المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

الحيدة والانتقال
25-09-2015
الشيخ أحمد بن الشيخ حسين من آل عصفور
23-8-2020
شروط تنـزيل الخسائر الضريبية
11-4-2016
زيد بن سهل الموصلي
13-9-2017
الفعل الجامد
12-5-2022
حالات التحول الحراري في جزيئات البوليمرات
27-11-2017


الخطابة الجاهلية  
  
17063   04:00 مساءً   التاريخ: 6-9-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : الفن ومذاهبه في النثر العربي
الجزء والصفحة : ص27 -33
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / النثر /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-7-2019 10670
التاريخ: 27-09-2015 6677
التاريخ: 8-10-2015 24535
التاريخ: 8-4-2021 3177

كان للخطابة في العصر الجاهلي شأن عظيم، إذ كانوا يستخدمونها في منافراتهم ومفاخراتهم(1)، وفي النصح والإرشاد(2)، وفي الحث على قتال الأعداء(3)، وفي الدعوة إلى السلم وحقن الدماء(4)، وفي مناسباتهم الاجتماعية المختلفة كالزواج، والإصهار إلى الأشراف(5)، وكانوا يخطبون في الأسواق والمحافل العظام، والوفادة على الملوك والأمراء، متحدثين عن مفاخر قبائلهم ومحامدها، ونحن نعرف قصة وفد تميم إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله]وسلم، وما كان من قيام عطارد بين حاجب بن زرارة خطيبا بين يديه(6)، ويقول أوس بن حجر في رثاء فضالة بن كلدة(7):
أبا دليجة من يكفي العشيرة إذ ... أمسوا من الخطب في نار وبلبال
أم من يكون خطيب القوم إذ حفلوا ... لدى الملوك ذوي أيد وأفضال(8)
ويقول فيه أيضا(9):
ألهفا على حسن آلائه ... على الحابر الحي والحارب(10)
ورقبته جثمات الملو ... ك بين السرادق والحاجب(11)
ويكفي المقالة أهل الدحا ... ل غير معيب ولا عائب(12)
ورقبته: انتظاره إذن الملوك، وقد تجعله بين السرادق، والحاجب ليدل على مكانة من الملك.
ودلائل مختلفة تدل على أن منزلة الخطيب في الجاهلية كانت فوق منزلة الشاعر، ويقول أبو عمرو بن العلاء: "كان الشاعر في الجاهلية يقدم على الخطيب، لفرط حاجتهم إلى الشعر الذي يقيد عليهم مآثرهم، ويفخم شأنهم، ويهول على عدوهم ومن غزاهم، ويهيب من فرسانهم، ويخوف من كثرة عددهم، ويهابهم شاعر غيرهم فيراقب شاعرهم، فلما كثر الشعر والشعراء واتخذوا الشعر مكسبة، ورحلوا إلى السوقة، وتسرعوا إلى أعراض الناس صار الخطيب عندهم فوق الشاعر"(13)، وتابعه الجاحظ يقول: "كان الشاعر أرفع قدرا من الخطيب، وهم إليه أحوج لرده مآثرهم عليهم، وتذكيرهم بأيامهم.
فلما كثر الشعراء وكثر الشعر صار الخطيب أعظم قدرا من الشاعر"(14).
وواضح أن الجاحظ يجعل كثرة الشعر والشعراء وحدها هي السبب في تقدم الخطباء، أما أبو عمرو فيرد ذلك إلى أن هذه الكثرة استتبعت تحول الشعراء إلى التكسب بشعرهم، ومسارعتهم إلى الطعن في الأعراض، ونظن ظنا أن تفوق الخطيب على الشاعر في الجاهلية يرجع إلى طائفة متشابكة من الأسباب منها أن الخطابة كانت من لوازم سادتهم الذين يتكلمون باسمهم في المواسم والمحافل العظام، ومن أجل ذلك كانت تقترن بها الحكمة والشوق والرياسة(15)، كما تقترن بها الشجاعة، ويتضح ذلك في مراثيهم، ومدائحهم لسادتهم على نحو ما تقدم في رثاء أوس بن حجر لفضالة بن كلدة، ويقول الأعشى في مديح قوم(16):
فيهم الخصب والسماحة والنجـ ... ـدة جمعا والخاطب الصلاق
ويقول زبان بن سيار الغزاري(17):
ولسنا كأقوام أجدوا رياسة ... يرى مالها ولا يحس فعالها
يريغون في الخصب الأمور، ونفعهم ... قليل إذا الأموال طال هزالها(18)
وقلنا بلا عي وسسنا بطاقة ... إذا النار نار الحرب طال اشتعالها
ويقول عامر المحربي(19):
أولئك قومي إن يلذ ببيوتهم ... أخو حدث يوما فلن يتهضما
وكم فيهم من سيد ذي مهابة ... يهاب إذا مار رائد الحرب أضرما(20)
وهم يدعمون القول في كل موظن ... بكل خطيب يترك القوم كظما(21)
يقوم فلا يعيا الكلام خطيبنا ... إذا الكرب أنسى الجبس أن يتكلما(22)
ويضاف إلى هذا السبب في تفوق الخطيب على الشاعر في الجاهلية اتساع وظيفته، إذ كان يفاخر وينافر عن قومه، فيشترك بذلك مع الشاعر كما يشترك معه في الحض على القتال، ثم ينفرد بمواقف خاصة به كالوفادة على الملوك، وكالنصح والإرشاد، وخطبهم في الإملاك والزواج مشهورة، ومن أهم المواقف التي كان ينفرد بها أنه كان يدعو إلى السلم، وأن تضع الحرب بين القبائل المتخاصمة أوزارها، أما الشاعر فلم يكن يدعو إلا إلى الأخذ بالثأر، وإشعال نار الحرب، ولعل ذلك ما جعل ربيعة بن مقروم الضبي يقول(23):
ومتى تقم عند اجتماع عشيرة ... خطباؤنا بين العشيرة يفصل
ويقول أبو زبيد الطائي(24):
وخطيب إذا تمعرت الأو ... جه يوما في مأقط مشهود(25)
ويقول بشر بن أبي خازم(26):
وكنا إذا قلنا: هوازن أقبلي ... إلى الرشد لم يأت السداد خطيبها
وتتردد في كتاب البيان والتبيين للجاحظ وغيره من كتب الأدب أسماء طائفة كبيرة من خطباء الجاهلية الذين اشتهروا بالفصاحة، ووضوح الدلالة والبيان عما في أنفسهم، مما جعل الأسماع والقلوب تهش إليهم، ويعظم في الناس خطرهم، ويشيع في الآفاق ذكرهم، وكانوا ينتشرون في الجزيرة بمكة، والمدينة وما وراءهما من قبائل البادية، أما مكة فقد كانت بها دار الندوة، وهي أشبه بمجلس شيوخ مصغر، كان يجتمع فيها سادة العشائر القرشية يتشاورون في أمورهم، وفي أثناء ذلك يخطبون ويتحاورون(27)، ومن خطبائهم المفوهين عتبة بن ربيعة، وهو خطيب قريش يوم بدر، ومن خطبائها سهيل بن عمرو الأعلم، وهو الذي قال فيه عمر النبي صلى الله عليه [وآله]وسلم: "يا رسول الله انزع ثنيتيه السفليين حتى يدلع لسانه، فلا يقوم عليك خطيبا أبدا، فقال الرسول عليه السلام: "لا أمثل فيمثل الله بي، وإن كنت نبيا، دعه يا عمر فعسى أن يقوم مقاما تحمده" (28). وقد أسلم وحسن إسلامه، وكانت له مواقف محمودة. ولقريش أيضا خطباء كان ينفر إليهم العرب أمثال هاشم وأمية(29)، ونفيل ابن عبد العزى جد عمر بن الخطاب، وإليه نفر عبد المطلب بن هاشم، وحرب بن أمية(30). وأما المدينة فذكر الجاحظ من خطبائها قيس بن الشماس، وثابت ابنه خطيب الرسول صلى الله عليه و[آله] وسلم، وسعد بن الربيع، وهو الذي اعترضت ابنته الرسول صلوات الله عليه، فقال لها: "من أنت؟ فقالت: ابنة الخطيب النقيب الشهيد سعد بن الربيع" (31).
وإذا تركنا مكة والمدينة إلى القبائل المنبطحة في البادية، وجدنا ممن اشتهروا فيها بالخطابة ابن عمار الطائي، وهو خطيب مذحج كلها(32)، وهانئ بن قبيصة خطيب شيبان يوم ذي قار(33)، وزهير بن جناب خطيب كلب وقضاعة(34)، وربيعة بن حذار خطيب بني أسد(35)، وإليه احتكم الزبرقان بن بدر والمخبل السعدي، وعبدة بن الطبيب وعمرو بن الأهتم أيهم أشعر(36). ومن الخطباء المشهورين في القبائل أيضا عامر بن الظرب(37) أحد حكام العرب في الجاهلية، ومن كانوا يقضون بينهم في خصوماتهم(38).
