق به، ومع ملاحظة أنّ الآيات آنفة الذكر تتحدّث عن كيفية القاء الكفّار المعاندين في نار جهنّم وما يلاقونه من عذاب شديد وبيان صفاتهم التي جرّتهم وساقتهم إلى نار جهنّم! ففي هذه الآيات محلّ البحث تصوير لمشهد آخر، وهو دخول المتّقين الجنّة بمنتهى التكريم والتجلّة وإشارة إلى أنواع النعم في الجنّة، كما أنّ هذه الآيات تبيّن صفات أهل الجنّة لتتّضح الحقائق أكثر بهذه المقارنة ما بين أهل النار وأهل الجنّة.
فتبدأ الآيات بالقول: {وأُزلفت الجنّة للمتّقين غير بعيد}.
«اُزلفت»: من مادّة زُلفى ـ على زنة كُبرى ـ ومعناها القرب، أي قُرّبت.
والطريف هنا أنّ القرآن لا يقول: وقُرّب المتّقين إلى الجنّة، بل يقول واُزلفت أي وقرّبت الجنّة للمتّقين، وهذا أمر لا يمكن أن يتصوّر تبعاً للظروف الدنيوية وشروطها، ولكن حيث إنّ الاُصول الحاكمة على العالم الآخر تختلف إختلافاً بالغاً عمّا هي في هذه الدنيا، فلا ينبغي التعجّب إطلاقاً أن يُقرّب الله الجنّة للمتّقين بمنتهى التكريم بدلا من أن يذهبوا هم إليها.
كما أنّنا نقرأ في الآيتين (90) و91) من سورة الشعراء: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ} [الشعراء: 90، 91].
وهذا منتهى اللطف الإلهي لعباده المؤمنين حيث لا يتصوّر فوقه لطف آخر!.
والتعبير بـ (غير بعيد)(6) تأكيد على هذا المعنى أيضاً.
وعلى كلّ حال، فمفهوم الآية أنّ هذه القضيّة تقع في القيامة رغم أنّه عبّر عنها بالماضي «أزلفت» لكن الحوادث المستقبلية القطعية كثيراً ما يعبّر عنها بالماضي ـ لأنّ وقوعها سيتحقّق حتماً ـ .
وقيل: إنّ إزلاف الجنّة للمتّقين يتحقّق في الدنيا، لأنّه لا يفصلهم شيء عن الجنّة والتعبير بالماضي يراد به الماضي حقيقة. وعند الموت سيجدون أنفسهم في الجنّة. لكن مع ملاحظة الآيات السابقة واللاحقة التي تتحدّث عن مشاهد القيامة يبدوأنّ هذا المعنى بعيد، والمناسب هو التّفسير الأوّل.
ثمّ تبيّن الآيات أوصاف أهل الجنّة فتقول: {هذا ما توعدون لكلّ أوّاب حفيظ}.
وقد اُشير في هذه الآية إلى وصفين من أوصافهم وهما «أوّاب» .. «وحفيظ».
وكلمة «الأوّاب»: من مادّة
[أوب] ـ على زنة ذوب ـ ومعناها العودة، ولعلّها تعني التوبة عن الذنوب الكبيرة والصغيرة.
أو أنّها تعني العودة إلى الطاعة، ومع ملاحظة أنّ هذه الصيغة هي للمبالغة فإنّها تدلّ على أنّ أهل الجنّة رجال متّقون بحيث إنّ أيّ عامل أو مؤثّر أراد أن يبعدهم عن طاعة الله فهم يلتفتون ويتذكّرون فيرجعون إلى طاعته فوراً، ويتوبون عن معاصيهم وغفلاتهم ليبلغوا مقام «النفس المطمئنة».
«الحفيظ» معناه الحافظ، فما المراد منه؟ هل هو الحافظ لعهد الله إذ أخذه من بني آدم ألاّ يعبدوا الشيطان كما ورد في الآية (60) من سورة يس، أم هو الحافظ لحدود الله وقوانينه أو الحافظ لذنوبه والمتذكّر لها ممّا يستلزم التوبة والجبران، أو يعني جميع ما تقدّم من إحتمالات؟
ومع ملاحظة أنّ هذا الحكم ورد بصورة مطلقة، فإنّ التّفسير الأخير الجامع لهذه المعاني يبدو أقرب.
