المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17599 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

العفّة
23-8-2016
التَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ وَ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ‏ - بحث روائي
18-7-2016
تقديم المسند أو تأخيره
26-03-2015
الملحق
2023-03-12
مصادرة الأموال المنهوبة
10-4-2016
Omitting a preposition before non-measure phrases
2023-04-07


مفاتيح الغيب " التفسير الكبير "  
  
1689   03:28 مساءاً   التاريخ: 27-11-2014
المؤلف : فارس علي العامر
الكتاب أو المصدر : دروس في القران وعلومه ومناهج المفسرين
الجزء والصفحة : ص 130-142.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / التفسير والمفسرون / مناهج التفسير / منهج التفسير الإجتهادي /

مؤلفه :

أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين الطبرستاني الأصل الرازي المولد ، الملقب بـ " فخر الدين } ، المعروف بـ " ابن الخطيب "

ولد بالري سنة (453هـ) ، تربى في حجر والده ، ودرس عليه فتأثر بآرائه كثيراً ، كما درس على آخرين غيره .

فاق أهل زمانه في علم الكلام ، والمعقولات ، وغيرها ، وله مؤلفات كثيرة بلغت (67) مؤلفاً ؛ منها : " المطالب العالية " في علم الكلام ، و " نهاية العقول " ، و " الأربعين " ، و " المحصول " ، و " المعالم " في أصول الفقه ، و " شرح الإشارات " لابن سينا ، وغيرها كثير ، وفي مختلف الفنون .

قام بعدة رحلات الى خوارزم ، فأخرج منها بعد ما جرى بينه وبين المعتزلة مناظرات عنيفة في المذهب والاعتقاد ، فقصد بخارى ، فجرى له أيضا ما جرى في خوارزم ، فعاد الى الري ، ومن ثم اتصل بالسلطان خوارزم شاه واستقر عنده بخراسان الى أن توفي سنة (606هـ) بمدينة هراة ، ودفن هناك (1).

تفسيره :

تفسير كامل ، شامل لجميع آيات القرآن الكريم وهو من التفاسير المشهورة .

متأثر بالجانب العقلي ، يحتوي على مختلف المباحث والعلوم ؛ ولذا يعتبر من المصادر المهمة التي لا يستغنى عنها .

يسخر المعارف الإنسانية لإثبات الإعجاز العقلي والعلمي للقرآن ، ولتنزيهه عن كل قصور عقلي ، وتناقض فكري .

لم يكتب الرازي لتفسيره هذا مقدمة لكي يعرف هدفه من تأليفه ، إلا أن الغرض معروف لدى جميع المفسرين المسلمين بصورة عامة ، وهو التشرف بكشف وتوضيح مراد الله عزوجل من آياته الشريفة .

اعتمد في تفسيره اللغوي على كتاب الزجاج في معاني القرآن ، والفراء والمبرد ، وغريب القرآن لابن قتيبة .

واعتمد في تفسيره بالمأثور على ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، وسعيد بن جبير ، وعلى الطبري في " جامع البيان " ، والثعلبي في " الكشف والبيان " ، والمرويات عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والصحابة ، والتابعين .

وفي التفسير بالرأي على أبي علي الجبائي ، وأبي مسلم الاصفهاني ، والقاضي عبد الجبار ، وأبي بكر الأصم ، وعلي بن عيسى الرماني ، والزمخشري ، ومن التفاسير الفارسية تفسير أبي الفتوح الرازي (2) .

منهجه في التفسير :

يذكر اسم السورة ومحل نزولها ، وعدد آياتها ، والأقوال فيها ، ثم يذكر الآية أو الآيتين أو مجموعة الآيات فيبدأ أولاً بربط ما يريد بيانه منها بما سبق ليوضح الوحدة الموضوعية بين الآيات ثم يدخل ي بيانها بمسائل ، كقوله : إن في الآية عشر مسائل في النحو ، والأصول ، وسبب النزول ، واختلاف أوجه القراءات ، وغيرها وقبل أن يتناول الآية بالتفسير يذكر ما ورد فيها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) او الصحابة او التابعين ، كما يتعرض للناسخ والمنسوخ ، وللمصطلحات الرجالية والروائية كالتواتر والآحاد ، والجرح والتعديل ، ثم يدخل في التفسير .

وأهم الجوانب التي يتناولها في التفسير :

1- يكثر الاستطراد بذكر العلوم الرياضية والفلسفية والطبيعية ، وغيرها من العلوم .

2- يتعرض لكثير من آراء الفلاسفة والمتكلمين بالرد والنقد ، كالمعتزلة والكرامية والشيعة أحيانا .

3- يذكر مذاهب الفقهاء في آيات الأحكام مع تأكيده على مذهب الشافعي .

