أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-7-2016
11710
التاريخ: 29-6-2016
2587
التاريخ: 9-4-2021
4203
التاريخ: 9-4-2021
6044
|
إظهار الالتزام الشخصي من قبل المديرين بالتمسك بتطبيق الجودة الشاملة، ويمكن بشكل عام تجسيد أهم ملامح هذا الالتزام من خلال النقاط التالية:
- الحضور والمشاركة في عمليات وبرامج التدريب على إدارة الجودة الشاملة.
- التأكيد على ضرورة أن يؤدي العاملون وظائفهم بالطريقة الصحيحة من المرة الأولى.
- التعرف على مدى توفر قناعات مشتركة بين المديرين والعاملين حول أهمية عملية تطبيق إدارة الجودة الشاملة، وإلى أيِّ مدى يستطيع هؤلاء المديرون توصيل أولوياتهم واهتماماتهم للعاملين.
- عدم اللجوء إلى حل المشكلات من منظور شخصي، والعمل على إشراك العاملين في البحث عن حلول للمشكلات التي تواجه المنظمة.
- الاهتمام بمشاريع تحسين الجودة داخل المنظمة، وتوفير الموارد اللازمة لها.
- تمكين الموظفين وإتاحة الفرصة لهم لتحليل الأعمال التي يقومون بها، وإدخال التحسينات التي يرونها ضرورية للارتقاء بمستوى الأداء.
- إثارة بعض التساؤلات؛ للتأكد من أن الأفراد داخل المنظمة يسيرون في الطريق الصحيح، مثل: ما هي العملية التي تقومون بها؟ وما هي المشاكل التي تواجهها؟ ومن هم العملاء في هذه المرحلة؟ وكيف نحدد احتياجاتهم؟ وكيف يمكن أن نقيس الجودة في هذه العملية؟... إلخ.
- التأكيد على وجود فترة تحوُّل تدريجية، تنتقل خلالها المنظمة من النمط التقليدي للإدارة للأخذ بالنموذج الجديد، ومن ثَمَّ فإنه من غير المتوقَّع تحقيق إنجازات ونجاحات ضخمة بين عشية وضحاها؛ ذلك أن النجاحات الضخمة تتأتَّى من خلال مئات - بل آلاف - التحسينات الصغيرة التي يُدخِلها العامل أو الموظف على إجراءات العمل الذي يقوم به بشكل مستمر ومتصل.
* تشجيع الأفراد داخل المنظمة على العمل وفقًا لمبادئ النموذج الجديد، وذلك من خلال تبنِّي نظام للمكافآت يقوم على مكافأة الأفراد الذين يُظهِرون التزامهم بهذه المبادئ، واستخدامهم للأساليب والأدوات التي يطرحها هذا النموذج في تحسين العمليات التي يقومون بها، وعلى الرغم من أن تقديم مكافآت مادية للأفراد ذوي الأداء المتميز أمرٌ قد يَصعب تحقيقه في ظل ضعف موارد العديد من المنظمات العامة، إلا أن هذه المنظمات لديها مصادرُ أخرى متعددة يمكن استخدامها كحوافز، مثل: تقديم الشكر والتقدير العَلني، وإتاحة الفرصة للموظف أو العامل لاختيار المهام التي يرغب في القيام بها، وغير ذلك من الوسائل والأساليب غير المادية.
* التصدي لمعارضي تطبيق إدارة الجودة الشاملة داخل المنظمة، والرد على حججهم، فهذا النموذج الجديد يعدُّ دربًا من دروب التغيير، ومن ثَمَّ فمن المتوقَّع أن يواجه بمقاومة شديدة من قبل بعض الأفراد الذين يرون في تغير الأوضاع القائمة تهديدًا لما يتمتعون به من مراكز وسلطات، ومن هنا تأتي مقاومتهم له بوصفه تقليعة إدارية جديدة، أو أنها مفيدة فقط في حالة شركات القطاع الخاص، أو أنها رمزية وسطحية وغير قابلة للتطبيق في الواقع العملي، وأخيرًا فقد ينظر البعض لإدارة الجودة الشاملة على أنها مضيعة للوقت إذا ما طُبِّقَتْ في المنظمات العامة، إن الرد على هذه الادعاءات لا بدَّ وأن يأخذ صيغة عملية من خلال عرض النتائج التي توصَّلت إليها المنظمة، والنجاحات التي حققتها من وراء تطبيق هذا المدخل.
* التصدي للاتجاه نحو العودة لأداء الأعمال بالطريقة التقليدية المعتادة، فالمنظمات العامة ذات الطابع البيروقراطي يمكن النظر إليها بوصفها مجموعة من إجراءات التشغيل المقننة والمتناسقة، والتي تستجيب بشكل آلي إلى مطالب أو مثيرات محددة و منمطة ، من ثَمَّ فإن الارتداد للعمل بالطريقة المعتادة سيكون أمرًا سهلاً.
* محاولة التنبؤ بالمشكلات التي قد تعترض عملية التطبيق، والبحث عن حلول لها، فهناك أنواع متعددة من المشكلات من الممكن أن تعترض طريق المنظمة عند تطبيق إدارة الجودة الشاملة، ومن أبرز هذه المشكلات ما يلي:
- مشكلة عدم توفر الوقت للتطبيق، فالكثير من المنظمات العامة - إن لم يكن جميعها - تنظر إلى نفسها بوصفها تقع تحت العديد من الضغوط الخارجية، ومن هنا فإن العاملين بهذه المنظمات دائمًا ما يشعرون بأنهم مرهقون ومتخمون بالأعمال، ومن ثم ليس لديهم الوقت الذي يوجهونه لتحليل عمليات العمل وتطبيق أساليب إدارة الجودة الشاملة؛ لأن ذلك من شأنه تعطيل العمل. والحل في هذه المشكلة بسيط، ويكمن في أن يقوم هؤلاء الموظفون بالتدرب على تطبيق أدوات الجودة الشاملة في غير أوقات العمل، أو في الأوقات التي لا يكون فيها ضغط كبير للعمل، من الضروري - أيضًا - إقناع العاملين بأن الوقت الذي يقضونه في التدرب على أدوات الجودة الشاملة هو وقت مستثمر، وسيؤدي إلى تحسين حالة العمل الذي يقومون به، وليس وقتًا ضائعًا.
- قد يرفض بعض العاملين فكرة أنه من الممكن للموظف الحكومي أن يتعامل مع العملاء من منطلق تفضيلاتهم، مؤكدين على أن المنظمة العامة الحكومية يجب أن تخدم كافة الأفراد، ومن ثم فإن التركيز على تفضيلات فئة معينة منهم أمرٌ لا يحقق العدالة، وأمر غير أخلاقي، وهنا قد يجد القائمون على تنفيذ برامج الجودة بعض العاملين الذين يظنون أنهم أقدر من العميل على تحديد احتياجاته.
إن معالجة مثل هذه المشكلة يقتضي التأكيد على الفوائد التي سيحصل عليها الموظف نفسه من تحليله لاحتياجات العملاء؛ ذلك أن هذا التحليل سيساعده على أداء عمله بطريقة أفضل، وبكفاءة أعلى أيضًا، فإنه على الرغم من صعوبة تحديد العملاء أو المستفيدين من خدمات المنظمة العامة، وعلى الرغم من صعوبة تحديد احتياجاتهم، إلا أن ذلك ليس بالأمر المستحيل، وقد استطاعت العديد من المنظمات العامة تحقيقَه بدرجات متفاوتة، ومن ثم يمكن الاستفادة من خبرة هذه المنظمات ومحاولة تطبيقها على الحالة المصرية.
- في بعض الأحيان يرفض الأفراد المتخصصون رؤية أنفسهم بوصفهم عنصرًا من عناصر الإنتاج في عملية إنتاجية متكاملة، وهنا يأتي دور القائمين على تطبيق البرنامج في إقناع هؤلاء الأفراد بأهمية وضرورة التكامل بين عناصر العملية الإنتاجية، وأن هذه العناصر مجتمعة ضرورية لنجاح العملية، دون تغليب لأهمية أحدها على الآخر.
- في إطار العلاقة مع المورِّدين قد تثار قضية صعوبة بناء علاقات مستمرة ومتينة مع هؤلاء المورِّدين؛ بسبب القواعد والإجراءات التي تحكم عروض المناقصة التنافسية بين المورِّدين.
والرد هنا بسيط، حيث يمكن توطيد العلاقة مع المورِّدين من خلال إبرام العقود لسنوات طويلة، وهو أمر لا يتناقض مع قواعد المناقصة التنافسية.
- كذلك قد يثير البعض أن إدارة الجودة الشاملة تركز على العمليات والأنشطة، أكثر من تركيزها على النتائج، الأمر الذي قد يؤدي إلى صعوبة تحقيق النتائج أو قياسها على نحو دقيق.
إلا أن هذا القول يعكس درجة عالية من الالتباس والغموض في فهم إدارة الجودة الشاملة، فهذا المدخل ليس بالخيار السهل، وإنما هو توجُّه استراتيجي يهدف إلى دفع العاملين لتقليل الفاقد من المواد الخام، تقليل النفقات، تعظيم القيمة التي يحصل عليها العميل، تعظيم الفوائد.(1). إلخ، كل هذه الأمور لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الإدارة الرشيدة للعمليات، والتي تتم من خلال الفهم الجيد للعملية، ومعرفة ما تقدِّمه من مخرجات، وقياس أداء تلك العملية وتحسينه على نحو دائم ومستمر، من خلال السيطرة عليه وضبطه بشكل جيد، ومن ثم فإن إدارة الجودة الشاملة ليست برنامجًا مُوجهًا لأنشطة المنظمة فحسب؛ وإنما هي فلسفة ترمي إلى تعظيم القيمة المضافة التي يحصل عليها العميل بشكل دائم، من خلال إرساء دعائم وثقافة التحسين المستمر داخل المنظمة(2).
* ترسيخ دعائم ومصداقية النظام الجديد داخل المنظمة، من خلال التأكيد على أن هذا النظام يحقق أهداف المنظمة والعاملين فيها في الوقت نفسه ، وكل منظمة عليها أن تطور منهجها الخاص لإرساء قواعد النظام الجديد، وتعزيز مفاهيمه الأساسية، وذلك من خلال التركيز على التحسين المستمر للعمليات، بدلاً من التركيز على أهداف وغايات محددة بشكل كَمِّي، وكذا تشجيع المقترحات التي يتقدم بها كلُّ مشارك في عمليات العمل، مع المراجعة المستمرة لهذه العمليات وما يرتبط بها من إجراءات ومعايير للتشغيل.
* إن التحولات والتطورات التي طرأت على جوائز ومعايير الجودة على المستوى العالمي، كتلك التي أدخلت على جائزة بالدريج الأمريكية عام 1997، والجائزة الأوروبية للجودة عام 1999، وظهور الإصدار الجديد لمجموعة مواصفات الأيزو 9000 للعام 2000 - كلها تثير تساؤلاً رئيسًا مؤدَّاه: هل هذه التحولات والتطورات جاءت نتيجة لاحتياجات مستخدمي هذه النماذج وتلك المقاييس من الشركات والمؤسسات العامة والخاصة؟ أم أن القضية برُمَّتها تتعلق بالمنافسة بين الجهات المانحة لهذه الجوائز، أو الشهادات المرتبطة بالمواصفات القياسية، مثل: أيزو 9000؟ فمن المعروف أن الشركات والجهات المانحة تقيس مدى نجاحها بمقدار انتشار نموذج الجودة الذي تتبناه وتروِّج له، سواء كان هذا النموذج أحد جوائز الجودة، أم كان شهادة تُمنح على أساس استيفاء معايير قياسية محددة، هذه النظرة لمفهوم النجاح من شأنها أن تخلق جوًّا من المنافسة الشرسة بين هذه الجهات، الأمر الذي قد يدفعها لتطوير نماذجها بتضمينها أبعادًا وعناصرَ جديدة للجودة الشاملة؛ لتدَّعي لنفسها التميز على غيرها، دون أن يكون لذلك مغزًى حقيقي مرتبط بمطالب العملاء.
* إن المواصفة الجديدة أيزو 9001 من مجموعة مواصفات الأيزو 9000 المعدلة، تعد خطوة كبيرة على طريق توكيد جودة السلع والخدمات التي تقدمها المنظمة، فإلى جانب اهتمامها بتوكيد جودة المنتج من خلال التركيز على مفاهيم معينة، مثل: التوافق وتوثيق الإجراءات، جاءت هذه المواصفة لتطرح مفاهيما جديدةً، مثل: رضا العميل، وأولوية الاهتمام بتطوير وتحسين العملية، بدلاً من التركيز على إجراءات العمل، وقد نصَّ على ذلك في صدر المواصفة، حيث تم التأكيد على أن الهدف منها هو تحديد متطلبات نظام الجودة الذي يضمن تلبية احتياجات وتوقعات العملاء بشأن السلعة التي يحصلون عليها، هذا التطور من شأنه أن يضمن كفاءة وفعالية نظام الجودة المطبَّق في المنظمة، وهو أحد الأبعاد التي كانت غائبة في الإصدار الأول لهذه المواصفة عام 1987، والإصدار المعدل في عام 1994، ولكن من التساؤلات الهامة التي يثيرها هذا التطور في نظام المواصفات: هل ستستطيع المواصفة أن تغيِّر من ذهنية الأفراد؟ بقول آخر: هل سينعكس هذا التطور في محتوى المواصفة على أداء وطريقة عمل وتفكير العاملين بالمنظمة؟
هنا يمكن ملاحظة أنه على مدار الأعوام العشرين الماضية حدث انتشارا كبيرا لأفكار وممارسات الجودة على المستوى العالمي، ولكن الشركات التي استطاعت فعلاً الإفادة من هذه الأفكار وتلك الممارسات، هي التي تمكنت من إحداث تغيير في توجُّهات وأفكار العاملين، وطريقة تفكيرهم في الأعمال التي يقومون بها، من هذا المنطلق ينبغي التنويه بأن التغيير والتطوير الحادث على مستوى الوثيقة، أو المواصفة ذاتها، لا بد وأن يصحبه تغييرٌ في أفكار العاملين أنفسهم؛ حتى يكتب له النجاح، فالعاملين في مختلف المنظمات لديهم هوس بالإجراءات، الأمر الذي قد يحوِّل هذه الوثيقة الجديدة إلى مجموعة من الإجراءات البيروقراطية والروتينية المعقَّدة التي تحيط بعمليات الإنتاج وتقديم الخدمات.
من التساؤلات التي تثار في هذا الصدد أيضًا: هل وجود المواصفة أيزو 9004 الجديدة إلى جانب المواصفة 9001 من شأنه أن يغيِّر من توجُّهات الأفراد وطريقة تفكيرهم؟
المشكلة هنا ليست في المواصفات في حدِّ ذاتها؛ وإنما في الطريقة التي يفسر بها الأفراد هذه المواصفات، فعادة ما يتمُّ التعامل معها من منظور إستاتيكي جامد يفتقد إلى المرونة الحركية، وينتقل هذا المنظور الجامد من التعامل مع النصوص وتفسيرها، إلى بعض المناطق والعناصر الأكثر حساسية داخل المنظمة، مثل: القيادة، ودافعية العاملين وتوجهاتهم، وخلق رؤية مشتركة على مستوى المنظمة، وهو ما ينعكس على قدرة المنظمة على تغيير أسلوب ونمط الإدارة، والتوجهات الإستراتيجية لها، هذه الصورة في التعامل مع نصوص المواصفة تنعكس بشكل أو بآخر على بعض المفاهيم الجديدة التي تضمنتها، ومنها مفهوم رضا العميل، فعلى الرغم من أن إضافة هذا البعد للمواصفة الجديدة أيزو 9001 يعدُّ خطوة إيجابية إلى حدٍّ كبير، إلا أنه عند الحديث عن كيفية جذب المنظمة للعميل واحتفاظها به، وكذلك كيفية التعرف على احتياجاته لتلبيتها، نجد أن المواصفة لا تقدم الكثير في هذا الميدان.
* إن المعايير والمقاييس قد تكون مفيدة في تحديد متطلبات وإجراءات عمليات المراجعة، أكثر من قدرتها على ترسيخ ثقافة تفاعلية للجودة على مستوى المنظمة، وفي هذا الإطار عادة ما يتم التركيز على الجوانب الملموسة والمرئية من عمل المنظمة، والتي يمكن إخضاعها للمراجعة.
والمراجعةُ بمفهومها التقليدي هذا أقربُ ما تكون إلى فكر رُوَّاد ومؤسسي حركة الإدارة العلمية، الذين كانوا ينظرون إلى المنظمة كآلة، متجاهلين الجوانبَ النفسية للعاملين، والنظامَ الاجتماعي المتواجد في بيئة العمل، وقد أثبتت الدراسات في السنوات الأخيرة أن المكون الاجتماعي والعنصر البشري داخل أيِّ منظمة، من العناصر الحاكمة في تحديد مدى نجاح المنظمة أو فشلها في الأخذ بمداخل التطوير الحديثة، وعلى رأسها إدارة الجودة الشاملة.
من هنا فإن المنظمة بحاجة إلى إعادة النظر في المفهوم التقليدي لعمليات المراجعة، وعدم الأخذ بمبدأ الفحص المعتمد على القائمة؛ فالعديد من الجوانب المادية الملموسة في العمليات الإنتاجية، والتي يمكن إخضاعها للمراجعة بمفهومها التقليدي، يمكن تحسينه وتطويره عن طريق الذكاء الإنساني، والتعاون الاجتماعي بين العاملين داخل المنظمة.
* في الإصدار الأول للأيزو 9000 عام 1987، وكذلك في النسخة المعدلة للعام 1994، تم تعريف المواصفة أيزو 9001 بأنها: "نموذج لتوكيد الجودة، تستخدم في حالة التأكد من قدرات المورِّد على تصميم وتقديم منتجات متوافقة مع شروط المواصفة"، ومن هنا كان ينظر إلى أيزو 9000 بوصفها إطارًا للعلاقات التعاقدية، وتوكيد الجودة على المستوى الخارجي، أما أيزو 9004، فكان ينظر إليها بوصفها نموذجًا للاستخدام الداخلي، أو مرشدًا للمنظمة في مجال إدارة الجودة، وتحديد عناصر نظام الجودة بما يساعد على تطوير وتطبيق نظام داخلي للجودة يمتاز بالكفاءة والفعالية، وفي الإصدار الجديد للأيزو 9000 للعام 2000 تم إلغاء مصطلح توكيد الجودة من المواصفة أيزو 9001، وهنا تثار بعض المخاوف من أن الأمر قد يؤدي إلى فقدان المواصفة لواحد من أهم المصطلحات التي تحتوي عليها، ومن ثم هناك ضرورة لأن تظل المواصفة أيزو 9001 مواصفة لتوكيد الجودة والمراجعة، فإدارة وتوكيد الجودة وظيفتان رئيستان للإدارة العليا، وإن كان من الممكن تفويضهما، ولكن من الأفضل أن تحتفظ الإدارة العليا بدور رقابي لصيق عليهما، وإن لم يكن بنفس القدر الذي تهتم به بالوظائف العليا الهامة بالنسبة لها.
* في الوقت الذي لم تشهد فيه المواصفة أيزو 9001 تغييرات جوهرية في مضمونها، أدخلت العديد من التغييرات على المواصفة أيزو 9004، فلم يعد ينظر لها على أنها مجرد مرشد لوضع وتطوير نظام الجودة الذي يتلاءم مع احتياجات المنظمة وما تقدِّمه من سلع وخدمات؛ بل تعدَّى دورها حدود تلك المهمة، لتصبح وثيقةً موجهة بأفكار ومبادئ إدارة الجودة الشاملة، فأصبح دورها يشمل كافة الجوانب المرتبطة بإدارة الجودة الشاملة، وتحسين أداء المنظمة بشكل منتظم ومستمر.
