المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16652 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
العوامل الخطرة في زيادة البيلروبين Risk Factors for Hyperbilirubinemia
2024-06-29
زيادة البيلروبين الولادي Neonatal hyper bilirubinemia
2024-06-29
تصنيف اليرقان
2024-06-29
اليرقان Jaundice
2024-06-29
أمراض الكبد Liver disease
2024-06-29
الكبد The liver
2024-06-29

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير آية (110-112) من سورة النساء  
  
7045   03:24 مساءً   التاريخ: 14-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


قال تعالى : { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء : 110-112] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

بين تعالى طريق التلافي والتوبة مما سبق منهم من المعصية ، فقال : {ومن يعمل سوءا} أي : معصية ، أو أمرا قبيحا ، {أو يظلم نفسه} بارتكاب جريمة . وقيل : يعمل سوءا بأن يسرق الدرع ، أو يظلم نفسه بأن يرمي بها بريئا .

وقيل : المراد بالسوء : الشرك ، وبالظلم : ما دون الشرك . {ثم يستغفر الله} أي : يتوب إليه ، ويطلب منه المغفرة ، {يجد الله غفورا رحيما} ثم بين الله تعالى أن جريمتهم ، وإن عظمت ، فإنها غير مانعة من المغفرة وقبول التوبة إذا استغفروا وتابوا . {ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه} ظاهر المعنى ونظيره : {لا تكسب كل نفس إلا عليها} ، {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها} . {وكان الله عليما} بكسبه ، {حكيما} في عقابه . وقيل : عليما (2) في قضائه فيهم . وقيل : عليما بالسارق ، حكيما في إيجاب القطع عليه .

ثم بين أن من ارتكب إثما ، ثم قذف به غيره ، كيف يعظم عقابه ، فقال : {ومن يكسب خطيئة} أي : يعمل ذنبا على عمد ، أو غير عمد ، {أو إثما} أي : ذنبا تعمده . وقيل : الخطيئة الشرك ، والإثم : ما دون الشرك {ثم يرم به بريئا} : ثم ينسب ذنبه إلى برئ . وقيل : البريء هو اليهودي الذي طرح عليه الدرع ، عن الحسن ، وغيره . وقيل : هو لبيد بن سهل . وقد مضى ذكرهما قبل .

وقوله : {ثم يرم به بريئا} اختلف في الضمير الذي هو الهاء في به فقيل : يعود إلى الإثم أي : بالإثم . وقيل : إلى واحد منهما . وقيل : يعني يكسبه {فقد احتمل بهتانا} كذبا عظيما ، يتحير من عظمه . {وإثما مبينا} أي : ذنبا ظاهرا بينا .

وفي هذه الآيات دلالة على أنه تعالى لا يجوز أن يخلق أفعال خلقه ، ثم يعذبهم عليها ، لأنه إذا كان الخالق لها ، فهم براء منها ، فلو قيل : إن الكسب مضاف إلى العبد ، فجوابه : إن الكسب لو كان مفهوما ، وله معنى ، لم يخرج العبد بذلك من أن يكون بريئا ، لأنه إذا قيل إن الله تعالى أوجد الفعل ، وأحدثه ، وأوجد الاختيار في القلب ، والفعل لا يتجزى ، فقد انتفى عن العبد من جميع جهاته .

_________________________

1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 185-186.

2. [بأفعال عباده حكيما] .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{ ومَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهً يَجِدِ اللَّهً غَفُوراً رَحِيماً } .

هذا هو المخرج من الذنب ، الاعتراف به ، والتوبة منه ، فهي وحدها تكفره وتتداركه . . وكما ان اللَّه سبحانه شديد العقاب فإنه غفور لمن تاب ، رحيم بمن التجأ إليه ، وفي الحديث : ان اللَّه لا يمل ، حتى تملوا ، فإذا تركتم ترك .

أي إذا تركتم التوبة من الذنب ترك الصفح عنه . . فكان الأولى بالذين دافعوا عن المجرم أن يؤنبوه على جريمته ، وينصحوه بالتوبة لو كانوا من الناصحين المؤمنين حقا .

وعلى هذا يكون معنى : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهً يَجِدِ اللَّهً غَفُوراً رَحِيماً } . معناه من أساء إلى غيره بالشتم أو الضرب ، وما إليه ، أو إلى نفسه فقط كاليمين الكاذبة ثم تاب قبل اللَّه منه ، حتى كأنه لم يسيء ، ولم يظلم .