4- يستطرد في ذكر المسائل الأصولية ، والنحوية والبلاغية بلا توسع في ذلك .

5- أما الإسرائيليات فقد اجتنبها ، واذا ما ذكر شيئا منها فلأجل الرد عليها وإبطالها .

كما تعرض بالرد على بعض المرويات التي تخل بعصمة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) مثبتا بطلانها عن طريق العقل الذي يأبى ذلك (3) .

حبه واحترامه لآل البيت (عليهم السلام) :

يذكر آل البيت (عليهم السلام) بكل إجلال وإكبار ، ويعقب أحيانا بعد ذكر الامام علي (عليه السلام) ، والامام الصادق (عليه السلام) بكلمة " عليه السلام " ، ومن عباراته في الإمام علي (عليه السلام) قوله : (وأما أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر ، ومن اقتدى في دينه بعلي بن ابي طالب (عليه السلام) فقد اهتدى ، والدليل عليه قوله " عليه السلام" : " اللهم أدر الحق مع علي حيث دار " ).

كما بين أن ألآل هم " علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ، وذكر الحديث الذي ذكره الزمخشري في تفسيره : " من مات على حب آل محمد ..... " . واستشهد بأبيات الشافعي :

إن كان رفضا حب آل محمد          فليشهد الثقلان أني رافضي

وغير ذلك كثير مما يدلل على حبه لآل البيت (عليهم السلام) وتشيعه لهم ، والى ذلك أشار الكثير من علماء الشيعة والسنة (4) .

مثال في تفسيره :

{ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين * ولقد كنتم تمنون الموت من قبل ان تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون }[ ال عمران : 142، 143] .

اعلم انه تعلم لما بين في الآية الأولى الوجوه التي هي الموجبات المؤثرات في مداولة الأيام ذكر في هذه الآية ما هو سبب الأصلي لذلك فقال : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة } بدون تحمل المشاق وفي الآية مسائل :

(المسألة الأولى ) : أم : منقطعة ، وتفسير كونها منقطعة تقدم في سورة البقرة .

قال أبو مسلم في {أم حسبتم } إنه نهي وقع بحرف الاستفهام الذي يأتي للتبكيت ، وتلخيصه : لا تحسبوا أن تدخلوا الجنة ولم يقع منكم الجهاد ، وهو كقوله : { الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا امنا وهم لا يفتنون} [العنكبوت : 1، 2] وافتتح الكلام بذكر {ام} التي هي أكثر ما تأتي في كلامهم واقعة بين ظرفين يشك في أحدهما لا بعينه ، يقولون : أزيداً ضربت أم عمرا مع تيقن وقوع الضرب بأحدهما ، قال : وعادة العرب يأتون بهذا الجنس من الاستفهام توكيداً فلما قال : { ولا تهنوا ولا تحزنوا} [139] كأنه قال : أفتعلمون أن ذلك كما تؤمرون به أم تحسبون أ، تدخلوا الجنة من غير مجاهدة وصبر ، وإنما استعبد هذا لأن الله تعالى أوجب الجهاد قبل هذه الواقعة ، وأوجب الصبر على تحمل متاعبها ، وبين وجوه المصالح فيها في الدين وفي الدنيا ، فلما كان كذلك ، فمن البعيد أن يصل الإنسان الى السعادة والجنة مع إهمال هذه الطاعة .

(المسألة الثانية ) : قال الزجاج : إذا قيل فعل فلان فجوابه أنه لم يفعل ، وإذا قيل قد فعل فلان فجوابه لما يفعل لأنه لما أكد في جانب الثبوت بقد ، لا جرم أكد في جانب النفي بكلمة " لما " .

(المسألة الثالثة ) : ظاهر الآية يدل على وقوع النفي على العلم ، والمراد وقوعه على نفي المعلوم ، والتقدير : ام حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يصدر الجهاد عنكم ، وتقريره أن العلم متعلق بالمعلوم كما هو

عليه ، فلما حصلت هذه المطابقة لا جرم ، حسن إقامة كل واحد منهما مقام الآخر ، وتمام الكلام فيه قد تقدم .

أما قوله : {ويعلم الصابرين } : فاعلم انه قرأ الحسن : {ويعلم الصابرين } بالجزم عطفا على {ولما يعلم الله} ، وأما النصب فبإضمار " أن " وهذه الواو تسمى واو الصرف كقولك : لا تأكل السمك وتشرب اللبن ؛ أي لا تجمع بينهما ،وكذا هاهنا المراد أن دخول الجنة وترك المصابرة على الجهاد مما لا يجتمعان .

وقرأ أبو عمرو " ويعلم " بالرفع على تقدير أن الواو للحال ، كأنه قيل : ولما تجاهدوا وأنتم صابرون .

