المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6191 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


ما ينبغي من الدعاء  
  
94   02:43 صباحاً   التاريخ: 2024-09-13
المؤلف : الشيخ محمد مهدي الآصفي
الكتاب أو المصدر : الدعاء عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص129-156
القسم : الاخلاق و الادعية / أدعية وأذكار /

لنبدأ بالسؤال الأوّل : « ما ينبغي أن نطلب من الله تعالىٰ في الدعاء ».

إن الدعاء هو حاجة العبد الىٰ الله تعالىٰ.

ولا حدّ لفقر العبد وحاجته كما لا حدّ لغنیٰ الرب وسلطانه وكرمه ، واجتماع هاتين غير المتناهيتين هو الدعاء : عدم تناهي حاجة العبد ، وعدم تناهي غنیٰ الله تعالیٰ وكرمه.

فلا نفاد لخزائن ملكه ، ولا حدّ لسلطانه وقوته ، ولا حدّ لجوده وكرمه ، ولا حدّ لفقر العبد وحاجته وضعفه وقصوره وتقصيره.

ومن خلال هذا الوجه نحاول أن نعرف ماذا نطلب من الله تعالىٰ في الدعاء.

أولاً : الصلاة علىٰ محمّد وآل محمّد في الدعاء :

اهم نقطة في الدعاء ، بعد الحمد والثناء علىٰ الله تعالىٰ هو الصلاة علىٰ محمّد وآل محمّد أولياء أمور المسلمين. وتحتل الصلاة علىٰ رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) وأهل بيته مساحة واسعة جداً من الأدعية ، وقد ورد في النصوص الاسلامية تركيز وتأكيد كبيران علىٰ هذه الصلوات. ولهذا الاهتمام سبب واضح ، فإن الله تعالىٰ يريد أن نجعل من الدعاء وسيلة لارتباط المسلمين بأولياء أمورهم ، واعتصامهم بحبل الولاء الذي جعله الله تعالىٰ عصمة للمسلمين. والصلوات من أهم أسباب هذا الارتباط النفسي ، فإن حلقات الولاء ممتدة بين الله تعالىٰ وعباده ، وولاء رسول الله وأهل بيته من أهم هذه الحلقات.

ويقع الولاء لرسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) في امتداد الولاء لله ، والولاء لأهل البيت (عليهم ‌السلام) امتداد الولاء لرسول الله ، وتأكيد هذا الولاء وتعميقه من تأكيد الولاء لله ، ومن تعميق الولاء لله تعالىٰ وتثبيته. وهذا باب واسع من المعرفة لا يمكن ايجازه في هذا الموضع ولا يمكن أن نبسط الكلام فيه ، كما ينبغي ، ولعل الله تعالىٰ يوفقني للحديث عن هذه النقطة الهامة والحساسة في الثقافة الاسلامية ، وفي تكوين الامة الاسلامية في موضع آخر.

وقد ورد في النصوص الاسلامية تأكيد بليغ وكثير علىٰ ذلك. وفيما يلي نورد بعض النصوص ذات العلاقة بهذا الموضوع.

واعظمها نص من كتاب الله. يقول تعالىٰ : ( إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ([1]).

وروي عن رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم): «الصلاة عليّ نور علىٰ الصراط» ([2]).

وعنه (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم): «إن أبخل الناس من ذكرت عنده، ولم يصلّ عليّ»([3]).

وروىٰ عبدالله بن نعيم ، قال : « قلت لأبي عبدالله (عليه ‌السلام) : إني دخلت البيت، ولم يحضرني شيء من الدعاء إلّا الصلاة علىٰ محمّد وآله. فقال : أما إنه لم يخرج أحد بأفضل مما خرجت به ».

وعن الباقر والصادق (عليه ‌السلام) : « اثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الصلاة علىٰ محمّد وعلىٰ أهل بيته » ([4]).

وعن أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) برواية الشريف في نهج البلاغة : « إذا كان لك الىٰ الله سبحانه حاجة فابدأ بمسألة الصلاة علىٰ رسوله (صلى ‌الله عليه ‌وآله ‌وسلم) ثم سل حاجتك ؛ فإن الله اكرم من أن يسأل حاجتين ، فيقضي إحداهما ويمنع الأخرىٰ » ([5]).

والدعاء للانبياء والمرسلين وأوصيائهم من هذا الدعاء.

وقد ورد الصلاة والسّلام علىٰ الأنبياء وأوصيائهم عموماً ، أو علىٰ نحو التشخيص والتعيين والتسمية كثيراً في نصوص الأدعية المأثورة عن أهل البيت ، ومن ذلك الدعاء الوارد في (عمل أمّ داود) في الأيّام البيض من شهر رجب ، وهو دعاء مروي عن الامام الصادق.

نموذج من الصلاة علىٰ محمّد وآل محمّد :

وهو من أدعية الصحيفة السجادية : « ربّ صلّ علىٰ محمّد وآل محمّد ، المنتجب ، المصطفیٰ ، المكرّم ، المقرّب أفضل صلواتك وبارك عليه أتمّ بركاتك ، وترحم عليه امتع رحماتك.

ربّ صلّ علىٰ محمّد وآله صلاة زاكية ، لا تكون صلاة ازكىٰ منها ، وصلّ عليه صلاة نامية ، لا تكون صلاة انمىٰ منها ، وصلّ عليه صلاة راضية ، لا تكون صلاة فوقها، ربّ صلّ علىٰ محمّد صلاة ترضيه ، وتزيد علىٰ رضاه ، وصلّ عليه صلاة ترضيك ، وتزيد علىٰ رضاك ، وصلّ عليه صلاة لا نرضىٰ له إلّا بها ، ولا ترىٰ غيره لها أهلاً ... ربّ صلّ علىٰ محمّد وآله صلاة تنتظم صلوات ملائكتك وانبيائك ورسلك وأهل طاعتك ».

ثانياً : الدعاء للمؤمنين :

وهو من أعظم مطالب الدعاء بعد حمد الله تعالىٰ وثنائه وبعد الصلاة علىٰ محمّد وآله والانبياء واوصيائهم ، وهذا الدعاء من أهم أبعاد (الدعاء) فهو يربط الفرد المسلم بالامة المسلمة في عمق التاريخ وعلىٰ وجه الارض ، كما أن الصلاة علىٰ محمّد وآله تربط المؤمن بحبل الولاء النازل من عند الله.

وهذه العلاقة التي ينسجها الدعاء بين الفرد والامة من جانب ، وبين الفرد والافراد الذين يتعامل معهم ويرتبط بهم بنحو من الانحاء من أفضل أنواع العلاقة ؛ لأنّ هذه العلاقة تتكون بين يدي الله ، وفي امتداد العلاقة بالله ، ولا يعرفها أحد إلّا الله ، وهي استجابة لدعوة الله تعالىٰ.

