من الناقمين على معاوية الربيع بن زياد البصري عامله على خراسان فانه لما سمع بالنبأ المؤلم طاش لبّه وذهبت نفسه حسرات فقال والحزن باد عليه : لا تزال العرب تقتل صبرا بعده ـ أي بعد مقتل حجر ـ ولو نفرت عند قتله لم يقتل واحد منهم صبرا ؛ ولكنها أقرت فذلت!!

إن أهل الكوفة لو منعوا السلطة الأموية من قتل حجر وأصحابه لما تمكن الأمويون من قتل أحرارهم وأخيارهم ولكنهم رضوا بالخمول والذل وكرهوا الموت في سبيل الله فهان أمرهم وذلوا وعمل فيهم الأمويون ما أرادوا من اخضاعهم للذل والهوان ؛ وبقي الربيع ذاهل النفس خائر القوى قد مزق الأسى قلبه فلما صار يوم الجمعة صلى بالناس صلاة الجمعة وبعد الفراغ منها خطب الناس فقال فى خطابه : أيها الناس إني قد مللت الحياة وإني داع فأمنوا  ثم رفع يديه بالدعاء فقال : اللهم إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجل ؛ فاستجاب الله دعاءه فما فارق المجالس حتى وافاه الأجل المحتوم ؛ وعدّ الحسن البصري قتل حجر إحدى الموبقات الأربعة التي ارتكبها معاوية فقال فيما يخص حجرا : ويل له من حجر وأصحاب حجر مرتين .

لقد ذعر ابن عمر حينما علم بمقتل حجر فقد أخبر بقتله وهو بالسوق وكان محتبى فأطلق حبوته وولى وهو يبكي أشد البكاء وأمرّه ؛ وانتهى الخبر المؤلم الى معاوية بن خديج وكان في افريقية مع الجيش فقال لقومه الذين كانوا معه من كندة : ألا ترون أنا نقاتل لقريش ونقتل أنفسنا لنثبت ملكها وأنهم يثبون على بنى عمنا فيقتلونهم .

لقد كان قتل حجر من الأحداث الكبار وكان صدعا في الاسلام وبلاء على عموم العرب وكان معاوية نفسه لا يشك فى ذلك فكان ينظر إليه شبحا مخيفا ويردد ذكره في خلواته وقد ذكره كثيرا في مرضه الذي هلك فيه فكان يقول :  ويلي منك يا حجر وكان يقول : يوم لي من ابن الأدبار طويل  قال ذلك ثلاث مرات .

نعم أن يومه لطويل من حجر وأمثاله من المؤمنين والصالحين الذين سفك دماءهم لا لذنب اقترفوه سوى حبهم لأهل البيت .