أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-11-2016
1174
التاريخ: 17-11-2016
1097
التاريخ: 9-1-2017
1549
التاريخ: 16-12-2018
1727
|
ولادة يزيد :
ولد يزد سنة (25) أو (26 هـ) (1) وقد دهمت الارض شعلة من نار جهنم وزفيرها تحوط به دائرة السوء وغضب من الله، وهو اخبث انسان وجد في الارض فقد خلق للجريمة والاسائة الى الناس، واصبح علما للانحطاط الخلقي والظلم الاجتماعي وعنوانا بغيضا للاعتداء على الامة وقهر ارادتها في جميع العصور، يقول الشيخ محمد جواد مغنية :
" اما كلمة يزيد فقد كانت من قبل اسما لابن معاوية أما هي الان عند الشيعة فانها رمز للفساد والاستبداد، والتهتك والخلاعة وعنوان للزندقة والالحاد فحيث يكون الشر والفساد فثم اسم يزيد، وحيثما يكون الخير والحق والعدل فثم اسم الحسين " (2) وقد أثر عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه نظر الى معاوية يتبختر في بردة حبرة وينظر الى عطفيه فقال (صلى الله عليه وآله) :
" اى يوم لامتي منك، واي يوم سوء لذريتي منك من جرو يخرج من صلبك يتخذ آيات الله هزوا ويستحل من حرمتي ما حرم الله عز وجل " (3) .
نشاته :
نشا يزيد عند اخواله في البادية من بني كلاب الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل الاسلام، وكان مرسل العنان مع شبابهم الماجنين، فتأثر بسلوكهم الى حد بعيد فكان يشرب معهم الخمر ويلعب معهم بالكلاب، يقول العائلي :
" إذا كان يقينا أو يشبه اليقين ان تربية يزيد لم تكن اسلامية خالصة أو بعبارة اخرى كانت مسيحية خالصة، فلم يبق ما يستغرب معه أن يكون متجاوزا مستهترا مستخفا بما عليه الجماعة الاسلامية، لا يحسب لتقاليدها واعتقاداتها أي حساب، ولا يقيم لها وزنا بل الذي نستغرب أن يكون على غير ذلك " (4) والذي نراه أن نشاته كانت نشاة جاهلية بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة، ولا تحمل أي طابع من الدين مهما كان، فان استهتاره في الفحشاء وامعانه في المنكر والاثم مما يوحي الى الاعتقاد بذلك .
صفاته :
اما صفاته الجسمية فقد كان شديد الادمة بوجهه آثار الجدري (5) كما كان ضخما ذا سمنة كثير الشعر (6) واما صفاته النفسية فقد ورث صفات جده أبي سفيان وأبيه معاوية من الغدر والنفاق، والطيش والاستهتار يقول السيد مير علي الهندي:
" وكان يزيد قاسيا غدارا كابيه، ولكنه ليس داهية مثله كانت تنقصه القدرة على تغليف تصرفاته القاسية بستار من اللباقة الدبلوماسية الناعمة وكانت طبيعته المنحلة، وخلقه المنحط لا تتسرب إليهما شفقة ولا عدل.
كان يقتل ويعذب نشدانا للمتعة واللذة التي يشعر بها، وهو ينظر الى آلام الاخرين، وكان بؤرة لأبشع الرذائل، وهاهم ندماؤه من الجنسين خير شاهد على ذلك..
لقد كانوا من حثاله المجتمع.." (7) لقد كان جافي الخلق مستهترا، بعيدا عن جميع القيم الانسانية، ومن ابرز ذاتياته ميله الى اراقة الدماء، والاسائة الى الناس ففي السنة الاولى من حكمه القصير اباد عترة رسول الله " صلى الله عليه وآله " وفي السنة الثانية اباح المدينة ثلاثة ايام وقتل سبعمائة رجل من المهاجرين والانصار وعشرة آلاف من الموالي والعرب والتابعين .
ولعه بالصيد:
ومن مظاهر صفات يزيد ولعه بالصيد فكان يقضي اغلب أوقاته فيه، ويقول المؤرخون:
" كان يزيد بن معاوية كلفا بالصيد لاهيا به، وكان يلبس كلاب الصيد الاساور من الذهب والجلال المنسوجة منه، ويهب لكل كلب عبدا يخدمه" (8).
شغفه بالقرود :
وكان يزيد - فيما اجمع عليه المؤرخون - ولعا بالقرود، فكان له قرد يجعله بين يديه ويكنيه بابي قيس، ويسقيه فضل كاسه، ويقول:
هذا شيخ من بني اسرائيل اصابته خطيئة فمسخ، وكان يحمله على اتان وحشية ويرسله مع الخيل في حلبة السباق، فحمله يوما فسبق الخيل فسر بذلك وجعل يقول :
تمسك أبا قيس بفضل زمامها *** فليس عليها ان سقطت ضمان
فقد سبقت خيل الجمـاعة كلها *** وخيــل امير المؤمنين اتــــان
وارسله مرة في حلبة السباق فطرحته الريح فمات فحزن عليه حزنا شديدا وأمر بتكفينه ودفنه كما أمر أهل الشام أن يعزوه بمصابه الاليم، وانشا راثيا له :
كم من كرام وقوم ذوو محافظه *** جاءوا لنــــــــا ليعزوا في أبي قيس
شيخ العشيرة امضاها واجملها *** على الرؤوس وفي الاعناق والريس
لا يبعـــد الله قبــــرا أنت ساكنه *** فيــه جمــــــال وفيه لحيــــــة التيس (9)
وذاع بين الناس هيامه وشغفه بالقرود حتى لقبوه بها، ويقول رجل من تنوخ هاجيا له :
يزيد صديق القرد مل جوارنا *** فحن الى ارض القرود يزيد
فتبـــا لم امسى علينـــا خليفة *** صحابتـه الادنون منه قرود (10)
ادمانه على الخمر :
والظاهرة البارزة من صفات يزيد ادمانه على الخمر، وقد اسرف في ذلك الى حد كبير فلم ير في وقت الا وهو ثمل لا يعي من السكر، ومن شعره في الخمر:
اقول لصحب ضمت الكاس شملهم *** وداعي صبابات الهوى يترنم
خــذوا بنصيب مـــن نعيــم ولـــذة *** فكــل وإن طـال المدى يتصرم (11)
وجلس يوما على الشراب وعن يمينه ابن زياد بعد قتل الحسين فقال :
اسقني شربة تـــروي شاشي *** ثم صل مل فاسق مثلها ابن زياد
صاحب السر والامانة عندي *** ولتسديــد مغنـمـــي وجهــــــادي (12)
وفي عهده طرا تحول كبير على شكل المجتمع الاسلامي فقد ضعف ارتباط المجتمع بالدين، وانغمس الكثيرون من المسلمين في الدعارة والمجون ولم يكن ذلك التغيير اقليميا، وانما شمل جميع الاقاليم الاسلامية فقد سادت فيها الشهوات والمتعة والشراب، وقد تغيرت الاتجاهات الفكرية التي ينشدها الاسلام عند اغلب المسلمين.
وقد اندفع الاحرار من شعراء المسلمين في اغلب عصورهم الى هجاء يزيد لإدمانه على الخمر، يقول الشاعر بن عرادة :
ابني أميــة ان آخـر ملككم *** جسد بحو راين ثم مقيم
طرقت منيته وعند وساده *** كوب وزق راعف مرثوم
ومرنة تبكي علـى نشوانه *** بالصنج تقعد تارة وتقوم (13)
ويقول فيه أنور الجندي :
خلقــت نفسه الاثيمــة بالمكر *** وهامت عيناه بالفحشاء
فهو والكاس في عناق طويل *** وهو والعـــار والخنـــاء
في خباء ويقول فيه بولس سلامة :
وترفق بصاحب العرش مشغو *** لا عن الله بالقيان الملاح
الــف " الله اكبـر " لا تساوي *** بين كفـــي يزيد نهلة راح
تتلظى فــــي الدن بكــــرا فلــم *** تدنس بلثم ولا بماء قراح (14)
لقد عاقر يزيد الخمر، واسرف في الادمان حتى ان بعض المصادر تعز وسبب وفاته الى أنه شرب كمية كبيرة منه فاصابه انفجار فهلك منه (15).
ندماؤه :
واصطفى يزيد جماعة من الخلعاء والماجنين فكان يقضي معهم لياليه الحمراء بين الشراب والغناء وفي طليعة ندمائه الاخطل الشاعر المسيحي الخليع فكانا يشربان ويسمعان الغناء، واذا اراد السفر صحبه معه (16) ولما هلك يزيد وآل أمر الخلافة الى عبد الملك بن مروان قربه فكان يدخل عليه بغير إستئذان، وعليه جبة خز، وفي عنقه سلسلة من ذهب، والخمر يقطر من لحيته (17).
نصيحة معاوية ليزيد :
ولما شاع استهتار يزيد واقترافه لجميع الوان المنكر والفساد، استدعاه معاوية فأوصاه بالتكتم في نيل الشهوات لئلا تسقط مكانته الاجتماعية، قائلا :
يا بني ما اقدرك على أن تصير الى حاجتك من غير تهتك يذهب بمرؤتك وقدرك ثم انشده .
انصب نهارا في طلاب العلى *** واصبر على هجر الحبيب القريب
حتـــى اذا اللـيل اتـــى بالدجا *** واكتحلـــت بالغمـض عين الرقيب
فبــاشر الليــل بمــا تشتهــي *** فانمـــا الليــــــل نهـــــار الاريـــب
كــــم فاســـق تحسبـه ناسكا *** قـــد باشر الليــــل بامـــــر عجيـب (18)
دفاع محمد عزة دروزة :
من الكتاب الدين يحملون النزعة الاموية في هذا العصر محمد عزة دروزة فقد جهد نفسه - مع الاسف - على الدفاع عن منكرات الامويين وتبرير ما أثر عنهم من الظلم والجور والفساد، وقد دافع عن معاوية ونزهه عما اقترفه من الموبقات التي هي لطخة عار في تاريخ الانسانية...
وقد علق على هذه البادرة بقوله :
" نحن ننزه معاوية صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكاتب وحيه، والذي أثرت عنه مخافة الله وتقواه وحرصه، عن أن يرضى من ابنه الشذوذ عن هذه الحدود بله التشجيع بل نستبعد هذا عن يزيد " (19) وهذا مما يدعو الى السخرية والتفكه، فقد تنكر دروزة للواضحات التي لا يشك فيها أي انسان يملك عقله واختياره، وقديما قد قيل .
وليس يصح في الاذهان شئ *** اذا احتاج النهار الى دليل
أن ما أثر عن معاوية من الاحداث الجسام كقتله حجر بن عدي، ورشيد الهجري وعمرو بن الحمق الخزاعي ونظرائهم من المؤمنين، وسبه للعترة الطاهرة، ونكايته بالامة بفرض يزيد خليفة عليها وغير ذلك من الجرائم التي المعنا الى بعضها في البحوث السابقة وهي مما تدل على تشويه اسلامه وانحرافه عن الطريق القويم، ولكن دروزة وامثاله لا ينظرون الى الواقع الا بمنظار اسود فراحوا يقدسون الامويين الذين اثبتو بتصرفاتهم السياسية والادارية انهم خصوم الاسلام واعداؤه .
اقرار معاوية لاستهتار يزيد :
وهام معاوية بحب ولده يزيد فاقره على فسقه وفجوره، ولم يردعه عنه ويقول المؤرخون :
انه نقل له ان ولده على الشراب فاتاه يتجسس عليه فسمعه ينشد :
اقول لصحب ضمت الكاس شملهم *** وداعــي صبابـات الهوى يترنم
خـــذوا بنصيب مـــن نعيــــم ولذة *** فكل وإن طــال المــــدى يتصرم
ولا تتـــــركوا يوم السرور الى غد *** فان غدا ياتي بمـــــا ليس يعلـم
الا ان اهنـــا العيش مــا سمحت به *** صروف الليالي والحوادث نوم
فعاد معاوية الى مكانه ولم يعلمه بنفسخ، وراح يقول : والله لا كنت عليه، ولا نغصت عليه عيشه (20).
حقد يزيد على النبي :
واترعت نفس يزيد بالحقد على النبي (صلى الله عليه وآله) والبغض له، لانه وتره بأسرته يوم بدر، ولما أباد العترة الطاهرة جلس على اريكة الملك جذلانا مسرورا يهز اعطافه فقد استوفى ثأره من النبي (صلى الله عليه وآله) وتمنى حضور اشياخه ليروا كيف أخذ بثأرهم وجعل يترنم بابيات ابن الزبعرى :
ليت اشياخي ببـــدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الاسل
لاهلــوا واستهلـــوا فرحــا *** ثم قالـــوا: يا يزيــد لا تشــــل
قد قتلنا القرم من اشياخهم *** وعــدلناــــه ببــــدر فــــاعتدل
لعبت هــــاشم بالملــــك فلا *** خبــــر جــــاء ولا وحــي نزل
لست من خندف إن لم انتقم *** من بني احــــمد ما كـــان فعل (21)
بغضه للأنصار:
وكان يزيد يبغض الانصار بغضا عارما لانهم ناصروا النبي (صلى الله عليه وآله) وقاتلوا قريشا، وحصدوا رؤوس اعلامهم، كما كانوا يبغضون بني أمية فقد قتل عثمان بين ظهرانيهم ولم يدافعوا عنه، ثم بايعوا عليا، وذهبوا معه الى صفين لحرب معاوية، ولما استشهد الامام كانوا من أهم العناصر المعادية لمعاوية، وكان يزيد يتميز من الغيظ عليهم وطلب من كعب بن جعيل التغلبي أن يهجوهم فامتنع وقال له :
" اردتني الى الاشراك بعد الايمان، لا اهجو قوما نصروا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولكن ادلك على غلام منا نصراني كان لسانه لسان ثور - يعني الاخطل - " فدعا يزيد الاخطل، طلب منه هجاء الانصار فاجابه الى ذلك، وهجاهم بهذه الابيات المقذعة :
لعن الاله من اليهود عصابة *** ما بين صليصل وبين صرار (22)
قوم اذا هدر القصير رايتهم *** حمرا عيونهم من المسطار (23)
خلوا المكارم لستم من اهلها *** وخذوا مساحيكم بني النجار
ان الفوارس يعلمون ظهوركم *** اولاد كل مقبح اكاز (24)
ذهبت قريش بالمكارم كلها *** واللؤم تحت عمائم الانصار (25)
لقد ابتدا الاخطل هجاءه للأنصار بذم اليهود وقرن بينهم وبين الانصار لانهم يساكنونهم في يثرب، وقد عاب على الانصار بانهم اهل زرع وفلاحة وانهم ليسوا أهل مجد ولا مكارم واتهمهم بالجبن عند اللقاء، ونسب الشرف والمجد الى القرشيين واللؤم كله تحت عمائهم الانصار، وقد أثار هذا الهجاء المر حفيظة النعمان بن بشير الذي هو احد عملاء الامويين، فانبرى غضبانا الى معاوية فلما مثل عنده حسر عمامته عن راسه وقال :
" يا معاوية أترى لؤما ؟ "
" لا بل ارى خيرا وكرما، فما ذاك ؟!!"
" زعم الاخطل أن اللؤم تحت عمائمنا ! ! " واندفع النعمان يستجلب عطف معاوية قائلا:
معاوي الا تعطنا الحق تعترف *** لحق الازد مسدولا عليها العمائم
أيشتمنــا عبـــد الاراقـــم ضلة *** فما ذا الذي تجدي عليــك الاراقم
فمالي ثـــار دون قطــع لسانه *** فدونك من ترضيه عنــه الـدراهم (26)
قال معاوية : ما حاجتك ؟
- لسانه - ذلك لك وبلغ الخبر الاخطل فاسرع الى يزيد مستجيرا به وقال له :
هذا الذي كنت اخافه فطمانه يزيد وذهب الى أبيه، فاخبره بانه قد اجاره، فقال معاوية :
لا سبيل الى ذمة أبي خالد - يعني يزيدا - فعفى عنه، وجعل الاخطل يفخر برعاية يزيد له، ويشمت بالنعمان بقوله :
أبا خـــالد دافعــت عنــي عظيــمة *** وادركت لحمـــي قـــبل أن يتبـــــددا
واطفــات عنــي نـار نعمان بعدما *** أغـــتذ لامــــــر عـــاجـز وتجـــــردا
ولما راى النعمان دوني ابن حرة *** طوى الكشح اذ لم يستطعنى وعردا (27)
هذه بعض نزعات يزيد واتجاهاته، وقد كشفت عن مسخه وتمرسه في الجريمة وتجرده من كل خلق قويم..
وان من مهازل الزمن وعثرات الايام ان يكون هذا الخليع حاكما على المسلمين واماما لهم .
دعوة المغيرة لبيعة يزيد :
وأول من تصدى لهذه البيعة المشومة اعور ثقيف المغيرة بن شعبة صاحب الاحداث والموبقات في الاسلام (28) وقد وصفه بركلمان بانه رجل انتهازي لا ذمة له ولا ذمام (29) وهو احد دهاة العرب الخمسة (30) وقد قضى حياته في التامر على الامة، والسعي وراء مصالحه الخاصة .
اما السبب في دعوته لبيعة يزيد - فيما يرويه المؤرخون - فهو ان معاوية اراد عزله من الكوفة ليولي عليها سعيد بن العاص (31) فلما بلغه ذلك سافر الى دمشق ليقدم استقالته من منصبه حتى لا تكون حزازة عليه في عزله، واطال التفكير في امره فراى ان خير وسيلة لإقراره في منصبه أن يجتمع بيزيد فيحبذ له الخلافة حتى يتوسط في شانه الى أبيه والتقى الماكر بيزيد فأبدى له الاكبار، واظهر له الحب، وقال له :
قد ذهب اعيان محمد (صلى الله عليه وآله) وكبراء قريش وذوو اسنانهم، وانما بقى ابناؤهم، وانت من افضلهم واحسنهم رايا، واعلمهم بالسنة والسياسة، ولا ادري ما يمنع امير المؤمنين ان يعقد لك البيعة ؟" .
وغزت هذه الكلمات قلب يزيد فشكره واثنى على عواطفه، وقال له :
- أترى ذلك يتم ؟
- نعم .
وانطلق يزيد مسرعا الى أبيه فاخبره بمقالة المغيرة، فسر معاوية بذلك وارسل خلفه، فلما مثل عنده أخذ يحفزه على المبادرة في أخذ البيعة ليزيد قائلا :
" يا امير المؤمنين قد رايت ما كان من سفك الدماء والاختلاف بعد عثمان وفي يزيد منك خلف فاعقد له، فان حدث بك حدث كان كهفا للناس، وخلفا منك، ولا تسفك دماء، ولا تكون فتنة .
واصابت هذه الكلمات الوتر الحساس في قلب معاوية فراح يخادعه مستشيرا في الامر قائلا :
- من لي بهذا ؟
- اكفيك أهل الكوفة، ويكفيك زياد أهل البصرة، وليس بعد هذين المصرين أحد يخالف .
واستحسن معاوية رايه فشكره عليه واقره على منصبه وأمره بالمبادرة الى الكوفة لتحقيق غايته، ولما خرج من عند معاوية قال لحاشيته :
" لقد وضعت رجل معاوية في غرز بعيد الغاية على أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وفتقت عليه فتقا لا يرتق ثم تمثل بقول الشاعر :
بمثلي شاهد النجوى وغالى * بي الاعداء والخصم الغضابا
ففي سبيل المغنم فتق المغيرة على أمة محمد (صلى الله عليه وآله) فتقا لا يرتق، واخلدها الكوارث والخطوب .
وسار المغيرة الى الكوفة، وهو يحمل الشر والدمار لاهلها ولعموم المسلمين، وفور وصوله عقد اجتماعا ضم عملاء الامويين فعرض عليهم بيعة يزيد فأجابوه الى ذلك، وأوفد جماعة منهم الى دمشق وجعل عليهم ولده أبا موسى، فلما انتهوا الى معاوية حفزوه على عقد البيعة ليزيد، فشكرهم على ذلك وأوصاهم بالكتمان، والتفت الى ابن المغيرة فقال له :
- بكم اشترى ابوك من هؤلاء دينهم ؟
- بثلاثين الف درهم .
فضحك معاوية وقال ساخرا :
لقد هان عليهم دينهم .
ثم اوصلهم بثلاثين الف درهم (32) لقد استجاب لهذه البيعة ورضي بها كل من يحمل ضميرا قلقا عرضه للبيع والشراء .
_____________
(1) تاريخ القضاعي من مصورات مكتبة الامام الحكيم العامة .
(2) الشيعة في الميزان (ص 455).
(3) المناقب والمثالب " ص 71 " للقاضي نعمان المصري .
(4) سمو المعنى في سمو الذات " ص 59 " .
(5) تاريخ القضاعي.
(6) تاريخ الاسلام للذهبي 1 / 267 .
(7) روح الاسلام (ص 296)
(8) الفخري (ص 45) .
(9) جواهر المطالب في مناقب الامام علي بن أبي طالب (ص 143) من مصورات مكتبة الامام الحكيم.
(10) انساب الاشراف 2 / 2 .
(11) تاريخ المظفري .
(12) مروج الذهب 2 / 74.
(13) تاريخ الطبري 7 / 43 .
(14) ملحمة الغدير (ص 227) .
(15) تاريخ المظفري من مصورات مكتبة الامام الحكيم، وجاء في انساب الاشراف 4 / ق 2 / 2 ان سبب وفاة يزيد انه حمل قرده على اتان، وهو سكران فركض خلفها فاندقت عنقه فانقطع شئ في جوفه فمات.
(16) الاغاني 7 / 170 .
(17) الاغاني 7 / 170 .
(18) البداية والنهاية 8 / 228.
(19) تاريخ الجنس العربي 8 / 86.
(20) تاريخ المظفري من مصورات مكتبة الامام الحكيم.
(21) البداية والنهاية 8 / 192.
(22) صليصل وصرار : من الاماكن القريبة للمدينة .
(23) المسطار : الخمر الصارعة لشاربها .
(24) اكاز : الحراث .
(25) طبقات الشعراء (ص 392)
(26) العقد الفريد 5 / 321 - 322.
(27) ديوان الاخطل (ص 89) .
(28) من موبقات المغيرة انه اول من رشي في الاسلام كما يروي البيهقي كما انه كان الوسيط في استلحاق زياد بمعاوية .
(29) تاريخ الشعوب الاسلامية 1 / 145 .
(30) الطبري .
(31) الامامة والسياسة 2 / 262.
(32) تاريخ ابن الاثير 3 / 249.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|