أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-04
1564
التاريخ: 2024-07-10
433
التاريخ: 3-4-2017
4387
التاريخ: 2024-07-15
617
|
قد تطرأ ظروف استثنائية تهدد سلامة الدولة كالحروب والكوارث الطبيعية ، وتجعلها عاجزة عن توفير وحماية النظام العام باستخدام القواعد والإجراءات السابق بيانها . وفي هذه الحالة لابد أن تتسع سلطات هيئات الضبط لمواجهة هذه الظروف من خلال تمكينها من اتخاذ إجراءات سريعة وحازمة لمواجهة الظرف الاستثنائي. على أن الظرف الاستثنائي أيا كانت صورته حرباً أو كوارث طبيعية لا يجعل الإدارة في منأى من رقابة القضاء بشكل مطلق ، فلا يعدو أن يكون الأمر توسعاً لقواعد المشروعية ، فالإدارة تبقى مسؤولة في ظل الظروف الإستثنائية على أساس الخطأ الذي وقع منها، غير أن الخطأ في حالة الظروف الإستثنائية يقاس بميزان آخر غير أن ذلك الذي يقاس به الخطأ في الظروف العادية.
أولاً : التنظيم القانوني لسلطة الضبط في الظروف الإستثنائية :
وحيث أن نظام الظروف الإستثنائية من شأنه المساس المباشر بحقوق وحريات الأفراد التي يكفلها الدستور ، فلابد أن يتدخل المشرع لتحديد ما إذا كان الظرف استثنائياً ام لا, ويتم ذلك باتباع أسلوبين : الأول أن تصدر قوانين تنظيم سلطات الإدارة في الظروف الإستثنائية بعد وقوعها ، ويتسم هذا الأسلوب بحماية حقوق الأفراد وحرياتهم لأنه يحرم السلطة التنفيذية من اللجوء إلى سلطات الظروف الإستثنائية إلا بعد موافقة السلطة التشريعية ، ويعيبه أن هناك من الظروف الإستثنائية ما يقع بشكل مفاجئ لا يحتمل استصدار تلك التشريعات بالإجراءات الطويلة المعتادة (1). بينما يتمخض الأسلوب الثاني عن وجود قوانين منظمة سلفاً لمعالجة الظروف الإستثنائية قبل قيامها ويرخص الدستور للسلطة التنفيذية بإعلان حالة الظروف الإستثنائية والعمل بمقتضى هذه القوانين .ولا يخفى ما لهذا الأسلوب من عيوب تتمثل في احتمال إساءة الإدارة سلطتها في إعلان حالة الظروف الإستثنائية في غير أوقاتها للاستفادة مما يمنحه لها المشرع من صلاحيات في تقييد حريات الأفراد وحقوقهم.
وقد اخذ المشرع الفرنسي بالأسلوب الأخير إذا منحت المادة السادسة عشرة من دستور الجمهورية الخامسة الصادر عام 1958 رئيس الجمهورية الفرنسية سلطات واسعة من اجل مواجهه الظروف الإستثنائية. (2)
ثانيا : حالات اعلان حالة الطوارىء في العراق :
لايجوز اعلان حالة الطوارىء الا في حالات معينة يتعرض فيها الامن والنظام العام للخطر في جميع ارجاء الدولة او في جزء منها . وقد حدد المشرع العراقي هذه الحالات في قانون السلامة الوطنية رقم 4 لسنة 1965 فيما يلي :
1.اذا حدث خطر من غارة عدائية او اعلنت الحرب او قامت حالة حرب او اية حالة تهدد بوقوعها .
2.اذا حدث اضطراب خطير في الامن العام اوتهديد خطير له .
3.اذا حدث وباء عام او كارثة عامة (3).
في حين خول امر الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004 رئيس الوزراء بعد موافقة هيئة الرئاسة بالاجماع اعلان حالة الطوارىء في اية منطقة من العراق عند تعرض الشعب العراقي لخطر حال جسيم يهدد الافراد في حياتهم ، وناشئ من حمله مستمرة للعنف ، من أي عدد من الاشخاص لمنع تشكيل حكومة واسعة التمثيل في العراق او تعطيل المشاركة السياسية السلمية لكل العراقيين او أي غرض اخر.
ثالثا : النتائج المترتبة على اعلان حالة الطوارىء :
يترتب على اعلان حالة الطوارىء مجموعة من الاثار وقد حددت المادة الثالثة من امر قانون الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004 والتي تفضي الى منح الادارة اختصاصات استثنائية مقيد للحرية اهمها مايلي :
1.توقيف وتفتيش الافراد دون استحصال مذكرة قضائية
2.وضع قيود على حرية المواطنين او الاجانب في السفر والانتقال والتجول والتجمع والمرور من والى العراق وحمل او استخدام الاسلحة والذخائر والمواد الخطره .
3.احتجاز المشتبه بسلوكهم وتفتيش منازلهم واماكن عملهم .
4. فرض حضر التجوال لفترة محدده على المنطقة التي تشهد تهديدا خطيرا على الامن او تشهد تفجيرات او اضطرابات وعمليات مسلحة معادية واسعه .
5.فرض قيود على الاموال وعلى حيازة الاشياء الممنوعة ووضع الحجز الاحتياطي على اموال المتهمين بالتامر والتمرد والعصيان المسلح والاضطرابات المسلحة وعمليات الاغتيال والتفجير ، وعلى اموال من يشترك او يتعاون معهم باية كيفيه .
6.اتخاذ اجراءات احترازية على الطرود والرسائل والبرقيات ووسائل واجهزة الاتصال السلكية والاسلكية كافة . ويمكن فرض المراقبه على هذه الوسائل وتفتيشها وضبطها .
7.فرض قيود على وسائل النقل والمواصلات البريدية والجوية والمائية في مناطق محدده لفترة محدده .
8.فرض قيود على المحال العامة والتجارية والنوادي والجمعيات والنقابات والشركات والمؤسسات والدوائر من حيث تحديد مواعيد فتحها وغلقها ومراقبة اعمالها ووضعها تحت الحراسة وحلها وايقافها مؤقتا .
9. ايقاف العمل مؤقتا او بصوره دائمية باجازات الاسلحة والذخيرة والمواد الخطيرة والمفرقعة والمتفجرة وحيازتها او الاتجار بها .
ومن المهم القول ان المادة الثانيه من امر الدفاع عن السلامة الوطنيه العراقي تنص على ان حالة الطوارىء تعلن بأمر يتضمن الحالة التي اعلنت حالة الطوارىء بسببها ، وتحديد المنطقة التي تشملها ، وتحديد بدء سريانها ومدتها على ان لاتمتد اكثر من (60 ) ستين يوما اوتنتهي بعد زوال الخطر او الظرف الذي استدعى قيامها او ايهما اقل
ويجوز تمديد حالة الطوارىء بصورة دورية كل ثلاثين يوما ببيان تحريري من رئيس الوزراء وهيئة الرئاسة اذا استدعت الضرورة ذلك وينتهي العمل بها تلقائيا اذا لم تمدد تحريريا في نهاية اية فترة تمديد . ومن الجدير بالذكر إن للقضاء الإداري دور مهم في الرقابة على قرار السلطة التنفيذية بإعلان حالة الطوارئ ,فالقاضي في هذه الظروف يراقب ابتداء" قرار إعلان حالة الطوارئ ومن الملاحظ إن المشرع الدستوري العراقي قد أخضع هذا القرار لرقابة البرلمان، وذلك من خلال اشتراطه حصول موافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء على هذا القرار(4). ولا شك إن هذا الشرط يفرض شكل من الرقابة السياسية لممثلي الشعب على قرار رئيس الوزراء بإعلان حالة الطوارئ وهو أمر مهم حتما إلا أنه لا يعول عليه دائما لاسيما عندما يكون البرلمان ضعيف أو عندما يمثل رئيس الوزراء الأغلبية المطلقة لأعضاء البرلمان فتنعدم الجدوى من الرقابة البرلمانية (5).
رابعا : الرقابة على التدابير المتخذة بناء إعلان حالة الطوارئ :
خضوع التدابير المتخذة في حالة الطوارئ إلى رقابة القضاء هو ما يميز هذه النظرية عن نظرية أعمال السيادة التي تعد خروجاً على المشروعية ويمنع القضاء من الرقابة على الأعمال الصادرة استناداً إليها . كما تتميز عن نظرية السلطة التقديرية للإدارة التي يكون دور القضاء في الرقابة عليها محدوداً بالمقارنة مع رقابته على أعمال الإدارة في الظروف الاستثنائية .
وقد أباح مجلس الدولة الطعن في مرسوم الأحكام العرفية وبسط رقابته على الإجراءات المتخذة بناء على هذا المرسوم باعتبارها قرارات إدارية(6). أما في العراق فقد ميز المشرع بين نوعين من التدابير المتخذة بناء على إعلان حالة الطوارئ ، وهذا ما نصت عليه الفقرة (2) من المادة (9) من أمر الدفاع عن السلامة الوطنية النافذ بقولها ((تخضع قرارات وإجراءات رئيس الوزراء لرقابة محكمة التمييز، ومحكمة التمييز في إقليم كوردستان فيما يتعلق بإجراءات الطوارئ في نطاق الإقليم، وانتهاءاً بالمحكمة الاتحادية العليا، وللمحاكم المذكورة تقرير إلغاء تلك القرارات والإجراءات وتقرير بطلانها وعدم مشروعيتها أو إقرارها، مع مراعاة الظروف الاستثنائية التي صدرت في ظلها تلك القرارات والإجراءات)).
ومن ثم فان المشرع قد نص على شكلين من التدابير يمكن إصدارها في حالة الطوارئ الأولى هي القرارات الإدارية التي يَتخذها رئيس الوزراء أثناء هذه الفترة استناداً إلى وظيفته كتلك المتمثلة بفرض القيود على وسائل النقل والمواصلات البرية والجوية والمائية في مناطق محددة ولفترة محددة(7).
أما الثاني فيتمثل في الإجراءات وهي تلك التي تتخذ في إطار الدعوى الجزائية بخصوص الجرائم المرتكبة اثناء فترة الطوارئ . وقد اخضع المشرع هذين النوعين من التدابير الى رقابة القضاء بنوعيه الإداري فيما يتعلق بالأولى والقضاء العادي في ما يخص الثانية(8).
وعلى العموم فان رقابة القضاء على نشاط الإدارة في الظروف الاستثنائية يمارس على أسباب قرارها الإداري والغاية التي ترمي إليها الإدارة في اتخاذه ولا يتجاوز في رقابته إلى العيوب الأخرى، الاختصاص والشكل والمحل وهو ما استقر عليه القضاء الإداري في العديد من الدول (9). ولا شك ان القضاء الإداري يمارس دوراً مهماً في تحديد معالم نظرية الظروف الاستثنائية، ويضع شروط الاستفادة منها ويراقب الإدارة في استخدام صلاحياتهم الاستثنائية حماية لحقوق الأفراد وحرياتهم، وهذه الشروط هي:
1-وجود ظرف استثنائي يهدد النظام العام وحسن سير المرافق العامة سواء تمثل هذا الظرف بقيام حرب أو اضطراب أو كارثة طبيعية .
2-ن تعجز الإدارة عن أداء وظيفتها باستخدام سلطاتها في الظروف العادية، فتلجأ لاستخدام سلطاتها الاستثنائية التي توافرها هذه النظرية .
3-ن تحدد ممارسة السلطة الاستثنائية بمدة الظرف الاستثنائي فلا يجوز الإدارة أن تستمر في الاستفادة من المشروعية الاستثنائية مدة تزيد على مدة الظرف الاستثنائي.
4-أن يكون الإجراء المتخذ متوازناً مع خطورة الظرف الاستثنائي وفي حدود ما يقتضه(10).
__________________________________________
1- د. صبيح بشير مسكوني- القضاء الإداري – المصدر السابق ص71
2- بمقتضى الدستور الفرنسي 1958 تعلن الأحكام العرفية بمرسوم في مجلس الوزراء، ولا يجوز ان تمدد تلك الأحكام لا كثر من اثنتي عشر يوماً إلا بأذن من البرلمان. تنظر المادة (36) من الدستور الفرنسي لسنة 1958.
3 - من التشريعات التي نظمت حالة الظروف الاستثنائية في العراق : مرسوم الإدارة العرفية رقم (18) لسنة 1935 الذي نظم الأحكام العرفية و قانون السلامة الوطنية رقم (4) الصادر في سنة 1965. الذي حل محله أمر الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004 والنافذ حالياً. إضافة إلى ذلك هناك بعض التشريعات الموسعة لسلطة الإدارة، وهي قانون الاستعانة الاضطرارية رقم (24) لسنة 1936 الملغي بموجب المادة (10) من القانون رقم (37) لسنة 1961 وقانون التعبئة رقم (12) لسنة 1971 المعدل بقانون رقم (73) لسنة 1973 وقانون الدفاع المدني رقم (24) لسنة 1978 المعدل.
4 للمزيد ينظر د. مازن ليلو راضي و د. حيدر ادهم عبد الهادي-حقوق الإنسان وحرياته الأساسية-دار قنديل –عمان 2008-ص189 وما بعدها
5- د. صبيح بشير مسكوني – القضاء الإداري – المصدر السابق – ص 71 .
6- ولقد بسط مجلس الدولة الفرنسي رقابته على الإجراءات المتخذة بناء على مرسوم الاحكام العرفية منذ زمن بعيد وقبل ان يجيز الطعن في مرسوم اعلان هذه الاحكام في حكم (( Huckel)) ، اذ ترجع رقابة المجلس هذه الى سنة 1874 في حكم أصدره يسمى ((Chéron)) حيث قرر فيه بشكل قاطع اعتبار هذه الإجراءات قرارات إدارية خاضعة لرقابة القضاء الاداري . ينظر د. محسن خليل، د. محسن خليل، القضاء الإداري اللبناني، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1982، ص301-302.
7- ينظر الفقرة (5) من المادة (3) من امر الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004.
8- لاشك ان نص المشرع غير موفق الى حد كبير اذان محكمة التمييز ليست محكمة موضوع لتمارس هذا النوع من الرقابة والأمر ذاته بالنسبه للمحكمة الاتحادية العليا . الااننا لانرى بد من تفسير قصد المشرع بانه اراد اخضاع القرارات المتخذه في فترة اعلان حالة الطوارئ الى القضاء الاداري الذي يتم الطعن في قراراته امام المحكمة الاتحادية العليا . ويتم الطعن في الاجراءات امام القضاء العادي الذي يطعن في احكامه امام محكمتي التمييز في العراق واقليم كوردستان.
9- د. عبد القادر باينه – القضاء الإداري الأسس العامة والتطور التاريخي – دار توبقال للنشر المغرب – 1985 – ص 28 .
10– ينظر: د. أحمد مدحت على – نظرية الظروف الاستثنائية – القاهرة – 1978 – ص 19 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جمعية العميد تعقد اجتماعًا لمناقشة المشاريع العلمية والبحثية
|
|
|