وهذا الدعاء يأتي علىٰ نحوين : علىٰ نحو التعميم من غير تسمية وتشخيص ؛ وعلىٰ نحو التخصيص والتسمية. ونتحدث نحن إن شاء الله عن كلّ منهما :

أ ـ التعميم في الدعاء للمؤمنين :

وهو دعاء يحبه الله تعالىٰ ، ويستجيب له ، كما يستجيب لما يليه ويلحقه من الأدعية ، فإن الله تعالىٰ اكرم من أن يبعض في الاستجابة ، فيستجيب لبعض الدعاء ويرد بعضاً.

وهذا اللون من الدعاء لعموم المؤمنين الحاضرين ، والذين سبقونا بالايمان ، يشعر المؤمن بالارتباط التاريخي والفعلي (العمودي والافقي) بالاسرة المؤمنة في التاريخ ، وعلىٰ وجه الأرض ، وبوحدة هذه الاسرة ، وبالعلاقة الوشيجة والقوية التي تربطنا بهذه الاسرة ، ويكون للدعاء في حياتنا بعدان : البعد الاول منهما يربطنا بالله تعالىٰ ، والبعد الثاني يربطنا بالامة المسلمة ممّن آمن بالله تعالىٰ في اعماق التاريخ وعلىٰ وجه الارض.

وقد ورد في النصوص الاسلامية تأكيدات بليغة علىٰ هذا اللون من الدعاء وورد أن الله تعالىٰ يثيب صاحب الدعاء بعدد كل مؤمن يشمله دعاؤه بالحسنات ، وأن كل مؤمن يشمله هذا الدعاء يشفع له يوم القيامة بين يدي الله تعالىٰ ، عندما يأذن سبحانه للصالحين من عباده بالشفاعة للمذنبين منهم.

عن أبي عبدالله الصادق ، قال : قال رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) : « ما من مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات إلّا ردّ الله عليه مثل الذي دعا لهم به من كل مؤمن ومؤمنة ، مضىٰ من أوّل الدهر ، أو هو آت الىٰ يوم القيامة.

وإن العبد ليؤمر به الىٰ النار يوم القيامة فيسحب ، فيقول المؤمنون والمؤمنات : يا رب ، هذا الذي كان يدعو لنا فشفّعنا فيه ، فيشفّعهم الله عزّوجلّ ، فينجو » ([6]).

وعن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) : قال : « من قال كل يوم خمساً وعشرين مرّة : اللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، كتب الله له بعدد كل مؤمن مضىٰ ، وبعدد كل مؤمن ومؤمنة بقي الىٰ يوم القيامة حسنة ، ومحا عنه سيئة ، ورفع له درجة » ([7]).

وعن أبي الحسن الأوّل (عليه ‌السلام) أنه كان يقول : « من دعا لإخوانه من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وكّل الله به عن كل مؤمن ملكاً يدعو له » ([8]).

وعن أبي الحسن الرضا (عليه ‌السلام) : « ما من مؤمن يدعو للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، الاحياء منهم والأموات ، إلّا كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة ، منذ بعث الله آدم الىٰ أن تقوم الساعة » ([9]).

عن الامام الصادق (عليه ‌السلام) عن آبائه (عليهم ‌السلام) عن رسول الله (صلى الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) : « ما من مؤمن أو مؤمنة ، مضى من أوّل الدهر ، أو هو آت الىٰ يوم القيامة ، إلّا وهم شفعاء لمن يقول في دعائه : اللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، وإن العبد ليؤمر به الىٰ النار يوم القيامة ، فيسحب فيقول المؤمنون والمؤمنات : يا ربنا ، هذا الذي كان يدعو لنا فشفّعنا فيه ، فيشفّعهم الله ، فينجو » ([10]).

وعن أبي الحسن الرضا (عليه ‌السلام) قال : « ما من مؤمن يدعو للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات ، إلّا ردّ الله عليه من كل مؤمن ومؤمنة حسنة منذ بعث الله آدم الىٰ أن تقوم الساعة » ([11]).

وعن الصادق (عليه ‌السلام) عن آبائه (عليهم ‌السلام) عن رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله): « ما من عبد دعا للمؤمنين والمؤمنات إلّا ردّ الله عليه مثل الذي دعا لهم من كل مؤمن ومؤمنة ، مضىٰ من أوّل الدهر ، أو هو آت الىٰ يوم القيامة. إن العبد ليؤمر به الىٰ النار يوم القيامة ، ويسحب ، فيقول المؤمنون والمؤمنات : يا ربنا ، هذا الذي كان يدعو لنا فشفّعنا فيه ، فيشفّعهم الله ، فينجو من النار » ([12]).

وعن أبي عبدالله الصادق (عليه ‌السلام) عن رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله وسلم) : « إذا دعا احدكم فليعمّ ؛ فإنه اوجب للدعاء » ([13]).

وعن أبي عبدالله الصادق (عليه ‌السلام) : « إذا قال الرجل : اللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم وجميع الأموات ردّ الله عليه بعدد ما مضیٰ ومن بقیٰ من كل انسان دعوة » ([14]).

نماذج من التعميم في الدعاء :

وفيما يلي نذكر نماذج من التعميم في الدعاء من نصوص ادعية أهل البيت (عليهم ‌السلام). من هذه النماذج : « اللّهم أغنِ كل فقير ، اللّهم أشبع كل جائع ، اللّهم اكسُ كل عريان ، اللّهم اقضِ دين كل مدين ، اللّهم فرج عن كل مكروب ، اللّهم ردّ كل غريب ، اللّهم فك كلّ أسير ، اللّهم أصلح كل فاسد من امور المسلمين ، اللّهم اشف كل مريض ، اللّهم سدّ فقرنا بغناك ، اللّهم غير سوء حالنا بحسن حالك ، وصلّ اللّهم علىٰ محمّد وآله الطاهرين ».

ومن هذه النماذج : « اللّهم وتفضل علىٰ فقراء المؤمنين والمؤمنات بالغنىٰ والثروة ، وعلىٰ مرضىٰ المؤمنين والمؤمنات بالشفاء والصحة ، وعلىٰ أحياء المؤمنين والمؤمنات باللطف والكرامة ، وعلىٰ أموات المؤمنين والمؤمنات بالمغفرة والرحمة ، وعلىٰ مسافري المؤمنين والمؤمنات بالرد الىٰ أوطانهم سالمين غانمين ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، وصلّى الله علىٰ سيدنا محمّد خاتم النبيين وعترته الطاهرين وسلّم تسليماً كثيراً ».

