أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-21
158
التاريخ: 13-10-2014
2813
التاريخ: 2024-10-01
199
التاريخ: 2023-09-14
974
|
بعض الامور التي تتعلق باخراج الزكاة - القسم الثاني
{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215]
«ما» إما مرفوع المحلّ على الابتداء وذا موصول بصلته خبر له والعائد محذوف أى ما الذي ينفقونه أو «ما ذا» بمنزلة شيء واحد ، منصوب بأنه مفعول ينفقون ، فذا كاللّغو لأنّ ما مفيد للمعنى كما قيل.
وما موصول تضمّن معنى الشرط رفع بالابتداء ، وأنفقتم صلته ، وفي محلّ الجزم به ، و (مِنْ خَيْرٍ) في موضع الحال عن العائد المحذوف ، و «من» للتبيين ، فللوالدين خبر مبتدأ محذوف أى فهو لهما ، والجملة خبر «ما» والفاء جواب الشرط ، ومطابقة الجواب للسؤال من حيث أنّه قد تضمن قوله (ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) بيان ما ينفقونه ، وهو كلّ خير فقدّر في طرف القلّة بما يسمّى خيرا وأما في الكثرة فلا حدّ له ، بل ما بلغ لكن بنى الكلام على ما هو أهمّ وهو بيان المصرف لأنّ النفقة لا يعتدّ بها إلّا أن تقع موقعها.
وعن ابن عباس [1] أنه جاء عمرو بن الجموح وهو شيخ همّ وله مال عظيم فقال ما ذا ننفق من أموالنا وأين نضعها؟ فنزلت وحينئذ فتخصيص الأوّل في السؤال لعلّه لاهتمام السائل به واعتقاده أنّ تحقيقه أهمّ وهو أدخل في القبول وترتّب الأجر ففي الجواب أشير إلى خلافه ، وقيل : المراد ما ذا ينفقون على وجه كامل تأمّل.
في المجمع [2] المراد بالوالدين الأب والامّ والجدّ والجدّة وإن عليا ، لأنهم يدخلون في اسم الوالدين ، وبالأقربين قرابة المعطي ، واعلم أنه يلوح من بعض دخول الأولاد في الأقربين ، وفيه نظر وكان الأوّل على التغليب أيضا فتأمل.
وقد اختلفوا في هذه النفقة ، فقال الحسن : المراد نفقة التطوّع على من لا يجوز وضع الزكاة عنده والزكاة لمن يجوز وضع الزكاة عنده ، فهي عامّة في المفروضة والتطوّع قاله في المجمع ، والأظهر في هذا المعنى إرادة الأعمّ [3] وأنها في هؤلاء على حسب ما يجوز شرعا ، فيدخل الزكاة والنفقة الواجبة وصلة الأرحام ، وسائر مندوبات الصدقات ، كما ذهب إليه صاحب الكنز.
ويمكن الحمل على الواجبة على نحو ذلك فلا ينافي ذكر الوالدين لوجوب نفقتهما ، بل على الزكاة المفروضة لجواز إعطاء الوالدين لا في جهة النفقة كسهم الرقاب والغارمين ، بل ومن سهم الفقراء على ما قيل مثل إعطائهما ما يحتاجان إليه في طلب العلم أو الاشتغال بالعبادة زيادة على الواجب ، أو مؤنة الزواج ونحو ذلك.
وفي الكشّاف وعن السدّي [4] هي منسوخة بفرض الزكاة ، وأجيب بعدم المنافاة مع أنّه لا دليل عليه ، وفي المجمع وقال السّدي الآية واردة في الزكاة ثمّ نسخت ببيان مصارف الزكاة. وحينئذ ربما توجّه منافاة ولكن النسخ يحتاج إلى دليل قوى ، وليس ، ولا ضعيفا ، فان وروده في الزكاة غير مشهور ، ولا به رواية عن ثقة ويأباه ظاهر الاية كما لا يخفى ، على أنك قد عرفت وجه الجمع وعدم التنافي.
وفي المجمع عن الحسن هي في التطوّع بدليل باقي الآية ولقوله (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) أى عمل صالح إلى هؤلاء أو غيرهم (فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) فيوفيكم ثوابه ويجازيكم من غير أن يضيع منه شيء وكأنّ ذلك تعميم للجواب أو وتتميم له ، فيفهم أنّ ما ينفقونه من مال فلهؤلاء أولا أو على الأولويّة والأحقية ، وما تفعلوا من إنفاق الخير المذكور وغيره من المعروف لهؤلاء وغيرهم (فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) فيوفّيهم الأجر من غير نقص ، فيكون فيه ترغيب على تعميم المعروف ، وتوسيع الخلق للخلق وحسن المعاشرة.
{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: 219]
قالوا : السائل عمرو بن الجموح : سأل عن النفقة في الجهاد ، وقيل : في الصدقات (قُلِ الْعَفْوَ) أي أنفقوا العفو أو العفو تنفقون ، أو أنفقوا ، وقرئ بالرفع أي الذي تنفقونه العفو.
وفيه أقوال : أحدها أنّه ما فضل عن الأهل والعيال أو الفضل عن الغنى عن ابن عباس وقتادة ، وثانيها الوسط من غير إسراف ولا اقتار عن الحسن وعطا وهو المرويّ عن أبى عبد الله عليهالسلام ، وثالثها أنّه ما فضل عن قوت السنة عن أبى جعفر عليهالسلام : قال: ونسخ ذلك بآية الزكاة ، وبه قال السدّي. ورابعها إنه أطيب المال وأفضله كذا في المجمع [5].
والأقوال الأول متقاربة ، ولهذا قال في المعالم قال قتادة وعطا والسديّ هو ما فضل عن الحاجة ، وكانت الصحابة يكسبون المال ويمسكون قدر النفقة ، ويتصدّقون بالفضل بحكم هذه الآية ثمّ نسخ بآية الزكاة هذا ، وفي النسخ تأمل لعدم منافاة ظاهرة ودليل واضح.
وعن طاوس أنه ما يسرّ ومنه قوله تعالى (خُذِ الْعَفْوَ) أي الميسور من أخلاق الناس ، وبه يشعر ما روي عن عليّ عليهالسلام أنه قال لعامله : إيّاك أن تضرب مسلما أو يهوديا أو نصرانيا في درهم خراج أو تبيع دابة عمل في درهم ، فإنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو [6].
وفي الكشّاف ونحوه في تفسير القاضي أنّه نقيض الجهد ، وهو أن ينفق ما لا يبلغ منه الجهد قال «خذي العفو منّى تستديمي مودّتي» ويقال للأرض السهلة العفو ، وعن النبي صلىاللهعليهوآله [7] أنّ رجلا أتاه ببيضة من ذهب أصابها في بعض المغازي فقال : خذها منّى صدقة فأعرض عنه رسول الله ، فأتاه من الجانب الأيمن فقال مثله فأعرض عنه ثمّ أتاه من الجانب الأيسر فأعرض عنه فقال هاتها مغضبا فأخذها فخذفه بها خذفا لو أصابه لشجّته أو عقرته ، ثمّ قال : يجيء أحدكم بماله يتصدّق به ويجلس يتكفّف الناس إنّما الصدقة عن ظهر غنى.
ولا بعد في هذا الخبر {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 27] بيانا مثل ذلك (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) والحجج في أحكام الدين أو وأمور الدنيا (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) في الدنيا والآخرة. إما أن يتعلّق بيتفكّرون أي لعلّكم تتفكرون فيما يتعلق بالدارين ، فتأخذون بما هو أصلح لكم في الدارين فينتظم لكم أمر الدنيا والآخرة كما بيّنت لكم أنّ العفو أصلح من الجهد والإسراف في النفقة ، أو وأنّ الإثم في الخمر والميسر أكثر من نفعهما ، وفي تخصيص الإشارة بهذا نحو بعد ، أو في الدارين فتؤثرون إبقاءهما وأكثرهما منافع فتختارون الآخرة وتتركون الخمر والميسر لإثمهما ، ولا تتلوّثون بهما لمنافع زعم الناس لهم ، مع أنّ إثمهما أكبر ، ولا تقصرون في الإنفاق بل تتسابقون فيه حيث قد سهل عليكم. وإما إن يتعلّق بيبيّن على معنى يبيّن لكم الآيات في أمر الدارين وما يتعلّق بهما لعلّكم تتفكّرون.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 254] [8].
الأمر بظاهره يقتضي وجوب الإنفاق ، وظاهر أن ليس المراد بشيء ما مطلقا فلا بدّ أن يكون إشارة إلى معين في الجملة ، فعن السديّ أراد به الزكاة المفروضة وذلك لأنها أعرف النفقات وأهمّها.
وقيل أراد به الفرض مطلقا الزكوات وغيرها كالإنفاق على من وجبت نفقته ، وسدّ جوعة المسلم ، وفي الحج دون النفل لإقران الوعيد به ، وقيل : يدخل فيه النفل أيضا. في المجمع وهو الأقوى [9] لأنه أعمّ ، ولانّ الآية ليس فيها وعيد على ترك النفقة وإنّما فيها إخبار عن عظم أهوال يوم القيامة وشدائدها.
وفيه تأمل نظرا إلى ما يأتي ونظرا إلى ما تقدّم ، ويكون الأمر حينئذ لمطلق الرجحان أى أنفقوا من قبل أن يأتي يوم لا تقدرون فيه على تدارك ما فرّطتم ، والخلاص من تبعته من العذاب. أو الفوز بعظيم الأجر والثواب ، إذ لا بيع فتحصلون ما تنفقون أو تفتدون به ، ولا خلّة حتى يعينكم أخلّاؤكم أو يسامحونكم به.
ولا شفاعة فيكون لكم شفيع يشفع لكم ، فمن فاته هنا فقد فاته هذا ، وقد قال تعالى {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] والأمة أجمعت على إثبات الشفاعة يوم القيامة ، وتدلّ عليه آيات وأخبار كثيرة فاما أن يكون المراد النفي مطلقا لتارك الإنفاق كما هو المناسب بتمام الربط ، وظاهر السياق ، أو نفى ما يجوز الاعتماد عليه في التدارك ، أو المراد إلّا ما استثني وهو مما لا يجوز الاعتماد عليه في ذلك لاشتراط الاذن والرضا منه ، يقال فقد لا يأذن له ولا يرضى لعدم استئهاله.
(وَالْكافِرُونَ) قيل أى تاركوا الإنفاق (هُمُ الظَّالِمُونَ) فعبّر عن تركه بالكفر كما عبّر عن ترك الحجّ به ، وحصر الظالمين فيهم أيضا للمبالغة ، ومزيد الاهتمام به أو المراد والكافرون هم مقيمون على ظلم أنفسهم فلا تكونوا مثلهم وأنتم مؤمنون إشارة إلى أن ترك الإنفاق ظلم وهو من صفات الكفّار لا يجوز للمؤمنين الاتّصاف به ، وربما أومأ إلى أنّ إصرار ذلك قد يلحقهم بهم ، ويدلّ عليه بعض الروايات في منع الزكاة فتأمل.
أو المراد الكافرون بهذا اليوم هم الظالمون أنفسهم مطلقا ، أو بمنع الإنفاق كما في قوله {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: 6-7] وهذا قريب من السابق ، ويجوز أن يكون تخصيص الكافر بالظلم باعتبار أنهم الكاملون في الظلم ، وظلمهم قد بلغ الغاية وليس مبلغ ظلم المؤمنين وغيرهم مبلغ ظلم الكافرين.
ونظيره فلان هو الفقيه ، وفلان هو الفاضل ، ويراد به تقديمه على غيره فيما أضيف إليه ، فكأنّه قيل الكافرون هم الكاملون في الظلم ، بالغين الغاية فيه ، فإياكم أن تتشبّهوا بهم وتعملوا مثل عملهم وأنتم مؤمنون بالله واليوم الآخر ، فافهم.
أو باعتبار أنّ الله لا يظلمهم يوم القيامة بل هم الظالمون أنفسهم فكأنه لما نفى البيع والخلّة والشفاعة وأخبر أنه قد حرم الكافر هذه الأمور ، مع ما هو معلوم من الدين ضرورة من شدّة عذابه وأليم عقابه في ذلك اليوم ، قال ليس ذلك بظلم منّا بل الكافرون هم الظالمون أنفسهم بعمل ما استحقّوا ذلك به ، فكذلك إذا استحققتم شيئا من العذاب أو حرمان شيء من الثواب يكون من قبل أنفسكم ، وعلى هذا يحتمل حمل الإنفاق على ما يعمّ الفرض والنفل ، حملا للأمر على مطلق الرجحان.
[1] الكشاف ج 1 ص 257.
[2] المجمع ج 1 ص 310.
[3] قد أوضحنا مرارا انه لا مانع من جمع الواجب والمندوب في جملة واحدة وان الحاكم بوجوب إطاعة أمر المولى انما هو العقل وما ورد من الرخصة في الترك يكون واردا على هذا الحكم من العقل.
[4] الكشاف ج 1 ب 257.
[5] المجمع ج 1 ص 316.
[6] للحديث صدر ترك نقله المصنف وأخذ مورد الحاجة من الحديث وهو في الكافي ج 1 ص 152 باب أدب المصدق الحديث 8 وفي المرات ج 3 ص 193 وفي التهذيب ج 4 ص 98 الرقم 275 والفقيه ج 2 ص 13 الرقم 9 والمقنعة ص 42 ونقله في الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الانعام ج 6 ص 90 المسلسل 11686.
قال في المرآت أن تأخذ منهم العفو أي الزيادة أو الوسط أو يكون منصوبا بنزع الخافض اى بالعفو وقال في النهاية في حديث ابن الزبير ان الله أمر نبيه أن يأخذ بالعفو من أخلاق الناس هو السهل المتيسر اى أمره أن يحتمل أخلاقهم ويقبل منها ما سهل وتيسر ولا يستقصي عليهم وقال الجوهري العفو ما يفضل من الصدقة انتهى ما في المرآت.
[7] كنز العرفان ج 1 ص 245 ومستدرك الوسائل ج 1 ص 544 عن غوالي اللئالى وسنن ابى داود ج 2 ص 177 الرقم 1673 ط مطبعة السعادة وسنن البيهقي ج 5 ص 181 والكشاف ج 1 ص 263 وفي الكافي الشاف ذيله تخريجه.
[8] قال في المجمع قرء ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة بالفتح فيها اجمع وفي سورة إبراهيم لا بيع فيه ولا خلال وفي الطور لا لغو ولا تأثيم وقرء الباقون جميعها بالرفع انظر ج 1 ص 359 وكذلك انظر روح المعاني ج 3 ص 4 والحجة لابن خالويه ص 75.
[9] انظر المجمع ج 1 ص 360.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|