أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-8-2017
1459
التاريخ: 6-12-2016
1591
التاريخ: 17-10-2018
1985
التاريخ: 26-1-2020
1534
|
قال الإمام جعفر الصادق (عليه السّلام) :
ألا أحكي لكم وضوء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ؟
فقلنا: بلى. «فدعا بقعب فيه شيء من ماء، ووضعه بين يديه، ثم حسر عن ذراعيه، وغمس فيه كفه اليمنى ، وقال: هكذا إذا كانت الكف طاهرة، ثم غرف ملأها ماء، فوضعها على جبهته، و قال: بسم اللّه ، وسدله على أطراف لحيته، ثم أمرّ يده على وجهه، و ظاهر جبينه مرّة واحدة، ثم غمس يده اليسرى، فغرف بها ملأها، ووضعه على مرفقه اليمنى، فأمرّ كفه على ساعده، حتى جرى على أطراف أصابعه، ثم غرف بيمينه ملأها، ووضعه على مرفقه اليسرى، فأمرّ كفه على ساعده، حتى جرى الماء على أطراف أصابعه، ومسح مقدم رأسه، وظهر قدميه، ببلة يساره، وبقية بلة يمناه ».
وقال: «ان اللّه وتر يحب الوتر، فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات :
واحدة للوجه، واثنتان للذراعين، وضّح ببلة يمناك ناصيتك، وما بقي من بلة يمناك ظهر قدمك اليمنى، وتمسح ببلة يسراك ظهر قدمك اليسرى».
للوضوء واجبات لا يتحقق، و لا يعتد به شرعا إلا بها، و مستحبات لا يجب فعلها، و لا ينكر على من تركها، و تهمنا الأولى قبل كل شيء، و هي ما يلي :
1- النية، و حقيقتها الدافع و الباعث على العمل ابتغاء مرضاة اللّه، و امتثال امره، و أي دافع آخر، و الدليل على وجوبها ان الوضوء عبادة، تماما كالصوم و الصلاة، و لا عبادة بلا نية إجماعا و نصا، و منه قوله تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] و قوله {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: 65] و ليس من شك أن الوضوء من الدين، فوجب ان لا يصح و لا يقبل بدون نية الإخلاص.
وبما أن الباعث والإخلاص من عمل القلب فقط فلا يجب التلفظ بالنية، و لا قصد الوجوب أو الاستحباب، و لا قصد رفع الحدث أو استباحة الدخول في الصلاة، لا يجب شيء من ذلك، و لا من غيره إلّا وجه اللّه و كفى.
ولو توضأ انسان لوجه اللّه تعالى، و لكن في الوقت نفسه أعجبه أن يراه الناس محسنا للوضوء فعّالا للخير، صح الوضوء بالاتفاق، لأن مثل هذا يجتمع مع فعل الخير لوجه الخير، و لقد سئل الإمام الباقر أبو الإمام جعفر الصادق (عليهما السّلام) عن رجل يعمل الشيء من الخير، فيراه انسان، فيسره ذلك؟ قال: «لا بأس. ما من أحد إلّا و هو يحب أن يظهر له في الناس الخير، إذا لم يصنع ذلك لذلك». أي لم يفعل من أجل الناس فقط. و بكلمة أن عمله من أجل الناس، لا من أجل اللّه شيء، و سروره بأن يكون من أهل الخير عند اللّه و الناس شيء آخر.
ولو شك في أنّه نوى الوضوء، أو لا؟ فان كان لم يزل يتوضأ استأنف من جديد، و ان كان قد انتهى منه مضى، و لم يلتفت.
2- غسل الوجه مرّة واحدة، أي إسالة الماء عليه وحده، من منابت شعر الرأس إلى اللحيين طولا، و ما دارت عليه الإبهام و الوسطى عرضا، أي من الأذن إلى الأذن.
وذهب أكثر الفقهاء إلى وجوب الابتداء في غسل الوجه من أعلاه، فلو ابتدأ من الأسفل أو الوسط لم يصح، و هذا ما قالوه بالحرف: «يجب أن يغسل من أعلى الوجه الى الذقن، و إذا غسل منكوسا لم يجز».
ويلاحظ بأن الأمر بغسل الوجه مطلق، و لا نصّ على وجوب الابتداء بالأعلى، فيحصل الامتثال بالغسل كيف اتفق، أما ابتداء الامام بالأعلى فغاية ما يدل عليه الجواز و المشروعية، لا الحصر و التعيين.
ومهما يكن، فلا يجب غسل ما تحت اللحية، و لا ما طال من شعرها، أو من شعر الشارب و الحاجب، و غير بعيد أن يكون السر لعدم وجوب إيصال الماء إلى البشرة مع كثافة اللحية، هو أن البشرة، و الحال هذه، تصير من البواطن، لا من الظواهر، وربما أومأ إلى هذا قول الإمام الباقر (عليه السّلام) : «كلّ ما أحاط به الشعر فليس على العباد أن يطلبوه، و لا أن يبحثوا عنه، و لكن يجري عليه الماء».
