أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-04
1158
التاريخ: 5-3-2020
3337
التاريخ: 2024-10-24
120
التاريخ: 5-12-2017
2610
|
خيار الشرط هو أحد الخيارات الإرادية، أي ان يشترط أحد العاقدين أو كلاهما ان يكون له أو لغيره حق فسخ العقد أو إمضاءه خلال مدة محددة، فإن شاء أنفذ البيع في هذه المدة وان شاء ألغاه (1).
ويرى جانب من الفقه وهو الراجح ان التعبير الأوفق هو شرط الخيار و ليس خيار الشرط، لان شرط الخيار يعني ان يشترط أحد المتعاقدين أو كلاهما خيار فسخ العقد، اما خيار الشرط فيعني ان يشترط أحد المتعاقدين على الآخر شرطا صحيحا فلا يفي به المتعاقد الآخر فيكون للمشترط الخيار لتخلف الشرط (2)، و لهذا فقد كان القانون المدني العراقي موفقا في التعبير عندما أطلق عبارة شرط الخيار حسب نص المادة (509) منه إذ نصت على انه يصح أن يكون البيع بشرط الخيار . . .) ، وقد عالج المشرع العراقي هذا الخيار في المواد من (509) إلى المادة (513) مقتبسا أحكامه من الفقه الإسلامي، كما أورد المشرع العراق أحكاما مماثلة لأحكام هذه المواد من المادة (726) إلى المادة (730) التي نظـم بمقتضاها اقتران عقد الإيجار بشرط الخيار .
ومما تجدر الإشارة إليه ان المشرع الأردني نظم أحكام خيار الشرط ضمن أحكام الخيارات التي تشوب لزوم العقد، فأفرد له المواد من (177) إلى (183) من القانون المدني الأردني .
اما المشرع المغربي فقد نظم أحكامه ضمن أنواع خاصة من البيوع، لكونه بيعا معلقا على شرط واقف لمصلحة أحد المتعاقدين، و افرد له الفصول من (601) إلى (612) من قانون الالتزامات و العقود .
اما المشرع اليمني فقد نظم أحكامه ضمن الأوصاف المعدلة لأثر العقد، فأفرد له المواد من (234) إلى (240) منه .
اما المشرع اللبناني فقد عالج أحكامه ضمن أحكام الشرط الإرادي الفاسخ، فأفرد له المواد من (84 ) إلى (87) من قانون الموجبات اللبناني (3). وخيار الشرط قد يشترط لكلا المتعاقدين ويجوز ان يشترط لأحدهما دون الأخر، لأنه حقهما فكيفما تراضيا عليه جاز (4) ، وقد يشترطه أحد المتعاقدين ليس لنفسه وإنما لأجنبي عن العقد واشتراط الخيار لأجنبي لم يكن محل اتفاق عند فقهاء المسلمين، فالحنفية والشافعية ذهبوا إلى عدم إجازته، وحجتهم أن العقد لا يسري إلا في حق المتعاقدين و يأخذ خيار الشرط الحكم نفسه لأنه اثر من آثاره، ولذا فالسماح باشتراط الخيار لأجنبي تجعل آثار العقد تمتد لغير العاقدين وهذا غير جائز (5) ، اما الامامية والمالكية فقد أجازوا اشتراط هذا الخيار لأجنبي، لأن المتعاقد الذي يشترط الخيار إنما يشترطه لنفسه وما الأجنبي إلا وكيل أو نائب، فإذا كان بإمكان العاقد أن يشترط الخيار لنفسه فله ان ينيب غيره في اجازه العقد أو فسخه وهذا الأمر متفق عليه فلماذا نمنع اشتراط الخيار الأجنبي و ما هو إلا وكيل عن المشترط فضلا عن ذلك فان المتعاقدين لا يجوز لهم الغاء شروطهم (6).
لقول الرسول (صلى الله عليه و اله و سلم ) (المسلمون عند شروطهم) (7) . اما عن مشروعية أو مصدر هذا الخيار فأن هذا الخيار يجعل العقد غير لازم، إذ ان للمتعاقد إمضاء العقد أو فسخه فهو قد جاء على خلاف القياس استحسانا، إذ ان القياس يقضي أن المعاوضات لا يجوز تعليقها على شرط فوضع و خيار الشرط يعلق العقد، إلا انه تمت إجازته لسببين، الأول حديث الرسول (صلى الله عليه و اله و سلم ) لحبان بن منقذ إذا بايعت فقـــل لا خلابـــه و لـــي الخيار ثلاثة أيام) (8)، اما السبب الثاني لحاجة التعامل إليه، إذ ان المتعاقد الذي اشترطه يحتاج للتروي و التأمل للحيلولة دون الانخداع ، أو لكونه ليس ذا خبره، أو يريد التشاور مع من يهمه الرضا بالمعقود عليه ، فكان من مقتضاه وضع خيار الشرط حتى يدرأ التغرير عنه باستشارة أهل الخبرة و يحصل على رضا من يهمه رضاه (9).
اما عن أساس ثبوت هذا الخيار فالإرادة هي أساس ثبوت هذا الخيار، فإرادة المتعاقد الذي اشترط هذا الخيار هي الأساس الذي ترتكز عليه فكرة هذا الخيار، و لهذا يعد الفقه الإسلامي خيار الشرط من الخيارات الإرادية (10).
اما عن نطاق هذا الخيار من حيث العقود، فقد تناول الفقه الإسلامي خيار الشرط ضمن أحكام عقد البيع، فظن البعض ان هذا الخيار مقصور على عقد البيع(11)، لكن الحقيقة هي أن خيار الشرط يمكن ان يرد على كل عقد توافرت فيه الشروط الآتية :-
1- ان يكون العقد لازما، فلا يجوز هذا الخيار في العقود غير اللازمة كالوكالة والوديعة .
2- ان يكون العقد قابلا للفسخ، ولذا فلا يجوز هذا الخيار في النكاح والطلاق فالنكاح مثلا لا يصح فيه الخيار ، لأنه لا يقع غالبا إلا بعد روية ونظر وتمكن فلا يحتاج للخيار ، ولأن في ثبوت الخيار مضرة لما يلزم رد المرأة بعد ابتذالها بالعقد وذهاب حرمتها وإلحاقها بالسلع فلم يثبت فيه الخيار لذلك (12).
3- و يثبت خيار الشرط في العقود التي لا يشترط لصحتها القبض في المجلس، لذا لا يجوز ان يرد على عقد الصرف و السلم (13).
إذ يرى الفقهاء المسلمون ان خيار الشرط يرد في العقود اللازمة و لا يمكن ان يرد في العقود غير اللازمة، لأن الخيار يكون فيها لغوا لا قيمة له، لأن في هذه العقود حق الفسخ ثابت دون حاجه إلى شرط، وكذلك يجب ان تكون هذه العقود قابله للفسخ ، إذ ان العقود غير القابلة للفسخ اشتراط الخيار فيها أمر مناف لمقتضاها، إذ ان هذه العقود لا تتراخى آثارها عن عباراتها و إذا اشترط هذا الخيار فمعناه تراخي الآثار عن العبارات و هذا ما لا تقبله العقود غير القابلة للفسخ، فعقود النكاح والطلاق و الخلع لا يدخلها الخيار لكونها غير قابله للفسخ، كما لا يمكن إعمال خيار الشرط في العقود التي يشترط فيها القبض كالصرف و السلم لأن الخيار يؤدي إلى تأخير الأحكام و منها القبض، و هذه العقود التي يشترط فيها القبض هي منافية لاشتراط الخيار (14)، و قد نصت المادة (330) و (331) من مرشد الحيران على هذه الشروط .
اما بالنسبة لموقف القانون الوضعي من هذا الخيار، فقد أجاز القانون المدني العراقي اشتراط الخيار الأجنبي عن العقد، فنص على هذا الأمر في المادة (509) منه و التي نصت على انه يصح أن يكون البيع بشرط الخيار ... سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري أو لهما معا أو لأجنبي (15).
فنلاحظ بأن هذا القانون وفي إطار نص المادة (509 ) منه ذكر هذا الخيار في إطار عقد البيع، لكن هذا لا يمنع من إعمال هذا الخيار في العقود المقترنة بالشروط السابق ذكرها لان نص المادة (509) يفهم منها أن المشرع يسمح أن يكون البيع بشرط الخيار وليس بصيغة يفهم منها انه خاص بالبيع دون غيره (16).
اما بالنسبة للقانون المدني الأردني فقد نص على العقود التي يرد عليها هذا الخيار في المادة (177) منه، فجاء النص عاما على جميع العقود التي تحتمل الفسخ دون قصره على عقد البيع وكذلك نص المادة (229) مدني يمني، إذ ان المشرع اليمني سار على نهج القانون العراقي والأردني، فبين ان خيار الشرط عام على جميع العقود القابلة للفسخ والعقود اللازمة التي لا يشترط في صحتها القبض كالنكاح والوكالة والصرف والسلم .
اما عن نطاق خيار الشرط من حيث المدة، فقد اتفق الفقه الإسلامي على انه يشترط لخيار الشرط ان يحصل أثناء العقد أو بعده بمدة ومع اتفاق الفقهاء على هذا الأصل، إلا انهم اختلفوا في تفسير المدة المعلومة على مذاهب (17).
فالفقه الحنفي يذهب إلى تحديد المدة بثلاثة أيام، لأن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) قدرها بثلاثة أيام، إذ ان الشرط ثبت على خلاف القيـاس فـهـو شرط مخالف لمقتضى العقد وقد ثبت لورود النص به فيقتصر على محل النص والنص الذي ثبت فيه هو حديث الرسول (صلى الله عليه و اله وسلم) لحبان بـــن منقذ فهو مقصور على ثلاثة أيام لا يجوز تجاوزها (18)، اما الفقه الحنبلي و صاحبا أبي حنيفة فيرون ترك تحديد المدة لرضا العاقدين، لأن الغاية من شرعية هذا الشرط هو إعطاء فرصه للتروي والتفكير والتأمل، فضلا عن ذلك فأن تقدير المدة تعتمد الشرط فيرجع في تقدير المدة إلى صاحب الشرط فالمدة التي يتفق عليها المتعاقدان صحيحة بشرط ان تكون معلومة سواء كانت قصيرة أم طويلة لقول الرسول (صلى الله عليه و اله و سلم) (المسلمون عند شروطهم)(19)، فخيار الشرط و ان جاء على خلاف القياس لكن هذا لا يعني قصره على ثلاثة أيام، فأن جاء لحبان بن منقذ ثلاثة أيام فهذه المدة قد تكفي له لكن قد لا تكفي لغيره فقد يكون ذوه الذين يستشيرهم غائبين غير مقيمين معه وان قصد تعيين مده أطول فلحاجته إليها كما ان هذا الحديث الشريف شرع معقولا لا تعبدا و هو خشية الغبن في المعاملات والمدة الكافية للتروي والتفكير يقدرها المتعاقد، لأن كل شخص أدرى بحاله (20)، اما المالكية فقالوا بترك تحديد المدة للحاجة، فهنا لا يتم تحديد المدة بوقت معين و إنما تترك حسب الحاجة، و هذه الحاجة تختلف باختلاف المبيعات (21).
اما القانون المدني العراقي فأنه و ان لم يحدد مدة الخيار حسب نص المادة (509) ، إلا انه اكتفى بالإشارة إلى صحة البيع بخيار الشرط مدة معلومة إلا ان هذا لا يعني بطلان الخيار مدة غير معلومة، لأن تحديد المدة ليس من جملة الأمور الجوهرية فيجوز للقاضي النظر في ذلك و التقرير وتلمس العـرف التجاري (22) ، اما القانون المدني الأردني فقد ترك الحرية للمتعاقدين في تحديد المدة الكافية لاستعمال الخيار و في حالة عدم تحديد مدة فالقاضي يحددها حسب العرف و المألوف، و هذا ما نصت عليه المادة (177) منه فالقانون المدني الأردني، اخذ برأي أبي يوسف و محمد و ابن حنبل في ترك الأمر للمتعاقدين، و رأي مالك في حالة عدم تحديد مدة يقوم القاضي بتحديد المدة المألوفة في العادة .
اما المشرع اليمني فحسب نص المادة (230) منه التي جاء فيها ( يلزم ان يكون لخيار الشرط مدة معينة فأن اختلفا اعتبر الأقل وان سكتا عن ذكر مدة الخيار كانت مدته ثلاثة أيام ينقطع الخيار بعدها لمن شرط له، فالمشرع اليمني اخذ برأي جمهور الفقه الإسلامي في كون مدة الخيار مدة غير محددة و لم يحدد هذه المدة، و إنما ترك تحديدها لحرية المتعاقدين اما في حالة اتفاق المتعاقدين على مدة و سكتا عن تحديدها فهي ثلاثة أيام فهذه المدة قانونية لا اتفاقيه و هذا الحكم يوافق رأي أبي حنيفة (23).
______________
1- سيد ،سابق فقه السنه، ج3، للشيخ سيد سابق دار الكتاب العربي بيروت بلا تاريخ نشر ، ص 121
2- د. حسن علي الذنون النظرية العامة للفسخ في الفقه الإسلامي والقانون المدني، مطبعة نهضة مصر، 1946 ، ص 131-132.
3- إيمان طارق شكري، اثر الشرط في حكم العقد، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعـــة بابل، 1998، ص 105
4- ابن قدامة، المغني، ج4، دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع، بيروت، 1983 ، ص98.
5- الكاساني، بدائع الصنائع، ج 5، مطبعة الجمالية، مصر، بلا تاريخ نشر ، ص 174 ، ابن همام فتح القدير ، ج 5 ، دار الكتاب العربي، بيروت بلا تاريخ نشر ، ص 127 ، البهوتي، كشاف القناع على متن الإقناع، ج 3، دار الكتب العلمية، بيروت، بلا تاريخ نشر ص 204.
6- المغني ، ابن قدامة، ج 4 ، مصدر سابق، ص 100-101، الحلي، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، ج2، ط 2 ، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1983، ص277.
7- الصنعاني، سبل السلام، ج3، للعلامة محمد بن اسماعيل الصنعاني الامير ط4 دار الاحياء التراث العربي بيروت بلا تاريخ نشر ، ص 59
8- العسقلاني، فتح الباري، ج 4 ، دار المعرفة، بيروت، 1379 هـ، ص337-338، السيوطي وعبد الغني وفخر الحسن الدهلوي، شرح سنن ابن ماجة، ج 1، قديمي كتاب خانة كراتشي ص170، البيهقي، سنن البيهقي الكبرى، ج 5 ، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1994، ص 273.
9- عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، ج 4 ، منشورات محمد الداية، بيروت، بلا تاريخ نشر ، ص199، يوسف قاسم، مبادئ الفقه الإسلامي، دار النهضة العربية، 1987 ، ص393.
10- عبد الله عبد الله العلفي، أحكام الخيارات في الشريعة الاسلامية والقانون المدني اليمني – دراسة مقارنة بالقانون المدني المصري وبعض القوانين العربية دار النهضة العربية القاهرة 1988 ، ص187
11- د. عزيز كاظم جبر اثر اقتران العقد بخيار الشرط، مجلة القانون المقارن، العدد 33، 2003، ص 48.
12- ابن قدامة، المغني، ج4، دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع، بيروت، 1983 ، ص7.
13- السيد أبو القاسم الخوئي، منهاج الصالحين، ج 2، بلا مكان وتاريخ نشر ، ص30، د. أنور سلطان، مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني، دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ط1، مطبعة الجامعة الأردنية عمان، 1987 ، ص 214.
14- الأستاذ محمد أبو زهرة، الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية، ط1، بلا مكان نشر، 1939 ص 371، د. حسن علي الذنون النظرية العامة للفسخ في الفقه الإسلامي والقانون المدني، مطبعة نهضة مصر، 1946 ، ص 133-134.
15- وقد نصت على اشتراط الخيار للأجنبي المادة (177) مدني أردني والمادة (234) مدني يمني .
16- عزيز كاظم جبر اثر اقتران العقد بخيار الشرط، مجلة القانون المقارن، العدد 33، 2003 ، ص 50.
17- عزيز كاظم جبر اثر اقتران العقد بخيار الشرط، المصدر السابق، ص 52.
18- الزيلعي، نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية، ج 4 ، الدار الحديث، بلا تاريخ نشر ، ص 432-434، ابن همام فتح القدير ، ج ، دار الكتاب العربي، بيروت بلا تاريخ نشر ، ص 258 - 259، د. عدنان خالد التركماني، ضوابط العقد في الفقه الإسلامي، ط1 دار الشروق ، جدة 1981 ، ص 210 ، الأستاذ محمد أبو زهرة، الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية، مصدر سابق، ص 375-376.
19- الصنعاني، سبل السلام، ج 3، مصدر سابق، ص 59
20- المغني ابن قدامة ج 4 ، مصدر سابق، ص 95 ، البهوتي، كشاف القناع على متن الإقناع، ج 2، دار الكتب العلمية، بيروت، بلا تاريخ نشر ، ص19.
21- ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج 2، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، بلا تاريخ نشر ، ص 169.
21- د. صلاح الدين عبد اللطيف الناهي، الوجيز الوافي في القوانين المرعية في الجمهوريـــة العراقية والمملكة الأردنية الهاشمية والكويت مصادر الحقوق الشخصية مصادر الالتزامات، 1984 ، ص 175.
23- د. عبد الله عبد الله العلفي، أحكام الخيارات، مصدر سابق، ص 221-222.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|