المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9148 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الموقوفون لأمر الله
2024-12-22
سبعة أبواب لجنهم
2024-12-22
مناخ السفانا Aw
2024-12-22
جحود الكافرين لآيات الله الباهرات
2024-12-22
لا ينفع الايمان عند الباس
2024-12-22
الأقاليم المناخية
2024-12-22

محاسبة التحوط Hedge Accounting والقيمة العادلة Fair value والافصاحات عنـها
2023-11-29
Probability wave amplitudes
2024-04-20
الأخطار الناجحة عن المفاعلات
24-1-2022
Monosaccharide and Disaccharide Overview
26-9-2021
Calculus
4-1-2016
نضج وحصاد الكتان
2023-06-05


ولاية عثمان بن حنيف على البصرة  
  
3657   02:15 مساءاً   التاريخ: 29-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج10 ، ص107-115.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / قضايا عامة /

كان السائد في البصرة ان الولاء المطلق لعثمان بن عفّان وقد اتّخذها المتمرّدون على حكومة الإمام (عليه السلام) معقلا لهم فزحفوا إليها واحتلّوها ووجدوا فيها ميولا فكرية لهم وتجاذبا عاطفيا نحوهم ؛ وقد استعمل الإمام (عليه السلام) عليها عدّة ولاة كان منهم عثمان بن حنيف الأوسي وهو من أعلام الصحابة شهد احدا والمشاهد بعدها مع النبيّ (صلى الله عليه واله) وكان له رأي ثاقب ومعرفة كاملة بالأمور وقد استعمله الإمام (عليه السلام) واليا على البصرة وقد دعاه قوم منها إلى وليمة فأجابهم ولمّا علم الإمام ذلك أنكره وبعث له الرسالة التالية , رفع الإمام رسالة لعثمان بن حنيف هذه الرسالة التي تقطع دابر الرشوة عند الولاة وتحملهم على خدمة الامّة بإخلاص وإيمان وهذا نصّها : أمّا بعد يا ابن حنيف فقد بلغني أنّ رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان وتنقل إليك الجفان , وما ظننت أنّك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفوّ وغنيّهم مدعوّ , فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم فما اشتبه عليك علمه فالفظه وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه , ألا وإنّ لكلّ مأموم إماما يقتدي به ويستضيء بنور علمه ؛ ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه , ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفّة وسداد , فو الله! ما كنزت من دنياكم تبرا ولا ادّخرت من غنائمها وفرا ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا ولا حزت من أرضها شبرا ولا أخذت منه إلاّ كقوت أتان دبرة ولهي في عيني أوهى وأهون من عفصة مقرة بلى! كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلّته السّماء فشحّت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخرين ونعم الحكم الله , وما أصنع بفدك وغير فدك والنّفس مظانّها في غد جدث تنقطع في ظلمته آثارها وتغيب أخبارها وحفرة لو زيد في فسحتها وأوسعت يدا حافرها لأضغطها الحجر والمدر وسدّ فرجها التّراب المتراكم ؛ وإنّما هي نفسي اروضها بالتّقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر وتثبت على جوانب المزلق , ولو شئت لاهتديت الطّريق إلى مصفّى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القزّ , ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ولعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشّبع أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى أو أكون كما قال القائل :

وحسبك داء أن تبيت ببطنة        وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ

أ أقنع من نفسي بأن يقال : هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدّهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش ! فما خلقت ليشغلني أكل الطّيّبات كالبهيمة المربوطة همّها علفها أو المرسلة شغلها تقمّمها تكترش من أعلافها وتلهو عمّا يراد بها أو أترك سدى أو أهمل عابثا أو أجرّ حبل الضّلالة أو أعتسف طريق المتاهة ! وكأنّي بقائلكم يقول : إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضّعف عن قتال الأقران ومنازلة الشّجعان , ألا وإنّ الشّجرة البرّيّة أصلب عودا والرّوائع الخضرة أرقّ جلودا والنّابتات البدويّة أقوى وقودا وأبطأ خمودا , وأنا من رسول الله كالصّنو من الصّنو والذّراع من العضد , والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولّيت عنها ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها وسأجهد في أن أطهّر الأرض من هذا الشّخص المعكوس والجسم المركوس حتّى تخرج المدرة من بين حبّ الحصيد , ومن هذا الكتاب وهو آخره : إليك عنّي يا دنيا! فحبلك على غاربك قد انسللت من مخالبك وأفلتّ من حبائلك واجتنبت الذّهاب في مداحضك , أين القرون الّذين غررتهم بمداعبك! أين الأمم الّذين فتنتهم بزخارفك! فها هم رهائن القبور ومضامين اللّحود , والله! لو كنت شخصا مرئيّا وقالبا حسّيّا لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني وأمم ألقيتهم في المهاوي وملوك أسلمتهم إلى التّلف وأوردتهم موارد البلاء إذ لا ورد ولا صدر ! هيهات! من وطئ دحضك زلق ومن ركب لججك غرق ومن ازورّ عن حبائلك وفّق والسّالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه والدّنيا عنده كيوم حان انسلاخه , اعزبي عنّي! فو الله! لا أذلّ لك فتستذلّيني ولا أسلس لك فتقوديني , وايم الله! يمينا أستثني فيها بمشيئة الله لأروضنّ نفسي رياضة تهشّ معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما وتقنع بالملح مأدوما ؛ ولأدعنّ مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها , أتمتلئ السّائمة من رعيها فتبرك؟ وتشبع الرّبيضة من عشبها فتربض؟ ويأكل عليّ من زاده فيهجع ! قرّت إذا عينه إذا اقتدى بعد السّنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة والسّائمة المرعيّة! طوبى لنفس أدّت إلى ربّها فرضها وعركت بجنبها بؤسها وهجرت في اللّيل غمضها حتّى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها وتوسّدت كفّها في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم وهمهمت بذكر ربّهم شفاههم وتقشّعت بطول استغفارهم ذنوبهم {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22] فاتّق الله يا ابن حنيف ولتكفف أقراصك ليكون من النّار خلاصك .