3- غسل اليدين مرّة واحدة، مقدما اليمنى على اليسرى وجوبا، و حدّهما من أطراف الأصابع إلى المرفقين، و المرفق هو المفصل بين العضد و الساعد، و يدخل فيما يجب غسله، و تجدر الإشارة هنا إلى أن الشيعة أوجبوا ابتداء الغسل من المرفق، وأبطلوا النكس، أي الابتداء من أطراف الأصابع، أمّا السنة بمذاهبهم الأربعة، فقد أجازوا الغسل كيف اتفق، و لم يوجبوا البداية من المرفق، و لا من الأصابع.
وعلى هذا يرد على الشيعة بأن اللّه سبحانه قال {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] و ظاهر الآية الانتهاء إلى المرفق، لا الابتداء به، و لا أقل من جواز الأمرين، فمن أين- اذن- جاء التعيين ؟
وأجاب عن هذا من أجاب بأن «إلى» هنا ليست للانتهاء، لأنّها لا تدل عليه إلّا إذا وجدت «من» الدالة على الابتداء في الطرف الآخر، كقولك: سرت من البيت إلى السوق، و المفروض عدم وجود «من» في الآية الكريمة، فلا بد أن تكون «إلى» بمعنى مع، أي اغسلوا المرافق مع أيديكم.
ونحن لا نشك أن هذا لعب بالألفاظ، و كلام لا محصل له. و الصحيح أن «إلى» باقيه على ظاهرها، و أنّها تدل على الانتهاء، ولو لم تكن «من» الطرف الآخر، و انها تحديد للعضو المغسول، و هو اليد، لا تحديد للغسل، و لو كانت لتحديد الغسل لوجب تعيين الابتداء من الأصابع، و لا قائل به، حتى السنة، فإنهم ذهبوا جميعا إلى التخيير بين البداية من المرفق، أو من أطراف الأصابع.
وهنا سؤال يفرض نفسه، و هو إذا كانت «إلى» في الآية تحديدا للمغسول لا للغسل، و ان الذي دلت عليه الآية هو وجوب غسل هذا العضو الخاص كيف اتفق، فعلى أي شيء استند الشيعة لوجوب الابتداء من المرفق؟ و بكلمة أن الاشكال السابق يبقى قائما ما دامت الآية لا تدل على وجوب البداية من الأصابع، و لا من المرفق.
الجواب:
أجل، ان الآية أجنبية عن ذلك. و لكن الشيعة قد استندوا إلى دليل آخر لوجوب البداية من المرفق، و هو الإجماع، و روايات عن أهل البيت (عليهم السّلام).
مرة واحدة:
وأوجبنا في كل من غسل الوجه و اليدين مرّة واحدة لقول الإمام الصادق (عليه السّلام):
«الوضوء واحدة فرض، و اثنتان لا يؤجر، و الثالثة بدعة » ، أي أن من يأتي بالثالثة بقصد أنّها من الوضوء فقد شرّع و أبدع، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار، و من يأتي بها دون هذا القصد فلا اثم عليه، و لكن يبطل وضوءه، و لا يسوغ له أن يمسح ببلة الثالثة رأسه و قدميه.
4- مسح الرأس، قال الإمام الصادق (عليه السّلام) : «مسح الرأس على مقدّمه».
وقال: «لا بأس بمسح الوضوء مقبلا و مدبرا» أي منكوسا و غير منكوس.
وقال: «ان نسيت مسح رأسك فامسح عليه وعلى رجليك من بلة وضوءك، فإن لم يكن بقي في يديك من نداوة وضوءك شيء، فخذ ما بقي في لحيتك، وامسح به رأسك، ورجليك، و ان لم يكن لك لحية فخذ من حاجبك وأشفار عينيك، وامسح به رأسك، و رجليك، فان لم يبق من بلة وضوءك شيء أعدت الوضوء».
وسئل عن الرجل يمسح رأسه بإصبعه أ يجزيه ذلك؟ قال: نعم.
ولخّص الفقهاء هذه الروايات، وما إليها بقولهم: يكفي من مسح الرأس ما يسمى به مسحا، والمندوب مقدار ثلاث أصابع عرضا، ويختص المسح بمقدم الرأس، و يجب أن يكون بنداوة الوضوء، لا بماء جديد، ولو جف ما على يديه، أخذ من لحيته وأشفار عينيه، فإن لم يبق أعاد، ويجوز المسح منكوسا.
5- مسح الرجلين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين، وهما قبتا القدم، أي العظمان الناتئان في وسطه، والأفضل المسح إلى حد الساق المتصل بظهر القدم على النحو الشائع المعروف.
والذي ثبت هنا بالنص و الإجماع هو ما ثبت في مسح الرأس من الاكتفاء بالأصابع إلى الكعبين، أو العكس. و بكلمة أن الشيعة يوجبون الابتداء من الأعلى في الغسل دون المسح، والفرق أخبار أهل البيت (عليهم السّلام) و الأفضل البداية من الأعلى، ومسح ظاهر قدم اليمنى بباطن اليد اليمنى، وظاهر قدم اليسرى بباطن اليد اليسرى، ويجوز مسحهما معا ودفعة واحدة، ولا يجوز تقديم اليسرى على اليمنى .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
مكتبة العتبة العباسية.. خدمات رقمية متطورة وجهود لتلبية احتياجات الباحثين
|
|
|