المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4878 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

ايض حوامض الصفراء Bile Acid Metabolism
12-7-2017
البلورات المعدنية Crystals
22-2-2017
معنى كلمة سرق‌
24-11-2015
حجيّة مراسيل جمع من الرواة / مرسلة أحمد بن محمد بن عيسى.
2024-04-18
Sandwich Theorem
1-4-2022
مواضع زعموا فيها أختلاف : نظرة أو انتظار ؟
17-10-2014


هل الاعتقاد بالعصمة مخالف للقران الكريم ؟  
  
1081   06:57 صباحاً   التاريخ: 2023-08-14
المؤلف : مركز الابحاث العقائدية
الكتاب أو المصدر : موسوعة الاسئلة العقائدية
الجزء والصفحة : ج4 , ص 340
القسم : العقائد الاسلامية / أسئلة وأجوبة عقائدية / العصمة /

السؤال : قال العلاّمة الحلّي : « إنّه لو جاز عليه ـ أي الإمام ـ السهو والخطأ ، لجاز ذلك في جميع أفعاله ، ولم يبق وثوق بإخباراته عن الله تعالى ، ولا بالشرائع والأديان ، جواز أن يزيد فيها وينقص سهواً ، فتنتفي فائدة البعثة.

ومن المعلوم بالضرورة : أنّ وصف النبيّ صلى الله عليه واله بالعصمة ، أكمل وأحسن من وصفه بضدّها ، فيجب المصير إليه ، لما فيه من الاحتراز عن الضرر المظنون ؛ بل المعلوم » (1).

كُلّ ما سبق من كلامه يردّه كتاب الله ، الذي أشار إلى وقوع بعض الأنبياء في المعاصي والتوبة ، منها : قوله تعالى عن موسى عليه ‌السلام : {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: 73] ، لماذا يعتذر موسى عليه ‌السلام كُلّما سأل الخضر عن أفعاله ، وبماذا اعتذر هنا؟ لقد اعتذر بأنّه نسى ، ولا يمكن حملها هنا على الترك.

وقول موسى عليه ‌السلام : {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ...} [الأعراف: 143] ، فإنّ الرؤية عند الشيعة من أعظم المحال ، لأنّها تستلزم التحديد وغير ذلك ، فدعاء موسى هذا دائر بين الجهل بالربّ سبحانه ، وبين التجاوز في الدعاء والاعتداء فيه ، بل وإساءة الأدب مع الله تعالى .

وقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1] ، فلماذا ورد هذا السؤال من الله عزّ وجلّ ، إنّه عتاب للرسول صلى الله عليه واله ، أنّه حرّم على نفسه سريته مارية ، أو شرب العسل.

وأيضاً هل يصحّ أن يحرّم أحد الشيعة على نفسه شيئاً ممّا أحلّه الله ويكون محموداً؟ أليس هذا هو مقتضى العصمة واللطف الذي أوجبتموه على الله؟

وقوله : {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا } [الفتح: 1، 2] .

ما المقصود بقوله تعالى ذنبك؟ فالله جلّ جلاله أثبت ذنباً متقدّماً وذنباً متأخّراً ، وأثبت له مغفرة ذلك كُلّه.

 

الجواب : أمّا قوله تعالى عن موسى عليه ‌السلام : ( لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ... ) ، فيمكن أن تحمل : أنّه أراد لا تأخذني بما تركت من عهدك ، وقد روي هذا الوجه عن ابن عباس وأُبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه واله (2).

والوجه الآخر الذي يمكن أن تحمل عليه الآية : أنّه أراد لا تؤاخذني بما فعلته ، ممّا يشبه النسيان ، فسمّاه نسياناً للمشابهة ، كما قال المؤذّن لأخوة يوسف عليه ‌السلام : {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } [يوسف: 70] أي تشبهون السرّاق ، وكما يتأوّل الخبر الذي يرويه أبو هريرة عن النبيّ صلى الله عليه واله أنّه قال : « كذب إبراهيم عليه ‌السلام ثلاث كذبات : في قوله : سارة أختي ، وفي قوله : بل فعله كبيرهم هذا ، وقوله : إنّي سقيم » ، والمراد بذلك ـ إن كان هذا الخبر صحيحاً ـ أنّه فعل ما ظاهره الكذب (3).

وأمّا قول موسى عليه ‌السلام : ( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ... ) ، أنّه عليه ‌السلام لم يسأل الرؤية لنفسه ، وإنّما سألها لقومه.

فقد روي أنّ قومه طلبوا ذلك منه ، فأجابهم : بأنّ الرؤية لا تجوز عليه تعالى ، فلجّوا به وألحّوا عليه في أن يسأل الله تعالى أن يريهم نفسه ، وغلب في ظنّه أن الجواب إذا ورد من جهته جلّت عظمته كان أحسم للشبهة وأنفى لها ، فأختار السبعين الذين حضروا للميقات ، لتكون المسألة بمحضر منهم ، فيعرفوا ما يرد من الجواب ، فسئل عليه ‌السلام على ما نطق به القرآن ، وأجيب بما يدلّ على أنّ الرؤية لا تجوز عليه تعالى.

ويقوّي هذا الجواب أُمور منها : قوله تعالى : {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ } [النساء: 153] .

ومنها : قوله تعالى : {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: 55] .

ومنها : قوله تعالى : {فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ } [الأعراف: 155] فأضاف ذلك إلى السفهاء ، وهذا يدلّ أنّه كان بسببهم من حيث سألوا ما لا يجوز عليه تعالى.

وليس لأحد أن يقول : لو كان موسى عليه ‌السلام يسأل الرؤية لقومه ، فلم يضف السؤال إلى نفسه ، فيقول : ( أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ) ، ولم كان الجواب مختصّاً به في قوله : ( لَن تَرَانِي )؟ وذلك أنّه غير ممتنع وقوع الإضافة على هذا الوجه ، مع أنّ المسألة كانت من أجل غيره ، إذا كانت هناك دلالة تؤمن من اللبس.

فلهذا يقول أحدنا إذا شفّع في حاجة غيره للمشفوع إليه : أسألك أن تفعل بي كذا وكذا ، وتجيبني إلى كذا وكذا ، ويحسن أن يقول المشفوع إليه : قد أجبتك وشفّعتك ، وما جرى مجرى هذه الألفاظ.

وإنّما حسن هذا لأنّ للسائل في المسألة غرضاً ، وإن رجعت إلى آخر لتحقّقه بها ، وتكلّفه كتكلفه إذا اختصّه.

وأمّا قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ... ) يظهر من كلامك أنّك تريد أن تقول : أنّ فعل النبيّ هذا ـ وهو التحريم ـ يقدح في عصمته ، لأنّ العتاب الموجّه له من الله ما هو إلاّ ذمّ للنبي صلى الله عليه واله على فعله هذا ، والذمّ لابدّ أن يكون على شيء قبيح ، وهو يقدح بالعصمة ، هذا ما فهمناه من كلامك.

وما يقال في تفسير هذه الآية : إنّها تومي إلى عمل من الأعمال المحلّلة ، التي يقترفها النبيّ صلى الله عليه واله لا ترتضيه أزواجه ، فضيّقن عليه وآذينه حتّى أرضاهن بالحلف على أن يتركه ولا يأتي به بعد.

وقوله : {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] ، المراد بالتحريم التسبيب إلى الحرمة بالحلف ، على ما تدلّ عليه الآية التالية ، فإنّ ظاهر قوله : {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] أنّه صلى الله عليه واله حلف على ذلك ، ومن شأن اليمين أن يوجب عروض الوجوب ، إن كان الحلف على الفعل ، والحرمة إن كان الحلف على الترك ، وإذا كان صلى الله عليه واله حلف على ترك ما أحلّ الله له ، فقد حرّم ما أحلّ الله بالحلف ، وليس المراد بالتحريم تشريعه صلى الله عليه واله على نفسه الحرمة ، فيما شرّع الله له في الحلّية فليس له ذلك.

وقوله : ( تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ) ، أي تطلب بالتحريم رضاهن بدل من تحرم ....

وحال من فاعله ، والجملة قرينة على أنّ العتاب بالحقيقة متوجّه إليهن ، ويؤيّده قوله خطاباً لهما : {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } [التحريم: 4] .

أمّا قوله تعالى : ( وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) ، فإنّ الخطاب وأن كان للنبي صلى الله عليه واله ، إلاّ أنّ المقصود منه الأُمّة ، وهذا موجود في القرآن في آيات أُخر أيضاً.

وأمّا قوله تعالى : ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ) ، للتعرّف على تلك الآية ونظائرها لابدّ من الوقوف على الأصل المسلّم بين العقلاء ، وهو أنّ عظمة الشخصية وخطر المسؤولية متحالفان ، وربّ عمل يعدّ صدوره من شخص جرماً وخلافاً ، وفي الوقت نفسه لا يعدّ صدوره من إنسان آخر كذلك.

فالعارف بعظمة الربّ يتحمّل من المسؤولية ما لا يتحمّله غيره ، فيكون المترقّب منه غير ما يترقّب من الآخر ، ولو صدر منه ما لا يليق ، وتساهل في هذا الطريق ، يتأكّد منه الاستغفار ، وطلب المغفرة لا لصدور الذنب منه ، بل من باب قياس عمله إلى علو معرفته وعظمة مسؤوليته.

ولأجل ذلك تعدّ بعض الغفلات ، أو اقتراف المكروهات من الأوّلياء ذنباً ، إذا قيس إلى ما أعطوا من الإيمان والمعرفة ، ولو قاموا بطلب المغفرة والعفو ، فإنّما هو لأجل هذه الجهات.

يقول العلاّمة الإربلي : « إنّ الأنبياء والأئمّة عليهم السلام تكون أوقاتهم مشغولة بالله تعالى ، وقلوبهم مملوءة به ، وخواطرهم متعلّقة بالملأ الأعلى ، وهم أبداً في المراقبة ، كما قال عليه ‌السلام : « اعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تره فإنّه يراك ».

فهم أبداً متوجّهون إليه ، ومقبلون بكلّهم عليه ، فمتى انحطوا عن تلك المرتبة العالية ، والمنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكل والمشرب ، والتفرّغ إلى النكاح وغيره من المباحات عدّوه ذنباً ، واعتقدوه خطيئة ، واستغفروا منه ... » (4).

وأمّا قوله تعالى : ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) ، فإنّ الذنب في اللغة يأتي بثلاثة أُصول : « أحدها الجرم ، والآخر مؤخّر الشيء ، والثالث : كالحظّ والنصيب » (5).

وكون الذنب في الآية بمعنى الجرم ممّا لا ريب فيه ، غير أنّ الذي يجب التنبيه عليه ، هو أنّ اللفظ لا يدلّ على أزيد من كون صاحبه عاصياً وطاغياً ، وناقضاً للقانون ، وأمّا الذي عصى وطغى عليه ونقض قانونه فهو يختلف حسب اختلاف البيئات والظروف ، وليست خصوصية العصيان لله سبحانه مأخوذة في صميم اللفظ ، بحيث لو أطلق ذلك اللفظ يتبادر منه كونه سبحانه هو المعصي أمره ، وإنّما تستفاد الخصوصية من القرائن الخارجية ، وهذا هو الأساس لتحليل الآية ، وفهم المقصود منها ، والغفران باللغة هو الستر.

والآية تدلّ على أنّ الغاية المتوخّاة من الفتح هي مغفرة ذنب النبيّ صلى الله عليه واله ، ما تقدّم منها وما تأخّر ، غير أنّ في ترتّب تلك الغاية على ذيلها غموضاً في بادئ النظر ، والإنسان يستفسر في نفسه كيف صار تمكينه سبحانه نبيّه من فتح القلاع والبلدان ، أو المهادنة والمصالحة في أرض الحديبية مع قريش سبباً لمغفرة ذنوبه.

مع أنّه يجب أن تكون بين الجملة الشرطية والجزائية رابطة عقلية أو عادية ، بحيث تعدّ أحدهما علّة لتحقّق الأُخرى ، أو ملازمة لها ، وهذه الرابطة خفية في المقام جدّاً ، فإنّ تمكّن النبيّ من الأعداء والسيطرة عليهم ، يكون سبباً لانتشار كلمة الحقّ ورفض الباطل ، واستطاعته التبليغ في المنطقة المفتوحة ، فلو قال : إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ، لتتمكّن من إظهار الحقّ ونشر التوحيد ودحض الباطل ، كان الترتّب أمراً طبيعياً ، وكانت الرابطة محفوظة بين الجملتين.

وأمّا جعل مغفرة ذنوبه جزاء لفتحه صقعاً من الأصقاع ، فالرابطة غير واضحة.

وهذه هي النقطة الحسّاسة في فهم مفاد الآية ، وبالتالي دحض زعم المخطئة في جعلها ذريعة لعقيدتهم ، ولو تبيّنت صلة الجملتين لاتضح عدم دلالتها على ما تتبنّاه تلك الطائفة.

إنّ الحوادث الدامية بين قريش والنبيّ صلى الله عليه واله ، ما هي إلاّ حوادث مرّة في واقعهم ، بما أنّها جرت إلى ذهاب كيانهم ، وحدوث التفرقة في صفوفهم ، والفتك بصناديدهم على يد النبيّ صلى الله عليه واله ، صوّرته في مخيلتهم وخزانة أذهانهم صورة إنسان مجرم مذنب ، قام في وجه سادات قومه ، فسبّ آلهتهم ، وعاب طريقتهم بطريقة تراها قريش ، ما هي إلاّ كذب وافتراء وكهانة وسحر ، ولم يكتف بذلك حتّى شنّ عليهم الغارة والعدوان ، فصارت أرض يثرب وما حولها مجازر لقريش ، ومذابح لأسيادهم ، فأيّ جرم أعظم من هذا؟ وأيّ ذنب أكبر منه عند هؤلاء الجهلة الغفلة؟ الذين لا يعرفون الخيّر من الشرير ، والصديق من العدو ، والمنجي من المهلك.

وإنّ واقعة الفتح التي حصلت لمس منها الكفّار خُلق النبيّ العظيم ، فرفع الستار الحديدي الذي وضعه بعض أعدائه بينه وبين قومه ، فعرفوا أنّ ما يرمي به نبي العظمة ، ويوصف به بين أعدائه ، كانت دعايات كاذبة ، وكان منزّهاً عنها ، بل عن الأقل منها.

فأصبحت هذه الذنوب التي كانت تدّعيها قريش على النبيّ ـ بعد وقعة الحديبية ، أو فتح مكّة ـ أسطورة خيالية ، قضت عليها سيرته في كُلّ من الواقعتين ، من غير فرق بين ما الصقوا به قبل الهجرة أو بعدها ، وعند ذلك يتّضح مفاد الآيات ، كما يتّضح ارتباط الجملتين : الجزائية والشرطية.

وعلى ذلك ، فالمقصود من الذنب : ما كانت قريش تصفه به ، كما أنّ المراد من المغفرة : إذهاب آثار تلك النسب في المجتمع.

______________

1 ـ الرسالة السعدية : 75.

2 ـ جامع البيان 15 / 354 ، تفسير القرآن العظيم 3 / 100 ، الدرّ المنثور 4 / 232 ، تاريخ الأُمم والملوك 1 / 263.

3 ـ مسند أحمد 2 / 403 ، صحيح البخاري 4 / 112 و 6 / 121 ، صحيح مسلم 7 / 98 ، السنن الكبرى للبيهقي 7 / 366 و 10 / 198.

4 ـ كشف الغمّة 3 / 47.

5 ـ معجم مقاييس اللغة 2 / 361.

 

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.