واعلم أن حاصل الكلام أن حب الدنيا لا يجتمع مع سعادة الآخرة ، فبقدر ما يزداد أحدهما ينتقص الآخر ، وذلك لأن سعادة الدنيا لا تحصل إلا باشتغال القلب بطلب الدنيا ، والسعادة في الآخرة لا تحصل الا بفراغ القلب من كل ما سوى الله و امتلائه من حب الله ، وهذان الأمران مما لا يجتمعان ، فلهذا السر وقع الاستعباد الشديد في هذه الآية من اجتماعها ، وايضا حب الله وحب الآخرة لا يتم بالدعوى ، فليس كل من أقر بدين الله كان صادقا ، ولكن الفصل فيه تسليط المكروهات والمحبوبات ، فإن الحب هو الذي لا ينقض بالجفاء ولا يزداد بالوفاء ، فإن بقي الحب عند تسليط أسباب البلاء ظهر ان ذلك الحب كان حقيقيا ، فلهذا الحكمة قال : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة بمجرد تصديقكم الرسول قبل ان يبتليكم الله بالجهاد وتشييد المحنة والله أعلم .

مثال آخر : {وما محمد إلا رسول قد خلت منه قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزى الله الشاكرين }[آل عمران : 144] .

وفيه مسائل :

(المسألة الأولى ) : قال ابن عباس ومجاهد والضحاك : لما نزل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأحد الرماة أن يلزموا أصل الجبل ، وأن لا ينتقلوا عن ذلك ، سواء كان الأمر لهم أو عليهم ، فلما وقفوا وحملوا على الكفار وهزموهم وقتل علي (عليه السلام) طلحة بن أبي طلحة صاحب لوائهم ، والزبير والمقداد شدا على المشركين ثم حمل الرسول مع أصحابه فهزموا أبا سفيان ، ثم إن بعض القوم لما أن رأوا انهزام الكفار بادر قوم من الرماة الى الغنيمة ، وكان خالد بن الوليد صاحب ميمنة الكفار فلما رأى تفرق الرماة حمل على المسلمين فهزمهم وفرق جمعهم ، وكثر القتل في المسلمين ، ورمى عبد الله بن قميئة الحارثي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحجر فكسر رباعيته وشج وجهه ، وأقبل يريد قتله فذب عنه مصعب بن عمير وهو صاحب الراية يوم بدر ويوم أحد حتى قتله ابن قميئة ، فظن أنه قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : قد قتلت محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وصرخ صارخ ألا إن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قتل ، وكان صارخا الشيطان ، ففشا في الناس خبر قتله ، فهنالك قال بعض المسلمين : ليت عبد الله ابن أبي يأخذ لنا أمانا من أبي سفيان ، وقال قوم من المنافقين : لو كان نبيا لما قتل ، ارجعوا الى إخوانكم والى دينكم ، فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك : يا قوم إن كان قد قتل محمد (صلى الله عليه واله وسلم) فإن رب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حي لا يموت ، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ قاتلوا على ما قاتل عليه ، وموتوا على مات عليه ، ثم قال : اللهم إني اعتذر إليك مما يقول هؤلاء ، ثم سل سيفه فقاتل حتى قتل رحمه الله تعالى ، ومر بعض المهاجرين بأنصاري يتشحط في دمه ، فقال : يا فلان أشعرت أن محمدا قد قتل ؟ فقال : إن كان قد قتل فقد بلغ ، قاتلوا على دينكم ، ولما شج ذلك الكافر وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكسر رباعيته احتمله طلحة بن عبيد الله ، ودافع عن أبو بكر وعلي رضي الله عنهم ونفر آخرون معهم ، ثم إن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) جعل ينادي ويقول : إلي عباد الله حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم على هزيمتهم ، فقالوا : يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا أتانا خبر قتلك فاستولى الرعب على قلوبنا فولينا مدبرين ، ومعنى الآية : { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل } فسيخلو كما خلوا ، وكما أن أتباعهم بقوا متمسكين بدينهم بعد خلوهم فعليكم أن تتمسكوا بدينه بعد خلوه ، لأن الغرض من بعثة الرسل تبليغ الرسالة وإلزام الحجة ، لا وجودهم بين أظهر قومهم أبداً .

(المسألة الثانية) : قال أبو علي : الرسول جاء على ضربين احدهما : يراد به المرسل ، والآخر : الرسالة ن وهاهنا المراد به المرسل بدليل قوله { إنك لمن المرسلين} ، وقوله : { ياأيها الرسول بلغ } ، وفعول قد يراد به المفعول ، كالركوب ، الحلوب ، لما يركب ويحلب ، والرسول بمعنى الرسالة كقوله :

لقد كذب الواشون ما فهمت عندهم                  يسر ولا أرسلتهم برسول

أي برسالة ، قال : ومن هذا قوله تعالى :{ إنا رسولا ربك } ، ونذكره في موضعه إن شاء الله تعالى :

ثم قال : { أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } وفيه مسائل :

" (المسألة الأولى ) : حرف الاستفهام دخل على الشرط وهو في الحقيقة داخل على الجزاء ، والمعنى :أتنقلبون على أعقابكم إن مات محمد (صلى الله عليه واله وسلم) أو قتل ؟ ونظيره قوله : هل زيد قائم ؟ فأنت إنما تستخبر عن قيامه ، إلا أنت أدخلت هل على الاسم والله أعلم .

