أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-2-2016
3070
التاريخ: 23-5-2017
6422
التاريخ: 8-5-2017
2095
التاريخ: 23-4-2019
2592
|
إن الغرض من بناء الحياة الزوجية تكوين وحدة اجتماعية صالحة قوامها التوافق والتعاطف والتراحم بين الزوجين واستثمارها بالنسل وتربية الأولاد والعناية بهم. ولكن قد تصبح الحياة الزوجية الهانئة بالشقاق والنزاع والخلافات المستمرة، جحيما وبلاء، اذ أن بالشقاق أي الخلاف بين الزوجين يؤدي الى الأضرار الكبيرة بهما ويتعداه الى الأولاد، ويتعذر معه استمرار تلك العلاقة التي وصفها القرآن بالميثاق الغليظ (1). ويقرر الله تعالى حكم الشقاق في محكم كتابه الكريم بقوله: { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا أَن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا أَن اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا } (2) . يطلق هذا المفهوم عند علماء اللغة ويراد منه التفريق والخلاف، وأنه مشتق من الشق، وهو نصف الشيء، وعليه يكون الشقاق هو : غلبة العداوة ،والخلاف بدليل الاستعمال القرآني في قوله تعالى: (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) (3) وهو مصدر على وزن (فعال) بالكسر. وقال ابن منظور: هو - أي الشقاق - العداوة بين فريقين، سمي ،شقاقا ، لأن كل طرف قصد شقا، أي ناحية غير شق صاحبه (4).
والشقاق في اللغة "مأخوذ من فعل ما يشق ويصعب، فكأن كل واحد من الفريقين يحرص على ما يشق به على صاحبه، وأصل الشقاق أن يأخذ كل واحد منهما غير شق صاحبه أي ناحية غير ناحيته وقيل الشقاق المنازعة وقيل المجادلة، وقيل المخالفة والتعادي (5)
أما في الاصطلاح فهو يطلق عند الفقهاء ويراد منه: "النزاع الشديد المستمر بين الزوجين لدرجة يتعذر معه استمرار العلاقة الزوجية الطيبة، باعتبار أن آثاره ولدت كراهة وتباغضا مستحكما، وعليه عجز الحكماء عن رفعه بينهم، وهو هو يتم بأسباب كثيرة يحددها العرف والتي منها الضرب المبرح أو الشتم المقذع، أو الطعن بالكرامة، فعندئذ يتحقق التجريح إما بالقول أو بالفعل، ويحدث باستمراره نوع من الفجوة المؤدية إلى القطيعة والمحدثة للكراهة المانعة من استمرار الحياة الكريمة وهي العلة في تحققه ولا اعتبار بالمصاديق الخارجية المظهرة للشقاق والتي تتبدل بحسب تغير الأزمان وعليه يكون الضابط هو العرف في أن هذا اللفظ محقق للطعن و الإهانة أو لا يحقق" (6).
قد اتفق الفقهاء على بعض أحكام الشقاق، واختلفوا في أخرى (7)، وكما يأتي:
أولاً: موضع الاتفاق: اتفق الفقهاء على جواز بعث الحكمين إذا وقع الشقاق بين الزوجين، وجهلت أحوالهما) (8) ، لقوله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) (9) .
ثانياً: موضع الاختلاف : اختلفوا فيما إذا كان للحكمين سلطة التفريق بين الزوجين بناء على طلب الزوجة، وذلك على قولين:
القول الأول: إن مهمة الحكمين الإصلاح بين الزوجين، ولا سلطة لهما في التفريق، إلا أن يكونا وكيلين عن الزوجين، وهذا ما ذهب إليه الحنفية والشافعية (10)، واستندوا على الاصلاح بالقرآن والمعقول: ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا أَن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا أَن اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا )(11) . ووجه الدلالة أن الله تعالى لم يُضيف الى الحكمين إلا الاصلاح، وهذا مقتضى أن يكون ما وراء الاصلاح غير مفوض إليهما(12).
