أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
1049
التاريخ: 3-07-2015
745
التاريخ: 29-3-2017
868
التاريخ: 8-12-2018
1777
|
فيما تمسّك به من قال بالرؤية وهو وجوه:
أ- قوله تعالى حكاية عن موسى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143] ولو كانت الرؤية ممتنعة لما سألها، وإلّا لكان بعض حثالة المعتزلة أعلم بصفاته من موسى عليه السلام.
واجيب بوجوه:
1- إنّ المراد أظْهِرْ لي أحوالًا تفيد العلم بالضرورة، وأطلق لفظ الرؤية على العلم مجازاً، وهو جواب الكعبي(1).
2- إنّ السؤال كان لقومه لا لنفسه بدليل قوله: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً } [البقرة: 55] وإنّما أضافه إلى نفسه ليكون أولى بالإجابة فلمّا منعه كان أقوى في الدلالة على منع الغير، وهو جواب الجبائيين(2) .
3- إنّه كان عالماً باستحالتها عقلًا، فأراد أنْ يعضد ذلك بالدليل النقلي وكثرة الأدلّة توجب الطمأنينة، وتزيل الشكّ، ولذلك كان تكرير دلائل التوحيد في القرآن، وهو جواب أبي الهذيل(3)(4).
ب- قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23] والنظر المقرون بحرف (إلى) يفيد الرؤية، لاستعمال ذلك استعمالًا شائعاً في الكتاب واللغة والعُرف، وبسطه في المطوّلات. ولأنّ المراد به إمّا معناه الحقيقي وهو تقليب الحدقة نحو المرئي طلباً لرؤيته، وهو عليه تعالى محال لاستدعائه الجهة، أو الانتظار وهو هنا باطل لأ نّه معدّى ب (إلى)، والانتظار لا يعدّى بها، كقوله: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35]. ولأنّ الآية في سياق حال النِعم فتكون حاصلة لا منتظرة؛ مع أنّ الإنتظار يوجب ألماً فيكون نقمة، لا نعمة ولذلك قيل إنّه موت أحمر، فلم يبق إلّا الرؤية مجازاً، اطلاقاً لاسم السبب على المسبّب.
وأُجيب بوجوه:
1- المنع من كون المقرون بإلى يفيد الرؤية في سائر استعمالاته، بل قد استعمل لا لذلك، ولهذا يقال: «نظرت إلى الهلال فلم أره».
2- إنّ هنا حذفاً لمضاف تقديره «ثواب ربّها» والإضمار وإنْ كان خلاف الأصل، فكالمجاز.
3- نختار أنّها بمعنى الإنتظار، ولا تكون (إلى) حرف جرّ، بل تكون اسماً هو واحد الآلاء، كما نقله الزهري وابن دُريد(5) ، قال الشاعر:
أبيض لا يرهب الهزال ولا يقطع رحماً ولا يخون إلى
أي: لا يخون نعمة، ويكون المراد منتظرة نعمة ربّها، ونمنع كون الآية لبيان حال النعم، بل حكاية حال الناس قبل استقرار أهل الجنّة في الجنّة، بدليل ما بعده وهو: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ *(24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } [القيامة: 24، 25]. على أنّا نمنع كون الإنتظار موجباً للغمّ، بل للفرح والسرور، كمنتظر خلعة الملِك المتيقّن حصولها(6).
ج- قوله: {وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} [الأعراف: 143] علّق الرؤية على استقرار الجبل الممكن، والمعلّق على الممكن ممكن.
واجيب: بالمنع من تعليقها على الممكن، والاستقرار ممكن بالنظر إلى ذاته، لا إليه حال تجلّي الربّ له كما هو المفروض لأنّه كان عالماً بتجلّيه، وحال التجلّي كان متحرّكاً(7) ، فيكون الإستقرار حينئذٍ محالًا، فالمعلّق عليه محال أيضاً.
د- قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26] فاللام في الحسنى ليس للاستغراق، وإلّا لدخلت الزيادة، وذلك يمنع عطفها عليه، فتكون للعهد، ولا معهود بين المسلمين إلّا الجنّة وما فيها من الثواب، فتكون الزيادة مغايرة لها، وكلّ من أثبت ذلك قال إنّه رؤية اللَّه تعالى. ولاستفاضته في النقل.
وأُجيب: إنّ المراد المثوبة الحسنى، وهي التي يحسن الجزاء بها، أي القدر الواجب، والزيادة التفضّل، لقوله: {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 38] وبه قال أكثر المفسّرين. سلّمنا لكن نختار أنّ اللام للعهد، فيكون المعهود هو الجنّة وما فيها، وتكون الزيادة هي الرضوان، لقوله عقيب ذكر الجنّة: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ } [التوبة: 72] ولذلك قال مجاهد: الزيادة نظرة من اللَّه ورضوان.
ه- قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] دلّت الآية على أنّ الكفّار محجوبون عن الربّ تحقيراً لهم، فيكون المؤمنون المعظّمون منزّهين عن ذلك.
وأُجيب: بأنّه يلزم منه رفع الحجاب عن المؤمنين، ولا يلزم منه الرؤية، وإنّما يلزم لو كان جائز الرؤية وهو ممنوع، أو المراد بالحجاب تمثيل بالاستخفاف، ولأنّه لا يحجب عن الملوك إلّا المهانون، قال الشاعر:
والناس ما بين مرحوبٍ ومحجوب
أو نقول: في الكلام حذفٌ لا محالة، إمّا محجوبون عن رحمته، أو رؤيته، لكنّ الثاني باطل للدلائل العقليّة، فتعيّن الأوّل، وهو المطلوب(8).
_______________
(1) راجع التفسير الكبير 14: 229، والكعبي هو أبو القاسم عبد اللَّه بن أحمد بن محمود الكعبي( 273- 319 ه)، من بني كعب، البلخي الخراساني، أحد أئمة المعتزلة، كان رأس طائفة منهم تسمى« الكعبية»، وله آراء ومقالات في الكلام انفرد بها له كتب، منها« التفسير» و« تأييد مقالة أبي الهذيل» وغير ذلك ...( الأعلام للزركلي 4: 66).
(2) الجبائيون: هم أصحاب أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجُبّائي المتوفى سنة 295 ه وهو من معتزلة البصرة وكانت المعتزلة البصرية في زمانه على مذهبه. وأ نّهم قالوا: إنّ اللَّه تعالى متكلم بكلام مركب من حروف وأصوات، يخلقه اللَّه تعالى في جسم. والعبد خالق لفعله. ومرتكب الكبيرة لا مؤمن ولا كافر، وإذا مات بلا توبة يخلد في النار. وانّ اللَّه تعالى لا يُرى في الآخرة.
وهذه الفرقة مع البهشمية تعتبر من أواخر فرق المعتزلة.( معجم الفرق الاسلامية: 80).
(3) لم نعثر على هذا الجواب بعينه ولكن نقل مضمونه القاضي الأيجي ونسبه إلى أبي الهذيل. شرح المواقف 8: 117. وأبو الهذيل هو محمد بن الهذيل العبدي. كان مولى لعبد القيس، وكان يلقّب بالعلّاف لأنّ داره بالبصرة كانت في العلّافين، له ستون كتاباً في الرد على المخالفين في دقيق الكلام وجليله. توفّي سنة 235هـ.( تعليقات« الفصل في الملل والنحل لابن حزم» 3: 34).
(4) والجواب الأوّل مردود بردّه تعالى سؤال موسى عليه السلام بقوله« لن تراني»( الأعراف: 143) فالرؤية بمعنى العلم كان حاصلًا له عليه السلام كيف وقد سمع كلامه تعالى حيث قال«انّي أنا اللَّه ربّ العالمين»( القصص: 30) والجوابان الآخران بعيدان، وهناك جواب آخر وهو أنّه عليه السلام قد سأل الشهود القلبي الكامل الذي يحصل لأولياء اللَّه تعالى في الآخرة حينما يتجلى لهم في الجنة فاجيب بنفي حصوله له في الدنيا لعدم طاقة البنية المادية على تحمل ذلك التجلّي.
(5) جمهرة اللغة لابن دريد 1: 20 والشعر من الأعشى.
(6) ويحصل الاستغناء عن هذه الوجوه غير الخالية عن التكلّف بحمل النظر على الشهود القلبي الكامل ولو سلّم أنّه أيضاً مجاز لكنّه لا ريب في أنّه أقرب المجازات.
(7) بل مندكّاً.
(8) ويأتي هنا...معنى الرؤية والنظر من أنّه هو الشهود القلبي، وهو من ألذّ نعم الآخرة، والكافر محروم منه.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|