أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-04-2015
![]()
التاريخ: 15-11-2014
![]()
التاريخ: 25-04-2015
![]()
التاريخ: 25-04-2015
![]() |
ربما كان بعض السلف يحتشم عن القول في القرآن ، خشية ان يكون قولا على اللّه بغير علم ، او تفسيرا برايه الممنوع شرعا وتبعهم على ذلك بعض الخلف ، فامسكوا عن تفسير القرآن ، سوى ما ورد فيه اثر صحيح ونقل صريح . فقد اخرج الطبري بإسناده الى ابي معمر ، قال : قال ابو بكر : (اي ارض تقلني واى سما تظلني اذا قلت في القرآن ما لا اعلم ) ، وفي رواية اخرى ايضا عنه : (اذا قلت في القرآن برايي ) (1) .
وهذا عند ما سئل عن (الاب ) في قوله تعالى : {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ } [عبس : 31، 32] ، فقد اخرج السيوطي بإسناده الى ابراهيم التميمي ، قال : سئل ابو بكر عن قوله تعالى : (و ابا) ، فقال : (اى سما تظلني واى ارض تقلني اذا قلت في كتاب اللّه ما لا اعلم ) (2) .
وهكذا روي عن عمر انه جعل التكلم في الاية تكلفا يجب تركه وايكاله الى اللّه ، اخرج السيوطي بعدة اسانيدان عمر قرا على المنبر : (فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا ـ الى قوله ـ وابا) قال : كل هذا قد عرفناه ، فما الاب ؟ ثم رفض عصا كانت في يده ، فقال : هذا لعمرو اللّه هو التكلف ، فما عليك ان لا تدري ما الاب ، اتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به ، وما لم تعرفوه فكلوه الى ربه (3) .
وعن عبيد اللّه بن عمر قال : لقد ادركت فقها المدينة ، وانهم ليعظمون القول في التفسير ، منهم سالم بن عبداللّه ، والقاسم بن محمد ، وسعيد بن المسيب ، ونافع وعن يحيى بن سعيد ، قال : سمعت رجلا يسال سعيد بن المسيب عن آية من القرآن ، فقال : لا اقول في القرآن شيئا وفي رواية اخرى : انه كان اذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال : انا لا اقول في القرآن شيئا ، وكان لا يتكلم الا في المعلوم من القرآن قال يزيد : واذا سألنا سعيدا عن تفسير آية من القرآن ، سكت كان لم يسمع .
وعن ابن سيرين ، قال : سالت عبيدة السلماني عن آية ، قال : عليك بالسداد ، فقد ذهب الذين علموا فيم انزل القرآن .
وجاء طلق بن حبيب الى جندب بن عبد اللّه ، فساله عن آية من القرآن ، فقال له : احرج عليك ان كنت مسلما ، لما قمت عني ، او قال : ان تجالسني .
وروي عن الشعبي ، قال : ثلاث لا اقول فيهن حتى اموت : القرآن ، والروح ، والراي ، وكان يقول : واللّه ما من آية الا قد سالت عنها ، ولكنها الرواية عن اللّه .
وروي عنه انه قال : ادركتهم ـ اي الاوائل ـ وما شيء ابغض اليهم ان يسالوا عنه ولاهم له اهيب ، من القرآن ذكره صاحب كتاب المباني .
ورووا في ذلك بطريق ضعيف عن عائشة ، قالت : ما كان النبي (صلى الله عليه واله)يفسر شيئا من القرآن الا آيا تعد ، علمهن اياه جبريل (4) ، اي انه (صلى الله عليه واله)لم يكن يفسر الا القلائل من الآيات ، تلك القلائل ايضا كان بوحي وتوقيف ، ولم يكن عن فهمه .
وروي عن ابراهيم ، قال : كان اصحابنا يتقون التفسير ويهابونه .
قال ابن كثير : فهذه الاثار الصحيحة وما شاكلها عن ائمة السلف ، محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم فيه فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه ، ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم اقوال في التفسير ، ولا منافاة ، لانهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه وهذا هو الواجب على كل واحد ، فانه كما يجب السكوت عما لا علم به ، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه ، لقوله تعالى : (لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) (5) .
وبعين ذلك ذكر ابن تيمية في مقدمته (6) .
وقال ابن جرير الطبري : ان معنى (احجام ) من احجم عن القيل في تأويل القرآن وتفسيره من علما السلف ، انما كان احجامه عنه حذرا ان لا يبلغ ادا ما كلف من اصابة صواب القول فيه ، لا على ان تأويل ذلك محجوب عن علما الامة ، غير موجود بين اظهرهم (7) .
قلت : والدليل على صحة ذلك ان من تحرج من القول في معاني القرآن من السلف ، كانوا هم القلة القليلة من الاصحاب والتابعين ، اما الاكثرية الساحقة من علما الامة ونبها الصحابة فقد عنوا بتفسير القرآن وتأويله عناية بالغة ، كانت الوفرة الوفيرة من رصيدنا اليوم في التفسير.
قال ابن عطية : وكان جلة من السلف كثير عددهم يفسرونه ، وهم ابقى على المسلمين في ذلك .
فأما صدر المفسرين والمؤيد فيهم فعلي بن ابي طالب (عليه السلام) ، ويتلوه عبد اللّه ابن عباس ، وهو تجرد للأمر وكمله ، وتبعه العلماء عليه ، كمجاهد ، وسعيد بن جبير ، وغيرهما والمحفوظ عنه في ذلك اكثر من المحفوظ عن على بن ابي طالب .
وقال ابن عباس : ما اخذت من تفسير القرآن فعن على بن ابي طالب .
وكان على بن ابي طالب يثني على تفسير ابن عباس ، ويحض على الاخذ عنه وكان عبد اللّه بن مسعود يقول : نعم ترجمان القرآن عبد اللّه بن عباس .
وهو الذي قال فيه رسول اللّه (صلى الله عليه واله) : (اللهم فقهه في الدين ) ، وحسبك بهذه الدعوة وقال عنه على بن ابي طالب (عليه السلام) : (ابن عباس كأنما ينظر الى الغيب من ستر رقيق ).
ويتلوه عبد اللّه بن مسعود ، وابى بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وعبد اللّه بن عمرو بن العاص .
قال : وكل ما اخذ عن الصحابة فحسن متقدم (8) .
واما حديث عائشة ـ فضلا عن تكلم ابن جرير وابن عطية وغيرهما في تأويله وضعف سنده ـ فالأرجح في تأويله : انه (صلى الله عليه واله)كان يفسر لهم القرآن اعدادا فأعدادا ، كل فترة عددا خاصا حسبما كان جبرئيل يعلمه عن اللّه ـجل جلاله ـ ولم يكن التعليم فوضى من غير انتظام وسيوافيك حديث ابن مسعود في ذلك : كان الرجل منا اذا تعلم عشر آيات ، لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن .
قال صاحب كتاب المباني : واما ما روي عن عائشة ، فان ذلك يدل على انه (عليه السلام)كان يحتاج مع ما انزل عليه من القرآن الى تفسير آيات يعلمهن اياه جبريل (عليه السلام)و تلك آيات معدودة قد اجملت فيها احكام الشريعة ، بحيث لا يوقف عليه الا ببيان الرسول عن اللّه تعالى .
واما ما ذكروه من امتناع من امتنع من القول في التفسير ، فان ذلك بمنزلة من امتنع منهم عن الرواية عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله)الا فيما لم يجد فيه بدا.
ولذلك قلت روايات رجال من اكابر الصحابة ، مثل عثمان وطلحة والزبير وغيرهم روى عامر بن عبد اللّه بن الزبير عن ابيه قال : قلت للزبير : ما لي لا اسمعك تحدث عن رسول اللّه ، كما اسمع ابن مسعود وفلانا وفلانا؟ فقال : اما اني لم افارقه منذ اسلمت ، ولكني سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه واله)يقول : (من كذب على متعمدا فليتبوا مقعده من النار).
وقيل لربيعة : انا لنجد عند غيرك من الحديث ما لا نجد عندك منه ، ولكني سمعت رجلا من آل الهدير يقول : صحبت طلحة وما سمعته يحدث عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله)الا حديثا واحدا.
قال : وهذا عبد اللّه بن عباس ، لم يدع آية في القرآن الا وقد ذكر من تفسيرها ، على ما روت عنه الرواة ، ولذلك قيل : ابن عباس ترجمان القرآن .
وروي عن ابي مليكة قال : رأيت مجاهدا يسال ابن عباس في تفسير القرآن ومعه الواحه ، فيقول ابن عباس : اكتبه ، حتى سأله عن التفسير كله .
وروي عن سعيد بن جبير انه قال : من قرا القرآن ولم يفسره كان كالأعمى او كالاعرابي .
وروى مسلم عن مسروق بن الاجدع قال : كان عبد اللّه يقرا علينا السورة ثم يحدثنا فيها ، ويفسرها عامة النهار.
وعن ابي عبد الرحمان قال : حدثونا الذين كانوا يقرئوننا : انهم كانوا يستقرئون من النبي ، فكانوا اذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعلموا ما فيها من العمل ، فيعلموا القرآن والعمل جميعا.
وعن ابن مسعود : كان الرجل منا اذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن (9) .
وبعد ، فقد ذكر الراغب الاصبهاني هنا شرائط يجب توفرها في المفسر ، حتى لا يكون تفسيره تفسيرا بالراي الممنوع شرعا والمقبوح عقلا ، نذكره بتفصيله ، فان فيه الفائدة المتوخاة في هذا الباب .
______________________
1- تفسير الطبري ، ج1 ، ص 27.
2- الدر المنثور ، ج6 ، ص 317.
3- المصدر نفسه ، والطبري ، ج30 ، ص 38 ـ 39.
4- الطبري ، في التفسير ، ج1 ، ص 29 ومقدمة كتاب المباني في نظم المعاني ، ص 183 ـ 184.
5- تفسير ابن كثير ، ج1 ، ص 6 وآل عمران / 187.
6- مقدمته في اصول التفسير ، ص 55.
7- الطبري ـ التفسيرـ ج1 ، ص 30.
8- مقدمة ابن عطية لتفسيره الجامع المحرر ، المطبوعة مع مقدمة المباني ، ص 262 ـ 263.
108- مقدمة كتاب المباني ، ص 191 ـ 193.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|