ومن ادعية الصحيفة السجادية للامام زين العابدين (عليه ‌السلام) : « اللّهم وصل علىٰ التابعين من يومنا هذا والىٰ يوم الدين ، وعلىٰ ازواجهم ، وعلىٰ ذرّياتهم ، وعلىٰ من اطاعك منهم ، صلاة تعصمهم بها من معصيتك ، وتفسح لهم في رياض جنتك ، وتمنعهم بها من كيد الشيطان ، وتعينهم بها علىٰ ما استعانوك عليه من برّ ، وتقيهم طوارق الليل والنهار إلّا طارقاً يطرق بخير».

الدعاء لحماة ثغور بلاد المسلمين :

ومن هذه النماذج الدعاء لحياة ثغور بلاد المسلمين وهو من ادعية الصحيفة السجادية : « اللّهم صلّ علىٰ محمّد وآله ، وحصّن ثغور المسلمين بعزتك ، وأيّد حماتها بقوتك ، وأسبغ عطاياهم من جدتك ، اللّهم صلّ علىٰ محمّد وآل محمّد ، واشحذ اسلحتهم ، واحرس حوزتهم وامنع حومتهم ، وألّف جمعهم ودبر امرهم ، وواتر بين ميَرِهم ، وتوحّد بكفاية مؤنهم ، واعضدهم بالنصر ، وأعنهم بالصبر ، والطف لهم بالمكر.

اللّهم صلّ علىٰ محمّد وآله ، وعرّفهم ما يجهلون ، وعلّمهم ما لا يعلمون ، وبصّرهم ما لا يبصرون ».

ومن الدعاء للمجاهدين الرساليين من المسلمين ، وهو من أدعية الصحيفة السجادية : « اللّهم وأيّما مسلم أهمه أمر الاسلام ، وأحزنه تحزّب أهل الشرك عليهم ، فنوىٰ غزواً ، أو همّ جهاد ، فقعد به ضعف ، أو أبطأت به فاقه ، أو أخّره عنه حادث أو عرض له دون ارادته مانع فاكتب اسمه في العابدين ، واوجب له ثواب المجاهدين ، واجعله في نظام الشهداء والصالحين ».

ومن الدعاء للمساندين خلف الجبهة ، وهو من أدعية الصحيفة :« اللّهم وأيما مسلم خلف غازياً أو مرابطاً في داره ، أو تعهّد خالفيه في غيبته أو اعانه بطائفة من ماله ، وأمدّه بعتاد ، أو رعىٰ له من ورائه حرمة ، فأجر له مثل أجره وزناً بوزن ، ومثلاً بمثل ».

الصيغ الثلاثة للدعاء في القرآن

صيغ الدعاء في القرآن ثلاثة :

1 ـ دعاء الفرد لنفسه.

2 ـ دعاء الفرد لغيره.

3 ـ دعاء الجميع للجميع.

وفيما يلي نستعرض هذه الطوائف الثلاثة من الدعاء ، لنتعرف علىٰ أساليب القرآن في الدعاء للمؤمنين.

1 ـ دعاء الفرد لنفسه :

وهو اسلوب معروف من الدعاء ، ونجد في القرآن نماذج من هذا الدعاء علىٰ لسان الانبياء والصالحين ، أو من تعليم الله تعالىٰ لعباده ومن ذلك قوله تعالىٰ :

( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) ([15]).

( رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا ) ([16]).

( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي õ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي õ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي ) ([17]).

( رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ) ([18]).

( رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ) ([19]).

( رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ) ([20]).

( رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ õ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ õ وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ) ([21]).

2 ـ دعاء الفرد لغيره :

وهو نحو آخر من الدعاء له نماذج وشواهد في القرآن ومن ذلك قوله تعالىٰ : ( وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) ([22]).

ومنه دعاء حملة العرش للمؤمنين : ( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ õ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ õ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ([23]).

3 ـ دعاء الجميع للجميع :

وهو أشهر أساليب الدعاء في القرآن. واکثر ادعية القرآن من هذا القبيل ، ومن ذلك قوله تعالیٰ: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ õ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) ([24]).

( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ([25]).

( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ([26]).

( رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) ([27]).

( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) ([28]).

( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) ([29]).

( رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ õ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) ([30]).

( رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ) ([31]).

( رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ) ([32]).

( رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ) ([33]).

( رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ([34]).

 

تحليل وتفسير للنوع الثالث من الدعاء :

وما يعنينا في هذا التقسيم هما النحوان النحو الثاني والثالث ؛ وكلاهما دعاء للمؤمنين ، إلّا أن النحو الثاني من الدعاء دعاء الفرد للجميع ، والنحو الثالث من الدعاء دعاء الجميع للجميع ، وفي هذا النحو من الدعاء :

1 ـ المدعو له هو الجميع ، فلا يدعو الفرد لنفسه ، وإنما يدعو الفرد للجميع ، وقد لا يكون دعاء الفرد لنفسه نافعاً ، كما لو كان البلاء نازلاً علىٰ الجميع (الامّة) فيكون الفرد مشمولاً للبلاء ، حتىٰ لو لم يدخل فيما دخل فيه الآخرون من الظلم ، يقول تعالىٰ : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ).

وفي هذا المجال لا ينفع الفرد دعاؤه واستغفاره لنفسه ، وعليه ان يستغفر ويدعو للجميع ، فإذا رفع الله تعالىٰ العذاب عن الجميع ارتفع عنه أيضاً ( رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ).

2 ـ والداعي أيضاً يمثل الجميع ، وينوب عنهم في هذا الدعاء ، فإن هذا النحو من الدعاء يتصدر غالباً بكلمة (ربنا) ، وكأن الفرد الداعي ينوب عن الجميع في الدعاء للجميع، ولا يعزل الداعي نفسه عن المدعو لهم ، كما في النحو الثاني من الدعاء ، وإنما ينوب عنهم ، ويدعو لهم ، ويحشر نفسه ضمن الجميع الذين يدعو لهم ، وهو من اقرب الدعاء الىٰ الاستجابة.

فإن الله تعالىٰ إما أن يردها جميعاً ، أو يستجيب لبعض دون بعض أو يتقبلها للجميع.

والله تعالىٰ اكرم من أن يردها جميعاً ؛ وليس من شأن الكريم التبعيض في الاستجابة.

فعليه يتعين الفرض الثالث ، وهو الاستجابة للدعاء في حق الجميع.

وأجمل ما في هذا النحو من الدعاء أن الفرد هنا يكون رسولاً عن الجميع الىٰ الله ، ويمثل الجميع ويخاطب الله تعالىٰ باسم الجميع ، ويقول : (ربنا) ، وينوب عن الجميع ويكون رسول الجميع الىٰ الله.

وأجمل من ذلك أن كل واحد منا يمنح لنفسه الحق أن يكون رسولاً عن الآخرين الىٰ الله ، فكلّ منا رسول الناس الىٰ الله تعالىٰ في الدعاء ، وكما أن لله تعالىٰ رسولاً الىٰ الناس كذلك للناس رسل يرفعون تضرعهم وحاجتهم الىٰ بارئهم.

والكل هنا رسول عن الكل ، وينوب عن الكل.

ومن العجب أننا عندما نعيش في هذه الدنيا في السوق والشارع نضع بيننا الحواجز والسدود ، ونفصل بعضنا عن بعض ، ويكون لكل واحد منا حدوده وحقوقه التي لا يتراجع ولا يتنازل عنها ، ولا يمثل احدنا إلّا نفسه ، ولا ينوب عن غيره إلّا بتصريح وإذن ، فإذا صعدنا الىٰ الله بالصلاة والدعاء ، كسرنا هذه الحواجز جميعاً ، ولم يكن احدنا يفصل نفسه عن غيره ، وكان كل واحد منا يمثل الكل. وهذا التمثيل من اروع التمثيل وأجمله (تمثيل الجميع للجميع ، ونيابة الجميع عن الجميع في النطق والنداء والدعاء بين يدي ربّ العالمين).

 

واجمل من ذلك كله أن الله تعالىٰ يقبل هذا التمثيل والنيابة والرسالة عن الجميع من الجميع ، ولا يرده ولا يرفضه ، ويعطي لدعوة الداعي في هذه الحالة قوّة تمثيل الجميع والنيابة عنهم ، فإذا قال احدنا في صلاته : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) فكأنّما رفع الجميع الدعاء للجميع يطلب الهداية من الله.

وناهيك بذلك قيمة للدعاء في هذه الحالة.

فإن كل دعاء لكل واحد منا في كل صلاة يحمل قوّة دعاء الجميع للجميع. والدعاء في مثل هذه الحالة يحمل كفاءة وقوة علىٰ درجة عالية جداً في الاسترحام بين يدي الله.

وأجمل من ذلك كله أن في هذه الادعية ما يجب أن يرفعها كل مسلم الىٰ الله تعالىٰ في كل يوم مرات عديدة من نحو قوله تعالىٰ : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ).

فإن الجميع يمثّل الجميع في الدعاء للجميع ، وهو من عجائب الدعاء في حساب الرياضيات ، فإنه يعود الىٰ تمثيل الكل للكل في الدعاء للكل ، ولنتأمل مرة اخرىٰ في قيمة هذا الدعاء.

إن الدعاء للكل ذو قيمة كبيرة باعتبار أن المدعو له هو عموم المؤمنين. وهذا العموم في المدعو له يعطي قيمة كبيرة للدعاء عند الله.

والداعي لا يرفع نداءه الىٰ الله بصفته الشخصية ، وإنما يرفع الىٰ الله ايدي الجميع ، ونداءهم وهتافهم ، وينوب هو عن الجميع ، ويمثلهم بين يدي الله ، والله تعالىٰ يقبل من عبده هذا التمثيل والنيابة عن الآخرين.

والمؤمنون يقبلون تمثيل بعضهم لبعض بين يدي الله ، فالتمثيل هنا ليس ادعاء من قبل الفرد بين يدي الله تعالىٰ ، وانما هو تمثيل حقيقي يقبله الله تعالىٰ ، ويقبله الذين ينوب عنهم الفرد في الدعاء بين يدي الله ، فهو تمثيل شرعي مقبول.

وكل دعاء في هذه الحالة يحمل قوة دعاء الجميع. فإذا دعا منا فرد بين يدي الله وقال : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) فكأنما رفع الجميع هذا الدعاء الىٰ الله ، وهذا الدعاء بهذه الدرجة من القوة والكفاءة ، يرفعه في كل يوم كل مسلم يقف بين يدي الله تعالىٰ للصلاة ، ويدعو للجميع بالنيابة عن الجميع.

وفي كل يوم يضج الناس الىٰ الله تعالىٰ بهذه الصرخة غير المتناهية في القدرة علىٰ الاسترحام والاستعطاف عشر مرات الىٰ الله تعالىٰ.

وأجمل من ذلك كله أن الله تعالىٰ هو الذي دعانا الىٰ أن نضج إليه كل يوم بهذه الصرخة عشر مرات ، وهو الذي علمنا أن نستهديه ونطلب منه الهداية للجميع ، وهو الذي علمنا أن ننوب عن الجميع في هذا الدعاء ، وهو الذي يقبل منا هذه النيابة والتمثيل ..

فهل يمكن أن لا يستجيب بعد ذلك كله لدعائنا ؟ حاشا.

ب ـ التخصيص في الدعاء للمؤمنين :

وكما ورد في النصوص الاسلامية (التعميم في الدعاء للمؤمنين) كذلك ورد التخصيص في الدعاء للمؤمنين ، وتسميتهم بالدعاء وتشخيصهم وتعيينهم بأسمائهم.

وإن لهذا اللون من الدعاء نكهة اخرىٰ واثراً آخر في نفس صاحب الدعاء ، غير النكهة والأثر اللذين كانا للتعميم ، فإن هذا اللون من الدعاء يزيل ما قد يتراكم علىٰ العلاقات الثنائية والفئوية بين الافراد حيناً ، وبين مجاميع المؤمنين وطوائفهم حيناً آخر من السلبيات. فإن المؤمن إذا سأل الله تعالىٰ الرحمة والمغفرة لإخوانه الذين يسميهم ويعرّفهم ، وإذا سأله تعالىٰ قضاء حاجاتهم وتيسير أمورهم ، وكفاية مهامهم في الدعاء ، أحبّهم وزال ما كان يجد في نفسه تجاههم من الحسد والكره والحساسية والنفور أحياناً.

 

فيكون للدعاء في هذه الحالة ثلاثة ابعاد ؟

البعد الأول منها يربط صاحب الدعاء بالله تعالىٰ.

والبعد الثاني يربطه بالمساحة الواسعة للاُمة المسلمة علىٰ وجه الارض وفي اعماق التاريخ.

والبعد الثالث يربطه بإخوانه ومعارفه وارحامه ، وتلك مساحة واسعة من حياته.

وفي النصوص الاسلامية نجد اهتماماً بليغاً بهذا اللون من التخصيص والتسمية في الدعاء.

وفيما يلي نذكر طوائف من هذه النصوص بعناوينها الواردة في المجاميع الحديثية.

أ ـ الدعاء للمؤمنين بظهر الغيب :

عن أبي عبدالله الصادق (عليه ‌السلام) : « دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدر الرزق ، ويدفع المكروه » ([35]).

وعن أبي جعفر الباقر (عليه ‌السلام) : « أوشك دعوة وأسرع إجابة دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب » ([36]).

وعن أبي خالد القمّاط قال : « قال أبو جعفر (عليه ‌السلام) : أسرع الدعاء نجحاً للاجابة دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب. يبدأ بالدعاء لأخيه فيقول له ملك موكّل به : آمين ولك مثلاه » ([37]).  

وعن السكوني عن الصادق (عليه ‌السلام) عن رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله وسلم) : « ليس شيء اسرع اجابة من دعوة غائب لغائب » ([38]).

وعن جعفر بن محمّد الصادق (عليه ‌السلام) عن آبائه (عليهم ‌السلام) عن النبي (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) قال : « يا علي ، اربعة لا ترد لهم دعوة : إمام عادل ، والوالد لولده ، والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب ، والمظلوم. يقول الله عزّوجلّ : وعزتي وجلالي لانتصرن لك ولو بعد حين » ([39]).

وعن رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) : « من دعا لمؤمن بظهر الغيب قال الملك : فلك بمثل ذلك » ([40]).

عن حمران بن اعين قال : « دخلت علىٰ أبي جعفر (عليه ‌السلام) فقلت : أوصني ، فقال : اُوصيك بتقوىٰ الله ، وإيّاك والمزاح ؛ فإنه يذهب بهيبة الرجل وماء وجهه ، وعليك بالدعاء لإخوانك بظهر الغيب ؛ فإنه يهيل الرزق. يقولها ثلاثاً » ([41]).

وعن معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) ، قال : « الدعاء لاخيك بظهر الغيب يسوق الىٰ الداعي الرزق ، ويصرف عنه البلاء ، ويقول الملك : ولك مثل ذلك » ([42]).

 

ب ـ الدعاء لأربعين مؤمن :

ورد التأكيد في النصوص علىٰ الدعاء لاربعين مؤمن باسمائهم ، وتقديمه علىٰ دعاء الانسان لنفسه.

عن علي بن ابراهيم عن ابيه بسنده عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : « من قدّم في دعائه أربعين من المؤمنين ، ثم دعا لنفسه استجيب له » ([43]).

وعن عمر بن يزيد ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) يقول : « من قدم أربعين رجلاً من إخوانه قبل ان يدعو لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه » ([44]).

ج ـ إيثار الآخرين بالدعاء :

عن أبي عبيدة ، عن ثوير ، قال : « سمعت علي بن الحسين (عليه ‌السلام) يقول : إن الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه المؤمن بظهر الغيب ، أو يذكره بخير ، قالوا : نعم الاخ انت لأخيك ، تدعو له بالخير ، وهو غائب عنك وتذكره بخير ، قد أعطاك الله عزّوجلّ مثلي ما سألت له ، وأثنىٰ عليك مثلي ما أثنيت عليه ، ولك الفضل عليه » ([45]).

وعن يونس بن عبدالرحمن عن عبدالله بن جندب أنه سمع أبا الحسن موسىٰ (عليه ‌السلام) يقول : « الداعي لأخيه المؤمن بظهر الغيب ينادىٰ من عنان السماء: لك بكل واحدة مئة الف » ([46]).

وعن ابن أبي عمير عن زيد النرسي قال : « كنت مع معاوية بن وهب في الموقف وهو يدعو ، فتفقدت دعاءه ، فما رأيته يدعو لنفسه بحرف ، ورأيته يدعو لرجل رجل من الآفاق ، ويسميهم ، ويسمّي آباءهم حتىٰ أفاض الناس.

فقلت له : يا عم لقد رأيت عجباً ! قال : وما الذي اعجبك مما رأيت ؟ قلت : ايثارك اخوانك علىٰ نفسك في مثل هذا الموضع ، وتفقدك رجلاً رجلاً. فقال لي : لا تعجب من هذا يا بن أخي ، فإني سمعت مولاي ... وهو يقول من دعا لأخيه بظهر الغيب ناداه ملك من السماء الدنيا : يا عبدالله ، لك مئة الف ضعف مما دعوت .. » الخ ([47]).

وعن الحسين بن علي (عليه ‌السلام) عن أخيه الحسن (عليه ‌السلام) ، قال : « رأيت امي فاطمة قامت في محرابها ليلة جمعتها ، فلم تزل راكعة ، ساجدة ، حتىٰ اتضح عمود الصبح ، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات ، وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء ، فقلت لها : يا أمّاه : لم لا تدعين لنفسك ، كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يا بني ، الجار ثم الدار ([48]).

وعن أبي ناتانة عن علي عن أبيه ، قال : « رأيت عبدالله بن جندب بالموقف ، فلم أر موقفاً احسن من موقفه ، ما زال مادّاً يديه الىٰ السماء ودموعه تسيل علىٰ خديه حتىٰ تبلغ الارض. فلما صدر الناس قلت له : يا أبا محمّد ، ما رأيت موقفاً أحسن من موقفك ! قال : والله ما دعوت إلّا لإخواني ، وذلك أن أبا الحسن موسىٰ بن جعفر (عليه ‌السلام) اخبرني أنه من دعا لاخيه بظهر الغيب نودي من العرش : ولك مئة الف ضعف. فكرهت أن ادع مئة الف ضعف مضمونة لواحدة لا ادري تستجاب أم لا » ([49]).

وعن عبدالله بن سنان قال : « مررت بعبدالله بن جندب فرأيته قائماً على الصفا ، وكان شيخاً كبيراً فرأيته يدعو ويقول في دعائه : اللّهم فلان بن فلان. اللّهم فلان بن فلان. اللّهم فلان بن فلان ، ما لم اُحصهم كثرة.

فلما سلّم قلت له : يا عبدالله ، لم أر موقفاً قط أحسن من موقفك ! إلّا أني نقمت عليك خلّة واحدة. فقال : وما الّذي نقمت عليّ ؟ فقلت له : تدعو للكثير من إخوانك ولم اسمعك تدعو لنفسك شيئاً.

فقال لي : يا عبدالله ، سمعت مولانا الصادق (عليه ‌السلام) يقول : من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب نودي من عنان السماء : لك يا هذا مثل ما سألت في أخيك مئة ألف ضعف ، فلم اُحب أن اترك مئة ألف ضعف مضمونة بواحدة لا ادري اتستجاب أم لا » ([50]).

وعن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال : « كان عيسىٰ بن أعين إذا حج فصار الىٰ الموقف اقبل علىٰ الدعاء لاخوانه حتىٰ يفيض الناس ، فقيل له : تنفق مالك ، وتتعب بدنك ، حتّىٰ إذا صارت الىٰ الموضع الذي تبث فيه الحوائج الىٰ الله اقبلت علىٰ الدعاء لاخوانك ، وتترك نفسك ؟ فقال : إنني علىٰ يقين من دعاء الملك لي وشك من الدعاء لنفسي » ([51]).

وعن ابراهيم بن أبي البلاد (أو عبدالله بن جندب) قال : « كنت في الموقف فلما أفضت لقيت ابراهيم بن شعيب ، فسلمت عليه ، وكان مصاباً باحدىٰ عينيه ، وإذا عينه الصحيحة حمراء كانها علقة دم ، فقلت له : قد اصبت باحدىٰ عينيك ، وانا مشفق لك علىٰ الاخرىٰ ، فلو قصرت عن البكاء قليلاً.

قال : لا والله يا أبا محمّد ، ما دعوت لنفسي اليوم بدعوة ؟ فقلت : فلمن دعوت ؟ قال : دعوت لاخواني. سمعت ابا عبدالله (عليه ‌السلام) يقول : من دعا لأخيه بظهر الغيب ، وكل الله به ملكاً يقول : ولك مثلاه. فأردت أن اكون إنما ادعو لإخواني ، ويكون الملك يدعو لي لأني في شك من دعائي لنفسي ، ولست في شك من دعاء الملك إلى » ([52]).

ثالثاً : الدعاء للوالدين :

وهو من بر الوالدين ومصاديق بر الوالدين كثيرة.

فمنه أن يتصدق الانسان عنهما ، ومنه أن يحج عنهما ، ومنه أن يصلي عنها ، ومنه الدعاء لهما ، ومنه غير ذلك.

وروي عن الصادق (عليه ‌السلام) : « ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين أو ميتين ، يصلّي عنهما ، ويتصدّق عنهما ، ويحج عنهما ، ويصوم عنهما ، فيكون الذي صنع لهما ، وله مثل ذلك ، فيزيده الله عزّوجلّ ببرّه (وصلته) خيراً كثيراً ».

عن أبي عبدالله الصادق (عليه ‌السلام) : « كان أبي يقول : خمس دعوات لا يحجبن عن الرّب تبارك وتعالىٰ :

1 ـ دعوة الامام المقسط.

2 ـ ودعوة المظلوم ، يقول الله عزّوجلّ ، لأنتقمن لك ولو بعد حين.

3 ـ ودعوة الولد الصالح لوالديه.

4 ـ ودعوة الوالد الصالح لولده.

5 ـ ودعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب ، فيقول : ولك مثلاه » ([53]).

ومن الدعاء للوالدين الدعاء الوارد في الصحيفة السجادية: « اللّهم صلّ علىٰ محمّد وآله وذريّته ، واخصص ابوي بأفضل ما خصصت به آباء عبادك المؤمنين واُمهاتهم يا ارحم الراحمين ، اللّهم لا تنسني ذكرهما في أدبار صلاتي ، وفي كل آن من آناء ليلي ، وفي كل ساعة من ساعات نهاري ، واغفر لي بدعائي لهما ، واغفر لهما ببرهما لي مغفرة حتماً ، وارض عنها بشفاعتي لها رضا عزماً ، وبلغهما بالكرامة مواطن السلامة ، اللّهم وإن سبقت مغفرتك لهما فشفّعهما فيّ ، وإن سبقت مغفرتك لي فشفّعني فيهما ، حتىٰ تجتمع برأفتك في دار كرامتك ، ومحل مغفرتك ورحمتك ».

رابعاً : دعاء الانسان لنفسه :

وهي آخر محطة من محطات الدعاء ، وليس أولاها.

ومن عجب أن الاسلام يطلب من الإنسان أن يتنكر لنفسه في الحياة الدنيا في شؤون معيشته وفي تعامله مع الآخرين ، ويؤثرهم علىٰ نفسه ، كما يطلب منه أن يتنكر لنفسه ، ويؤثر الآخرين علىٰ نفسه بين يدي الله تعالىٰ في الدعاء أيضاً.

ولكن عليه ألا ينسىٰ نفسه من الدعاء بين يدي الله تعالىٰ. فماذا نسأل لأنفسنا من الله تعالىٰ ؟ وكيف ندعو ؟

هذا ما سنحاول إن شاء الله أن نبحث عنه.

أ ـ التعميم في الدعاء :

ينبغي في الدعاء أن نطلب من الله تعالىٰ كل شيء مما نحتاج إليه ، وكلّما يهمنا في دنيانا وآخرتنا ، ونطلب منه أن يكفينا كلما تحترز منه من سوء وشرّ في ديننا ودنيانا ، فإن مفاتيح الخير وأسبابه كلها بيد الله ، ولا يمتنع عن ارادته شيء ، ولا يعجزه شيء ولا يبخل علىٰ عباده بشيء من الخير والرحمة.

وإذا كان الله تعالىٰ لا يبخل بالعطاء والاجابة ، فمن المعيب ، ومن القبيح أن يبخل العبد بالسؤال والدعاء.

في الحديث القدسي : « لو أنّ أولكم وآخركم وحيّكم وميّتكم اجتمعوا فتمنیٰ كل واحد ما بلغت اُمنيته فأعطيته لم ينقص ذلك من ملكي » ([54]).

وأيضاً عن رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) من الحديث القدسي : « لو أن أهل سبع سماوات وارضين سألوني جميعاً ، وأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي .. وكيف ينقص ملك أنا قيّمه » ([55]).

وفي الحديث عن رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) : « سلوا الله وأجزلوا ؛ فإنه لا يتعاظمه شيء » ([56]).

وروي : « لا تستكثروا شيئاً مما تطلبون ؛ فما عند الله أكثر ».

وامثلة التعميم والتوسعة في الدعاء في طلب كل خير ، والاحتراز من كل شر كثيرة في النصوص المروية من الدعاء عن أهل البيت (عليهم ‌السلام).

نذكر منها بعض النماذج.

منها الدعاء الوارد بعد الفرائض في أيام شهر رجب : « يا من يعطي الكثير بالقليل ، يا من يعطي من سأله ، يا من يعطي من لم يسأله ، ومن لم يعرفه تحنناً منه ورحمة .. أعطني بمسألتي إيّاك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة ، واصرف عني بمسألتي إيّاك جميع شر الدنيا وشرّ الآخرة ، فإنه غير منقوص ما أعطيت ، وزدني من فضلك يا كريم ».

وفي الدعاء « اللّهم إنّي أسألك مفاتح الخير وخواتمه ، وسوابغه وفوائده وبركاته ، وما بلغ علمه علمي ، وما قصر عن إحصائه حفظي ».