وممن اشتهر باللسن والخطابة، والشعر لبيد بن ربيعة العامري، ومن قوله(39):
وأخلف قسا ليتني ولو أنني ... وأعيي على لقمان حكم التدبر
ومن قوله أيضا(40):
وأبيض يجتاب الحروق على الوجى ... خطيبا إذا التف المجامع فيصلا
ومن خطبائهم هرم بن قطبة الفزاري(41)، وهو صاحب المنافرة المشهورة بين علقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل، وقد رآه عمر بن الخطاب يوما في المسجد، فقال له: "أرأيت لو تنافرا إليك -يعني علقمة وعامر- أيهما كنت تنفر: يا أمير المؤمنين لو قلت فيهما كلمة لأعدتها جذعة، فقال عمر: لهذا العقل تحاكمت إليك العرب"(42).
ومن الخطباء البلغاء عمرو بن كلثوم خطيب تغلب(43). وهيذان بن شيخ الذي قال فيه الرسول عليه السلام: "رب خطيب من عبس" (44)، والعشراء ابن جابر، وخويلد بن عمرو خطيب يوم الفجار(45)، وقيس بن خارجة بن سنان، ويقال: إنه خطب في حرب داحس والغبراء يوما إلى الليل(46)، وكل هؤلاء من غطفان. ومن الخطباء حنظلة بن ضرار خطيب بني ضبة، وقد طال عمره حتى أدرك يوم الجمل(47). ولم تشتهر قبيلة بالخطابة كما اشتهرت إياد وتميم، ومن إياد قس بن ساعدة الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "رأيته بسوق عكاظ على جبل أحمر، وهو يخطب في الناس" (48). ومن خطباء تميم المفوهين ضمرة بن ضمرة(49)، وأكثم بن صيفي(50) وقيس بن عاصم(51)، وعطارد بن حاجب بن زرارة خطب وفد تميم بين يدي الرسول، وعمرو بن الأهتم المنقري، ولم يكن في بادية العرب في زمانه أخطب منه(52). وما من ريب في أن هذه الكثرة من الخطباء -ووراءهم كثير لم نذكرهم- تدل دلالة بينه على ما كانت عليه الخطابة من رقي وازدهار.
وكان للخطباء حينئذ سنن خاصة في أداء خطابتهم، منها أنهم كانوا يخطبون على رواحلهم في المواسم العظام، والمجامع الكبار(53), وكان من عادتهم لوث العمائم على رءوسهم، والإشارة في أثناء خطابتهم بالعصي والمخاطر والقنا والقضبان والقسي(54). وفي ذلك يقول لبيد(55):
ما إن أهاب إذا السرادق غمه ... قرع القسي وأرعش الرعديد
وقد حملت الشعوبية حملة شعواء على العرب لاتخاذهم في خطابتهم المخاصر والعصي، ووصل أيمانهم بالقضبان والقسي، ورد عليهم الجاحظ ردا طويلا مفحما في فاتحة الجزء الثالث من كتاب البيان والتبيين. وفي مواضع كثيرة من هذا الكتاب نرى العرب يمدحون جهارة الصوت وشدته، ويعيبون ضيقه، ودقته كمان يعيبون على الخطيب أن يعترضه البهر، والارتعاش والرعدة، أو يعتريه شيء من الحصر والعي، يقول أبو العيال الهذلي(56):
ولا حصر بخطبته ... إذا ما عزت الخطب
وكانوا يكرهون أن يمس الخطيب ذقنه، وسباله وشواربه، يقول معن بن أوس المزني في بعض هجائه(57):
إذا اجتمع القبائل جئت ردفا ... وراء الماسحين لك السبالا
فلا تعطي عصا الخطباء فيهم ... وقد تكفى المقادة والمقالا
وإذا كانوا قد عابوا ذلك في الخطيب، فقد مدحوا فيه -على نحو ما يلاحظ ذلك الجاحظ في بيانه- شدة العارضة، وظهور الحجة، وثبات الجنان وكثرة الريق، والعلو على الخصوم في مضايق الكلام، ومآزق الخصام.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــ

1- انظر البيان والتبيين في مواضع متفرقة مثل 1/ 109، 1/ 190، 2/ 272، والأغاني 15/ 51.
2- البيان والتبيين في موضع متفرقة مثل 1/ 401، والمزهر للسيوطي 1/ 501.
3- انظر الأمالي لأبي علي القالي 1/ 92 الأغاني "طبعة الساسي" 20/ 137.
4- البيان والتبيين 1/ 348.
5- انظر البيان والتبيين 2/ 77، وراجع 1/ 118، 1/ 134، 3/ 6.
6- تاريخ الطبري: القسم الأول ص 1711، والأغاني "طبع دار الكتب" 4/ 146، والبيان والتبيين 1/ 53.
7- نقد الشعر لقدامة "طبعة الجوائب" ص35، وديوان أوس "طبع فيينا" ص22.
8- أيد: قوة.
9- البيان والتبيين: 1/ 181.
10-الحارب: المحارب الغائم.    

11- جثمات الملوك: كبارهم وعظامهم.
12-الدحال: الدهاء والمراوغة.
13- البيان والتبيين 1/ 241.
14-نفس المصدر 4/ 83.
15-نفس المصدر 1/ 362، وفي مواضع متفرقة.
16-نفس المصدر 1/ 124، والصلاق: جهير الصوت.  

 17- البيان والتبيين 1/ 4.
18-يريغون: يدبرون، والأموال هنا: الإبل
19-المفضليات، القصيدة، 91 البيت 18، وما بعده.
20- يتهضم: ينتقص.
21- أضرم النار: أشعلها، وكانوا إذا توقعوا حربا وأرادوا الإجماع، أوقدوا نارا على جبلهم.
22- كظما: جمع كاظم، وهو الساكت غيظا:
23- الجبس: اللئيم المنقطع.
24- أغاني "طبع الساسي" 19/ 93.
25- البيان والتبيين 1/ 176، وتمعرت الوجوه تغيرت واصفرت. والمأقط: موضع القتال.  

 26- المفضليات، القصيدة 96 البيت رقم 9.
27-السيرة النبوية "طبعة الحلبي" 2/ 124.
28- البيان والتبيين 1/ 317، والثنيتان: الأضراس في مقدم الفم.
29- شرح النقائض لأبي عبيدة "طبعة بيفن" 1/ 224.
30- تاريخ الطبري: القسم الأول ص 1091.
31- انظر البيان والتبيين 1/ 358-360.        

  32- البيان والتبيين 1/ 349.
33-أغاني "طبعة الساسي" 20/ 137.
34 نفس المصدر 21/ 65.
35- نفس المصدر 10/ 61، والبيان والتبيين 1/ 365.
36-أغاني 12/ 40، 21/ 113.
37-أغاني "طبعة دار الكتب" 3/ 90، وانظر السيرة النبوية 1/ 129، والبيان والتبيين 1/ 365، والمعمرين 44.
38-أغاني 3/ 90، والسيرة النبوية 1/ 128.
39-البيان والتبيين 1/ 189.
40-نفس المصدر 1/ 266، ويجتاب: يقطع، الحروق: الفلوات، الوجى: الحفد.
41- البيان والتبيين 1/ 365.
42- البيان والتبيين 1/ 237.
43- نفس المصدر 2/ 141. 

 44- البيان والتبيين 1/ 273.
45- نفس المصدر 1/ 350-351.
46- نفس المصدر 1/ 16، وما بعدها.
47-نفس المصدر 1/ 341.
48- البيان والتبيين 1/ 308-309.
49-جمهرة الأمثال للعسكري 1/ 186.
50- البيان والتبيين 1/ 365، والأغاني "طبعة الساسي" 15/ 70.
51- البيان والتبيين 1/ 53.
52-البيان والتبيين 1/ 355.
53- نفس المصدر 3/ 7.
54- انظر أوائل الجزء الثالث من البيان والتبيين.
55- البيان والتبيين 1/ 372، 3/ 9. وغمه: علاه، وكثر فيه.
56- البيان والتبيين 1/ 3.
57- نفس المصدر 1/ 372، والسبال: مقدم اللحية: وهو يهجو صاحبه بأنه ليس رئيسا، ولا خطيبا.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.