وإستدامةً لبيان هذه الأوصاف فإنّ الآية التالية تشير إلى وصفين آخرين منها، وهما في الحقيقة بمثابة التوضيح والتّفسير لما سبق ذكره، إذ تقول الآية: (من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب}.
عبارة {من خشي الرحمن بالغيب} إشارة إلى أنّهم رغم عدم رؤيتهم الله بأعينهم، إلاّ أنّهم يؤمنون به عن طريق آثاره والإستدلال بها. فيؤمنون إيماناً مقروناً بالإحساس بتحمّل المسؤولية.
ويحتمل أنّ المراد من «الغيب» هوما غاب عن أعين الناس، أي أنّهم لا يرتكبون الإثم لا بمرأى من الناس ولا في خلوتهم وإبتعادهم عنهم.
وهذا الخوف «أو الخشية» يكون سبباً للإنابة، فيكون قلبهم متوجّهاً إلى الله ويقبل على طاعته دائماً ويتوب من كلّ ذنب، وأن يواصلوا هذه الحالة حتّى نهاية العمر ويردّوا عرصات المحشر على هذه الكيفية!.
ثمّ تضيف الآية الاُخرى بأنّ اُولئك الذين يتمتّعون بالصفات الأربع هذه حين تتلقّاهم الملائكة عند أبواب الجنّة يقولون لهم بنهاية التجلّة والإكرام {إدخلوها بسلام}.
«السلام» من كلّ أنواع الأذى والسوء والعذاب والمعاقبة، السلامة الكاملة في لباس الصحّة والعافية.
ولطمأنتهم يُضاف أنّ ذلك اليوم يوم الدعّة و{ذلك يوم الخلود}.
وإضافةً لهاتين البشارتين بشرى الدخول بسلام، وبشرى الخلود في الجنّة، يبشّرهم الله بشريين اُخريين بحيث تكون مجموع البشريات أربعاً كما أنّهم يتّصفون بأربع صفات يقول: {لهم ما يشاءون فيها}.
وإضافةً إلى كلّ ذلك فإنّه (لدينا مزيد) من النعم التي لم تخطر ببال أحد.
ولا يمكن أن يتصوّر تعبير أبلغ من هذا التعبير وأوقع منه في النفس، إذ يقول القرآن أوّلا: {لهم ما يشاءون فيها} على سعة معنى العبارة وما تحمله من مفهوم إذ لا إستثناء فيها، ثمّ يضاف عليها المزيد من قبل الله ما لم يخطر بقلب أحد، حيث أنّ الله الذي أنعم على المتّقين فشملهم بألطافه الخاصّة وهم يتنعمّون فيها، وهكذا فإنّ نعم الجنّة ومواهبها ذات أبعاد واسعة لا يمكن أن توصف بأيّ بيان.
كما يستفاد من هذا التعبير ضمناً أنّه لا مقايسة بين أعمال المؤمنين وثواب الله، بل هو أعلى وأسمى منها كثيراً، والجميع في يوم القيامة يواجهون فضله أو عدله! ونجازى بعدله!
_____________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج13 ، ص173-182.
2 ـ روح المعاني، ج26، ص168.
3 ـ لديّ ظرف متعلّق بـ «يبدّل» وإحتمل بعض المفسّرين أنّه متعلّق بالقول، إلاّ أنّ المعنى
الأوّل أنسب ..
4 ـ بأي كلمة متعلّق لفظ «يوم»؟ هناك ثلاثة وجوه ـ الوجه الأوّل أنّه متعلّق بمحذوف وتقديره
اذكروا. والوجه الثاني أنّه متعلّق بيبدّل. والوجه الثالث أنّه متعلّق بظلاّم، إلاّ أنّ الأوّل أولى.
5 ـ يراجع ذيل الآية 44 من سورة الإسراء.
6 ـ غير بعيد فيها ثلاثة أوجه إعرابية، فيحتمل أن تكون ظرفاً، كما يحتمل أن تكون حالا،
ويحتمل أن تكون صفةً لمحذوف تقديره إزلافاً غير بعيد ..
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|