وفي الدعاء « يا من هو في علوه قريب ، يا من هو في قربه لطيف ، صلّ علیٰ محمّد وآل محمّد. اللّهم اني اسألك لديني ودنياي وآخرتي من الخير كله ، واعوذ بك من الشر كله ».

وفي الدعاء « وأدخلني في كل خير أدخلت فيه محمّداً وآل محمّد ، وأخرجني من كل شر أخرجت منه محمّداً وآل محمّد ».

وفي الدعاء (واكفني ما اهمني من أمر دنياي وآخرتي).

وفي الدعاء « اللّهم لا تدع لي ذنباً إلا غفرته ، ولا هماً إلا فرجته ، ولا سقماً إلا شفيته ، ولا عيباً إلا سترته ، ولا رزقاً إلا بسطته ، ولا خوفاً إلا آمنته ، ولا سوءاً إلا صرفته ، ولا حاجة هي لك رضاً ، ولي فيها صلاح إلا قضيتها يا ارحم الراحمين ».

وفي الدعاء « يا من بيده مقادير الدنيا والآخرة ، وبيده مقادير النصر والخذلان ، وبيده مقادير الغنیٰ والفقر ، وبيده مقادير الخير والشر صل علیٰ محمّد وآل محمّد ، وبارك لي في ديني الذي هو ملاك أمري ، ودنياي التي فيها معيشتي ، وآخرتي التي اليها منقلبي وبارك لي في جميع اُموري ... أعوذ بك من شرّ المحيا والممات ، واعوذ بك من مكاره الدنيا والآخرة ».

وفي الدعاء « اسألك بنور وجهك الذي اشرقت به السماوات ، وانكشفت به الظلمات ، وصلح عليه أمر الأولين والآخرين أن تصلي علىٰ محمّد وآل محمّد ، وأن تصلح لي شأني كله ، ولا تكلني الىٰ نفسي طرفة عين ابداً ».

وفي دعاء الاسحار للامام زين العابدين « اكفني المهم كلّه ، واقض لي بالحسنىٰ ، وبارك في جميع أموري ، واقض لي جميع حوائجي ، اللّهم يسّر لي ما أخاف تعسيره ، فإن تيسير ما اخاف تعسيره عليك يسير ، وسهل لي ما أخاف حزونته ، ونفّس عني ما أخاف ضيقه ، وكفِّ عني ما أخاف غمّه ، واصرف عني ما اخاف بليته ».

وفي دعاء الاسحار « وهب لي رحمة واسعة جامعة أطلب بها خير الدنيا والآخرة ».

ب ـ ولا تحجبنا جلائل الحاجات عن صغارها :

قد يكون من المعيب أن يطلب بعضنا من بعض حاجاته الطفيفة والصغيرة ، ولكن عند ما يكون وجه العبد الىٰ الله تعالىٰ في الطلب والسؤال يختلف الأمر ، فلا يكون الطلب معيباً ، مهما صغرت الحاجة ، وخفت.

فان العبد مكشوف لربه سبحانه وتعالیٰ ، بكل حاجاته ، ونقصه وضعفه ، وبكل سوآته وعوراته ، ولا يخفی عليه سبحانه شيء من فقرنا ونقصنا حتىٰ نخجل أن نعرض عليه ، سبحانه ، ضعفنا وعجزنا وحاجاتنا التي نخجل أن نعرضها علىٰ غيره سبحانه.

فلا ينبغي أن تحجب جلائل الحاجات والطلبات عنه سبحانه صغار الحاجات وخفافها.

والله تعالىٰ يحب أن يرتبط به عبده في كل حاجاته وشؤونه ، صغارها وكبارها ، حتىٰ يكون ارتباطه به ارتباطاً دائماً ، ولن يدوم هذا الارتباط ، ويستمر ويتصل بين العبد وربّه ، إلا إذا كان العبد يشعر بالحاجة الىٰ ربّه ، في كلّ شؤونه وحاجاته في جلائل الحاجات وصغارها ، حتىٰ في مثل شسع نعله إذا انقطع.

عن رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) قال : « سلوا الله عزّوجلّ ما بدا لكم من حوائجكم ، حتیٰ شسع النعل ، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر ».

وعنه (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) قال : « ليسأل أحدكم ربه حاجته كلّها ، حتىٰ يسأله شسع نعله إذا انقطع » ([57]).

وعنه (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) : « لا تعجزوا عن الدعاء ؛ فإنه لم يهلك أحد مع الدعاء ، وليسأل أحدكم ربّه حتىٰ يسأله شسع نعله إذا انقطع ، وأسالوا الله من فضله ؛ فإنه يحب أن يسأل » ([58]).

وعن سيف التمّار قال : « سمعت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) يقول : عليكم بالدعاء ؛ فإنكم لا تتقربون بمثله ، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تسألوها ؛ فإن صاحب الصغائر هو صاحب الكبائر » ([59]).

وفي الحديث القدسي: « يا موسىٰ، سلني كلما تحتاج إليه، حتىٰ علف شاتك وملح عجينك » ([60]).

ولسنا بحاجة الىٰ التأكيد علىٰ أن هذا المبدأ في الدعاء لا يعني التخلي عن العمل والحركة والسعي. ولكن علىٰ الانسان في حركته وسعيه أن لا يضع أولاً ثقته ورجاءه في عمله وحركته ، بل يحافظ علىٰ رجاءه وثقته بالله تعالىٰ ، وعلىٰ الإنسان ثانياً أن لا يقطع علاقته وارتباطه واحساسه بالحاجة الىٰ الله تعالىٰ في زحمة تحركه وعمله وسعيه.

وهذا وذاك يتطلبان من الانسان أن يسأل الله تعالىٰ كل حاجاته وشؤونه حتیٰ شسع نعله وعلف دابته وملح عجينه ، كما ورد في الحديث القدسي.

ج ـ نسأل الله تعالىٰ النعم الجليلة والكبرىٰ :

كما نسأل الله تعالىٰ كلّ شيء ، نسأله النعم الجليلة والكبرىٰ ، ولا نستكثر نعمة مهما جلّت وعظمت أن نسألها من الله ، إن كان ذلك في الامكان ، فلا يعظم شيء علىٰ الله ، ولا يعجز الله تعالىٰ شيء ، ولا ينقص من خزانته مهما كان عطاؤه جليلاً وعظيماً.

وكما ينبغي أن لا نخجل من الله تعالىٰ أن نطلب منه صغائر الأمور ، من نحو علف الدابة ، وشسع النعل ، وملح العجين ، كذلك ينبغي أن لا نستكثر علىٰ الله تعالىٰ أن نسأله النعم العظيمة الجليلة ، مهما عظمت وجلّت.

روي عن ربيعة بن كعب قال : « قال لي ذات يوم رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله وسلم) : يا ربيعة ، خدمتني سبع سنين ، أفلا تسألني حاجة ؟ فقلت : يا رسول الله ، أمهلني حتىٰ اُفكر. فلمّا أصبحت ودخلت عليه قال لي : يا ربيعة ، هات حاجتك ، فقلت : تسأل الله أن يدخلني معك الجنة ، فقال لي : من علّمك هذا ؟ فقلت : يا رسول الله ، ما علّمني أحد ، لكني فكرت في نفسي وقلت : إن سألته مالاً كان إلىٰ نفاد ، وإن سألته عمراً طويلاً وأولاداً كان عاقبتهم الموت. قال ربيعة : فنكس رأسه ساعة ثمّ قال : افعل ذلك ، فأعني بكثرة السجود ، قال : وسمعته يقول : ستكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فالتزموا عليّ بن أبي طالب (عليه ‌السلام) » الخبر بتمامه ([61]).

وعن أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) : « كان النبي (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) إذا سئل شيئاً فإذا أراد أن يفعله قال : نعم ، وإذا أراد أن لا يفعل سكت ، وكان لا يقول لشيء : لا ، فأتاه أعرابي فسأله فسكت ، ثم سأله فسكت ، ثم سأله فسكت ، فقال (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) كهيئة المسترسل : ما شئت يا أعرابي ؟ فقلنا : الآن يسأل الجنة ، فقال الاعرابي : أسألك ناقة ورحلها وزاداً ، قال : لك ذلك ، ثمّ قال (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم) : كم بين مسألة الاعرابي وعجوز بني إسرائيل ؟ ثم قال : إن موسىٰ لمّا اُمر أن يقطع البحر فانتهىٰ إليه وضربت وجوه الدواب رجعت ؛ فقال موسىٰ : يا ربّ ، مالي ؟ قال : يا موسىٰ ، إنّك عند قبر يوسف فاحمل عظامه ، وقد استوىٰ القبر بالأرض ، فسأل موسىٰ قومه : هل يدري أحد منكم أين هو ؟ قالوا : عجوز لعلها تعلم ، فقال لها : هل تعلمين ؟ قالت : نعم ، قال : فدلّينا عليه ، قالت : لا والله حتىٰ تعطيني ما أسألك ، قال : ذلك لك ، قالت : فإني أسالك أن اكون معك في الدرجة التي تكون في الجنة ، قال : سلي الجنة. قالت : لا والله إلّا أن أكون معك ، فجعل موسىٰ يراود فأوحىٰ الله إليه : أن أعطها ذلك ، فإنّها لا تنقصك ، فأعطاها ودلّته علىٰ القبر » ([62]).


[1] الاحزاب : 56.

[2] كنز العمّال : ح 2149.

[3] كنز العمّال : ح 2144.

[4] بحار الأنوار 71 : 374.

[5] نهج البلاغة ، قسم الحكم ، حكمة رقم 361.

[6] أصول الكافي : 535 ، امالي الطوسي 2 : 95 ، وسائل الشيعة 4 : 1151 ، ح 8889.

[7] ثواب الأعمال : 88 ، وسائل الشيعة 4 : 1152 ، ح 8891.

[8] وسائل الشيعة 4 : 1152 ، ح 8893.

[9] وسائل الشيعة 4 : 1152 ، ح 8894.

[10] امالي الصدوق : 273 ، بحار الأنوار 93 : 385.

[11] ثواب الأعمال : 146 ، بحار الأنوار 93 : 386.

[12] ثواب الأعمال : 147 ، بحار الأنوار 93 : 386.

[13] ثواب الأعمال : 147 ، بحار الأنوار 93 : 386.

[14] فلاح السائل : 43 ، بحار الأنوار 93 : 387.

[15] يوسف : 101.

[16] الاسراء : 80.

[17] طه : 25 ـ 28.

[18] الأنبياء : 89.

[19] المؤمنون : 29.

[20] المؤمنون : 97 ـ 98.

[21] الشعراء : 83 ـ 85.

[22] الاسراء : 24.

[23] غافر : 7 ـ 9.

[24] الفاتحة : 6 ـ 7.

[25] البقرة : 127.

[26] البقرة : 201.

[27] البقرة : 250.

[28] البقرة : 286.

[29] آل عمران : 8.

[30] آل عمران : 193 ـ 194.

[31] الاعراف : 126.

[32] المؤمنون : 109.

[33] الفرقان : 65.

[34] التحريم : 8.

[35] أصول الكافي : 435 ، وسائل الشيعة 4 : 1145 ، ح 8867.

[36] أصول الكافي : 435.

[37] المصدر السابق.

[38] وسائل الشيعة 4 : 1146 ، ح 8870.

[39] الخصال للصدوق 1 : 92 ، والفقيه 5 : 52.

[40] امالي الطوسي 2 : 95 ، بحار الأنوار 93 : 384.

[41] السرائر : 484 ، بحار الأنوار 93 : 387.

[42] امالي الطوسي 2 : 290 ، بحار الأنوار 93 : 387.

[43] المجالس : 273 ، بحار الأنوار 93 : 384 ، وسائل الشيعة 4 : 1154 ، ح 8898.

[44] المجالس : 328 ، الامالي : 273 ، وسائل الشيعة 4 : 1154 ، ح 8899.

[45] أصول الكافي : 535 ، بحار الأنوار 93 : 387 ، وسائل الشيعة 4 : 1149 ، ح 8882.

[46] رجال الكشي : 361.

[47] عدة الداعي : 129 ، بحار الأنوار 93 : 387 ، وسائل الشيعة 4 : 1149 ، ح 8885.

[48] علل الشرائع : 71.

[49] امالي الصدوق : 273 ، بحار الأنوار 93 : 384.

[50] فلاح السائل : 43 ، بحار الأنوار 93 : 390 ـ 391.

[51] الاختصاص : 68 ، بحار الأنوار : 93 : 392.

[52] الاختصاص : 84 ، بحار الأنوار 93 : 392.

[53] وسائل الشيعة 4 : 1153 ، ح 8895.

[54] بحار الأنوار 93 : 293.

[55] بحار الأنوار 93 : 303.

[56] بحار الأنوار 93 : 302.

[57] مكارم الأخلاق : 312 ، بحار الأنوار 93 : 295.

[58] بحار الأنوار 93 : 300.

[59] بحار الأنوار 93: 293 ، المجالس : 19 ، وسائل الشيعة 4 : 1090 ، ح 8635 ، أصول الكافي : 516.

[60] عدة الداعي : 98.

[61] بحار الأنوار 93 : 327.

[62] بحار الأنوار 93 : 327.




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.