أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2016
1782
التاريخ: 3-4-2022
2220
التاريخ: 2024-03-03
622
التاريخ: 2024-02-29
782
|
الظلم لغةً : وضع الشيء في غير موضعه ، فالشرك ظلمٌ عظيم ، لجعله موضع التوحيد عند المشركين .
وعرفاً هو : بخس الحقّ ، والاعتداء على الغير ، قولاً أو عمَلاً ، كالسباب ، والاغتياب ومصادرة المال ، واجترام الضرب أو القتل ، ونحو ذلك من صوَر الظُلامات المادّيّة أو المعنويّة .
والظلم من السجايا الراسخة في أغلب النفوس ، وقد عانت منه البشريّة في تاريخها المديد ألوان المآسي والأهوال ، ممّا جهّم الحياة ، ووسمها بطابعٍ كئيب رهيب .
والظلم مِن شيَم النفوس فإنْ تجِد ذا عـفّـة فـلـعلّة لا يـظلِمُ
من أجل ذلك كان الظلم جماع الآثام ومنبع الشرور ، وداعية الفساد والدمار .
وقد تكاثرت الآيات والأخبار بذمّه والتحذير منه :
قال تعالى : {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام : 21] , { إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة : 51] , { وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران : 57] , {إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم : 22] , {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} [يونس : 13] , وقال تعالى : { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [إبراهيم : 42] وقال سُبحانه : {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [يونس : 54].
وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( واللّه لو أعطيتُ الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها ، على أنْ أعصي اللّه في نملَة أسلُبها جُلب شعيرةٍ ما فعلت ، وإنّ دنياكم لأهوَن عليّ مِن ورقةٍ في فمِ جرادة ، ما لعليٍّ ونعيمٍ يفنى ولذّة لا تبقى ).
وعن أبي بصير قال : ( دخَل رجُلان على أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) في مداراةٍ بينهما ومعاملة ، فلمّا أنْ سمِع كلامها قال : ( أما إنّه ما ظفَر أحدٌ بخير من ظفَر بالظلم , أما إنّ المظلوم يأخُذ مِن دين الظالم أكثر ممّا يأخذ الظالم من مال المظلوم ) .
ثُمّ قال : ( مَن يفعل الشرّ بالناس فلا ينكر الشر إذا فُعِل به ، أمّا إنّه إنّما يحصِد ابن آدم ما يزرَع وليس يحصد أحدٌ مِن المرِّ حُلواً ، ولا مِن الحُلوِ مرَّاً، فاصطلَح الرجلان قبل أنْ يقوما ) (1) .
وقال ( عليه السلام ) : ( مَن أكل مال أخيه ظُلماً ولم يردَّه إليه ، أكل جذوةً مِن النار يوم القيامة)(2) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( مَن ظلَم سلّط اللّه عليه من يظلمه ، أو على عقِبَه ، أو على عقِب عقِبَه ) .
قال ( الراوي ) : يظلم هو فيسلّط على عقبه ؟ .
فقال : ( إنّ اللّه تعالى يقول : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء : 9] .
وتعليلاً للخبر الشريف : أنّ مؤاخذة الأبناء بجرائم الآباء إنّما هو في الأبناء الذين ارتضوا مظالم آبائهم أو اغتنموا تراثهم المغصوب ، ففي مؤاخذتهم زجرٌ عاطفيٌّ رهيب ، يردع الظالم عن العدوان خَشيةً على أبنائه الأعزّاء ، وبشارةً للمظلوم على معالجة ظالمه بالانتقام ، مشفوعة بثواب ظُلامته في الآخرة .
وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : ( مَن أصبح لا يهمّ بظلمٍ غفَر اللّه له ما اجترم ) (3) .
أي ما اجترم من الذنوب التي بينه وبين اللّه عزَّ وجل في ذلك اليوم .
أنواع الظلم :
يتنوع الظلم صوراً نشير إليها إشارة لامحة :
1 - ظلم الإنسان نفسه :
وذلك بإهمال توجيهها إلى طاعة اللّه عزّ وجل ، وتقويمها بالخلق الكريم ، والسلوك الرضيّ ممّا يزجّها في متاهات الغواية والضلال ، فتبوء آنذاك بالخيبة والهوان .
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس : 7 - 10].
2 - ظلم الإنسان عائلته :
وذلك بإهمال تربيتهم تربيةً إسلاميّةً صادقة ، وإغفال توجيههم وجهة الخير والصلاح وسياستهم بالقسوةِ والعُنف ، والتقتير عليهم بضرورات الحياة ولوازم العيش الكريم ، ممّا يُوجب تسيّبهم وبلبلة حياتهم ، مادّياً وأدبيّاً.
3 - ظلم الإنسان ذوي قرباه :
وذلك بجفائهم وخذلانهم في الشدائد والأزَمات ، وحرمانهم مِن مشاعر العطف والبِرّ ، ممّا يبعث على تناكرهم وتقاطعهم .
4 - ظلم الإنسان للمجتمع :
وذلك بالاستعلاء على أفراده وبخس حقوقهم ، والاستخفاف بكراماتهم ، وعدم الاهتمام بشؤونهم ومصالحهم .
ونحو ذلك من دواعي تسيّب المجتمع وضعف طاقاته .
وأبشع المظالم الاجتماعيّة ، ظُلم الضعفاء ، الذين لا يستطيعون صدّ العدوان عنهم ، ولا يملكون إلاّ الشكاة والضراعة إلى العدل الرحيم في أساهم ، وظلاماتهم .
فعن الباقر ( عليه السلام ) قال : ( لمّا حضر عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) الوفاة ، ضمّني إلى صدره ، ثُمّ قال : يا بني ، أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضَرَته الوفاة ، وبما ذكر أنّ أباه أوصاه ، قال : يا بني ، إيّاك وظلم مَن لا يجِد عليك ناصراً إلاّ اللّه تعالى ) (4) .
5 - ظلم الحكّام والمتسلّطين :
وذلك باستبدادهم ، وخنقهم حرّيّة الشعوب ، وامتهان كرامتها ، وابتزاز أموالها ، وتسخيرها لمصالحهم الخاصّة ، مِن أجل ذلك كان ظلم الحكّام أسوأ أنواع الظُلم وأشدّها نُكراً ، وأبلغها ضرراً في كيان الأُمّة ومقدّراتها .
قال الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ اللّه تعالى أوحى إلى نبيٍّ مِن الأنبياء ، في مملكةِ جبّارٍ مِن الجبابرة : أنْ ائت هذا الجبّار فقل له : إنّي لم استعملك على سفك الدماء ، واتّخاذ الأموال وإنّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين ، فإنّي لنْ أدَع ظلامتهم وإنْ كانوا كفّاراً )(5) .
وعن الصادق عن آبائه عن النبيّ ( صلّى اللّه عليه وأله ) أنّه قال : ( تُكلِّم النارُ يوم القيامة ثلاثة : أميراً ، وقارئاً ، وذا ثروةٍ من المال ، فتقول للأمير : يا مَن وهَبَ اللّه له سلطاناً فلَم يعدل فتزدَرِدَه كما يَزدَرِدَ الطير حبّ السمسم .
وتقول للقارئ : يا مَن تزَيّن للناس وبارَز اللّه بالمعاصي فتزدرده .
وتقول للغني : يا من وهب اللّه له دنيا كثيرةً واسعةً فيضاً ، وسأله الحقير اليسير قرضاً فأبى إلاّ بُخلاً فتزدرده )(6) .
وليس هذا الوعيد الرهيب مقصوراً على الجائرين فحسب ، وإنّما يشمل من ضلع في ركابهم وارتضى أعمالهم ، وأسهم في جورهم ، فإنّه وإيّاهم سواسية في الإثم والعقاب ، كما صرحت بذلك الآثار :
قال الصادق ( عليه السلام ) : ( العامل بالظلم ، والمعين له ، والراضي به ، شركاء ثلاثتهم )(7) .
لذلك كانت نُصرة المظلوم ، وحمايته من عسف الجائرين ، من أفضل الطاعات ، وأعظم القربات إلى اللّه عزّ وجل ، وكان لها وقعها الجميل ، وآثارها الطيّبة في حياة الإنسان المادّيّة والروحيّة .
قال الإمام الكاظم ( عليه السلام ) لابن يقطين : ( اضمَن لي واحدةً أضمنُ لك ثلاثاً ، اضمن لي أنْ لا تلقى أحداً مِن موالينا في دار الخلافة إلاّ بقضاء حاجته ، أضمن لك أنْ لا يصيبك حدّ السيف أبداً ، ولا يظلّك سقف سجن أبداً ، ولا يدخل الفقر بيتك أبداً ) (8) .
وقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : ( إن لله جل وعزّ مع السلطان أولياء ، يدفع بهم عن أوليائه).
وفي خبر آخر : ( أولئك عتقاء اللّه من النار ) (9).
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( كفّارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان ) (10) .
وعن محمّد بن جمهور وغيره من أصحابنا قال : كان النجاشي - وهو رجلٌ من الدهاقين عاملاً على الأهواز وفارس ، فقال بعض أهل عمله لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : إنّ في ديوان النجاشي عليّ خراجاً ، وهو ممّن يَدين بطاعتك ، فإنّ رأيت أنْ تكتب لي إليه كتاباً , قال : فكتب إليه أبو عبد اللّه : ( بسم اللّه الرحمن الرحيم سُرَّ أخاك يَسُرّك اللّه ) .
فلمّا ورَد عليه الكتاب وهو في مجلِسه ، فلمّا خلا ناوله الكتاب وقال : هذا كتاب أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، فقبّله ووضعه على عينيه ثُمّ قال : ما حاجتك ؟.
فقال : عليّ خراج في ديوانك .
قال له : كم هو؟.
قال : هو عشرة آلاف درهم .
قال : فدعا كاتبه فأمره بأدائها عنه ، ثُمّ أخرَج مثله فأمره أنْ يثبتها له لقابل ، ثُمّ قال له : هل سررتك ؟ .
قال نعم .
قال : فأمر له بعشرة آلاف درهم أُخرى فقال له : هل سررتك ؟ .
قال : نعم جعلت فداك .
فأمر له بمركب ، ثُمّ أمر به بجاريةٍ وغلام ، وتخت ثياب ، في كلّ ذلك يقول : هل سررتك ؟ فكلّما قال : نعم ، زاده حتّى فرغ ، فقال له : احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالساً فيه حين دفعتَ إليَّ كتاب مولاي فيه ، وارفع إليّ جميع حوائجك .
قال : ففعل ، وخرج الرجل فصار الى أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، فحدثه بالحديث على جهته ، فجعل يستبشر بما فعله .
قال له الرجل : يا بن رسول اللّه ، قد سرّك ما فعل بي ؟ .
قال : ( إي واللّه ، لقد سرّ اللّه ورسوله ) (11) .
وخامة الظلم :
بديهي أنّ استبشاع الظلم واستنكاره ، فطريٌّ في البشَر ، تأباه النفوس الحرّة ، وتستميت في كفاحه وقمعه ، وليس شيء أضرّ بالمجتمع ، وأدعى الى تسيبه ودماره من شيوع الظلم وانتشار بوائقه فيه .
فالإغضاء عن الظلم يشجّع الطغاة على التمادي في الغيّ والإجرام ، ويحفّز الموتورين على الثأر والانتقام ، فيشيع بذلك الفوضى ، وينتشر الفساد ، وتغدو الحياة مسرحاً للجرائم والآثام وفي ذلك انحلال الأُمم ، وفقد أمنها ورخائها ، وانهيار مجدها وسلطانها .
______________________
4 - ، 5 - الوافي : ج 3 , ص 162 , عن الكافي .
6- البحار : م 16 , ص 209 , عن الخصال للصدوق ( ره ) .
7- الوافي : ج 3 , ص 163 , عن الكافي .
8- كشكول البهائي طبع إيران : ص 124 .
9- ، 10- الوافي : ج 10 , ص 28 , عن الفقيه .
11- الوافي : ج 10 , ص 28 , عن الكافي .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|