أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-2-2021
1980
التاريخ: 7-10-2016
2535
التاريخ: 17-5-2021
1992
التاريخ: 27-4-2021
2805
|
لا شكّ أنّ المدرسة الأولى للإنسان، هي واقع الأسرة، فمنها يتعلم الإنسان الدّروس الاولى للفضيلة أو الرذيلة. وإذا ما تناولنا مفهوم التربية بشكله العام: «التكوين والتشريع»، فإنّ أوّل مدرسةٍ يدخلها الإنسان، هي رحم الأم وصلب الأب، والّتي تؤتي معطيّاتها بصورةٍ غير مباشرةٍ على الطفل، وتهيّىء الأرضيّة للفضيلة، أو الرّذيلة في حركته المستقبليّة. وقد ورد في الأحاديث الإسلاميّة، تعبيراتٌ لطيفةٌ ودقيقةٌ جدّاً في هذا المجال، نشير إلى قسم منها:
1ـ قال عليٌّ (عليه السلام): ((حُسْنُ الأَخلاقِ بُرهانُ كَرَمِ الأَعراقِ)) (1).
وبناءً عليه فإنَّ الاسر الفاضلة، غالباً ما تقدّم للمجتمع أفراداً متمّيزين على مستوى الأخلاق الحسنة، وبالعكس فإنّ الأفراد الطالحين، ينشؤون غالباً من عوائل فاسدة.
2 ـ ورد في حديث آخر عن الإمام علي (عليه السلام) أنّه قال: ((عليكم فى طلب الحوائج بشراف النّفوس ذوي الأصول الطّيّبة فإنّها عندهم أقضى وهي لديهم أزكى))(2).
3 ـ وفي عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر رحمه الله، ووصاياه له في اختيار الضّباط للجيش الإسلامي، قال له: ((ثم الصق بذوي المروءات والأحساب، وأهل البيوتات الصالحة والسوابق الحسنة، ثم أهل النجدة والشجاعة، والسخاء والسماحة، فإنّهم جماع من الكرم، وشعب من العرف)) (3).
4 ـ وورد عن الإمام الصادق (عليه السلام)، حديث يُبيّن تأثير الآباء الفاسدين على شخصيّة الأطفالِ وسلوكهم الأخلاقيّ، فقال: ((أيّما امرأة أطاعت زوجها وهو شارب الخمر كان لها من الخطايا بعدد نجوم السماء وكل مولود يولد منه فهو نجس...))(4).
وقد ورد النّهي الأكيد، في رواياتٍ أخرى كثيرةٍ عن تزويج الشّارب للخمر، والسيّئ الأخلاق.
5 ـ وقد ورد في الحديث النبوي المشهور، بالنّسبة إلى تأثير تربية الأب والأم على الأولاد، أنّه قال: ((كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه)).
فالتربية التي تعمل على تغيير إيمان وعقيدة الطّفل، كيف لا تعمل على تغيير سلوكه الأخلاقي في الدّائرة الإجتماعية؟
6 ـ وهذا الأمر جعل مسألة التربية الصّالحة، من أهم حقوق الطّفل على الوالدين، فنقرأ في الحديث النبوي الشّريف: ((حقّ الولد على والده أن يحسّن اسمه، ويزوّجه إذا أدرك، ويعلّمه الكتاب)) (5).
فمن الواضح أنّ مداليل الأسماء، لها أثرها الأكيد على نفسيّة وروحيّة الطّفل، فأسماء الشّخصيات الكبيرة من أهل التّقوى والفضيلة، تجذب الإنسان المُسمّى بأسمائهم إليهم، وتدعوه للتّقرب إليهم، وبالعكس، فإنّ أسماء الفسقة والكفّار، تقرّب من يتسمّى بأسمائهم منهم أيضاً.
7 ـ ونقرأ في النبوي الشريف أيضاً: ((ما نحل والدٌ ولدًا مِن نحْلٍ أفضلَ من أدبٍ حسنٍ)) (6).
8 ـ وقال الإمام السجّاد (عليه السلام)، بتعبيرٍ أوضح: ((وحق ولدك أن تعلم أنّه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنّك مسؤول عمّا ولّيته من حسن الأدب والدلالة على ربّه (عزّ وجل)، والمعونة له على طاعته)) (7).
9 ـ وقال الإمام علي (عليه السلام)، بأنّ أخلاق الأبوين، هي عبارةٌ عن ميراث الأبناء منهما، فيقول (عليه السلام): ((خير ما ورّث الآباء الأبناء الأدب)) (8).
10 ـ ونختم هذا البحث بحديثٍ آخر عن الإمام علي (عليه السلام)، حيث بيّن الإمام(عليه السلام)، شخصيته للجهّال الذين يقيسونه بغيره، فقال: ((وقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّه (صلى الله عليه وآله) بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ والْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ، وَضَعَنِي فِي حِجْرِه وأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِه، ويَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِه ويُمِسُّنِي جَسَدَه، ويُشِمُّنِي عَرْفَه، وكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيه، ومَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ ولَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ، ولَقَدْ قَرَنَ اللَّه بِه (صلى الله عليه وآله) مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِه، يَسْلُكُ بِه طَرِيقَ الْمَكَارِمِ، ومَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَه ونَهَارَه، ولَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُه اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّه، يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِه عَلَماً، ويَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِه، ولَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ، فَأَرَاه ولَا يَرَاه غَيْرِي، ولَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الإِسْلَامِ، غَيْرَ رَسُولِ اللَّه (صلى الله عليه وآله) وخَدِيجَةَ وأَنَا ثَالِثُهُمَا، أَرَى نُورَ الْوَحْيِ والرِّسَالَةِ وأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ، ولَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْه (صلى الله عليه وآله) فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه مَا هَذِه الرَّنَّةُ؟ فَقَالَ: هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِه، إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وتَرَى مَا أَرَى، إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ولَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ، وإِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ)) (9).
وصحيح أنّ الصفات النفسية والأخلاقيّة، سواء كانت سيّئة أم حسنة، فهي تنبع من باطن الإنسان وإرادته، ولكن لا يمكن إنكار معطيات البيئة وأجواء المحيط في تكوين وترشيد الأخلاق الحسنة والسّيئة، وكذلك عنصر الوراثة من الوالدين والاسرة بصورة أعم، وتوجد شواهد عينيّة كثيرة، وأدلة قطعيّة على ذلك، ترفع الشّك والترديد في المسألة. وبناءً على ذلك، ولأجل بناء مجتمعٍ صالحٍ وأفرادٍ سالمين، علينا الاهتمام بتربية الطّفل تربيةً سليمةً، والانتباه لعوامل الوراثة وأخذها بنظر الاعتبار، في واقع الحياة الفرديّة والاجتماعية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) غُرر الحِكم.
(2) المصدر السابق.
(3) نهج البلاغة.
(4) لئالي الأخبار.
(5) كنز العمّال.
(6) كنز العمّال.
(7) بحار الأنوار، ج 71، ص 6 (جوامع الحقوق).
(8) غُرر الحِكم.
(9) نهج البلاغة، الخطبة 192، (الخطبة القاصعة).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|