( المسألة الثانية ) : إنه تعالى  بين في آيات كثيرة أنه عليه السلام لا يقتل قال : { إنك ميت وإنهم ميتون} [الزمر : 30] وقال : { والله يعصمك من الناس } [المائدة : 67] ، وقال : {ليظهره على الدين كله } [التوبة : 33] فليس لقائل أن يقول : لما علم أنه لا يقتل فلم قال : " أو قتل " ؟ فإن الجواب عنه من وجوه :

الأول : إن صدق القضية الشرطية لا يقتضي صدق جزأيها ، فإنك تقول : إن كانت الخمسة زوجا كانت منقسمة بمتساويين ، فالشرطية صادقة وجزآها كاذبان ، وقال تعالى : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } فهذا حق مع أنه ليس فيهما آلهة ، وليس فيهما فساد فكذا هنا .

والثاني : إن هذا ورد على سبيل الإلزام ، فإن موسى عليه السلام مات ولم ترجع أمته عن ذلك ، والنصارى زعموا أن عيسى عليه السلام قتل وهم لا يرجعون عن دينه فكذا هنا .

والثالث : ان الموت لا يوجب رجوع الأمة عن دينه ، فكذا القتل وجب ان لا يوجب الرجوع عن دينه ، لأنه لا فارق بين الأمرين ، فلما رجع الى هذا المعنى كان المقصود منه الرد على أولئك الذين شكوا في صحة الدين وهموا بالارتداد .

( المسألة الثالثة ) قوله : { انقلبتم على أعقابكم } أي صرتم كفارا بعد إيمانكم ، يقال لكل من عاد الى ما كان عليه : رجع وراءه ، وانقلب على عقبه ، ونكص على عقبيه ، وذلك أن المنافق قالوا لضعفة المسلمين :

إن كان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قتل فالحقوا بدينكم ، فقال بعض الأنصار : إن كان محمد (صلى الله عليه وأله وسلم) قتل فإن رب محمد (صلى الله عليه وأله وسلم) لم يقتل ، فقاتلوا على ما قتل عليه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) .

وحاصل الكلام أنه تعالى بين أن قتله لا يوجب ضعفا في دينه بدليلين :

الأول : بالقياس على موت سائر الأنبياء وقتلهم .

والثاني : إن الحاجة الى الرسول لتبليغ الدين ، وبعد ذلك فلا حاجة إليه ، فلم يلزم من قتله فساد الدين والله أعلم .

( المسألة الرابعة ) : ليس لقائل أن يقول : إن قوله : {أفإن مات أو قتل } شك وهو على الله تعالى لا يجوز ، فإنا نقول :المراد أنه سواء وقع هذا أو ذاك فلا تأثير له في ضعف الدين ووجوب الارتداد ، ثم قال تعالى :

{ ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً } والغرض منه تأكيد الوعيد لأن كل عاقل يعلم أن الله تعالى لا يضره كفر الكافرين ، بل المراد انه لا يضر إلا نفسه ، وهذا كما إذا قال الرجل لولده عند العتاب : إن هذا الذي تأتي به من الأفعال لا يضر السماء والأرض ، و يريد به أنه يعود ضرره عليه فكذا هنا ، ثم اتبع الوعيد بالوعد فقال : { وسيجزي الله الشاكرين } فالمراد أنه لما وقعت الشبهة في قلوب بعضهم بسبب تلك الهزيمة ولم يقع الشبهة في قلوب العلماء الأقوياء من المؤمنين ، فهم شكروا الله على ثباتهم على الايمان ، وشدة تمسكهم به ، فلا جرم مدحهم الله تعالى بقوله : { وسيجزي الله الشاكرين } (5) .

____________________

1- وفيات الأعيان ، ج4 ، ص : 248 ، وأعلام الزركلي ، حرف الميم :6 ، ص : 313، وغيرهما .

2- راجع إيازي ، ص : 652 ـ 655 .

3- ن . م ، ص : 655 ـ 657 .

4- راجع معرفة ، ج2 ، ص : 410 ـ 414 ، وتفسير الرازي لسورة الفاتحة ، ج1 ، وأجزاء اخرى من تفسيره الكبير .

5- راجع تفسيره الكبير في المنالين اللذين ذكرناهما على منهجه في التفسير .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .