أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-05-2015
1966
التاريخ: 6-05-2015
1768
التاريخ: 2024-09-27
197
التاريخ: 2024-09-27
195
|
هو تفسير يذهب قائله الى استخراج جملة العلوم القديمة والحديثة من القرآن ، ويرى في القرآن ميداناً يتسع للعلم الفلسفي والإنساني في الطب والتشريح والجراحة والفلق والنجوم والهيئة وخلايا الجسم واصول الصناعات ومختلف المعادن ، فيجعل القرآن مستوفياً بآياته لهذه الحيثيات ، ويحكم الاصطلاحات العلمية في القرآن ويجتهد في استخراج هذه العلوم (1) .
وقد يعبّر عن التفسير العلمي بربط الحقائق العلمية الثابتة للعوالم الكونية والطبيعية المختلفة بمعاني الآيات القرآنية بدلالة الألفاظ اللغوية على المعاني في المشهور من المأثور والمعهود في اللغة (2) .
وهذا غير استخراج جملة العلوم القديمة والحديثة من القرآن ، وفرق واضح بينهما؛ لأن الأول : يعتقد بتضمن القرآن لجميع هذه العلوم من حيث هي علوم ومعارف ، والثاني : يعتقد أن القرآن حين تناول مظاهر الكون عامة من الشمس والقمر والنبات والمطر ، لم يتناولها ليعطينا قواعد علمية عن هذه الأشياء ، ولكن ليلفت النظر الى الدليل النظري الذي يدل على عظمة الله جل شأنه ، ولن نستطيع أن نلفت النظر إن لم نطّلع على العلوم والمعارف ، إذ في ضوئها نفهم كثيراً من أسرار القرآن .
وبعد هذا نقول : لقد اتسم التفسير العلمي للقرآن في العصور المختلفة بظهور باحثين ربطوا الآيات القرآنية بنظريات علمية متغيرة ، واستفاضوا في أغرابهم بتفسير الآيات القرآنية مقمحة مع البحوث العلمية العامة ، وكأنهم مصرون على ربط كل ما توصل اليه العلم في حقول الظنيات بالقرآن الكريم الذي هو كتاب الهداية والاعجاز .
وذهب آخرون بسبب هذا الاسراف والشطط والأغراب الى أن ينحوا باللائمة على هذا المنهج ، ويبيّنوا آثاره الفكرية السيئة على تفسير القرآن .
وممن نهج هذا المنهج من السلف (الغزالي) في جواهر القرآن ، و(الفخر الرازي) في التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) ، و(الزركشي) في البرهان و(السيوطي) في الاتقان (3) ، و(أبو الفضل المرسي) في تفسيره (4) .
وفي العصر الحديث خاصة – حيث تقدم العلم تقدماً واضحاً وأعجب الناس بثمراته – قد راج لدى جمع من المفسرين ، منهم الاسكندراني في (كشف الأسرار النورانية) والطنطاوي في (الجواهر) وغيرهما .
انقسم الباحثون في العصر الحديث الى فريقين :
فريق منع التوسع في التفسير العلمي والجري وراء النظريات العلمية القابلة للتغيير ، والاقتصار على الحقائق العلمية وقواعد البحث العلمي .
وفريق آخر ظن أن التوسع في التفسير العلمي سبب في تقوية إيمان الناس بالقرآن الكريم ، ولهذا غلب على تفاسيرهم وبحوثهم القرآنية صبغة النظريات العلمية والقوانين الطبيعية ، ويحكّم الاصطلاحات العلمية على القرآن ويجتهد في استخراج هذه العلوم من القرآن .
وبعد هذه المقدمة الموجزة حول المنهج العلمي وذكر أنصاره ، نقول :
إنّ القرآن الكريم كتاب هداية ، والغاية من القرآن الكريم هو أن يكون موجّهاً روحياً يربط الناس بالملأ الأعلى ويعرّفهم بالله تبارك وتعالى ، ولم ينزل ليكون كتاباً علمياً يتناول الحقائق العلمية ، كما تناولته الكتب الاختصاصية ، والموضعية في عرضه لآيات تتعلق بها مسائل علمية كالمظاهر من الشمس والقمر والنبات والمطر وخلق الانسان والحيوانات و . . حتى ليخبر عن كيفية تكوين الأرض والسماء والطب و . . أو ليعطينا قواعد علمية عن هذه الأشياء . بل إن القرآن الكريم حينما يتناول مظاهر الكون لكي يلفت النظر الى أن هذا الكون الدقيق الصنع هو من صنعه وإيداعه وتكوينه تبارك وتعالى ، وأن الذي خلق الأرض وما عليها من عجائب وغرائب ، وتفرد بعلمه وعظمته والوهيته لا يصح أن يعبد معه أحد سواه . وأن الله يبيّن لنا هذه الموضوعات ليلفت النظر الى الدليل النظري الذي يدل على عظمته جل شأنه .
ومع هذا كله نجد أن القرآن الكريم قد تناول بعض الحقائق العلمية بأسلوب في غاية الروعة والبلاغة حتى يتيقن العلماء بأن هذا الطرح للحقائق فوق مستوى عقولهم ، فانه قد أتى بنواميس علمية تجعل الانسان يعجب ويدهش خصوصاً إذا سمعها من نبي عربي أمي أتى بهذا الكتاب المعجز في عصور الجهل والظلام وقبل خمسة عشر قرناً (5) .
فالصحيح الذي يمكن أن يذهب اليه في التفسير العلمي ، هو الاستفادة من تطور العلوم والمعارف في فهم كثير من الآيات الكونية والنفسية في القرآن الكريم ، فيحاول في كشف مدلول الآية ، أو تفسير آية قرآنية بحقيقة علمية أو نظرية علمية محددة المعالم ، كما أكد جمع من المدققين منهم : الدكتور محسن عبد الحميد ، حيث قال : (التفسير العلمي للقرآن يمكن أن يتخذ مظهرين :
أولهما : تسخير الحقائق العلمية في كشف مدلول الآية القرآنية ، فاحتمال الخطأ هنا غير قائم ، على سليل المثال قوله تعالى : {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [طه : 50] ، فاذا جئنا فسخرنا علم الحياة كلها في تفسير هذه الآية ، وبيان عظمة الخلق الإلهي ودقته كان حسناً ومفيداً جداً؛ لأننا سنبيّن هنا سر الإعجاز في هذه الآية الكريمة ، فنحن نتحدث فقط عن تفاصيل خلق الكائنات وسبل الهداية المتنوعة الدقيقة والعجيبة الي زود الله تعالى بها تلك الكائنات . ولم ندع أن القرآن فيه تفاصيل علم الكائنات ، لأنه من المعلوم أن تلك التفاصيل متروكة للعقل يكتشف فيها قوانين الحياة الدقيقة المتنوعة المترابطة عبر الزمان والمكان .
وثانيهما : تفسير آية قرآنية بحقيقة علمية ، أو نظرية علمية محددة المعالم ، ففي قوله تعالى : {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد : 41] . ، لا يمكن أن نقطع بأن الآية تدل دلالة قطعية على كروية الأرض ، أو هي المعنى المقصود من الآية ، لعدم قيام الدليل القطعي على ذلك ، لا من منطوق الآية ولا من مفهومها ، ولكن نستطيع أن نقول إنه من الاحتمالات أن تكون كروية الأرض ضمن معنى الآية الكريمة .
فاذا جاء المفسر فادّعى أن المقصود بمعنى الآية تلك النظريات أخطأ في مدّعاه ، وإذا قال : ليس بعيداً أن يكون ذلك المعنى هو المراد ، كان الاحتمال في صدق مدّعاه قائماً ، وحينئذ لم يفعل شيئاً إلا أنه استأنس بتلك النظريات في إلقاء الضوء على معنى الآية ، فإذا أخطأ في التفسير لبطلان تلك النظريات في يوم من الأيام ، كان الخطأ خطأ في التفسير ، وليس بطلاناً لمعنى القرآن الكريم في آية من آياته (6) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أمين الخولي ، مناهج تجديد/ 287
2- مجلة كلية الآداب جامعة بغداد عبد القهار داود عبد الله العاني ، التفسير العلمي معالمه وضوابطه ، العدد السادس والعشرون/ 181 .
3- الزركشي ، البرهان في علوم القرآن ، 2/ 25 ، والسيوطي ، الاتقان ، 2/ 271 (النوع 65) ، وجواهر القرآن/ 32 ، ومفاتيح الغيب ، 14/ 121
4- التفسير والمفسرون ، 2/487 .
5- الشهيد حسن البنا ، نظرات في القرآن/ 23 ، وأنظر أيضاً من موارده : أبي حجر ، التفسير العلمي في الميزان/ 212 .
6- تطور تفسير القرآن الكريم/ 226 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|