المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الفرعون رعمسيس الثامن
2024-11-28
رعمسيس السابع
2024-11-28
: نسيآمون الكاهن الأكبر «لآمون» في «الكرنك»
2024-11-28
الكاهن الأكبر (لآمون) في عهد رعمسيس السادس (الكاهن مري باستت)
2024-11-28
مقبرة (رعمسيس السادس)
2024-11-28
حصاد البطاطس
2024-11-28

مزايا وعيوب العينة العنقودية
16-3-2022
أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني
19-1-2018
التزامات الوكيل
14-3-2016
تركيب النيازك
23-11-2016
حصر الاستعانة باللّه جلّ اسمه‏
9-06-2015
المجمع المسكوني السادس.
2023-10-21


أثر التفسير القضائي للنص على استقرار المعاملات  
  
1029   11:58 صباحاً   التاريخ: 2024-03-20
المؤلف : علي محمود حميد
الكتاب أو المصدر : ديمومة النص في القانون المدني
الجزء والصفحة : ص130-139
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون المدني /

الأصل ان تكون النصوص القانونية مصاغة بشكل جيد وتنطوي على قاعدة قانونية واضحة ، مما يسهل تطبيقها على المسائل القانونية ويسهل التعامل على أساسها ، ولكنها (النصوص القانونية ) قد يعتريها غموص او نقص أو أخطاء لغوية او قانونية ، تحتم على القائم على تطبيق القانون اللجوء الى التفسير بما يحقق الفائدة العملية من هذه وجود النصوص القانونية (1)
والتفسير ضرورة ملحة في التطبيق العملي للقانون ، فضلا عن الناحية النظرية ، وهذه الضرورة نابعة من كون ان القانون هو نتاج بشري لا يبلغ الكمال مهما اتخذ الانسان الى ذلك سبيلا ، اذ ان المشرع لا يمكن له ان يتصور جميع الحالات التي ممكن ان تحصل من الناحية العملية ، كما ان من الممكن ان لا يعبر المشرع عن ارادته بالصورة السليمة ، فيُسقط لفظا في غير محله او يسهو عن اللفظ السليم او يختار من الكلمات التي تكون لها معان مختلفة او غير ذلك ، مما يجعل من عملية التفسير حاضرة في تطبيق القانون ولازمة له (2) .
وهناك اتجاهان يحددان نطاق عملية التفسير ، الاتجاه الضيق الذي يحد من عملية التفسير والاتجاه الواسع الذي يوسع منها ، اما الاتجاه الضيق فانه يأخذ بتفسير النصوص التشريعية فقط ، أي النصوص القانونية المكتوبة (3)  ، واما التفسير الواسع فانه يتبنى تفسير جميع مصادر القانون سواء المكتوبة منها ام غيرها كالعرف واحكام القضاء ، فعندما تعجز النصوص القانونية عن إعطاء الحكم في القضايا المستجدة ، فيجب عند إذ اللجوء الى تفسير المصادر الأخرى لبيان الحكم القانوني المستوحى من جوهر وحكمة التشريع (4)
وتبعا لذلك فقد تعددت التعريفات لعملية تفسير النصوص القانونية حسب الاتجاه الذي يأخذ به ، فمنهم (5) من عرفه على انه ( الوقوف على معنى القاعدة القانونية وتحديد نطاقها حتى يتسنى اعمال حكمها على ما يعرض من حالات خاصة ) ، وأيضا عرفه البعض (6) على انه ( توضيح من ابهم من الفاظ التشريع وتكميل ما اقتضب من نصوصه ، وتخريج ما نقص من احكامه والتوفيق بين اجزائه المتناقضة ) ، وهذه التعريفات تتبع الاتجاه الضيق في تفسير النصوص القانونية ، اما التعريفات التي تأخذ بالاتجاه الواسع للتفسير فقد تم تعريفه على انه ( توضيح ما غمض من الفاظ النص وتقويم عيوبه واستكمال ما نقص من احكامه والتوفيق بين اجزائه المتعارضة وتكييفه على نحو يجاري متطلبات المجتمع وروح العصر ) (7) ، ومنهم (8) من عرفه على انه ( عملية ذهنية ترد على القاعدة القانونية أيا كان مصدرها وفق قواعد علمية رصينة لبيان معنى هذه القاعدة او كشف غموضها أو إزالة تعارضها مع ما يرتبط بها من قواعد أخرى او اكمال ما انتقص في مبناها مما لا ينفك عن معناها بغية انزال مضمونها الصحيح على الحالة الواقعية محل التفسير ) .
ونحن بدورنا نؤيد الاتجاه الثاني الذي يأخذ بالتفسير الواسع للقانون وعدم التقيد بالنصوص التشريعية ، لان من شأن ذلك ان يفسح المجال لتطوير القانون وديمومته ، وان التعرض للتفسير في الوقت الحالي يكون عند معالجة النصوص التشريعية وذلك لسببين : أولهما ان التشريع هو المصدر الأكثر شيوعا للقواعد القانونية ، وثانيا ان التفسير يكون اكثر انطباقا على النصوص التشريعية من غيرها (9) .
وتجدر الملاحظة بان المشرع العراقي قد اخذ بالاتجاه الواسع للتفسير وذلك بموجب المادة (3) من قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل ، إذ جاء في هذه المادة ( الزام القاضي باتباع التفسير المتطور للقانون ... ) ، جاءت كلمة التفسير معرفة (بال التعريف ) للدلالة على العموم، كما أن عبارة القانون تعني عموم القواعد القانونية أيا كان مصدرها التشريع ام العرف ام غيرها من المصادر التي رتبتها المادة الأولى من القانون المدني العراقي (10) .
وقد يتشابه مصطلح التفسير مع مصطلح ( التأويل ) (11) ، أو قد يُظن انه مرادف له ، الا ان ذلك غير صحيح ، فالتفسير يختلف عن التأويل من جهة المفهوم والنطاق ، اذ ان مجال التفسير أوسع من ناحية التطبيق العملي ؛ كون ان تفسير القانون وفق المفهوم الواسع يتناول غموض النصوص القانونية واستكمال النقص فيها ، كما يوفق بين الأجزاء المتعارضة والتكييف بنحو يراعي متطلبات وروح العصر ، بينما يتعلق التأويل بالنصوص الظنية والتي تقبل التأويل مع وجود الدليل على صرف اللفظ الظاهر الى المعنى غير الظاهر (12) .
والتفسير على أنواع متعددة وهي التفسير التشريعي الذي يصدر عن السلطة التشريعية ، والتفسير القضائي الذي يصدر القضاء بمناسبة تطبيقه للقانون لحل النزاعات في القضايا التي ينظرها ، وأخيرا التفسير الفقهي وهو الذي يصدر عن رجال القانون والكتاب وهم بصدد دراسة القانون والتعليق عليه ، وقد يكون التفسير صادرا عن جهة الادارة وهذا التفسير يصدر عن رجال الإدارة بحكم وظائفهم لتيسير عمل المرافق العامة (13) ، وما يهمنا هنا حقيقة هو التفسير القضائي ؛ كونه يتميز بطابع علمي وواقعي إذ ينبري القضاء للتفسير وهو بصدد تطبيق القانون عمليا ليجد الحل المناسب للمسائل والقضايا التي ينظرها ، إذ ان التفسير هو من صميم عمل القضاء لتطبيق حكم القانون الصحيح ، وتجسيد إرادة المشرع على القضايا المنظورة امامه وتطوير القانون من خلال التفسير استجابة لمتطلبات وتطور الحياة الانسانية (14) .
ويجد التفسير مجاله الواسع في النظام القانوني العراقي ، اذ ان المحاكم العراقية لا تأخذ بنظام السوابق القضائية ، إذ إن محاكم الموضوع غير ملزمة قانونا بان تتتبع القرارات التي أصدرتها سابقا في ذات الموضوع ، وغير ملزمة أيضا بالقرارات الصادرة عن المحاكم الأعلى منها درجة ، ما عدا قرارات المحكمة الاتحادية العليا وقرارات محكمة التمييز الاتحادية التي تصدر عن الهيأة العامة (15) ، ونجد ان كثيراً من الدول في العصر الحديث لا تأخذ بنظام السوابق القضائية ما عدا الدول ذات الاتجاه الانكلوسكسوني ، وابرز مثال على هذه الدول هي المملكة المتحدة ، وأيضا نجد ان القضاء المصري لا يعمل بنظام السوابق القضائية وكذلك القضاء الفرنسي ، إذ لا ينكر دور تفسيرات محكمة النقض الفرنسية في تطوير القانون من خلال تفسيره وتوسعها في تفسيره (16) .
وحقيقية هناك العديد من القرارات التي استهدف القضاء فيها تحقيق استقرار المعاملات ، بناءً على تفسيراته لنصوص القانون ، منها تفسير محكمة التمييز الاتحادية باختصاص محكمة البداءة بالدعوى وموضوعها منع معارضة ، إذ إدعت محكمة الموضوع بعدم اختصاصها على أعمال اللجان المشكلة بموجب قانون رقم 80 لسنة 1970(17) ، استنادا الى الولاية العامة للقضاء على كافة الأشخاص الطبيعية والمعنوية ، بموجب المادة (29) (18) من قانون المرافعات المدنية الا ما استثني منها بنص خاص ، وان امتناع وزارة  المالية من تسجيل الأرض موضوع الدعوى باسم البلدية المختصة رضاءً فيتم ذلك جبرا عن طريق القضاء ، وان التعكز على افتراض التلازم بين تطبيق قانون رقم 80 لسنة 1970 ووجود التخصيصات المالية الكافية ووجوب استيفائها لا يمكن قبوله والحال هذه ، فان صح هذا الامر فانه لا يمنع من تطبيق القانون ان توفرت شروطه الموضوعية ، وان عدم تسديد اية مبالغ ناتجة عن تعويض او رسوم او اية أعباء مالية تقع بذمة دائرة المدعي فانه يعتبر دين بذمتهم يمكن استيفائه رضاء او قضاء (19) .
وبذلك قد اتجهت محكمة التمييز الاتحادية (20) الى اختصاص محكمة الموضوع بموضوع الدعوى حفاظا على استقرار المعاملات ، وعدم بقاء الموضوع بدون حل مما يخل بعمل البلدية في تقديم الخدمات والتصرف بالعقار على وفق المصلحة العامة ، وأيضا جاء تفسير محكمة التمييز الاتحادية لكي لا يمتنع القضاء عن الحكم بحجة عدم اختصاصه او بحجة عدم وجود النص القانوني ، مما يجعل من المحكمة منكرة للعدالة وذلك لعدم الفصل بموضوع الدعوى .
أيضا من المبادئ التفسيرية التي استقرت عليها محكمة التمييز ، هي ( ان اجر المثل هو نوع من أنواع التعويض لذا فان تكرار المطالبة لا سند له من القانون ) (21) ، إذ قضت المحكمة بان تكرار مطالبة المدعي باجر المثل في الدعوى ليس له سند من القانون ، وبنت المحكمة قرارها على تفسير المادة (1050) من القانون المدني ، وقررت بان التعويض عن نفس الضرر الذي تسبب به نفس الشخص يكون لمرة واحدة ، إذ ان المدعي سبق وان استحصل على اجر المثل عن قيام المدعى عليه بإنشاء أبراج للطاقة الكهربائية على القطعة العائدة للمدعي ، وبذلك فان لا يجوز للمدعي تكرار إقامة الدعاوى للمطالبة باجر المثل عن نفس التجاوز الذي حصل على ارضه من جانب المدعى عليه ، ونجد بأنه وبموجب توجه محكمة التمييز الاتحادية هذا حصل نوع من الاستقرار في المعاملات ، اذ انه وبعد هذا التوجه التمييزي فقد تم التقليل من هكذا نوع من الدعاوى لتخفيف العبء على المحاكم ، ونحن بدورنا لا نؤيد هذا التوجه لمحكمة التمييز الاتحادية كونه منافي للعدالة ويؤسس لحالة تؤدي الى وقوع الظلم والحيف على أصحاب العقارات التي يتم التجاوز عليها سواء اكان ذلك التجاوز للمصلحة العامة من عدمه ، اذ انه من المفترض على جهات الحكومة والإدارات عند قيامها بإنشاء مشاريع للمصلحة العامة ان لا تتجاوز على الأملاك الخاصة وان اضطرت لذلك فانه يجب ان يكون مقابل تعويض عادل يدفع اليه مقدما استنادا الى احكام المادتين (1050) و (1178) من القانون المدني (22) .
وعلى الرغم من ان القضاء العراقي لا يأخذ بمبدأ السوابق القضائية ، الا ان محكمة التمييز الاتحادية لا تحيد في بعض الأحيان عن توجهاتها السابقة ، بل وانها تستشهد بها ففي موضوع تفسير المحكمة لغرض تحقيق استقرار المعاملات ، فإنها قضت أيضا بعدم استحقاق المدعي لأجر المثل كتعويض عن سهامهم التي ذهبت للطريق العام ، ووجهت بوجوب قيام محكمة الموضوع بسؤال المدعي فيما اذا كان يرغب بالتعويض لمرة واحدة من عدمه، وفي حال رفضه التعويض لمرة واحدة واصراره على المطالبة باجر المثل فان الدعوى تُرد ، ، حسب استقرار قضاء محكمة التمييز على هذا النحو (23) .
وهناك قرار لمحكمة التمييز الاتحادية قائم على تفسير النصوص القانونية بغية تحقيق استقرار المعاملات ، إذ ادعى المدعون بانه تم تسفير مورثهم لأسباب عرقية وان له عقارا تمت مصادرته من قبل وزير المالية ( إضافة الى وظيفته ) ، إذ ان العقار تم بيعه الى ان وصل الى يد المدعى عليها الرابعة ، لذا طلبوا دعوة المدعى عليه ) إضافة الى وظيفته ) والحكم بإبطال قيد العقار وإعادة تسجيله باسم مورثهم ، إذ ان محكمة الموضوع قضت بإبطال قيد العقار وإعادة تسجيله باسم مورث المدعين ، تم تمييزه من قبل المدعى عليه وقضت محكمة التمييز الاتحادية بنقض قرار محكمة الموضوع ، بناءً على تفسير المادة رقم (2) من قانون هيأة دعاوى الملكية رقم 13 لسنة 2010 ، إذ شرعت احكام هذا القانون بهدف (ضمان حقوق المواطنين ) ، وبما أن مصطلح المواطنين ينصرف الى الأشخاص الذين يحملون الجنسية العراقية فقط ، ولان الثابت من مستندات الدعوى بان مورث المدعين إيراني الجنسية ، لذا لا يمكن ان يسري هذا القانون عليه لكونه غير عراقي الجنسية (24) .
ويمكن تصور الخلل الحاصل في استقرار المعاملات فيما لو قضت المحكمة بإبطال قيد عقار تم بيعه اربع مرات وإعادة تسجيله باسم مالكه الأصلي ، ناهيك عن عدم الثقة التي تتولد لدى الافراد من إمكانية نزع الملكية لوجود خلل سابق في بيانات وعائدية هذا العقار ، وعدم حماية الغير حسن النية لان هذا القرار فيه هدم للثقة وزعزعة للاستقرار، ولكن في الحقيقة ان هذا القرار ينطوي على اجحاف للعدالة .
كما اتجهت محكمة التمييز الاتحادية في تفسيرها الذي توخى تحقيق استقرار المعاملات ، على وفق مبدأ الحكم الآتي ( ان قرار سحب القطعة من الشخص الذي ملكت او خصصت له من قبل البلدية المختصة خلافاً لأحكام المادة (139) (25) من قانون التسجيل رقم 43 لسنة 1971 لا يمنع المحكمة من التصدي عن اسباب صحة السحب من عدمه ويترتب على ذلك ، اذا كان سبب السحب للقطعة صحيح فتكون دعوى المدعي واجبة الرد اما اذا كان سبب السحب غير صحيح وان التخصيص للمدعي قد تم وفقاً للقانون فله الحق بالمطالبة بإبطال قيد التسجيل العقاري للقطعة واعادتها اليه اذا كانت البلدية المختصة لم تتصرف بالقطعة وبخلاف ذلك وتصرفها للغير فان للمدعي حق المطالبة بقيمة تلك القطعة وليس ابطال قيدها وذلك حماية للغير حسن النية ومبدأ استقرار المعاملات ) (26) .
يتبين من وقائع هذه الدعوى ان المدعية قد طلبت في دعواها ابطال قيود القطعة موضوع الدعوى وإعادة تسجيلها باسمها ، إذ تم سحب القطعة منها عام 1997 واعيد تسجيلها باسم البلدية ومن ثم تم تسجيلها بإسم احد المدعى عليهم ، إذ نظرت المحكمة الى كثرة التصرفات الجارية عليها وما يمكن ان يتنج عن قرار ابطال القيد من نتائج خطيرة ، لذا فان تطبيق المادة (139) من قانون التسجيل العقاري محل نظر ولا يمكن تطبيقها على اطلاقها ، لذا اتجهت المحكمة وركنت الى حماية الغير الحسن النية والمحافظة على مبدأ استقرار المعاملات اما في مصر فقد جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية ( ان حسن النية هو اعتقاد المتصرف اليه اعتقادا تاما حين التصرف ان المتصرف مالكا لما يتصرف فيه ، فان كان هذا الاعتقاد يشوبه أي شك امتنع حسن النية ) (27) ، وهذا القرار جاء بتفسير على ان افتراض حسن النية في التعاملات هو حماية لاستقرار المعاملات ، اذ ان حُسن النية مسألة كامنة في النفس ومسألة اثباته تثير إشكالات وصعوبات جمة ومن ثم فان المراكز القانونية تبقى مستقرة على هذا الأساس ومن يدعي خلاف ذلك عليه الاثبات (28) .
وأيضا جاء في قرار اخر لمحكمة النقض المصرية ( المقرر - في قضاء محكمة النقض – ان النص في الفقرة الأولى من المادة 147 من القانون المدني على أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين وفي المادة 148 منه على أنه يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية وفي المادة 150 من القانون ذاته على أنه إذا كانت عبارة العقد واضحةً فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف على المعني الحرفي للألفاظ مع الإستهداء في ذلك بطريقة التعامل وبما ينبغي من أمانة وثقة بين المتعاقدين ، وفقًا للعرف الجاري في المعاملات يدل على أن مبدأ سلطان الإرادة مازال يسود الفكر القانوني ولازم ذلك أن ما اتفق عليه المتعاقدان متى وقع صحيحًا لا يخالف النظام العام أو الآداب أصبح ملزمًا للطرفين، فلا يجوز نقض العقد ولا تعديله من جهة أي من الطرفين، إذ إن العقد وليد إرادتين وما تعقده إرادتان لا تحله إرادة واحدة ، وهذا هو الأصل ، كما يمتنع ذلك على القاضي – أيضًا - لأنه لا يتولى إنشاء العقود عن عاقديها وإنما يقتصر عمله على تفسير مضمونها بالتزام عبارات العقد الواضحة وعدم الخروج عنها بحسبانها تعبيرًا صادقًا عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين، وذلك احتراما لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقا لاستقرار المعاملات ) (29) ، إذ اتجهت محكمة النقض في قضاءها واستهدفت استقرار المعاملات بعدم التوسع في تفسير العقد واحترام إرادة المتعاقدين اذا كانت عبارات والفاظ العقد واضحة والاعتماد على الإرادة الظاهرة للمتعاقدين وعدم تفسير العقد بما لا يحتمل سعيا لغايات معينة كتحقيق العدالة ، فيكون تفسير المحكمة بما يتلاءم مع تحقيق الاستقرار في المعاملات وثبات العقد بشروطه فيما بين المتعاقدين (30) .
تجدر الإشارة الى ان تعدد المحاكم يؤدي الى تعدد الاحكام واختلافها فيما بين هذه المحاكم نتيجة اختلاف التفسيرات والاجتهادات الخاصة لكل قاضي من قضاة هذه المحاكم بناءً على فهمه الشخصي واستنتاجاته التي يتوصل اليها مما قد يؤدي الى التعارض فيما بين هذه الاحكام والتصادم أحيانا ، لذا كان لزاما وجود هيأة قضائية عليا تعمد على توحيد تفسير القانون وتطبيقه (31) ، وهذه المحاكم موجودة في النظام القانوني لأغلب الدول لاسيما النظم القانونية للدول محل المقارنة وتضطلع بهذه المهمات الأساسية في توحيد تفسير وتطبيق القانون على المستوى القانوني والقضائي ، الا انه وبموجب القانون رقم ( 91 - 491 ) لعام 1991 قد خول المشرع الفرنسي محكمة النقض الفرنسية صلاحية ( ابداء الرأي ( إضافة الى دورها الاصلي المعروف وبهذا فقد استحدث المشرع الفرنسي دورا جديدا لهذه المحكمة في سبيل توحيد الاحكام القضائية ومنعا لتضاربها والاختلاف في تفسير النصوص القانونية ، وبذلك يتحقق الاستقرار القضائي الذي ينعكس حتما على الاستقرار العام في التعاملات المالية للأفراد ويكون هذا الأمر عن طريق طلب محكمة الموضوع ابداء الرأي القانوني من محكمة النقض الفرنسية بمناسبة نظرها لقضية غير مطروقة سابقا والاستعلام عن رأي محكمة النقض فيها ، ويكون هذا الرأي غير ملزم لمحكمة الموضوع قانونا الا ان لرأي محكمة النقض قوة أدبية كبيرة ؛ كون ان المحكمة اذا خالفت توجه محكمة النقض فان الطعن سيكون أمام ذات المحكمة التي ابدت الرأي مسبقا وبذلك فإنها ستنقض قرار المحكمة التي خالفتها بالرأي، ومن ثم يسهم هذا الاجراء في توحيد احكام القضاء ويسري دعائم استقرار المعاملات ، ويجب ان يتسم الموضوع المطلوب الرأي فيه بالحداثة ولم يصدر قرار لمحكمة النقض في موضوع مماثل له (32) .
وفي رأينا ان هذا الدور لمحكمة النقض الفرنسية لجدير بالإشادة إذ إنه يؤدي الى استقرار التعامل وأيضا الى القناعة الذاتية لأطراف الدعوى بعدالة القرار الصادر بالدعوى وعدم الطعن به لان هذا الطعن سيكون امام ذات المحكمة التي ابدأت الرأي في موضوع الدعوى مسبقا ، كما انه يوفر الجهد والوقت والمال وعدم اشغال المحكمة بالطعون اذ انه سيقلل من عدد الطعون التي من الممكن ان تقدم من اطراف الدعوى لقناعتهم بالقرار الصادر كما قلنا ومن قرارات محكمة النقض الفرنسية التي استهدفت في قضائها اهتمامات استقرار المعاملات بنت قرارها على مبدأ ( ان الدين المحرر وفق محرر عقد عرفي وان كان سببه غير شرعي ولكنه لم يكن السبب الحاسم في العقد ولا يخالف النظام العام ، عليه فانه لا يمكن للمدين الغاء هذا العقد ومن ثم فان عليه الإيفاء من جانبه للعقد وأداء الدين للدائن ) (33) .
______________ 
1-  الدكتور رمضان محمد أبو السعود والدكتور محمد حسين منصور ، المدخل الى القانون ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت - لبنان ، 2003 ، ص 233 
2- حسن ضعيف حمود ، التفسير المتطور للقانون ( دراسة مقارنة ) ، أطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية القانون جامعة بابل ، 2022  ، ص 11 - 12 
3- الدكتور عبد الرزاق السنهوري، علم أصول القانون، بدون طبعة ، مطبعة فتح الله الياس ، مصر ، 1936  ، ص 111 
4- الدكتور حسن كيره ، المدخل الى القانون، القسم الأول ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، بدون سنة طبع  ، ص 397
5-  الدكتور محمد حسين قاسم، المدخل لدراسة القانون (القاعدة القانونية - نظرية الحق ) ، الجزء الأول ، الطبعة الأولى ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت - لبنان  ، ص 389
6- الدكتور عبد الرزاق السنهوري ، مرجع سابق ، ص 110
7-  القاضي عواد حسين العبيدي ، تأويل النصوص في القانون ، ط 1 ، منشورات مكتبة الجيل العربي ، العراق – الموصل ، 2011 ، ص 71 .
8-  الدكتور خالد جمال احمد ، تفسير النص القانوني بين الحرفية والغانية ، بحث منشور في المجلة القانونية البحرينية التابعة لهيئة التشريع والافتاء القانوني ، العدد الثاني ، 2014 ، ص 21 . 
9- هند إبراهيم ، كيفية وأنواع تفسير القانون ، مقال منشور على موقع محاماة نت على الفيس بوك ، متاح على الرابط التالي https://www.facebook.com/mohamahnet ، تاريخ الزيارة 2023/6/11 ، وقت الزيارة ، 5:00 مساءا . 
10- حسن ضعيف حمود ، التفسير المتطور للقانون ( دراسة مقارنة ) ، أطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية القانون جامعة بابل ، 2022  ، ص 14 
11- يعرف التأويل على انه ( صرف اللفظ عن معناه الظاهر الى معنى آخر يحتمله اللفظ بدليل يصيره راجحا ) ، القاضي عواد حسين العبيدي ، مرجع سابق ، ص 72
12- القاضي عواد حسين العبيدي، مرجع سابق ، ص 72 
13- الدكتور عبد المجيد الحكيم والدكتور عبد الباقي البكري والدكتور محمد طه البشير ، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي ، طبعة جديدة منقحة ، الجزء الأول ، المكتبة القانونية ، بغداد ، 2018  ، ص 120
14-  الدكتور احمد شوقي محمد عبد الرحمن ، المدخل للعلوم القانونية ، النظرية العامة للقانون، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2005  ، ص 268
15-  ينظر الى نص المادة (94) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 الدائم ، وأيضا ينظر الى نص المادة (215) من قانون المرافعات المدنية المرقم 83 لسنة 1969 المعدل .
16-  الدكتور عبد الباقي البكري والدكتور طه البشير ، مرجع سابق ، ص 156 – 157
17-  قانون تمليك الاراضي الاميرية الواقعة ضمن حدود البلدية الى الوحدات الإدارية (البلديات) .
18-  تنص هذه المادة على ( تسري ولاية المحاكم المدنية على جميع الأشخاص الطبيعية والمعنوية بما في ذلك الحكومة وتختص بالفصل في كافة المنازعات الا ما استثني بنص خاص ) . 
19- قرارها المرقم (379/ الهيأة الموسعة المدنية / 2017 ، قرار غير منشور .
20- بموجب القرار المرقم 379/ الهيأة المدنية الموسعة / 2017 ، قرار غير منشور.
21- قرارها المرقم 23/ مدني /2015 ، قرار منشور على صفحة المحامي سيروان عزيز على منصة الفيس بوك ، متاح على الرابط التالي /https://www.sirwanlawyer.com/index.php 1737/11/201212/232-1255 ، تاریخ الزيارة 2023/7/6 ، وقت الزيارة 9:30 مساءا . 
22- اذ تنص المادة (1050) على ( لا يجوز ان يحرم احد من ملكه الا في الأحوال التي قررها القانون وبالطريقة التي يرسمها ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل يدفع اليه مقدما ) ، كما نصت المادة (1178) على ( لا يجوز ان يحرم المتصرف في ارض اميرية حق تصرفه الا في الأحوال التي قررها القانون وبالطريقة التي رسمها ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل يدفع اليه مقدما ) .
23-  قرارها المرقم 43/42 / الهيأة الموسعة المدنية / 2023 ، قرار منشور على صفحة المحامي اكو احمد على منصة الفيس بوك ، متاح على الرابط التالي /2834023776839590/1641657189409594https://www.facebook.com/kirkuklawyer/photos/a. type? ، تاريخ الزيارة 2023/7/6 ، وقت الزيارة 10:00 مساءا 
24- قرارها المرقم 4297 / الهيأة المدنية عقار / 2012 ، قرار غیر منشور 
25-  تنص هذه المادة على ( 1 يتم ابطال التسجيل العقاري استنادا الى قرار من الوزير قبل اكتساب التسجيل شكله النهائي وفقا لأحكام هذا القانون اما اذا كان التسجيل قد اكتسب الشكل النهائي فلا يجوز ابطاله الا بحكم قضائي حائر درجة البتات . 2- اذا ابطل التسجيل يبطل السند تبعا له ) .
26- قرارها المرقم 335/ الهيأة الموسعة المدنية / 2019 ، قرار غير منشور 
27- قرارها المرقم (262) الصادر بتاريخ 19481/29 ، القرار منشور في مجموعة . محمود احمد عمر ، نقلا عن استاذنا الدكتور علي شاكر البدري ، القيد الأول ، بحث منشور في مجلة جامعة اهل البيت عليهم السلام، العدد الثامن ، 2009 ، ص 353
28-  ينظر استاذنا الدكتور علي شاكر البدري ، القيد الأول ، بحث منشور في مجلة جامعة اهل البيت عليهم السلام، العدد الثامن ، 2009  ، ص 353 
29- قرارها المرقم (2206) لسنة 82 القضائية لعام 2021 ، القرار منشور على موقع منشورات قانونية متاح على الرابط /1171https://manshurat.org/taxonomy/term ، تاريخ الزيارة 2023/9/20 ، وقت الزيارة 9:30 مساءا 
30- علي حميد الشكري ، استقرار المعاملات المالية ، دراسة مقارنة ، أطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية القانون جامعة كربلاء ، 2014  ، ص 129 
31-  الدكتورة سحر عبد الستار امام ، تدعيم دور محكمة النقض الفرنسية في تحقيق العدالة ابداء الرأي ) ، بحث منشور ضمن وقائع المؤتمر السنوي الدولي الخامس لكلية الحقوق جامعة الإسكندرية تحت عنوان ( العدالة بين الواقع والمأمول ) ، مجلد 2 ، 2012 ، ص 1081 - 1082 .
32- الدكتورة سحر عبد الستار امام ، تدعيم دور محكمة النقض الفرنسية في تحقيق العدالة ابداء الرأي ) ، بحث منشور ضمن وقائع المؤتمر السنوي الدولي الخامس لكلية الحقوق جامعة الإسكندرية تحت عنوان ( العدالة بين الواقع والمأمول ) ، مجلد 2 ، 2012  ، ص 1086 – 1092 . 
33- قرارها المرقم ( 96 ) في 1998 ، الغرفة المدنية الأولى ، إذ تتلخص حيثيات هذا القرار ( بان شخصا كان مدينا لزوجته بمبلغ معين من المال بموجب سند عرفي وانها بعد طلاقهما قاضته لسداد الدين المقترض ، إذ ان زوجها السابق قد طعن بهذا المحرر وطلب الغاءه كونه جاء لسبب غير مشروع إذ رفضت المحكمة الطعن الذي تقدم به لكون انها تحققت من السبب الحاسم في هذا الاتفاق المحرر بموجب السند العرفي كان هو تنزيلات ضريبية غير مشروعة ولكن وبعد التحقق تبين ان زوجته السابقة قد صرحت لدى مصلحة الضرائب بكامل المبلغ المقترض وبذلك تم تفنيد السبب المدعى به وهو تنزيلات ضريبية غير مشروعة ، وعليه فإن محكمة النقض الفرنسية أيدت حكم محكمة الاستئناف في فرساي ورفضت الطعن المقدم من قبل الزوج ) ، القرار منشور لدى محمد بلمعلم ، القرارات البالغة الأهمية لمحكمة النقض الفرنسية بخصوص مدونة القانون المدني الفرنسي من 1876 لغاية 2010 ، جزء 1 ، طبعة أولى محدثة ، إصدارات RJCC75 تير ، باريس ، 2022 ، ص 47 . 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .