المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6508 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
حروب لويس الرابع عشر (الحرب الهولندية).
2024-09-20
حروب لويس الرابع عشر (حرب الاستحقاق).
2024-09-20
لويس الرابع عشر (الوزير كولبير).
2024-09-20
لويس الرابع عشر (1661-1715).
2024-09-20
لويس الثالث عشر (1610 - 1643).
2024-09-20
الادارة في فرنسا.
2024-09-20

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الأدب في عهد الأسرة (التاسعة عشرة).  
  
155   08:22 مساءً   التاريخ: 2024-08-28
المؤلف : سليم حسن.
الكتاب أو المصدر : موسوعة مصر القديمة.
الجزء والصفحة : ج6 ص 609 ــ 620.
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /

لقد اتخذ الأدب وجهة جديدة في عصر الدولة الحديثة على وجه عام غير التي كان يسير فيها قديمًا، فقد كانت مادة الأدب، إلى هذا الوقت، اللغة الفنية العالية في كل ألوانها كالقصص، والأمثال، والحكم، والتأملات، وقد كانت هذه اللغة تقترب من لغة المحادثة إذا تناولت وثائق حيوية، أو صورت قصصًا شعبية.

أما في العصر الحديث فقد احتجبت اللغة الفنية، ولم يعد أحد من الشعب يفهمها، أو يستسيغها، وقد كان أول ظهورها بشكل بارز في عهد «إخناتون»، فقد بدأ القوم يكتبون الشعر بلغة العامة، وقد أُلفت بهذه اللغة أنشودة الشمس التي تضم في طياتها منهاج الإصلاح الديني الذي تحدثنا عنه في الجزء السالف مليًّا (راجع الجزء الخامس)، ولقد استقر نظام الكتابة بلغة العامة، وكُتب له البقاء، وفي عهد الأسرة التاسعة عشرة ظهر أدب قوي مكتوب بتلك اللغة الجديدة التي أطلقنا عليها «المصرية الجديدة»، فكُتبت بها الرسائل، والقصص، والعلوم، وشعر غزلي، وديني، ودنيوي، وكذلك المكاتبات الحكومية عامة، وقد بقي للمدارس خطرها كذلك في عهد المصرية الحديثة، ولكن أساليبها دبت فيها الحياة بقدر ما ذاق المصريون من حلاوة الحياة في هذا العصر، إذ رأوا الدنيا بعين الرضى فتعشقوها، وشغفوا بها.

والأدب الحديث خلو من الأفكار العميقة، والبحوث الفلسفية إلى حد ما، وقد يسوق الله إلينا كشفًا جديدًا بغير هذا الرأي، فإن حال مصر في ذلك الوقت تدعو إلى نقيضه.

ولم تدُم سيطرة اللهجة المصرية الجديدة على الأدب طويلًا، فإن الأدباء حنُّوا إلى العهود الأولى كما يحن كتاب عصرنا إلى عهد الشعر الجاهلي، أو الشعر الأموي، فأخذوا يرصعون عباراتهم، وينتقون لها أصفى الألفاظ والأساليب، وقد زينوها بالألفاظ الأجنبية على سبيل التظرُّف، أو إظهارًا لتمكنهم من مادتهم، وكان أبرز مثال في هذا الباب هي المساجلة الأدبية التي يطلق عليها الآن اسم ورقة «أنسطاسي الأولى» (راجع كتاب الأدب المصري القديم ص376). وتعد هذه الوثيقة من أروع ما كُتب في الأدب المصري في عهد الدولة الحديثة، وتدل شواهد الأحوال على أنها كتبت في النصف الأول من عهد الأسرة التاسعة عشرة، فقد وجدنا أن «رعمسيس الثاني» قد ذُكر فيها عدة مرات، وقد عثر على عدة «أستراكا»، وقطع من البردي كتب عليها أجزاء من هذه المناقشة، وتاريخها كلها لا يتخطى منتصف الأسرة العشرين، على أن مجرد الاقتباس منها في هذا العصر لدليل ناطق على انتشارها في مدارس عهد الرعامسة.

