المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6689 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النقل البحري
2024-11-06
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06

Other vowels happY
2024-06-08
درجة حرارة الزجاج Glass Transition
28-11-2017
منهج التفسير بالرأي
21-09-2015
The short vowels PRICE
2024-04-19
أولاد الإمام الحسن(عليه السلام)
19-10-2015
تحضير الأغنام للحلابة
26-1-2016


يزيد يتولى الحكم  
  
1522   05:19 مساءً   التاريخ: 27-5-2017
المؤلف : الدكتور ابراهيم بيضون
الكتاب أو المصدر : التوابون
الجزء والصفحة : ص66- 79
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / الدولة الاموية / الدولة الاموية في الشام / يزيد بن معاوية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-11-2016 986
التاريخ: 17-11-2016 1174
التاريخ: 17-11-2016 1064
التاريخ: 17-11-2016 1187

خلافة يزيد وتحرك الحسين

مات معاوية في العام الستين للهجرة، وفي نفسه شيء من الملك، بعد أن تربع على رأس السلطة أربعين عاماً كاملة نصفها كأمير والآخر كخليفة. ولعله شعر بالاطمئنان في قرارة نفسه الى دوام الملك واستمرارية الخلافة في أسرته بانتقال الامر من بعده الى يزيد. ولكن هذا الاطمئنان كان مشوباً بالقلق على مصير البنيان الذي شيده بالقوة وبنفاذ الصبر. فلم يكن هناك أي مجال للمقارنة بين الاب، السياسي الذكي وبين الابن، الأرعن الغارق في العبث واللهو والمجون. وشاء معاوية أن يغير هذه الصورة التي التصقت بابنه، فأقحمه في غمار مسؤوليات أثبتت الايام انه عاجز كل العجز عن تحملها. فقد أرسله حاجاً الى مكة (1) ووضعه على رأس حملة القسطنطينية الضخمة. ولكن لا فريضة الحج صبغته بالوقار، ولا قيادة الحملة جعلت منه قائداً عسكرياً لامعاً. فالصورة التي في أذهان الناس ظلت كما هي تأبى أن تتغير.

تسلم يزيد الخلافة اذاً، ومعها ميراثاً ثقيلاً من المشاكل، كان معاوية قد نجح في تجميدها أو تأخير انفجارها. ومن أبرز هذه المشاكل، مشكلة الخلافة نفسها. فهناك أكثر من طامح يتحين الفرصة المناسبة للوثوب في سبيلها. ففي مكة اعتكف عدد من زعماء العرب من أبناء الخلفاء السابقين وغيرهم، احتجاجاً على خلافة يزيد وتكريساً لعدم اعترافهم بها. وفي الكوفة، مركز الحزب الشيعي الذي سار شوطاً مهماً في عملية البناء التنظيمي، اتخذت الامور بعداً آخراً تعدى الاحتجاج والرفض الى الثورة الشعبية.

والواقع ان ملامح التحرك في الكوفة بدأت في وقت سابق أيام معاوية. فقد ذهب أكثر من وفد من الحزب الى المدينة وبحث مع الحسن[عليه السلام]  في شأن الثورة. وها هو سليمان بن صرد الخزاعي يخاطبه باسم أحد الوفود : (فان شئت فاعد الحرب جذعة، وأذن لي في تقدمك الى الكوفة. فأخرج عنها عاملها وأظهر خلعه، وتنبذ اليهم على سواء ان الله يحب الخائنين) (2).

ولكن الحسن[عليه السلام] كان يرى حينئذ أن الاسباب التي دفعته الى التنازل لازالت قائمة، والظروف نفسها لازالت مهيمنة وسط جو من الارهاب أكثر ما يصيب العراق، الخزان البشري الاول لأية ثورة شيعية مرتقبة.

ولنستمع الى قول الحسن[عليه السلام] امام ممثلي الحزب :

(ما أردت بمصالحتي معاوية ألا أن أدفع عنكم القتل عندما رأيت من تباطؤ أصحابي عن الحرب) (3).

أو قوله :

(... فصالحت بقيا على شيعتنا خاصة من القتل، ورأيت دفع هذه الحرب الى يوم ما (4).

