أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-8-2016
1152
التاريخ: 28-8-2016
1841
التاريخ: 14-8-2016
3915
التاريخ: 31-8-2016
1402
|
العمل في الخبر الضعيف(1)
وأمَّا الضعيف؛ فذهبَ الأكثر إلى منع العمل به مُطلقاً؛ للأمر بالتثبُّت عندَ إخبارِ الفاسق المُوجبِ لردِّهِ.
وأجازَهُ آخرون ـ وهُم جماعةٌ كثيرةٌ: منهم مَن ذكرناه ـ مع اعتضادِه بالشّهرة روايةً ؛ بأن يكثر تدوينها وروايتها: بلفظٍ واحدٍ ، أو ألفاظٍ متغايرةٍ متقاربة المعنى ، أو فتوىً بمضمونها في كتب الفقه ؛ لقوَّة الظنّ بصدق الرّاوي في جانبها ـ أي جانب الشّهرة ـ وإن ضعُفَ الطريقُ ؛ فإنَّ الطريقَ الضعيفَ ، قد يثبُتُ بهِ الخبرُ مع اشتهارِ مضمونِهِ ؛ كما تُعلَمُ مذاهبُ الفِرَقِ الإسلاميَّة ـ كقول: أبي حنيفة(2) ، والشافعيِّ(3) ، ومالك(4) ، و أحمد ـ بإخبار أهلها ـ مع الحكم بضعفهم عندَنا ـ وإن لم يبلغوا حدَّ التواتر.
وبهذا اعتُذر للشيخ (رحمه الله) في عمَله بالخبر الضّعيفِ.
وهذهِ، حجّةُ مَنْ عمِلَ بالموثّق أيضاً، بطريقٍ أولى.
وفيه نظرٌ ، يخرج تحريره عن وضع الرسالة ؛ فإنَّها مبنيةٌ على الاختصار ، ووجهُهُ على وجه الإيجاز: إنَّا نمنع من كون هذه الشُّهرة التي ادّعوها مؤثِّرةً في جبر الخبر الضّعيف ؛ فإنَّ هذا إنّما يتمّ لو كانت الشّهرة متحقّقةٌ قبلَ زمنِ الشيخ (رحمه اللهُ) ، والأمرُ ليس كذلك ؛ فإنَّ مَنْ قبله من العلماء كانوا بينَ مانع من خبر الواحد مُطلقاً ـ كالمرتضى والأكثر ، على ما نقله جماعة ـ وبين جامع للأحاديث ، من غير التفات إلى تصحيح ما يصحُّ ، وردِّ ما يُرَدُّ . وكانَ البحثُ عن الفتوى مُجرَّدةً ـ لغيرِ الفريقين ـ قليلاً جداً كما لا يخفَى على مَن اطّلعَ على حالِهِم.
فالعمل بمضمون الخبر الضّعيف قبل زمن الشيخ ، على وجه يجبر ضعفه ، ليس بمتحقّقٍ . ولمّا عمل الشيخ بمضمونه ، في كتبه الفقهيَّة ، جاء مَن بعده من الفقهاء واتّبعه منهم عليها الأكثر ؛ تقليداً له ، إلاّ مَن شذّ منهم . ولم يكن فيهم مَن يسبر الأحاديث ، وينقِّب على الأدلّة بنفسه سوى الشيخ المحقِّق ابن إدريس(5) ، وقد كان لا يجيز العمل بخبر الواحد مطلقاً.
فجاء المتأخّرون بعد ذلك ، ووجدوا الشيخ ومَن تبعه قد عملوا بمضمون ذلك الخبر الضّعيف ؛ لأمر ما رأوه في ذلك ، لعلّ الله تعالى يعذرهم
فيه ؛ فحسبوا العلم به مشهوراً ، وجعلوا هذه الشّهرة جابرةً لضعفه . ولو تأمّل المنصف ، وحرَّر المنقِّب ، لوجد مرجع ذلك كلّه إلى الشيخ ، ومثل هذه الشّهرة ، لا تكفي في جبر الخبر الضّعيف.
ومن هنا ، يظهر الفرق بينه وبين ثبوت فتوى المخالفين بأخبار أصحابهم ؛ فإنَّهم كانوا منتشرين في أقطار الأرض من أوّل زمانهم ، ولم يزالوا في أزياد(6).
وممَّن اطّلع على أصل هذه القاعدة ـ التي بيَّنتُها وتحقَّقتُها ـ من غير تقليدٍ: الشيخ الفاضل المحقِّق سديد الدّين محمود الحُمُّصي(7) ، والسيّد رضيّ الدّين ابن طاووس(8) ، وجماعة.
قالَ السيّد (رحمه الله) في كتابه (البهجة لثمرة المهجة): (أخبرني جدّي الصالح ، ورّام بن أبي فراس (قدّس الله سرّه)(9) ، أنَّ الحُمُّصي حدَّثه: أنَّه لم يبق للإماميّة مفتٍ على التّحقيق ، بل كلّهم حاكٍ.
وقالَ السيّد عقيبه: والآن ، فقد ظهر أنَّ الذي يُفتى به ويُجاب عنه ، على سبيل ما حُفظ من كلام العلماء المتقدّمين)(10) انتهى.
وقد كشفتُ لك بذلك بعضَ الحال ، وبقيَ الباقي في الخَيال ، وإنَّما يتنبّه لهذا المقال ، مَن عرف الرِّجال بالحقّ ، وينكره مَن عرف الحقّ بالرّجال(11).
وجوّزَ الأكثر العمل به ـ أي بالخبر الضعيف ـ في نحو: القصص ، والمواعظ ، وفضائل الأعمال ، لا في نحو: صفات الله المُتعال ، وأحكام الحلال والحرام.
وهو حسن حيث لا يبلغ الضعف حدّ الوضع والاختلاق ؛ لِمَا اشتهر بين العلماء المحقِّقين من التساهل بأدلَّة السُّنن ، وليس في المواعظ والقصص غير محض الخير ، لِمَا ورد عن النبيّ(صلَّى الله عليه وآله) ـ من طريق الخاصّة والعامّة ـ أنَّه قال: (مَن بلغه عن الله تعالى فضيلةً ، فأخذها وعمل بما فيها إيماناً بالله ورجاء ثوابه ، أعطاه الله تعالى ذلك وإنْ لم يكن كذلك)(12) . وروى هشام بن سالم ـ في الحسن(13) ـ ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: (مَن سمع شيئاً من الثواب على شيء ، فصنعه ، كان له أجر ، وإن لم يكن على ما بلغه)(14).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الذي في النسخة الخطِّـيَّة المعتمدة (ورقة 17، لوحة ب، سطر 6): (الحقل الرابع: في العمل بالخبر الضعيف) غير موجود.
(2) النعمان بن ثابت: 80 ـ 150هـ ، ... . ينظر: الأعلام: 9/ 4 ـ 5.
(3) محمد بن إدريس: 150 ـ 204هـ ، ... . ينظر: الأعلام: 6/ 249 ـ 250.
(4) مالك بن أنس: 93 ـ 179 ، ... . ينظر: الأعلام: 6/ 128.
(51) صاحب كتاب: (السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي) ، ... . ينظر: روضات الجنَّات: 6/ 274 ـ 290.
(6) أي: العلم بمذاهب المخالفين وفتاويهم مستفادٌ من أصحابهم ، وحيثُ لم يكونوا ثقة عندنا ، كان إخبارُهم بمذاهبهم من باب الأخبار الضعيفة ، لكن اعتبرها أصحابنا ، وحكموا بأنَّ هذا القول لأبي حنيفة ، وهذا للشافعي ، وغيرهما ، استناداً إلى الشهرة التي انجبر الضعيف بها . وليس تلك الشّهرة كالشهرة التي ادّعاها أصحابنا في بعض الأخبار ؛ لِمَا عرفت أصلها . خطِّـيَّة الدكتور محفوظ، ص20.
(7) علاّمةُ زمانه في الأُصولَين ، ورع ثقة ، ... . ينظر: روضات الجنَّات: 7/ 158 ـ 164.
(8) السيّد الشريف: رضيّ الدين أبو القاسم علي، بن سعد الدين أبي إبراهيم موسى، بن جعفر، بن محمد، بن أحمد، بن محمد، بن أحمد، بن أبي عبد الله محمد، بن الطاووس؛ ينتهي نسبه الشريف إلى الحسن المثنّى... . ينظر: البحار: 1/ 143 ـ 146.
وكذلك له ترجمةٌ ضافيةٌ في مقدِّمة: كشف المحجّة لثمرة المهجة ، المطبوع في النجف الأشرف ، بقلم البحّاثة الكبير آغا بزرگ الطهراني.
(9) من أولاد مالك الأشتر النخعيّ ، عالم فقيه ، ... . ينظر: روضات الجنَّات: 8/ 177 ـ 179.
(10) وقد علّق المددي هنا بقوله: (إنَّ كتاب (البهجة لثمرة المهجة) لم يصل إلينا ، ولكنّ السيّد ابن طاووس ذكر هذا الكلام بعينه في كتابه: (كشف المحجّة لثمرة المهجة)(ص127) ، المطبوع في النجف الأشرف).
(11) هذه العبارة ـ فيما يبدو ـ مستلهمّة من قول أمير المؤمنين(عليه السلام): (يا حَار... إنَّه ملبوس عليك؛ إنَّ الحقّ لا يُعرف بالرجال، فاعرف الحقّ تعرف أهله)، وهذا من التضمين الجميل. يُنظر: البيان والتبيين للجاحظ: 3/ 136.
(12) ينظر: عُدّة الدّاعي، ص4.
(13) وقد علّق المددي هنا بقوله: (وصفه بـ: الحسن ؛ باعتبار أنَّ الكليني رواه بإسناد فيه إبراهيم بن هاشم ، وهو إماميّ ممدوح ؛ إلاّ أنَّ البرقي رواه في المحاسن (ص25) بسند صحيحٍ عن هشام بن سالم ، مع اختلاف يسير في الألفاظ.
وقال السيّد ابن طاووس: ووجدنا هذا الحديث في أصل هشام بن سالم، رواه عن الصادق(عليه السلام) ). ينظر: البحار: 2/ 256.
(14) ينظر: الأُصول من الكافي: 2/ 87، وعُدّة الدَّاعي، ص3، والبحار: 2/ 256، وجامع أحاديث الشيعة: ج1، المقدّمات، الباب9.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|