ومعنى : { ومَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ } ان من يتعمد ارتكاب الذنب فقد أساء إلى نفسه ، سواء اقتصرت هذه الإساءة عليه وحده ، أو تعدت إلى غيره .

ومعنى : { ومَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وإِثْماً مُبِيناً } ان من رمى غيره بجرم ليس فيه فإنه يعاقب عقاب المفتري المتعمد ، سواء ارتكب هو الجرم ، ولصقه بغيره عن قصد ، وهذا ما يدل عليه لفظ الإثم ، أم لم يرتكب أي جرم ، ولكن رمى به بريئا قبل أن يتثبت ، وهذا ما يدل عليه لفظ الخطيئة . . والغرض ان المرء لا يجوز له أن يدين غيره بشيء حتى يكون على يقين منه ، تماما كالشمس .

___________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 432-433 .

 

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } (الآية) فيه ترغيب وحث لأولئك الخائنين أن يرجعوا إلى ربهم بالاستغفار ، والظاهر أن الترديد بين السوء وظلم النفس والتدرج من السوء إلى الظلم لكون المراد بالسوء التعدي على الغير ، وبالظلم التعدي على النفس ، أو أن السوء أهون من الظلم كالمعصية الصغيرة بالنسبة إلى الكبيرة ، والله أعلم .

وهذه الآية والآيتان بعدها جميعا كلام مسوق لغرض واحد ، وهو بيان أمر الإثم الذي يكسبه الإنسان بعمله ، يتكفل كل واحدة من الآيات الثلاث بيان جهة من جهاته ، فالآية الأولى تبين أن المعصية التي يقترفها الإنسان فيتأثر بتبعتها نفسه وتكتب في كتاب أعماله ، للعبد أن يتوب إلى الله منها ويستغفره فلو فعل ذلك وجد الله غفورا رحيما  .

والآية الثانية تذكر الإنسان أن الإثم الذي يكسبه إنما يكسبه على نفسه وليس بالذي يمكن أن يتخطاه ويلحق غيره برمي أو افتراء ونحو ذلك .

والآية الثالثة توضح أن الخطيئة أو الإثم الذي يكسبه الإنسان لو رمى به بريئا غيره كان الرمي به إثما آخر وراء أصل الخطيئة أو الإثم .

قوله تعالى : { وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً } قد تقدم أن الآية مرتبطة مضمونا بالآية التالية المتعرضة للرمي بالخطيئة والإثم فهذه كالمقدمة لتلك ، وعلى هذا فقوله { فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ } مسوق لقصر التعيين ، وفي الآية عظة لمن يكسب الإثم ثم يرمي به بريئا غيره . والمعنى ـ والله أعلم ـ : أنه يجب على من يكسب إثما أن يتذكر أن ما يكسبه من الإثم فإنما يكسبه على نفسه لا على غيره ، وأنه هو الذي فعله لا غيره وإن رماه به أو تعهد له هو أن يحمل إثمه وكان الله عليما يعلم أنه فعل هذا الكاسب ، وأنه الذي فعله لا غيره المرمي به ، حكيما لا يؤاخذ بالإثم إلا آثمه ، وبالوزر غير وازرتها كما قال تعالى : { لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ } [ البقرة : 286 ] ، وقال : { وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} [ الأنعام : 164 ] وقال : { وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} [ العنكبوت : 12 ] .

قوله تعالى : { وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً } ، قال الراغب في المفردات : إن من أراد شيئا فاتفق منه غيره يقال : أخطأ وإن وقع منه كما أراده يقال أصاب ، وقد يقال لمن فعل فعلا لا يحسن أو أراد إرادة لا تجمل : إنه أخطأ . ولهذا يقال : أصاب الخطأ ، وأخطأ الصواب ، وأصاب الصواب ، وأخطأ الخطأ . وهذه اللفظة مشتركة كما ترى ، مترددة بين معان يجب لمن يتحرى الحقائق أن يتأملها .

قال : والخطيئة والسيئة تتقاربان لكن الخطيئة أكثر ما تقال فيما لا يكون مقصودا إليه في نفسه بل يكون القصد سببا لتولد ذلك الفعل منه كمن يرمي صيدا فأصاب إنسانا ، أو شرب مسكرا فجنى جناية في سكره ، والسبب سببان : سبب محظور فعله كشرب المسكر وما يتولد عنه من الخطأ غير متجاف عنه ، وسبب غير محظور كرمي الصيد ، قال تعالى : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } وقال تعالى : { وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً } فالخطيئة هاهنا هي التي لا تكون عن قصد إلى فعلها ( انتهى ) .