كان الحسن[عليه السلام] صادقاً في تصوير الموقف الى حد كبير. فهو كزعيم لهذا الحزب يتحمل مسؤولية أي تحرك قبل غيره. وأي فشل في ظل هذه الظروف قد يؤدي الى تدمير الحزب والقضاء عليه نهائياً.

وكان هذا رأي الحسين[عليه السلام] أيضاً حين تسلم زعامة الحزب فآثر عدم الثورة في عهد معاوية، والانصراف الى تنظيم الحزب واعداد عناصره اعداداً جيداً بحيث يصبحون على قدر من النضج والوعي قبل القيام بأي نشاط علني.

ولا بد من الاعتراف بأن مهمة الحسين[عليه السلام] لم تكن سهلة أبداً. لان أجهزة معاوية كانت على جانب كبير من الخبرة والحذر الامر الذي كان يجعل من اتصالات الحسين أمراً عسيراً للغاية، خاصة في الفترة التي خضعت فيها الكوفة لزياد بن أبيه. وكان العامل الجغرافي يزيد الامور تعقيداً، بابتعاد قواعد الحزب عن قياداته بحيث سيكون لهذا العامل الاثر الاكثر أهمية في اخفاق ثورة الحسين وغيرها من الثورات الشيعية فيما بعد.

بعد تسلم يزيد زمام الحكم أحس الجميع أن ثوب الخلافة فضفاضاً عليه، حيث كان ينقصه الكثير من ذكاء أبيه وحساباته الدقيقة للأمور، وكان ذلك فرصة مناسبة للحزب الشيعي في الكوفة بأن يتحرك.. فجرت اتصالات مع زعيم الحزب في الحجاز، وكان حينئذ يتعرض لمجابهة من قبل ممثل السلطة الاموية في المدينة الوليد بن عتبة، الذي تلقى أوامر الخلافة بالسعي الى انتزاع الحسين [عليه السلام] ورفاقه الرافضين بأي ثمن.

ولا يتَخلى الحسين[عليه السلام] عن فطنته وبعد نظره، وهو ذاهب لمقابلة الوليد على رأس مجموعة مسلحة من أتباعه تحسباً لاي طارئ (5). وبجرأة متناهية رد على الوالي بحضور شيخ بني أمية مروان بن الحكم : (ان مثلي لا يعطي بيعته سراً، ولا أراك تجتزيء بها مني سراً دون أن تظهرها على رؤوس الناس علانية) .

أدرك الوليد ما وراء كلمات الحسين من اصرار على الرفض، ولم يشأ أن يتمادى في الحوار معه أكثر من ذلك، متجاهلاً نصيحة مروان الذي أشار عليه : (احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه) (6) ... وفي صباح اليوم التالي كان الحسين قد رحل الى مكة.

وهناك شعر بوطأة السلطة تخف عن كاهله قليلاً، ولكن رحلته لم تقف عند هذا الحد.. فلم تكن هرباً من البيعة وانما مواجهة مصيرية لمسؤولياته ولقاء حاسماً مع دوره التاريخي الذي كان في انتظاره.

في مكة عاش الحسين مستغرقاً في أفكاره وتأملاته لتكوين صورة واضحة للموقف النهائي. وفي الكوفة كان أركان الحزب الشيعي يجتمعون في منزل سليمان بن صُرد الخزاعي حينما تناهى اليهم خروج زعيم الحزب الى مكة (7)، فقرروا أن الظروف مواتية للتحرك. فكتبوا الى الحسين يطلبون منه القدوم وتسلم قيادة الثورة.

أخذت الرسائل تتوالى على الحسين - وأكثرها من زعماء اليمانية البارزين - وفيها الحاح بعدم التأخر. وانتظر الحسين وقتاً ريثماً يستكمل دراسته للموقف، ولم يكن ذلك تردداً وانما تحسباً لا بد منه. فخروجه على النظام الاموي بات أمراً لا جدال فيه، لان يزيداً لن يدعه الا اذا بايع له، وقراره بشأن البيعة لا عدول عنه فالمصادمة بينهما اذاً واقعة وحتمية.

وانطلاقاً من هذا الشعور قرر الحسين ارسال أحد معاونيه وثقاته وهو مسلم بن عقيل الى الكوفة ليطلع عن كثب على الموقف ويمهد له الطريق. وأرسل أيضاً مندوباً آخر الى البصرة حمّله صورة عن البرنامج السياسي للثورة ورسائل الى زعمائها أمثال الأحنف بن قيس والمنذر بن الجارود ومسعود بن عمرو وقيس بن الهيثم (8) بهدف توسيع رقعة الثورة وفتح أكثر من جبهة ضد الامويين.