في هذه الرسالة الغرّاء دعوة إلى الولاة أن لا يجيبوا الوجهاء الذين يدعونهم إلى الولائم التي تستطاب فيها الألوان ولا نصيب فيها للفقراء والمحرومين وإنّما يدعى لها ذو الثراء العريض وإنّما يقيمونها تقرّبا للسلطة واستخدامها لقضاء مآربهم وشئونهم الخاصّة وقد نهى الإمام (عليه السلام) الولاة من الاستجابة لها حسما للمؤثّرات الخارجية واستقلالا للسلطة حتى تخلص للحقّ ولا تتّبع الهوى , كما حفلت هذه الرسالة بامور بالغة الأهمّية والتي منها :

1 ـ أنّ الإمام (عليه السلام) أمر عثمان بالاقتداء به والسير على منهجه وهو (عليه السلام) قد تجرّد تجرّدا كاملا عن جميع متع الحياة الدنيا وعاش عيشة البؤساء والمحرومين فلم يدّخر من غنائم الدنيا وفرا ولم يحز من أرضها شبرا وقد صعدت روحه العظيمة إلى الله ولم يخلف من حطام الدنيا سوى سبعمائة درهم جمعها من رواتبه ليشتري بها خادما يستعين به على قضاء حوائجه.

2 ـ أنّ الإمام (عليه السلام) أعرب أنّ أهل البيت لم يملكوا من الدنيا سوى فدك التي منحها النبيّ لبضعته الزهراء فأمّمها أبو بكر واستولت عليها السلطة وقد سخت نفسه الشريفة ولم يقم لها أي وزن.

3 ـ أنّه (عليه السلام) قد روّض نفسه على التقوى وحمّلها رهقا حتى تأتي آمنة مطمئنّة يوم الفزع الأكبر.

4 ـ أنّه لمّا تقلّد الخلافة أعرض عن جميع رغائب الحياة وبات في جميع أوقاته جائعا وذلك مواساة لمن لا عهد له بالقرص سواء كان في عاصمته أم في غيرها.

5 ـ أنّه أجاب من يسأل أنّه كيف استطاع أن ينازل الأقران ويجندل الأبطال ويخوض أعنف المعارك مع بساطة عيشه وقلّة طعامه فأجاب (عليه السلام) أنّ الشجرة البرّية أصلب عودا وأقوى وقودا وأبطأ خمودا وأنّه من تلك الشجرة وأنّه من رسول الله (صلى الله عليه واله) كالصنو من الصنو والذراع من العضد.

6 ـ أنّه أخبر عن شجاعته النادرة فإنّ العرب جميعا لو اجتمعوا على قتاله لما انهزم عنهم وقابلهم ببسالة وشجاعة وسيجهد نفسه على تطهير الأرض من معاوية وحزبه الذين لا يألون جهدا في محاربة الله تعالى ورسوله.

7 ـ أنّه أعلن عن محاربته للدنيا وأنّها لو كانت جسما مرئيّا لأقام عليها حدود الله تعالى , ثمّ أعرض إعراضا كاملا عن الدنيا وأنّه روّض نفسه الشريفة على البؤس والفقر حتى جعلها تحنّ إلى القرص من الخبز , هذه بعض محتويات هذه الرسالة الخالدة التي ألقت الأضواء على زهد الإمام (عليه السلام) وتقواه.

وبعث الإمام (عليه السلام) رسالة إلى عثمان حينما بلغه زحف الجيش الذي تقوده عائشة والزبير وطلحة لاحتلال البصرة وقد جاء فيها : من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى عثمان بن حنيف ؛ أمّا بعد فإنّ البغاة عاهدوا الله ثمّ نكثوا وتوجّهوا إلى مصرك وساقهم الشّيطان لطلب ما لا يرضى الله به والله أشدّ بأسا وأشدّ تنكيلا , فإذا قدموا عليك فادعهم إلى الطّاعة والرّجوع إلى الوفاء بالعهد والميثاق الّذي فارقونا عليه , فإن أجابوا فأحسن جوارهم ما داموا عندك وإن أبوا إلاّ التّمسّك بحبل النّكث والخلاف فناجزهم القتال حتّى يحكم الله بينك وبينهم وهو خير الحاكمين , وكتبت كتابي هذا إليك من الرّبذة وأنا معجّل المسير إليك إن شاء الله .

عرضت هذه الرسالة إلى قيام طلحة والزبير وعائشة بالتمرّد على حكومة الإمام (عليه السلام) ونكث بيعته والتصدّي لهم فإن استقاموا ورجعوا إلى الحقّ قابلهم عثمان واليه بمزيد من الحفاوة والتكريم وإن أصرّوا على الغيّ والعدوان ناجزهم حتى يحكم الله بينهم وبينه .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.