وأظن أن الخطيئة من الأوصاف التي استغني عن موصوفاتها بكثرة الاستعمال كالمصيبة والرزية والسليقة ونحوها ، ووزن فعيل يدل على اختزان الحدث واستقراره ، فالخطيئة هي العمل الذي اختزن واستقر فيه الخطأ والخطأ ، الفعل الواقع الذي لا يقصده الإنسان كقتل الخطأ ، هذا في الأصل ، ثم وسع إلى ما لا ينبغي للإنسان أن يقصده لو كانت نفسه على سلامتها الفطرية ، فكل معصية وأثر معصية من مصاديق الخطأ على هذا التوسع ، والخطيئة هي العمل أو أثر العمل الذي لم يقصده الإنسان ( ولا يعد حينئذ معصية ) أو لم يكن ينبغي أن يقصده ( ويعد حينئذ معصية أو وبال معصية ) .

لكن الله سبحانه لما نسبها في قوله { وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً } إلى الكسب كان المراد بها الخطيئة التي هي المعصية ، فالمراد بالخطيئة في الآية هي التي تكون عن قصد إلى فعلها وإن كان من شأنها أن لا يقصد إليها .

وقد مر في قوله تعالى { قُلْ فِيهِما إِثْمٌ } [ البقرة : 219 ] أن الإثم هو العمل الذي يوجب بوباله حرمان الإنسان عن خيرات كثيرة كشرب الخمر والقمار والسرقة مما يصد الإنسان عن حيازة الخيرات الحيوية ، ويوجب انحطاطا اجتماعيا يسقط الإنسان عن وزنه الاجتماعي ويسلب عنه الاعتماد والثقة العامة .

وعلى هذا فاجتماع الخطيئة والإثم على نحو الترديد ونسبتهما جميعا إلى الكسب في قوله { وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً } (الآية) يوجب اختصاص كل منهما بما يختص به من المعنى ، والمعنى ـ والله أعلم ـ : أن من يكسب معصية لا تتجاوز موردها وبالا كترك بعض الواجبات كالصوم أو فعل بعض المحرمات كأكل الدم أو يكسب معصية يستمر وبالها كقتل النفس من غير حق والسرقة ثم يرم بها بريئا بنسبتها إليه فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا .

وفي تسمية نسبة العمل السيئ إلى الغير رميا ـ والرمي يستعمل في مورد السهم ـ وكذا في إطلاق الاحتمال على قبول وزر البهتان استعارة لطيفة كان المفتري يفتك بالمتهم البريء برميه بالسهم فيوجب له فتكه أن يتحمل حملا يشغله عن كل خير مدى حياته من غير أن يفارقه .

ومن ما تقدم يظهر وجه اختلاف التعبير عن المعصية في الآيات الكريمة تارة بالإثم وأخرى بالخطيئة والسوء والظلم والخيانة والضلال ، فكل واحد من هذه الألفاظ هو المناسب بمعناه لمحله الذي حل فيه .

________________________

1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 65-68 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

لقد بيّنت هذه الآيات الثلاث ، ثلاثة أحكام كلية بعد أن تطرقت الآيات السابقة إلى مسائل خاصّة بالخيانة والتهمة.

١ـ لقد وردت في الآية (١١٠) من الآيات الثلاث أعلاه الإشارة أوّلا إلى هذه الحقيقة وهي أن باب التوبة مفتوح أمام المسيئين على كل حال ، فإذا ارتكب أحد ظلما بحقّ نفسه أو غيره ، وندم حقيقة على فعلته ، أو استغفر الله لذنبه ، وكفّر عن خطيئته فيجد الله غفورا رحيما ، حيث تقول الآية : {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً} .

٢ـ يجب الانتباه إلى أنّ الآية الأولى تشير إلى نوعين من الذنوب ، حيث جاءت فيها كلمة «سوء» وكلمة «الظلم» للنفس ، ولدى النظر إلى قرينة المقابلة ، وكذلك الأصل اللغوي لعبارة «سوء» التي تعني هنا الإضرار بالغير ، يفهم من الآية أنّ أي نوع من الذنوب ـ سواء كانت من نوع الإضرار بالغير ، أو الإضرار بالنفس قابلة للغفران إذا تاب فاعلها توبة حقيقية وسعى إلى التكفير عنها.

