أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-9-2016
1018
التاريخ: 15-8-2019
812
التاريخ: 2023-08-07
987
التاريخ: 2023-07-02
936
|
الفضاء «المسطح» هو الفضاء الذي لا تتلاقى فيه الخطوط المتوازية أبدا، وهو كل ما انتهت إليه معرفة إقليدس ونيوتن، أما في الفضاء المنحني تتجه هذه الخطوط بعضها نحو بعض، ويعتبر المعدل الذي تتلاقى به الجيوديسيات هو مقياس الانحناء. صاغ أينشتاين نظرية النسبية العامة عن طريق ربط الانحناء بمجال الجاذبية. وهذا ما فعله.
المكان والزمان، أو المجالان الكهربائي والمغناطيسي، ينفصلان بوضوح فحسب من وجهة نظر أحد المراقبين، لكن لمراقب آخر في حالة حركة نسبية بحيث إنه في حالة تداخل الزمكان، تظل الكهرومغناطيسية هي الثابت الحقيقي الوحيد. تنطبق ملاحظات شبيهة على الطاقة والزخم؛ «فمزيج الطاقة والزخم» هو الذي يقوم بدور المقياس النسبي للحركة في الزمكان. أثبت أينشتاين هذا في نظرية النسبية الخاصة عام 1905، التي لم تضع الجاذبية في الاعتبار. وقد أثبت أيضا من خلال معادلته التي تقضي بأن الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء، أن الكتلة هي شكل من أشكال الطاقة، أما في نظرية النسبية العامة عن الجاذبية، فقد عمم نظرية نيوتن، حيث الكتلة هي مصدر القوة، من خلال صياغة معادلات ربطت كثافة «الطاقة-الزخم» بانحناء الزمكان.
لاحظ أنني استخدمت لفظة معادلات في صيغة الجمع. يوضح التقوس كيف ينحرف الخط من اتجاه إلى آخر في أي من الأبعاد الأربعة للزمكان، ولكي تتعقب هذا يقتضي الأمر معادلة منفصلة لكل مزيج ممكن من إحداثيات البداية والنهاية.
يتناسب مقدار الانحناء طرديا مع كثافة «الطاقة-الزخم»، ومع القوة الفعلية للجاذبية كما عرفها إسحاق نيوتن منذ ثلاثمائة عام، ويتناسب عكسيا مع سرعة الضوء مرفوعة للأس أربعة (1/c4). يبدو هذا منطقيا؛ فإذا كانت الجاذبية أقوى (أضعف)، فإن التقوس الناجم عن المقدار المطروح من «الطاقة-الزخم» سيكون أكثر (أقل) قوة، ولو كانت سرعة الضوء c، لا نهائية، كما ظن نيوتن، لكانت قيمة 1/c4تساوي صفرا ولتلاشي الانحناء، وهو ما يعني أن الزمكان مسطح. يتفق هذا مع صورة نيوتن عن الزمكان؛ تلك المنطقة التي تتحرك فيها الأجسام دون أن تؤثر في المكان أو الزمن وحيث الخطوط المتوازية لا تتلاقى أبدا. على النقيض، يرى أينشتاين أن الكتلة والطاقة تحددان شكل الزمكان. من ثم تتضمن نظرية أينشتاين نظرية نيوتن للجاذبية باعتبارها حالة خاصة؛ فهي تتطابق معها في كون سرعة الضوء لانهائية. يرى أينشتاين أن الإشارات لا تسافر أسرع من سرعة الضوء، وليس للتزامن وجود، في حين رأى نيوتن أن الجاذبية تعمل على نحو فوري، كما لو كانت سرعة الضوء كبيرة إلى حد لانهائي.
في الزمكان المسطح تسير أشعة الضوء في خطوط مستقيمة، وهي طريقة أخرى للقول إنها تسلك أقصر الطرق. في النسبية العامة أيضا تسلك أشعة الضوء أقصر طريق، وهذه خاصية معروفة في علم البصريات وتنطبق على وسائط مختلفة. إن أقصر «مسار بصري»، ومن ثم أقل عدد من الذبذبات أو أقصر زمن، هو المسؤول عن حدوث الانحناء الذي نطلق عليه الانكسار، كما يحدث عندما تبدو العصا الموضوعة في الماء بأي زاوية بخلاف الزاوية القائمة على السطح منحنية. وهذا هو سبب حدوث قوس قزح؛ إذ ينقسم الضوء إلى ألوان مختلفة عندما يصطدم بسطح الهواء أو الماء أو الزجاج كما الحال مع المنشور الزجاجي. يحدث هذا لأن الألوان المختلفة، التي تتوافق مع ترددات أو معدلات ذبذبة مختلفة، كل منها يسعى نحو أقصر مسار بصري مستقل خاص به. ينطبق الأمر عينه على الزمكان بالنسبة للأجسام؛ فالمذنب الذي تجبره الشمس على تغيير مساره يتبع المسار الذي يقلل الزمن الذي سيستغرقه للمرور من الفضاء العميق على جانب النظام الشمسي إلى الجانب الآخر إلى الحد الأدنى.
يفسر المراقب الموجود على سطح الأرض المسار المنحني للمذنب على يرجع إلى قوة جاذبية الشمس. لو كان أينشتاين موجودا على سطح هذا المذنب، لأصر على أنه في حالة سقوط حر، أي إنه في حالة سكون ومتحرر من أي قوى. وهكذا يتحرك المذنب في مسار كان سيبدو في الزمكان المسطح على شكل خط مستقيم، وهو ما يتوافق مع نظرة نيوتن، لكن في الزمكان المنحني سيتحرك في مسار منحن.
نظريا، يمكن للمرء أن يقيس منحنى الزمكان عن طريق عمل مثلث باستخدام ثلاثة أشعة من الضوء. هل سيكون مجموع زوايا المثلث 180 درجة، أم ستتجاوز هذه القيمة، أم ستقل عن هذه القيمة التي اعتدناها في الفضاء المسطح؟ في المثال البسيط الخاص بالسقوط نحو مركز الأرض، سيتلاقی شعاعان ضوئیان معا مثل خطوط الطول، وسيتجاوز مجموع زوايا مثلث الأشعة 180 درجة؛ عندئذ يقال إن المكان منحن، لكنه «منحن» في ماذا؟ تذكر أن الإلهام الذي راود أينشتاين في الأساس نبع من سطح الأرض ثنائي الأبعاد، الذي تقوس في بعد ثالث، فالمسارات المتلاقية للمركبات الفضائية أو الأشعة الضوئية تتقوس في أبعاد أعلى، على الأقل من الناحية الرياضية. يمكن القول إن المكان ثلاثي الأبعاد يتقوس داخل البعد الرابع المتمثل في الزمن. في الواقع هذه العبارة مبسطة على نحو مبالغ فيه لأن المكان والزمان متداخلان على نحو نسبي في الزمكان. إن تخيل محتوى الرياضيات الكامل أمر مربك للعقل. غير أننا إذا اخترنا تبني منظور أحد المراقبين قد نبدأ على الأقل في فهم جزء مما يعنيه مفهوم «الانحناء داخل الزمان». ويمكننا البدء في تصور هذا إذا بدأنا بالحالة الأبسط المتمثلة في سفر الضوء عبر الزمكان المسطح، حيث تنعدم الجاذبية.
من الأسس الهامة لنظرية الجاذبية أن الضوء يسافر بسرعة ثابتة على الدوام. غير أنه مع الإسراع ناحية مصدر الضوء أو الابتعاد عنها، يتغير شيء ما: فمثلما يرتفع صوت بوق السيارة أو ينخفض حسب اقتراب السيارة نحوك أو ابتعادها عنك، يتبدل لون (تردد أو «درجة») الضوء، فينزاح الضوء إلى اللون الأحمر عندما يبتعد المصدر بعيدا عنك، وإلى اللون الأزرق عندما يتجه نحوك، وهي الظاهرة المعروفة باسم «تأثير دوبلر». وما نستقبله على أنه ضوء هو نتيجة الترددات المختلفة التي يمكن أن تتذبذب بها المجالات الكهرومغناطيسية جيئة وذهابا، حيث التردد هو وسيلة قياس الإيقاع الزمني. عندما يمر الضوء عبر مجالات جاذبية، ينشأ تأثير آخر، وهذا هو مصدر تقوس المكان في تصور أينشتاين.
عندما يمر شعاع ضوء عبر مجال جاذبية الشمس، فإنني سأرى مساره ينحني. فأشعة الضوء التي تسقط نحو مصدر جاذبية، كالشمس أو نجم نيوتروني أو أحد الثقوب السوداء، يتجمع بعضها نحو بعض مثل المركبات الفضائية التي تحدثنا عنها من قبل. بموجب نظرية النسبية العامة، لا تتسبب الحركة وحدها في تغيير لون الأشعة كما يستقبلها المراقب الذي في حالة سكون، وإنما تقوم قوى الجاذبية بهذا أيضا، إذ يزداد انزياح تردد ذبذبات المجالات الكهرومغناطيسية باطراد إلى اللون الأحمر في مجالات الجاذبية متزايدة القوة. وحين تقترب الأشعة من مصدر الجاذبية، سيجد المراقب تكلفة الفضاء الخاوي الموجود على بعد أنها تزداد انزياحا نحو اللون الأحمر أكثر فأكثر. إن تردد التذبذبات، أي زمنها الطبيعي، يتباطأ. ولو اقترب شعاع الضوء من حافة ثقب أسود، فسيتباطأ التردد إلى أن يتلاشي؛ بمعنى أن الزمن سيتجمد، حتى إنه من منظور المراقب الموجود على كوكب الأرض سيستغرق شعاع الضوء زمنا لانهائيا كي يدخل إلى الثقب، وذلك مع تزايده في الاحمرار والضعف. بالنسبة لشعاع الضوء نفسه، لا يبدو أن شيئا ما يحدث له؛ لأنه في حالة سقوط حر. تقترب بقية الأشعة الضوئية الأخرى منه على نحو لصيق للغاية، وفي الواقع تنحني كل المسارات داخل الثقب الأسود على نحو محكم للغاية حتى إن تلك الأشعة المتجهة للخارج لا تعبر الحافة أبدا؛ فالضوء لا يفلت إلى الخارج أبدا ويبدو الثقب أسود. تحت تأثير الجاذبية، تتحرك أشعة الضوء بطول الجيوديسيات في كون يتمدد فيه الزمن على نحو مطرد. إن التشوه في بعد الزمن هو الذي يؤدي إلى ظهور انحناء مسارات أبعاد المكان الثلاثة. إذا تمكنت من التوسع في هذه الصورة البسيطة للزمن الممتد، وتصورته وهو يتداخل مع صورة المكان، فلديك إذن خيال أوسع من خيالي. يكفيني أن أقول إن رياضيات معادلات أينشتاين تبقي على صحة الحسابات، في حين أن العمليات الفيزيائية التي تقوم عليها هي عملية تمدد الزمن الذي يحدث إذا ما تلاشى أثر الجاذبية في السقوط الحر.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|