من هذا المنظور، تم طرح فكرة الزوج المتوافق، ويقصد بهما المواصفتان أيزو 9001 و 9004، وفحوى هذه الفكرة تدور حول البعد التكاملي لهاتين المواصفتين، بمعنى أنه في الوقت الذي توفر فيه المواصفة أيزو 9001 الشروط والمتطلبات الأساسية، والعناصر الواجب توافرها في نظام الجودة المطبق بالمنظمة، فإن المواصفة أيزو 9004 تكمل هذا الدور من خلال تجاوز هذه المرحلة، وطرح الأساس لتطبيق أفكار ومبادئ إدارة الجودة الشاملة على مستوى المنظمة ككل.
هذه الفكرة وإن كانت تحتوي على قدر كبير من المنطقية والرشادة، إلا أنها قوبلت ببعض الانتقادات والاعتراضات من قِبَل بعض الدارسين، الذين رأوا أن التعامل مع قضية الجودة الشاملة والسعي إلى تحقيقها من خلال هذا المنظور، قد أدَّى إلى نوع من الغموض الذي تعاني منه المواصفة أيزو 9004.
ومرجع هذا الغموض - من وجهة نظرهم - إلى أن المواصفة قد أصبحت مطالبة بتحقيق هدفين مختلفين: الهدف الأول وهو تزويد المنظمة بأساس جيد لإدارة الجودة، ومساعدتها في تطوير وتطبيق نظام الجودة الذي يتلاءم وطبيعة إنتاجها، أما الهدف الثاني فيتمثل في عدم الوقوف عند المرحلة السابق ذكرها، وإنما محاولة تعميم ونشر فكر ومبادئ إدارة الجودة الشاملة على مستوى المنظمة برمتها، هذا التعارض في الأهداف يرجع إلى عدم التمييز بين نوعين من الأنظمة، النوع الأول: وهو الأنظمة الخاصة بإنتاج السلعة أو الخدمة، وهو ما يطلق عليه البعض أنظمة فرعية، والنوع الثاني من الأنظمة يرتبط بإدارة الجودة الشاملة على مستوى المنظمة ككل، ومن أمثلتها المنظمة الخاصة بإدارة الموارد البشرية، ومصادر التمويل والتخطيط الاستراتيجي على مستوى المنظمة، والتكامل بين هذين النوعين من الأنشطة هو الذي يخلق رؤية وثقافة الجودة الشاملة(3).
من المنظور السابق فإن مجموعة المواصفات القديمة للأيزو 9000 للعام 1994، كانت جميعًا ترتبط بالأنظمة الفرعية الخاصة بالإنتاج، أو تقديم الخدمة، ومن ثَمَّ فإن المواصفة الجديدة أيزو 9001 تختلف عنهم في جانبين: أولهما: أنها أكدت على أن رضاء العميل - وليس فقط جودة السلع والخدمات - يجب أن يكون الهدف الأساسي للمنظمة، وثانيهما: أن المواصفة الجديدة للأيزو 9000 مقارنة بمجموعة المواصفات أيزو 9001، 9002، 9003، 9004 القديمة تمتاز بأنها موجهة بالعملية، وهو تقدم كبير؛ حيث لعب هذا المنظور دورًا كبيرًا في الجودة والمنافسة على مدار الأعوام الخمسة عشر السابقة.
ومن هذا المنطلق يقترح بعض الدارسين إطارًا بديلاً لذلك الذي تطرحه مجموعة المواصفات المعدلة للعام 2000، يقوم على فكرة ثلاثية، وهي أن يكون أيزو 9001 إطارًا لتحديد متطلبات نظام الجودة الخاص بالمنتج أو الخدمة، وأن تصبح المواصفة أيزو 9004 أساسًا لبناء نظام الجودة الذي يحقق متطلبات المواصفة 9001، ثم تتجه المنظمة في خطوة لاحقة بعد ذلك لإرساء دعائم إدارة الجودة الشاملة على مستوى المنظمة ككل، بمعنى أن يتم الانتقال إلى إدارة الجودة الشاملة في خطوة منفصلة عن تحديد عناصر نظام الجودة وإدارة الجودة في المنظمة، وهو الدور الذي تلعبه كل من المواصفة أيزو 9001 للعام 2000 والمواصفة أيزو 9004 المعدلة؛ ذلك أن إضافة الجزء الخاص بإدارة الجودة الشاملة للمواصفة 9004 يعدُّ مدعاة للارتباك والغموض، ومن الأفضل طرحه كإطار استرشادي بالنسبة للمنظمة أو كجزء منفصل.
ويبرر أنصار هذا الاتجاه وجهة نظرهم بأن التحول نحو إدارة الجودة الشاملة لا يحتاج لإطار مقياسي أو لمجموعة من المقاييس مثل أيزو 9000، وإنما يتم ذلك بتحمل الإدارة العليا لمسؤولياتها وقيامها بدورها في هذا التحول.
من ثم فإن وضع إدارة الجودة الشاملة ضمن إطار مجموعة مواصفات أيزو 9000، من شأنه أن يرسِّخ الاعتقاد بأن الجودة ما هي إلا شيء فني يمكن تفويضه كغيره من الوظائف الفنية المتخصصة، كتلك المتعلقة بالمقاييس الفنية للأيزو 9000، وهو اعتقاد خاطئ يسود لدى قطاعات عريضة من أفراد الإدارة العليا.
إن المجال الأساسي لتطبيق الأيزو 9001 هو تحسين وتقوية العلاقات بين مختلف أنواع الأعمال، وبين الأعمال وإدارتها، بما يساعد على إزالة الحواجز الفنية للتجارة بين الدول، وإنه على المواصفة 9001 أن تقوم بتحديد المتطلبات الأولية لزيادة القدرات التنافسية بين الشركات، وإنه إذا أرادت المنظمة تزويد المواصفة 9001 بعناصر جيدة، مثل: رضا العميل، أو بناء نظام للجودة، فإنه يمكن تحقيق ذلك عن طريق إضافة هذه الأجزاء للمواصفة 9004، ولكن التحول نحو إدارة الجودة الشاملة من خلال المواصفة أيزو 9004 هو أمر محفوف بالمخاطر؛ للأسباب التي تم توضيحها مسبقًا.
إن الاتجاه السائد الآن هو الارتقاء من مرحلة توكيد الجودة، إلى تحقيق التميز للمنظمة ككل من خلال إدارة الجودة الشاملة، والعديد من المقاييس الدولية وجوائز الجودة الدولية تدَّعي لنفسها التميز على غيرها من خلال أنها تغطي أكبر قدر ممكن من أبعاد ومفاهيم وعناصر الجودة الشاملة، وهو ما دفع الباحثَ في هذه الدراسة لتوضيح موقع كل من المقاييس الدولية للجودة وجوائز الجودة؛ لإزالة اللبس والغموض الذي قد تشعر به الشركات عند تعاملها مع تلك المقاييس أو الجوائز، فكلٌّ من هذين البديلين يغطي جوانبَ مؤسسيةً معينة داخل المنظمة.
وختامًا يود الباحث التقدم بمقترح بإنشاء جائزة محلية للجودة، تحصل عليها الشركات التي تظهر التزامًا وجدية في هذا المجال، ويتم وضع المعايير الخاصة بهذه الجائزة قياسًا إلى جوائز الجودة المحلية المعمول بها في العديد من الدول النامية، مثل: دول أمريكا الجنوبية، والتي شعرت بعدم قدرة شركاتها على التقدم والمنافسة على جوائز الجودة العالية، ولكن مع انتقاء ما يتناسب من هذه النماذج مع بيئة العمل المصرية، ويتوقع الباحث أن يكون لهذه الجائزة أثر كبير على تحسين النواحي المختلفة للأداء بالشركات، على أمل أن تصبح تلك الشركات في يوم من الأيام قادرةً على المنافسة والتقدم لنيل أحد الجوائز العالمية في مجال الجودة.
___________________________________________________________
1- R.H.Scheffa, and H.A. Thomson. DEMAND BETTER RESULTS AND GET THEM, Haravd Business Review. March - April 1991, P. 142.
2- Mohamed Zair BENCHMARKING THE BEST TOOL FOR MEASURING
COMPETTVNESS. Benchmarking for Quality Measurement and Technology. Vol. 1 Issuwl. 1994, pp 15 - 16.
3- Tito Conti. Vision 2000: Positioning the new ISO 9000 standards with respect to total quality management models, Total Quality Management Jul99, Vol. 10 Issue 4/ 5, pp. 454 - 464
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|