وكذلك بالمعقول أن ليس للحاكم أن يطلق، ولا يبرئ من مالها، فلا يكون ذلك لنائبه؛ لأن البضع حق الزوج، والمال حق الزوجة وهما ،رشيدان فلا يجوز لغيرهما التصرف فيه إلا بتوكيل منهما (13).
القول الثاني: على الحكمين أن يجتهدا في الإصلاح ما أمكن، فإن تعذر ذلك، فرقا بينهما بعوض وغير عوض ، ولا يحتاجان إلى توكيل الزوجين أو رضاهما، وهذا ما ذهب إليه المالكية، والشافعي في مقابل الأظهر، وأحمد في الرواية الثانية (14)، واستدلوا بالقرآن والاثر والمعقول: أما القرآن ففي نفس الآية (35) من سورة النساء إن تعالى سماهما حكمين، ولم يعتبر رضى الزوجين؛ لأنهما حكمان لا وكيلان عمن بعثهما، ولا شاهدان (15).
كما استدلوا بالأثر ؛ إذ روى أبو بكر بإسناده عن عبيده السلماني، أن رجلاً وامرأة أتيا الامام علي (عليه السلام)، مع كل واحد منهما فئام من الناس، فقال الامام علي ال ابعثوا حكماً من أهله، وحكماً من أهلها فبعثوا للحكمين: هل تدريان ما عليكما من الحق؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، حكمين، ثم قال علي الله وإن رأيتما أن تفرقا ،فرقتما، فقالت المرأة : رضيت بكتاب الله على ولي فقال الرجل : أما الفرقة فلا ، فقال علي : كذبت حتى ترضى بما رضيت به (16). اذ يتمثل وجه الدلالة في قول الامام علي الله كذبت بما ترضى حتى رضيت به ما يدل على أنه أجبره على ذلك، فلا يتوقف حكم الحكمين على إذن الزوجين أو رضاهما.
وأما المعقول فلا يمتنع أن تثبت الولاية على الرشيد عند امتناعه عن اداء الحق، كما يقضي الدين عنه ماله إذا امتنع ، ويطلق الحاكم على المولى إذا امتنع (17).
وبالرجوع الى المشرع العراقي نجد احكام التفريق قد بينتها المادة 41 و 42 من قانون الاحوال الشخصية وذلك بأن اوجبت على القاضي ، حينما يتقدم إليه أحد الزوجين طالبا التفريق للشقاق والخلاف أن يتحقق أولاً من أسباب الخلاف، ويبذل جهده في اصلاحه ويحاول قدر الامكان ازالتها، وتأجيل الدعوى مدة مناسبة – حيث لا يصح التسرع في هدم الأسرة – وهذا ما أشارت إليه الفقرة (2) من المادة (41) بقولها (على المحكمة اجراء التحقيق في أسباب الخلاف... ) بالاستماع الى البينات أو تدقيق أضابير الدعاوي المقامة أو جلب أوراق الدعاوي في محاكم أخرى وهكذا. ومن المعلوم بداهة أنه يقتضي تكليفه المدعي بيان ماهية الشقاق والوقائع التي يتضرر منها، واعطاء المجال للطرف الآخر للإجابة عنها تصديقا أو نفيا فاذا ثبت للقاضي استمرار الشقاق وتعذر عليه اصلاح ذات البين وجب على القاضي اتباع الاجراءات التي رسمتها المادة (41) للتفريق للشقاق وهي (18):
أن يطلب القاضي منهما تعين حكمين من أهل الزوجين أي حكما من أهل الزوجة وحكما من أهل الزوج - أن وجدا - واذا تعذر تكلف المحكمة الزوجين فانتخاب حكمين من اقاربهما أو من غير الأهل من يتوسم فيه القدرة على الاصلاح، وقال تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فقد أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } (19) ، وان لم يقم الزوجان بانتخاب الحكمين انتخبتهما، فإن اختلف الحكمان في تحديد نسبة التقصير عين لهما القاضي حكماً ثالثاً.
وينبغي ملاحظة أنه يجب حضور الزوجين بالذات أمام المحكمة لانتخاب الحكمين لأنه لا يجوز للوكيل ذلك تطبيقا لنص الفقرة (2) من المادة (39) من القانون التي نصت على أن لا يعتد بالوكالة في اجراءات التحكيم - وأول هذه الإجراءات انتخاب الحكم. ولا بد من ملاحظة، أنه للمحكمة تحليف الحكمين اليمين على أن يقوما بمهمتهما بعدل وأمانة، وتفهم أسباب الخلاف والشقاق وتقصيهما والعمل على ازالتها وضرورة بذل جهودهما من خلال جمع الطرفين في مقابلة عائلية وتقصي الحقائق ويأمرائهما بحسن المعاشرة وتوجيه الحكمين بأن لا يتسرعا في إنهاء مهمتهما، ولا يماطلا، وأن يعملا على تقصي أسباب الخلاف وازالته وتحديد من هو المسيء من الزوجين ونسبة التقصير بحياد، فإن تعذر عليهما ذلك، رفعا الأمر إلى القاضي موضحين له الطرف الذي يثبت تقصيره من خلال التقارير التي تقدم. وهذه الاجراءات نصت عليها الفقرات (1 و 2 و 3) من المادة (41) من القانون(20).
فيما تقوم وحدات البحث الاجتماعي في محاكم الأحوال الشخصية بدورها في حل الخلافات العائلية والتوفيق بين أطراف الدعوى من خلال استنباط العوامل المحركة والدافعة الى ارتكاب السلوك أو التصرف غير المشروع، والتي يستخلصها الباحث أو الباحثة الاجتماعية من ظروف القضية. وعليه، فإذا فشلت مساعي الصلح أيضا، ومساعي الحكمين المعينين والحكم الثالث وثبت للقاضي استمرار الخلاف والشقاق بين الزوجين، وعجزت المحكمة عن الاصلاح بينهما، وامتنع الزوج عن التطليق، حكمت المحكمة بالتفريق بينهما معتمدة التقارير التي حددت مدى التقصير ومصدره.
وهذا ما أوضحته الفقرة (4 / أ) من المادة ذاتها إذا ثبت للمحكمة استمرار الخلاف بين الزوجين وعجزت عن الإصلاح بينهما وامتنع الزوج عن تطليق فرقت المحكمة بينهما.
1- إذا كان التقصير من جانب الزوجة، وتم التفريق بعد الدخول، يسقط المهر المؤجل، فإذا كانت الزوجة قد قبضت جميع المهر، يحكم عليها برد ما لا يزيد على نص المهر للزوج .
2- إذا كان التقصير من جانب الزوج فلها المهر المؤجل كله.
3- إذا كان التقصير واقعاً من الزوجين كان التطليق بقسمة المهر المؤجل بينهما، أن كان الضرر الواقع من كل منهما على الآخر متكافئاً ، وبنسبة التقصير المنسوب لكل منهما (21) إذا كان الضرر متفاوتاً. فلو قال الحكمان أن نسبة التقصير من قبل الزوجة (30%) وتبيين أن مؤجل مهرها ثلاثة آلاف دينار فتسقط المحكمة (900) دينار منه .
4- إذا كان التقصير من جانب الزوجة، وتم التفريق قبل الدخول، فإذا تبين للحكمين أن الإساءة والتقصير من جانب الزوجة ألزمت برد ما قبضته من المهر المعجل .
5- إذا كان التقصير من جانب الزوج فلها نصف مهرها.
_____________
1- المادة (41) قانون الاحوال الشخصية العراقي.
2- سورة النساء (الآية 30) .
3- سورة الحج، الآية( 53)
4- هادي حسين هادي الكرعاوي، التفريق القضائي دراسة مقارنة ، بحث منشور في مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية مح 2 ع 4 2010 ص 120.
5- أميرة محمد مغازي محمود أحكام الشقاق بين الزوجين في ضوء الشريعة الاسلامية، كلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية، مج1 ، ع 33، 2017، ص311.
6- هادي حسين هادي الكرعاوي، التفريق القضائي دراسة مقارنة ، بحث منشور في مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية مح 2 ع 4 2010 ص 120-121.
7- ماهر أحمد السوسي، التفريق القضائي بين الزوجين رسالة ماجستير، كلية الشريعة في الجامعة الاسلامية غزة - فلسطين، 2004، ص 161-164.
8- كمال ابن الهمام، فتح القدير، المصدر السابق، ج4، ص244 ابو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج2، دار الحديث، القاهرة - مصر، 1425هـ - 2004م ، ج3، ص185.
9- سورة النساء الآية (35).
10- ابو محمد موفق الدين عبد الله بن محمد قدامة المقدسي الدمشقي الحنبلي، المغني، ج10، مكتبة القاهرة، 1388هـ - 1968م ، ج10، ص 264. شمس الدين محمد بن محمد الخطيب الشربيني مغني المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج، ج3، ط1، 3، دار الكتب العلمية، تحقيق علي محمد معوض - عادل احمد عبد الموجود ، 1415هـ - 1994م ، ص261.
11- سورة النساء، (الآية 35).
12- أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين النسفي مدارك التنزيل وحقائق التأويل، ج1، ط1، حققه وخرج أحاديثه يوسف علي بديوي، دار الكلم الطيب، بيروت، 1419هـ - 1998م، ص329. 1ج/329. محمد علي الصابوني، روائع البيان تفسير آيات الأحكام 1ج1 ، ط3، مكتبة الغزالي، دمشق، 1400هـ - 1980م، ص 472.
13- كمال ابن الهمام، فتح القدير، خرج أحاديثه عبد الرزاق المهدي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1995، ، ج4، ص244.
14- شمس الدين الشيخ محمد عرفة الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، دار احياء الكتب العربية، بلا مكان طبع، بلا سنة طبع ، ج3، ص211. محمد عليش، منح الجليل شرح مختصر ،خلیل ج 3 ، ،ط1 ، دار الفكر ، بيروت، 1404هـ - 1984م، ص 548. شمس الدين محمد بن محمد الخطيب الشربيني مغني المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج، ج3، ط1، 3، دار الكتب العلمية، تحقيق علي محمد معوض - عادل احمد عبد الموجود ، 1415هـ - 1994م ، ج3، ص261.
15- اسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، ج 1 ، ط1، دار الكتب العلمية، 1419هـ ، ص505. ابو محمد موفق الدين عبد الله بن محمد قدامة المقدسي الدمشقي الحنبلي، المغني، مكتبة القاهرة، 1388هـ - 1968م ، ج10، ص264.
16- ابو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني، المصنف، ( مصنف عبد الرزاق ) تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي ط2 المكتب الإسلامي بيروت لبنان 1403- 1983، ج 6، ص512.
17- ابو محمد موفق الدين عبد الله بن محمد قدامة المقدسي الدمشقي الحنبلي، المغني، ج10، مكتبة القاهرة، 1388هـ - 1968م ، ج10، ص264.
18- المادة (41) قانون الاحوال الشخصية العراقي.
19- سورة البقرة، الآية( 268).
20- الفقرة (3،2،1) المادة (41) ، قانون الاحوال الشخصية العراقي.
21- قرار 1700/ شخصية / 83-1984 في 1984/2/7 ، مجموعة الأحكام العدلية الأعداد (1 و 2 و 3 و 4) لسنة 1984.
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تطلق فعاليات المؤتمر العلمي لمهرجان روح النبوة الثقافي النسوي العالمي السابع
|
|
|