ومن يقرأ تاريخ الأدب في هذا العصر يسهل عليه أن يعرف السبب في شيوعها، فنلاحظ أولًا أن الموضوع الذي تدور حوله المناقشة هو حرفة الكاتب، وهو الهدف الذي كان يرمي إليه بخاصة كل تلميذ في عصر الرعامسة؛ إذ كانت تعد أعظم المهن وأشرفها، فالمناقشة التي نحن بصددها الآن تعد من جهة نوعًا من الكتابات التي كانت تفيض بها كتب هذا العصر لحث التلميذ على الجد في الوصول إلى حرفة الكتابة، ومن جهة أخرى تعد نموذجًا للأسلوب الحسن، ولتعليم الإملاء؛ لما ظهر فيها من غزارة المادة، وتنوع المفردات. يضاف إلى ذلك أن استعمال الألفاظ الأجنبية بكثرة، والتفاخر بالعلم، واستعراض أسماء البلاد الأجنبية غير المألوفة أحيانًا يتفق مع ما نعرفه عن ميول هذا العصر الأدبية. وأخيرًا نرى التهكم اللاذع منتشرًا في نواحي هذه الوثيقة، ويرجع منشؤه إلى حب الأجوبة المسكِتة عند المصري، وميله إلى التهكم. ونرى ذلك واضحًا في المحاورات القصيرة التي نجدها مدونة فوق المناظر المصورة على جدران المقابر، وفي الصور الملونة والتحف، وفي الصور الهزلية التي بقيت لنا من رسومهم، وكذلك الشأن في أدبهم (1). غير أننا لم نجد في كل هذه المصادر ما يشفي الغلة في باب التهكم، والنكت مثلما بدا في وثيقتنا هذه.

ولكن مما يؤسف له أن الوثيقة في صورتها التي وصلت إلينا لا يمكن ترجمتها ترجمة مرضية إلى أية لغة حديثة، حتى ولو كنا أكثر تمكنًا من مفرداتها مما وصلنا إليه الآن.

والوثيقة كما هي غامضة في كثير من جُملها؛ وذلك لجهلنا بكثير مما ترمي إليه الكلمات الحقيقية، وقد زاد الطين بلة؛ تعدد الفجوات التي في الورقة، والأغلاط التي في المتن نفسه.

ولكن على الرغم من كل هذا سيجد القارئ الشرقي في هذه المناقشة لذة لا يشعر بها القارئ الغربي الذي لا يمكنه أن يتذوق تمامًا ما فيها من النكات والمداعبات، فضلًا عن أنها تعرض أمامنا سلسلة صور هامة عن العالم المتمدين في هذا العصر، وبخاصة موضوع الرحلة في فلسطين، وإن بُولغ في تصويرها ووصفها.

وسنكتفي هنا بإعطاء ملخص لهذه الوثيقة التي وضعها «حوري»، أما خصمه فيدعى «أمنمؤبي»، وهذا ما اتفقت عليه كل النسخ التي وقعت تحت أيدينا (2).

كان الكاتب «حوري» من حملة الأقلام، وكان موظفًا في الإصطبلات الملكية، وقد كتب لصديقه «أمنمؤبي» كتابًا تمنى له الفلاح والحياة السعيدة في الدنيا والآخرة.

وقد رد عليه «أمنمؤبي» مظهرًا أسفه لهبوط مستوى كتابة صديقه مع عجز «أمنمؤبي» عن الانفراد بالرد عليه، واستعانته بكثير من المساعدين؛ وعندئذ قام «حوري» بدوره يصلى مساجله «أمنمؤبي» قوارص الكلم، ولاذع التهكم، مصرحًا بعجزه مرة ومكنيًا أخرى، متتبعًا ما عالجه «أمنمؤبي» من الأمور، ومظهرًا ما فيه من نقص؛ ولم يكن «أمنمؤبي» بالكاتب المتحفظ الذي يلتزم أدب التراسل والمساجلة، فإنه حذف السلام العادي من صدر رسالته، وعبر عن احتقاره لمقدرة «حوري»، وتمكنه من مادته، فما كان من هذا الأخير إلا أن تهكم عليه ما وسعه التهكم، وسرد أمثلة عدة لأناس وصلوا إلى أعلى المراتب مع ما فيهم من نقص عقلي وجسمي، وفي ذلك تعريض ﺑ «أمنمؤبي» الذي وصل إلى مرتبة سامية على غير كفاية رزقها. واندفع «حوري» يرد هجمات «أمنمؤبي» بقسوة لاذعة، وطلب أن يحكم بينهم الإله «أنوريس»، وتابع تحديه لزميله بأن ينفرد بحل مسألة حسابية تتناول بناء مطلع، أو نقل مسلة، أو إقامة تمثال ضخم، أو غزوة لبلد أجنبي، وما تتطلبه من المؤن والذخائر.

وعندئذ ادعى «أمنمؤبي» أنه يحمل لقب «ماهر»؛ فاتخذ «حوري» من هذا الادعاء مادة لإثبات عجز منافسه وجهله، فسرد على «أمنمؤبي» عددًا عظيمًا من بلدان شمال سوريا التي يجهلها، وصور له المتاعب التي سيتعرض لها في حياته بحمله هذا اللقب، ثم سأله ساخرًا من ضآلة معارفه عن بلاد «فينيقيا»، والبلاد التي إلى الجنوب منها، وبلاد أخرى كان يختلف «الماهر» إليها، ثم تصور «أمنمؤبي» في صورة خيالية يقاسي فيها تجاريب الحياة التي يسببها له هذا اللقب، فسيتعرَّض لاختراق أقاليم جبلية، ولمخاطر الحيوان المفترس، ولتحطيم عربته، ثم وصوله إلى «يافا»، وإصلاح العربة، وابتداء رحلة جديدة.

ولم يكتفِ بذلك «حوري»، بل واصل استجواب صديقه عن أسماء الأماكن التي تقع على الطريق العام الموصل إلى «غزة» فيتضح جهله كذلك بها.

وإلى هنا قد وصل «حوري» إلى هدفه من إظهار فوقه على مُناظره، ويأخذ في الإجهاز عليه بأن يقف منه موقف الناصح، فيسأله ألا يغضب، ويطلب إليه أن يستمع في هدوء حتى يتعلم، ويستطيع التحدث عن البلاد الأجنبية، ويقص حوادث السياحة.

هذا ما حدث بين الأديبين. ويؤسفنا أننا لم نصل أحيانًا إلى الكنه الحقيقي لبعض الأساليب؛ لأن لكل أمة في لغتها طريقتها الخاصة في التعريض والتلويح والتلميح والرمز والإشارة، وما إلى ذلك؛ مما يكسب الكلمات معنًى مجازيًّا قد يكون بينه وبين المعنى الحقيقي مراحل واسعة، وعلى أية حال فإن ما جاء في هذه الورقة يضع أمامنا صورة واضحة عن الميول الأدبية والعلمية في هذا العهد.

وبجانب أمثال هذه المساجلات التي تدل على العلم الغزير، والاطلاع الواسع كان هناك نوع آخر من الأدب هو القصص. والواقع أنه لم تصل إلينا الحياة العقلية في مصر سلسلة متصلة الحلقات حتى نتبعها من أولها إلى آخرها، ونسلط عليها أشعة البحث والدرس، ونخرج منها بنتيجة نقطع بها ونؤمن بصحتها، ولكنها وصلت إلينا وبها حلقات مفقودة، فلا نستطيع إلا درس ما وصل إلينا وبناء أحكامنا عليه. والمتتبع لتاريخ القصص في الأدب المصري لا يرى أمامه أي مثال للقصة في الدولة القديمة، ولا ما سبقها من العهود، وإن كانت ظواهر الأحوال وإشارات متون الأهرام تدلنا على أنه كانت هناك أساطير وأقاصيص عن الآلهة، ويرجع عهدها إلى ما قبل التاريخ، ومن يدري؟! فلعل الأرض تبوح بسرها، وينشق جوفها عما نلتمسه الآن فلا نجده، إن لم تكن عوادي الزمن قد طغت عليه.

أما القَصص التي وصلت إلينا عن عهد الدولة الوسطى فإنه قصص ناضج يدل على أن هذا الفن بلغ في عهد هذه الدولة ذروته، وقد ضربنا منه الأمثال الكثيرة في الجزء الثالث من هذا المؤلف (راجع مصر القديمة ج3).

وبعد عهد الدولة الوسطى وجدنا بعض الركود على ما يظهر في فن القصة، فلم نعثر حتى الآن في عهد الدولة الحديثة إلا على سلسلة من القصص بعضها تاريخي، وبعضها خرافي محض، ولكنها بسيطة في موضوعها، ويظهر أنها كانت تُعد لتُلقى في قصور الملوك للتسرية عنهم في أوقات الفراغ، وربما كان الغرض منها مجرد الدعاية، كما نرى في قصة الملك «خوفو» والسحرة (راجع كتاب الأدب ص75)، أو لإظهار الحق في ثوب المنتصر على الباطل بسرد أعمال عظيمة خارقة للعادة قام بها الآلهة، وتنتهي بهذه النتيجة. وقد كتبت كلها باللغة المصرية الحديثة، أو اللغة العامة، وكانت اللغة المستعملة وقتئذ كما ذكرنا آنفًا.

فمن القصص التاريخية قصة الملك «أبوفيس»، والملك «سقنتر رع»، وقد أوردناه في الجزء الرابع من المؤلف (راجع مصر القديمة ج4)، وكذلك قصة الاستيلاء على «يافا»؛ وتتضمن أن الملك «تحتمس الثالث» قاهر الأعداء يرسل قائده «تحوتي» ليستولي على «يافا» ذلك الثغر العظيم الواقع جنوب فلسطين، فيحاصر هذا القائد المدينة، وتمتنع عليه فيعجز عن اقتحامها؛ فيلجأ إلى الحيلة التي تشبه الحيلة التي استولى بها على طروادة، ويغري أمير المدينة بالخروج إليه لمحادثته، ولما تقابلا أكرمه، واحتفى به، وأدخل في روعه أنه سينضم بجنوده إليه، وأنه سيسلمه زوجه وأطفاله؛ وباشتراكه مع عصا «تحتمس الثالث» التي كانت تشبه عصا موسى تغلب على العدو، وفتح البلدة بعد خدعة حربية رائعة (راجع كتاب الأدب المصري القديم ص109–112).

ومن القصص الخرافية التي نسمع أمثالها تُحكى للأطفال في بيوتنا حتى الآن قصة الأمير المسحور، وتتلخص في أن ملكًا اشتاق أن ينجب ذكرًا بعد أن حُرم ذلك دهرًا طويلًا، فأعطاه الإله ما يتمناه، ولكن قدر على هذا المولود أن يلقى حتفه على يد تمساح، أو حية، أو كلب، وعرف والده ذلك فأفرده في بيت بناه له في الصحراء حتى شب، فرأى في الطريق كلبًا يتبع صاحبه، ولم يكن له عهدًا بسحنة الكلاب، فسأل عنه، ثم طلب واحدًا من جنسه، فأمر له والده بجرو صغير حتى يأمن عليه من ناحية، ولا يغضبه من ناحية أخرى. كبر الطفل فاشتاق إلى الحرية، وطلب الخروج إلى أرض الله الواسعة، فأجيب إلى طلبه. سافر الطفل وأبعد في سفره حتى وصل إلى رئيس بلاد «نهرين»، وكانت له ابنة جميلة جعل صداقها استطاعة المرء أن يقفز إلى شرفة بيتها التي ترتفع عن الأرض ستة وخمسين ذراعًا، فلم يستطع أحد من أولاد رؤساء «سوريا» ذلك، واستطاعه ذلك الشاب الوافد من مصر، فتزوج من البنت بعد لأي وامتناع من جانب والدها، وأحبته وأخلصت له، وسهرت على راحته، وحفظت حياته من الحية مرة، ومن التمساح أخرى، ولكن على ما يظهر انتهى أجله بإحدى الطرق التي كانت مقدورة له من قبل، وإن كان في ذلك شك؛ لأن نهاية البردية كانت مهشمة، ولم تحدثنا عن النهاية على وجه التأكيد.

ومن القصص الخرافية الذائعة الصيت في الأدب المصري قصة الأخوين؛ لأنها تشبه قصصًا كثيرة أخرى حُكيت في الزمن الحديث، وهي بلا شك أكثر دلالة على أصلها المصري من مثيلاتها التي رُويت لنا من عهد الفراعنة، وهي قطعة من الشعر القصصي العام، ترجع إلى عهد الأسرة التاسعة عشرة، وتحلِّق بوقائعها الخيالية في عالم الخرافات، وقد نقلها الكاتب «أنانا» تلميذ كاتب الخزانة الملكية «كاجبو»، وقد ظن البعض أن قصة يوسف — عليه السلام — مشتقة منها، غير أن ذلك مجرد ظن وتوافق خواطر على ما يظهر.

وتتلخص القصة فيما يأتي: يضم بيت واحد أخوين مخلصين، كبيرهما متزوج ويسمى «أنوب»، وصغيرهما أعزب، ويسمى «باتا»، وكان ساعد أخيه الأكبر في فلح الأرض وزراعتها، وتربية أنعامها. وفي يوم كانا يزرعان في الحقل فاحتاجا إلى بعض البذر، وذهب الأخ الصغير إلى البيت ليحضره، وكانت زوج أخيه الكبير تمشط شعرها، فما رأته يحمل قدرًا كبيرًا من البذر على ساعديه حتى راقها جماله، وأعجبت بقوته؛ فراودته عن نفسه، وغلقت الأبواب، وقالت: هيت لك. قال: معاذ الله، إن أخي الكبير رب نعمتي، وقد أحسن مثواي، فلا أخونه في زوجته، فأضمرت المرأة في نفسها الكيد لهذا الفتى الذي فوت عليها ما كانت تريد من اللذة والمتاع. وقابلت زوجها في المساء متمارضة متباكية متظاهرة بالألم، وادَّعت أن أخاه الصغير راودها عن نفسها، وما جزاء من يفعل ذلك إلا القتل أو عذاب أليم. فصمم الأخ الأكبر على قتله عندما يعود بالماشية، واختبأ وراء الباب لهذه الغاية، وما أن قرب الصغير من البيت حتى أخبرته بقرة من التي كان يسوقها بما دُبر له، ففر «باتا»، وتبعه «أنوب» بسلاحه، ولكن إله الشمس حجز بينهما بخلق بحيرة مملوءة بالتماسيح، فعجز «أنوب» عن اللحاق به، وجرت بينهما محادثة برأ فيها «باتا» نفسه، وجب عضو التناسل منه، وأبان عزمه على الرحيل إلى وادي الأرز، وأنه سيضع قلبه على زهرة في أعلى إحدى أشجاره، وعين له علامة إذا حدثت كانت دليلًا على وفاته. وعلى الأخ الأكبر حينئذ أن يذهب إلى وادي الأرز، ويبحث عن قلبه، ويضعه في الماء؛ فتعود إلى «باتا» الحياة ثانية، وينتقم لنفسه من القاتل.

وبعد هذه المحاورة رجع «أنوب» إلى قريته فقتل زوجته انتقامًا لأخيه. أما «باتا» فقد سعى إلى وادي الأرز، ولما رأته الآلهة وحيدًا في هذا الوادي أشفقت عليه وجعلوا الإله «خنوم» يسوي له زوجة، وقد خالفته هذه الزوجة فخرجت إلى البحر على الرغم من تحذيره لها من هذا العمل، فأراد البحر أن يختطفها، ولكن «باتا» أنقذها منه، وكل ما استطاع البحر أن يأخذه خصلة من شعرها طفت على وجهه حتى وصلت إلى مصر، وهناك فاح شذاها، وانتشر رياها؛ فشغف الفرعون بصاحبتها، وأرسل إلى وادي الأرز في طلبها، فحضرت زوجة «باتا» مع الرسول وصارت خطيبة الفرعون، ولما كانت تخاف بأس زوجها أغرت الفرعون بقطع شجرة الأرز التي تحمل قلبه، فسقط قلبه بسقوطها ومات. وعندئذ حدثت العلامة التي كان قد ذكرها لأخيه ليعلم بها أمر موته — وهو فوران إبريق من الجعة — فسعى في الحال «أنوب» إلى وادي الأرز لينقذ قلب أخيه، وبعد سنين وجده في صورة فاكهة، فأعاده إلى الحياة بوضعه في الماء، ثم صير «باتا» نفسه ثورًا، وحمل أخاه إلى مصر، وأفصح لزوجه عن شخصيته، فأغرت الفرعون بذبحه؛ فتطايرت منه نقطتان من الدم نبتتا بعد شجرتين من الأثل سكن فيهما «باتا»، وأسرَّ إلى زوجته بأمره، فأغرت الفرعون بقطع الشجرتين، وصنع أثاث لها منهما ففعل، وفي أثناء صنع الأثاث تطايرت شظيتان من الخشب دخلتا في فم الزوجة فحملت وأنجبت صبيًّا صار وليًّا للعرش، وعند وفاة الملك نُصب هذا الصبي خلفًا له ملكًا على البلاد، ولم يكن ذلك الصبي إلا «باتا» نفسه، فانتقم لنفسه من زوجته الخائنة بقتلها.

وهذه القصة كانت تعد فذة في بابها؛ لأنها من الأساطير الدينية القليلة التي وصلت إلينا، والواقع أن كل مشتغل باللغة المصرية القديمة يدرك أن القصص الخرافية التي ينحصر أبطالها في محيط الآلهة وحدهم قليلة أو نادرة. ومن أهم القصص التي كُشف عنها حديثًا؛ قصة المخاصمة بين «حور وست»، ولها علاقة بقصة «مأساة أوزير»، ومصدر الأخيرة الذي لا يشفي غلة ما ورد عنها في كتاب «ديدور الصقلي»، و«بلوتارخ» من مشهوري كتَّاب اليونان لولا ما دُس فيها من العناصر الدخيلة التي شوهتها. وإذن فليس لنا مرجع لهذه القصة إلا النتف اليسيرة المبعثرة في المتون المصرية، وبخاصة الدينية منها، والسحرية التي تبدو كالشعرات البيض في الفرس الأشهب، وهي مع ذلك لا تخلو من تناقض واضطراب، وقد بقيت المصادر الإغريقية هي السند الوحيد لدينا إلى أن كُشف عن القصة في بردية من عصر الرعامسة. وتتلخص فيما يأتي: اشتد النزاع بين الأخوين «أوزير» و«ست» على عرش مصر، فاغتال «ست» «أوزير»، ولكن الحياة دبت ثانية في جسمه بفضل أخته «إزيس»، فترك دنيا الغدر وما فيها، وهبط يحكم في العالم السفلي بعد أن نزل عن عرش مصر لابنه «حور». ولقد كان من الطبعي أن يبدأ النزاع من جديد بين «ست» و«حور» على العرش مرة ثانية؛ فتشاحنا وتخاصما إلى محكمة الآلهة التي كان يرأسها الإله «رع». وكان «حور» يعتز في عراكه بعدالة قضيته، وبإرثه الشرعي، وبمساعدة «إزيس». وكان «ست» يعتد بقوته وجبروته، ومعاضدة الإله «رع» له، ومن ثم كانت الأحكام الأوَّلية في هذه القضية في جانبه خشية بأسه، وفرارًا من أذاه، حتى إذا ضاقت الحلقة وتضافرت الأدلة كلها عليه بعد تهديد «أوزير» ﻟ «رع» ومجلسه، ولم يجد القضاة من الآلهة فرجة ينفذون منها إلى مناصرته، أصدروا حكمهم في جانب الحق، فآل مُلك مصر إلى وارثه الشرعي «حور بن أوزير» (راجع كتاب الأدب المصري القديم عن درس هذه القصة ومتنها جزء أول ص127–160).

ولا بد أن يكون القاص لقصتنا هذه قد أراد أن تكون غذاء للعامة، فانحدر بأسلوبها إلى مستواهم كما يفعل قاصُّو القرى الآن في مجالس الفلاحين، وقصتنا من ناحية أخرى لها أهمية خاصة غير التي كسبتها من موضوعها، وأبطالها، وممثليها، وهي أنها صورت لنا حياة البلاط الفرعوني، وسياسته في العهد الإقطاعي، ولكن بصورة مقنعة (راجع كتاب الأدب ص137 إلخ).

والواقع أن قصة المخاصمة بين «حور» و«ست» تعد ملحمة أدبية إذا ما قرنت بالملاحم الأخرى في أدب العالم؛ إذ في هذه القصة قد امتزجت الخرافة والحقيقة وانصهرتا معًا، وصُبتا في قالب واحد؛ فنبت فيه شخصية كل من المزيجين فظهرا في صورة واحدة لا تتميز فيها إحداهما؛ إذ بينما نجد الحوادث فيها تجري على يد الآلهة وحدهم نرى ظل هذه الحوادث نفسها ينطبق على حادث تاريخي معين وقع في مصر في وقت معين، فإذا أبدلنا بالإله «رع»، ومن مثل معه من الآلهة في هذه القصة — ملكًا جاء في بداية الأسرة الثانية عشرة، ومعه حكام الإقطاع — رأينا أن هذه الرواية التي مثل الملك وحكام الإقطاع فصولها تنطبق تمام الانطباق على أختها التي كان «رع» وأتباعه من الآلهة أبطالها ونجومها.

...........................................
1- راجع: Pap. Bibl. Nat. 198, 2 Spiegelberg Correspondence du. Temps des. Rois Pretres p. 68–74.

2- راجع: يجد القارئ ترجمة كاملة لهذه الوثيقة في كتاب الأدب المصري القديم الجزء الأول ص387 إلخ.




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).