ولكن الامور لم تسر في البصرة كما في الكوفة، فقد وصل مسلم هذه الاخيرة وحل في منزل المختار بن أبي عبيد الثقفي وهو أحد زعماء الحزب الشيعي (9).

ومن هناك أخذ يجري اتصالاته مع بقية الزعماء بسرية تامة، حتى اذا استكمل هذه الاتصالات وضمن التأييد الكافي للتحرك كتب الى الحسين يطلب منه القدوم.

غير أن استخبارات السلطة وقفت على نشاط مسلم ورفعت تقريراً عنه الى أمير الكوفة النعمان بن بشير الانصاري، وكان معروفاً باعتداله، فرفض أن ينساق مع زبانية النظام باتخاذ أي اجراء ضد مسلم. فرفع هؤلاء تقريرهم مباشرة الى يزيد وفيه تحذير من نشاط مسلم ورغبة باستبدال واليهم الضعيف، بآخر قوي قادر على العنف ولا يرتبك من سفك الدماء.

وكان ذلك أول امتحان لخلافة يزيد، أثبت صحة ما قيل في شخصيته الانفعالية وفي كفاءته المحدودة في عالم السياسة. فقد سارع الى عزل النعمان بن بشير فوراً، وتسمية واليه على البصرة عبيد الله بن زياد والياً على الكوفة بالاضافة الى منصبه. وكان هذا ما تمناه زبانية النظام والمستفيدين من خيراته، فهذا الرجل خريج بارز من مدرسة العنف التي كان أبوه زياد أول مؤسسيها في العراق، ولعله كان أكثر تطرفاً وأشد عنفاً من أبيه.

أثبت عبيد الله أنه على استعداد دائم لأية مهمة يكلفه بها الخليفة، وكان هو على علم بتحركات الحزب الشيعي عن طريق أحد الذين راسلهم الحسين (10). وكان هذا كافياً لإجهاض أية مبادرة من البصرة للمشاركة في التحرك. وبعد أن غادر هذه الاخيرة الى الكوفة عين عليها نائباً عنه هو أخوه عثمان بن زياد (11) وأوصاه باستعمال الشدة والحزم.

وفي الكوفة، حيث انتقل اليها عبيد الله ملثماً وعلى رأسه عمامة سوداء، أخذت الامور تنعقد على جبهة الحزب الشيعي وتلاحقت الاحداث فيها بسرعة مذهلة. فقد كان الناس حينئذ يترقبون وصول الحسين بين لحظة وأخرى، حتى انهم اعتقدوه ذلك الملثم الذي ظهر في الكوفة. وبعد وصوله الى قصر الامارة أحاط ابن زيادة نفسه بالشرطة، ومن هناك أخذ يخطط لانقلابه، مستفيداً من البلبلة التي خلقها ظهوره في الكوفة. بدأ أولاً بنشر جواسيسه في المدينة لمعرفة مكان مسلم بن عقيل، حتى علم أخيراً انه في منزل هاني بن عروة (12) أحد الزعماء الشيعيين، فاستدعى هذا الاخير وسأله عن مسلم، فأنكر وجوده في بيته. غير أن ابن زياد فاجأه بالجاسوس الذي شاهده في داره (13)، فاعترف هاني حينئذ ولكنه رفض تسليمه وأصر على ذلك رغم السجن والتعذيب «والله لو لم أكن الا واحداً ليس لي ناصر لم أدفعه حتى أموت دونه» (14).

وفي تلك الاثناء كان ابن زياد يقوم بحملة اعلامية واسعة لاستعادة زمام الموقف الذي أفلت، وفق مخطط ذكي وتكتيك بارع. فأوهم رؤساء القبائل بأن جيوشاً عظيمة من الشام تشق طريقها الى العراق (15)، ونثر رجاله في شوارع الكوفة لتخذيل الناس عن مسلم ومحاولة التأثير عليهم نفسياً بإشاعة جو من الذعر والخوف (16). وقد أعطت هذه الحملة نتائجها الايجابية، ووجد رسول الحسين نفسه أخيراً في قلة قليلة جداً من الانصار(17) وفوجئ بشرطة ابن زياد يقودها محمد بن الاشعث تلقي عليه الحصار، فقاوم ببطولة ولكن دول جدوى. وسيق أخيراً الى قصر الامارة ليواجه مصيره بنفس الشجاعة البطولية (18). ثم جيء برفيقه هاني بن عروة من سجنه وقد أنهكوه تعذيباً، وحمل الى السوق حيث أعدم أمام جمهور من الناس (19). وقبل أن ينبلج صباح اليوم التالي كان رأساً مسلم وهاني أول شهيدين في ثورة الحسين، مغروسين على أسنة الرماح في طريقهما الى دمشق.

سارع ابن زياد الى تطويق ذيول ما يمكن أن يحدثه مصرع الزعيمين الشيعيين من ردة فعل في الكوفة، فأبعد عنها عدداً من المتعاونين مع مسلم وقبض على أشدهم خطورة وزج بهم في السجن من أمثال المختار بن ابي عبيد الثقفي وسليمان بن صُرد الخزاعي والمسيّب بن نجبه الفزاري وغيرهم (20). واختفت فئة من هؤلاء، فلم تتمكن منها شرطة ابن زياد وجواسيسه.. وأما الذين استهوتهم اغراءات أمير الكوفة، فقد انضموا الى جانب السلطة وأصبحوا جزءاً من النظام الحاكم وصاروا يشكلون طبقة لها امتيازاتها الخاصة عرفت بطبقة الاشراف.

والواقع ان الانقلاب الذي قاده ابن زياد ضد مسلم في الكوفة لم يكن يخلو من مغامرة. وقد ساعدته عدة عوامل على نجاح انقلابه وافشال حركة مسلم أهمها شخصيته السياسية الصارمة التي شابهت الى حد كبير شخصية أبيه، ثم التركيب القبلي في الكوفة ونجاح أميرها في شق الوحدة السياسية لأكثر من قبيلة واستقطابه عدد غير قليل من رؤساء القبائل. وأخيراً فان التزام مسلم بخط اخلاقي واضح، هو خط الثورة التي كان يبشر بها جاء في مصلحة ابن زياد الذي استغل الظروف بأسلوب مناقض تماماً، في وقت كانت فيه المبادرة في يد مسلم، وكان بإمكانه أن يبطش بعدوه (21) ولكن اخلاقيته واطمئنانه الى موقف الكوفة دفعاه الى اضاعة هذه الفرصة المهمة من يده.

وبذلك انطوت الصفحة الاولى من المأساة التي توّجها الحسين بسقوطه في كربلاء دون أن تتم فصولاً. وفي تلك الاثناء كان الحسين قد غادر الحجاز (في الثامن من ذي الحجة سنة 60 هجري) متجهاً الى الكوفة ومعه نفر قليل من أهله الاقربين، وهو لا يعلم من تفاصيل ما جرى في المدينة سوى أخبار الثمانية عشر ألفا الذين بايعوا مسلماً على الموت (22). وقد يقول قائل أن خروجه تم قبل جلاء الصورة تماماً في الكوفة، ولكن ألم تكن تكفي الاحتياطات التي اتخذها والضمانات التي حصل عليها ؟. وهل كان بإمكانه أن يسلك طريقاً آخراً حينئذ طالما أصر على عدم الاعتراف بخلافة يزيد ؟ ثم هل كان خروجه مجرد حدث طارئ أو انفعال عفوي دون برنامج سياسي محدد وأهداف اجتماعية واضحة ؟. ألم يأتي ذلك كله في وصيته الى أخيه محمد بن الحنفية ؟ حين قال له : (اني لم أخرج اشراً ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وانما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وانهي عن المنكر. فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين)(23).

وفي الطريق كان أول تقرير عن الكوفة قد وصله من الفرزدق (24) حيث وضع أمامه الحقائق بكل مرارتها. ثم انجلت الصورة أكثر بلقاء عبد الله بن مطيع وكان قادماً من العراق حيث تشبث به وناشدة العودة (25). ولكن جواب الحسين لم يتعد الآية الكريمة «قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا» (26).

وتابعت قافلة الشهادة الصغيرة طريقها عبر الصحراء دون تردد حتى أصبحت على بعد نحو عشرين ميلاً من الكوفة، وبلغ ذلك  فأخذ كافة احتياطاته للحؤول بين الحسين والكوفيين، بفرضه حصاراً محكماً على المدينة لمنع خروج أحد منها وبإرساله حملة استطلاعية من ألف رجل بقياد الحر بن يزيد لقطع الطريق على الحسين (27) والتضييق عليه ومنعه من الاقتراب من الكوفة.

وفي نفس الوقت كان يعد للحملة الاساسية التي عهد اليها بتصفية الامر.. وكانت معدة بذكاء ومكر، وفوجئ القائد الذي وقع عليه الاختيار لقيادة الحملة وهو عمر بن سعد القرشي وابن الصحابي الشهير سعد بن أبي وقاص. وحاول أن يتخلص من المهمة الثقلية ولكن عبثاً، فقد أصر الامير على رأيه لأسباب لم تغب عن بال القائد المعين. ولم يكن بامكان ابن سعد الذي ذاق طعم السلطة وانغمس في بؤرة السياسة أن يصمد في موقفه، وقبل المهمة خوفاً من ضياع الولاية التي وُعد بها (28).

وفي اليوم الثاني من محرم سنة 61 هجري، وصل ابن سعد الى كربلاء (29) على رأس أربعة آلاف فارس (30).

ومعه تعليمات مشددة من سيده بدعوة الحسين الى الاستسلام والبيعة ليزيد، والا فالحرب.

وفي خلال اسبوع من الحوار، لم يطرأ على الموقف أي تغيير، فقد أصر الحسين على رفضه لشروط القائد الاموي، وان كان قد طلب بأن تتاح له فرصة العودة الى الحجاز (31) ولكن طلبه لم يجاب.

وكان ابن سعد في وضع لا يخلو من الحرج، فاذا ما تودد في حواره مع الحسين كانت نظرات خبيثة تحدق فيه من شمر بن ذي الجوشن، الرجل الثاني في الحملة، فيتذكر المهمة والولاية التي تنتظره (32).

وفي العاشر من محرم حدث ما كان متوقعاً دون اية مفاجآت، سوى انضمام الحر بن يزيد الى جبهة الحسين التي لم تتجاوز السبعين بين فارس وراجل (33). وكانت تلك النهاية المأساوية لثورة الحسين التي لم يقدر لها الوصول الى قاعدتها في الكوفة، فأجهضت في كربلاء، وكان ذلك المصرع البطولي الذي سجله الحسين ورفاقه، الذي هز ضمائر الناس ولا زال.. وابتدأ تاريخاً جديداً في حركة النضال الشيعي سيستمر لآماد طويلة يُكتب بالتضحيات ويُسطر بالفداء.

____________

(1) خالد محمد خالد : ابناء الرسول في كربلاء 90

(2) دائرة المعارف الاسلامية الشيعية 2/45.

(3) الدينوري : الاخبار الطوال 221.

(4) الدينوري : الاخبار الطوال 220.

(5) الطبري : 6/189.

(6)  الطبري : 6/189.

(7) ابن الاثير : 4/8 - 9.

(8) خالد محمد خالد : ابناء الرسول في كربلاء 109.

(9) الطبري : 6/169.

(10) المنذر بن الزبير، ابن الاثير : 4/10.

(11) ابن الاثير : 4/10.

(12) الطبري : 6/202.

(13) ابن الاثير : 4/12.

(14) الطبري : 6/206.

(15) الطبري : 6/208.

(16) مقاتل الطالبيين : 67.

(17) الطبري: 6/208.

(18) الطبري : 6/213، مقاتل الطالبيين : 71.

(19) الطبري : 6/213.

(20) احمد البراقي : تاريخ الكوفة : 289.

(21) الطبري : 6/204.

(22) الطبري : 6/207.

(23) دائرة المعارف الاسلامية الشيعية 2/48.

(24) ابن الاثير : 4/18.

(25) خالد محمد خالد : ابناء الرسول في كربلاء 127.

(26) الطبري : 6/224.

(27) مقاتل الطالبيين : 73.

(28) مقاتل الطالبيين : 74.

(29) المكان الذي نزل فيه الحسين.

(30) ابن الاثير : 4/22.

(31) ابن الاثير : 4/24.

(32) الطبري : 6/237.

(33) الطبري : 6/244 - 245.

 

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).