ويفهم ـ أيضا ـ من العبارة القرآنية : {يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً} إنّ التوبة الحقيقية لها من الأثر بحيث يجد الإنسان التائب نتيجتها في باطن نفسه ، فمن ناحية فإنّ تأنيب الضمير الذي يخلقه ارتكاب الذّنب يزول عن المذنب التائب نظرا للغفران الذي يناله من الله الغفور ، ومن جانب آخر يحسّ الإنسان التائب بالقرب إلى الله بسبب رحمته سبحانه وتعالى بعد أن كان يحس بالبعد عنه بسبب الذنب الذي ارتكبه .

٣ـ إنّ الآية الثانية من الآيات الثلاث الأخيرة ، تحكي نفس الحقيقة التي وردت بصورة إجمالية في الآيات السابقة ، حيث تؤكّد أنّ أي ذنب يقترفه الإنسان ستكون نتيجته في النهاية على المذنب نفسه ، ويكون قد أضرّ بنفسه بذنبه ، إذ تقول الآية : {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ ...} وفي آخر الآية تأكيد على أنّ الله عالم بأعمال العباد ، وهو حكيم يجازي كل إنسان بما يستحقه : {وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً} .

وبالصورة المارة الذكر فإنّ الذنوب مهما اختلفت في الظاهر ، فإنّ أضرارها ستلحق أحيانا بالغير وتلحق أحيانا أخرى بمرتكبها ، ولكن بالتحليل النهائي ، فإنّ الذنب تعود نتيجته كلها إلى الإنسان المذنب نفسه ، وإن الآثار السيئة للذنب تظهر قبل كل شيء في روح ونفس الشخص المذنب.

٤ـ أمّا الآية الثّالثة من الآيات الأخيرة ، فهي تشير إلى خطورة خطيئة اتهام الناس الأبرياء ، إذ تقول : {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً} .

وقد قسمت هذه الآية الذنب الذي يرتكبه شخص وينسبها زورا إلى غيره ، إلى قسمين : سمت الأوّل بالخطيئة ، والثّاني بالإثم .

وقد قال المفسّرون الكثير في شأن الفرق بين هذين النوعين من الذنب ، وأقرب الأقوال إلى الذهن هو أنّ الخطيئة مشتقة من الخطأ ، والذي يعني في الأصل : الزلل أو الذنب الذي يصدر دون قصد من صاحبه ، ويكون أحيانا مشمولا بالكفارة والغرامة لكن معنى الخطيئة قد توسع تدريجيا ، وأخذ يشمل كل ذنب سواء المتعمد أو غير المقصود، حيث أنّ روح الإنسان لا تحتمل الذنب ـ أكان عمدا أو عن غير عمد ـ وحين يصدر الذنب من الإنسان إنّما هو في الحقيقة نوع من الزلل والخطأ الذي لا يناسب مقامه كإنسان .

والنتيجة من هذا القول أنّ الخطيئة لها معنى واسع يشمل الذنب المتعمد والذنب الصادر عن غير عمد ، أمّا كلمة «إثم» فتطلق عادة على الذنوب الصادرة عن عمد ، وتعني ـ في الأصل ـ ذلك الشيء الذي يمنع الإنسان من عمل معين ، ولما كانت الذنوب تحول دون وصول الخيرات إلى الإنسان فقد سميت «إثما» .

وتجدر الإشارة إلى أنّ الآية استخدمت كناية جميلة بالنسبة للتهمة ، وهي أنّها جعلت الذنب في هذا المجال كالسهم ، وجعلت نسبته إلى الغير زورا بمثابة رمي السهم صوب الهدف، وهذه إشارة إلى أنّه في حين أن تصويب السهم نحو إنسان آخر قد يؤدي إلى القضاء عليه ، فإنّ رمي الإنسان البريء بذنب لم يقترفه يكون بمثابة رمية بسهم يقضي على سمعته التي هي بمنزلة دمه .

وبديهي أنّ وزر وعاقبة هذا العمل تكونان في النهاية ـ وإلى الأبد ـ على عاتق الشخص الذي ينسب التهمة زورا إلى غيره ، وأن عبارة «احتمل» الواردة في الآية تعني أخذ على عاتقه إنّما جاءت للدلالة على ثقل وبقاء هذه المسؤولية !

__________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 296-298 .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .