أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-6-2019
2217
التاريخ: 11-7-2022
1927
التاريخ: 2-04-2015
3738
التاريخ: 19/9/2022
1651
|
لقد نص جماعة من المؤرخين ان المسلمين في عهد معاوية بن أبي سفيان قد غزوا القسطنطينية مرتين سنة 49هـ و51هـ بقيادة يزيد بن معاوية، وفي الثانية يدعون بأنه كان مع الغزاة أبو أيوب الأنصاري والحسين بن علي (عليه السلام)، وقال ابن كثير في تاريخه: ان الحسين كان يفد على معاوية بعد وفاة اخيه، فصادف ان وفد عليه سنة 51هـ وتوجه مع الجيش إلى القسطنطينية غازيا بقيادة يزيد بن معاوية، وأكد ذلك علي بن الحسين بن عساكر في المجلد الرابع من تاريخه.
و يبدو بعد التتبع انه لم يدع أحد من المؤرخين اشتراك الحسين في تلك الغزوة سوى ابن عساكر وابن كثير في تاريخهما كما ذكرنا، ولم يذكر ابن جرير الطبري في تاريخه سوى غزوة واحدة كانت سنة 49هـ ، ونص على اشتراك ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبي أيوب الانصاري فيها ولم يذكر الحسين معهم، وكل من كتب عن معارك المسلمين في تلك الفترة لم يتعرضوا للحسين (عليه السلام)، واتفقوا على أن أبا أيوب الأنصاري قد توفي خلال تلك الغزوة وأنه دفن حيث توفي بناء لطلبه ووصيته، ولما فتح السلطان محمد الثاني القسطنطينية كان أول ما فعله أن بنى قبره وشيده وأتقن بناءه، وجرت عادة سلاطين بني عثمان بعد ذلك أن كل من يتولى الحكم لا بد وان يتقلد السيف ويتوج في مشهد أبي أيوب تيمنا به.
و يدعي بعض المؤرخين من العرب وغيرهم: ان المسلمين صنعوا طائرة ليستخدموها في حروبهم مع الرومان في تلك الغزوة، وبعد أن طار بها قائدها في الجو سقطت به وتحطمت، ويرى جماعة آخرون من الكتّاب أن عامل بيزنطية استخدم طائرة من القسطنطينية فوق الجيوش العربية التي حاصرتها، وبعد ان تسربت الى العرب اسرارها صنعوا مثلها وطاروا بها ولكنها سقطت في البسفور بعد أن قطعت مسافة وكادت أن تحقق اهدافها.
و مهما كان الحال فالنصوص التاريخية لم تؤكد اشتراك الحسين (عليه السلام) في تلك الغزوة، وهذا هو الراجح لا لأن قائدها يزيد ومسيّرها معاوية كما يذهب إلى ذلك بعض من لا يدرك حقيقة أهل البيت (عليهم السلام) من الشيعة وغيرهم، ذلك لأن أهل البيت (عليهم السلام) كانوا يتفانون في سبيل الإسلام سواء كان القائد صالحا أو فاسدا كما يؤكد ذلك تاريخهم الغني بالتضحيات في سبيله، بل لأن الحسين (عليه السلام) لم يكثر الاتصال بمعاوية، ولم يثبت تردده على الشام خلال حكم معاوية، ولو صح اشتراك الحسين كجندي في جيش يقوده يزيد بن معاوية لأذاعته اجهزة الأمويين بكل وسائلها، ولما خفي على أحد من المؤرخين، في حين أن أكثرهم لم يذكره مع المشتركين في تلك الغزوة بل لم يذكره في عداد المشتركين فيها سوى ابن كثير وابن عساكر كما ذكرنا ومجرد ذلك لا يكفي لإثبات أمر من هذا النوع كما وأن إهمال أكثر المؤرخين لذلك لا يصلح لأن يكون دليلا على العدم ما لم يقترن ببعض القرائن والملابسات.