المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

الله تعالى مدرك متكلم سميع بصير
5-4-2018
منع العامة من خروج المعتكف إلّا لقضاء الحاجة.
5-1-2016
الفوارق بين الرجل والمرأة
12-10-2020
غزوة القسطنطينية
23-11-2017
معنى كلمة يثرب
3-1-2016
جوابنا عن روايات أهل السنّة في التحريف
17-10-2014


ابن خاتمة  
  
4321   04:11 مساءاً   التاريخ: 24-3-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص291-292
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

هو أبو جعفر أحمد بن علي بن خاتمة الأنصاري المريّى، ولد في نهاية القرن السابع أو مطلع القرن الثامن إذ يقال إنه توفي سنة ٧٧٠ أو قبلها بقليل عن سبعين عاما. و ليس بين أيدينا ما يوضح نشأته و ثقافته، غير أن في نهوضه بالإقراء للقرآن الكريم في مسجد المرية الجامع ما يشهد بأنه كان متعمقا في الثقافة الإسلامية من قراءات الذكر الحكيم و من الفقه و الحديث النبوي، و تؤكد ذلك مؤلفاته و أشعاره و ما تحمل من إشارات ثقافية إسلامية و أخرى لغوية. و نرى في أخباره زيارات كثيرة لغرناطة و انعقاد صلات بينه و بين أعلامها و خاصة وزيرها لسان الدين بن الخطيب، مما يدل على أنه اتصل بالأعمال الديوانية لأمير غرناطة، و لعله عمل كاتبا مدة في دواوين المرية بلدته التي كانت تتبع أمير غرناطة، إذ يذكر في ترجمته أنه تخلّى عن الكتابة، حتى إذا طلب إليه أن يعود إليها أنشد:

تقضّى في الكتابة لي زمان     كشأن العبد ينتظر الكتابة
و كتابة العبد التي يشير إليها هي أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه إليه مقسّطا، فإذا أدّاه صار حرّا، و هو يقول إنني قضيت في الكتابة زمانا غير قصير. مما يدل على أنه ظل يعمل في الكتابة لأولى الأمر ببلدته فترة و أنه استعفي منها فأعفى، و بذلك ردّت إليه حريته و لن يعود إلى حمل نير الكتابة أبدا. و تدل مؤلفاته أوضح دلالة على اتساع ثقافته و أنه لم يقف بها عند الثقافة الدينية و اللغوية، بل اتسع بها لتشمل الطب من علوم الأوائل كما يتضح في كتابه: «تحصيل غرض القاصد في تفصيل المرض الوافد» و فيه يتحدث عن وباء الطاعون الذي اجتاح المرية في عامي ٧4٩ و ٧5٠ و يفصل القول فيه و في أسبابه.

و له في التاريخ الأدبي كتاب مزية المريّة على غيرها من البلاد الأندلسية، و له في اللغة كتاب سماه: «إلحاق العقل بالحس في الفرق بين اسم الجنس و علم الجنس» و كتاب «إيراد اللآل من إنشاد الضوال و إرشاد السؤّال» . و له في الأدب رسالة صغيرة في «الفصل العادل بين الرقيب و الواشي و العاذل» و كتاب «رائق التحلية في فائق التورية» و ليس دراسة في التورية و إنما هو أشعاره الذي صاغها للتورية، و بها توريات عن مصطلحات علمية متنوعة.

و ديوان ابن خاتمة في نحو مائتي صفحة، و هو موزع على أربعة أقسام: قسم في المدح و الثناء، و قسم في التشبيب و الغزل، و قسم في الملح و الفكاهات، و قسم في الوصايا و الحكم، و نبذة كبيرة من الموشحات استغرقت نحو أربعين صحيفة، و تليها مستدركات المحقق على الديوان. و أكبر الأقسام قسم التشبيب و الغزل و هو في نحو خمسين صحيفة تضم تسعا و أربعين منظومة بين قصيدة و مقطوعة. و نشعر منذ أول قصيدة نقرؤها فيه أن منظوماته ليست ثمرة تجارب حقيقية في الحب، إنما هي محاولات لمحاكاة شعراء الغزل و النسيب السابقين، إذ يختار ابن خاتمة لنفسه وزنا من أوزان الشعر، و ينظم فيه أبياتا تتحدث عن الحب حديثا كله تكلف و تصنع لبيان قدرته على النظم في هذا الغرض القديم من أغراض الشعر العربي، و فيه تتجمع العناصر البدوية من أسماء المواضع و الأشجار و الأزهار و الآرام و غير الآرام من مثل قوله:

تهبّ نسيمات الصّبا من ربى نجد    فينفحن عن طيب و يعبقن عن ندّ (1)
و ما ذاك إلا أنهنّ يجلن في    معاهدنا بين الأثيلات و الرّند (2)
معاهد نهواها و تهوى لقاءنا     بها قد مضى حكم العفاف على الودّ
و في القبّة البيضاء بيضاء لوبدت      لشمس الضحى يوما لحارت عن القصد (3)
تطلّع عن صبح من الوجه نيّر      و تغرب عن ليل من الشّعر مسودّ

  و نسيج الصياغة في الأبيات به غير قليل من الضعف، و المعاني و الصور مكررة معادة دون تحويرات فيها-على نحو ما رأينا عند ابن الزقاق-تعيدها خلقا جديدا، و دائما الخد كالورد و الريق كالشهد و المبسم كالعقد و الصدغ كالعقرب. و قد يختلط الغزل بالحماسة و لكن دون حرارة و مع غير قليل من التكلف كأن يزعم أن مقلة صاحبته تغير على الورى و أن أناملها النواعم مخضّبة بدمائهم. و لا نظلم ابن خاتمة فهو من أنبه الشعراء في زمنه، غير أن الشعر حينئذ نضب معينه، و استحال في كثير من جوانبه إلى صور من التكلف الشديد، و قد أصبح التصنع بدع العصر للإتيان بمحسنات البديع من جناس و طباق و لف و نشر و توريات و بذلك لم يعد الشعر في جمهوره يعبر عن عواطف و مشاعر صادقة للشاعر، و ربما كانت أجمل مقطوعة غزلية لابن خاتمة قوله:

زارت على حذر من الرّقباء     و الّليل ملتفّ بفضل رداء
تصل الدّجى بسواد فرع فاحم     لتزيد ظلماء إلى ظلماء
فوشى بها من وجهها و حليّها     بدر الدّجى و كواكب الجوزاء
أقسمت لو لا عفّة عذريّة     و تقى علىّ له رقيب رائي
لنقعت غلّة لوعتي برضابها     و نضحت ورد خدودها ببكائي

و مع ذلك فإننا نشعر بغير قليل من التكلف في المقطوعة على نحو ما نرى في الشطر الثاني من البيت الثاني، و الصور في البيت الثالث متراكمة، و قسمه الذي مهّد به لعفته و تقاه الذي يراقبه في حبه، كل هذه صور من التكلف الشديد في الغزل. و يخف هذا التكلف في موشحاته بحكم القصر الشديد في شطورها، و بذلك لا تظهر فيها هلهلة النسيج التي تلاحظ بوضوح في كثير من أبيات شعره.

ـــــــــــــــــــــــــــ

١) الند: عود عطر الرائحة.

2) الأثيلات تصغير الأثلات: من أشجار البادية. و مثلها الرند و هو شجر طيب الرائحة.

٣) حارت: رجعت.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.