المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
واضع علم الاعجاز
2024-05-03
برامج تسمين افراخ الرومي لانتاج اللحم
2024-05-03
ونواقض الوضوء وبدائله
2024-05-02
معنى مثقال ذرة
2024-05-02
معنى الجار ذي القربى
2024-05-02
{واللاتي‏ تخافون نشوزهن}
2024-05-02

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


مجالس الشباب  
  
2142   09:56 صباحاً   التاريخ: 31-3-2022
المؤلف : حسين أحمد الخشن
الكتاب أو المصدر : مع الشباب في همومهم وتطلعاتهم
الجزء والصفحة : ص299ــ312
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-24 681
التاريخ: 4-3-2022 1677
التاريخ: 2023-04-19 702
التاريخ: 2023-04-18 711

من القضايا التي نشعر بأهمية خاصة تدفعنا للحديث عنها في المقام، قضية المجالس التي يرتادها الشباب، ولا سيما في عصرنا الحاضر، حيث إن هذه المجالس قد تكون سبباً لهداية الشاب، وقد تكون سبباً لانحرافه وتدمير حياته. والسؤال: ما هي المجالس التي ينبغي للشاب ارتيادها؟ وما هي المجالس التي ينبغي الابتعاد عنها؟

ونتناول هذا الموضوع من خلال النقاط التالية:

1- مجالسة الناس حاجة ملحة

في البدء يجدر بنا القول: إن للإنسان طبيعة مدنية فطره الله عليها، وهي تدفعه للاختلاط بأبناء جنسه وتملي عليه بمعاشرة الآخرين ومجالستهم، واللقاء بهم والتحدث معهم، وانسجاماً مع هذه الطبيعة وبوحي منها، تجد أن الإنسان ومنذ فجر التاريخ اندفع إلى التلاقي والتواصل مع الآخرين، وتشكيل المجالس والنوادي والملتقيات.

والإسلام بدوره يشجع على التلاقي واتخاذ المجالس، لأنه كما ورد في الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "لقاء الاخوان مغنم جسيم وإن قلوا"(1).

فالمجالس لها فوائد كثيرة وجمة، وهي تحقق أغراضاً ومصالح شتى، ولا سيما على الصعيد الاجتماعي والتربوي، لأن التواصل مع الآخرين هو في الوقت الذي يخرج الإنسان ولا سيما الشاب من عزلته ومن سلبيات العزلة والفراغ، فإنه يكسبه الأنصار والأعوان، ويمده بالخبرة والتجربة. والمجالس بما تؤمنه له من فرصة لتلاقح الأفكار وتبادلها، فإنها ستثري تجربته وتغني ثقافته، لأنه كما قال الإمام علي (عليه السلام): "من استبد برأيه هلك ومن شاور الرجال شاركها في عقولها"(2)، وقيل شعراً:

وليس كثيراً ألفُ خلٍّ وصاحبٍ           وإن عَدواً واحـداً لكثيـرُ (3)

2 ـ أدب المجالس

وللمجلس في الإسلام آداب خاصة، تتصل بالمجلس نفسه، وبروّاده، وبكيفية الجلوس، وكيفية الحديث، ويمكننا الإشارة إلى أهم آداب المجلس:

أولاً: البدء بالسلام، وذلك عند الدخول إلى المجلس، وكما يحسن بالداخل البدء بالسلام فإنه يجب على المتواجدين فيه رد السلام عليه؛ لأن "السلام تطوع والرد فريضة"، كما جاء في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)(4). ولا بد لنا أن نلفت النظر إلى أنه إذا دخل الإنسان مجلساً، وكان هناك واعظ يتكلم أو قارئ يقرأ القرآن أو مدرس يعلم تلامذته.. فيجمل به الدخول دون ضجيج، ودون أن يرفع صوته بالسلام على الحضور مثيراً بذلك الصخب، فضلاً عن أن يعمد إلى مصافحة الحاضرين فرداً فرداً.

ثانياً :الجلوس حيث ينتهي بالإنسان المجلس، هذه وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعلى هذا كان سلوكه (صلى الله عليه وآله) أيضاً، ففي الحديث عن الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه عن علي بن الحسين (عليه السلام) عن الحسن بن علي (عليه السلام) عن خالِه هند بن أبي هالة، قال وهو يحكي لنا أوصاف رسول الله (صلى الله عليه وآله): "... كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب أحد من جلسائه أن أحداً أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه"(5). ومن خلال هذه السيرة العطرة لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن وحي تلك الوصايا الجليلة، يتعلم الإنسان التواضع واحترام الآخرين.

وعليه، فالسلوك الذي يحرص عليه البعض من الإصرار على الجلوس في الصف الأمامي مثلاً، وإذا لم يجد محلا صدر المجلس فإنه ينصرف أو يخرج بعض الجالسين ليقوم فيجلس مكانه، هو خلق ذميم ومكروه في الإسلام. لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو أشرف وأكرم خلق الله تعالى، لا يجد غضاضة في الجلوس حيث انتهى به المجلس، ولا يتخذ لنفسه مكاناً مميزاً، حتى أن الداخل عليه كان لا يعرف من هو النبي (صلى الله عليه وآله) ومن هم صحابته، ولذا كان يبادر إلى التساؤل: أيكم محمد (صلى الله عليه وآله)(6)؟

هذا من الزاوية الأخلاقية، وأما من الزاوية الفقهية، فإن من يسبق إلى مجلس فهو أولى به ولا تجوز مزاحمته عليه، لقوله (صلى الله عليه وآله): "من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له"(7). بيد أن هذا لا ينفي أن مقتضى الأدب هو أن يوسّع المرء للآخرين ويفسح لهم في المجالس، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا..} [المجادلة: 11]، وأحياناً يستحب للمرء وربما وجب عليه أن يقوم ويجلس الآخرين، كما لو كان الشخص جالساً في أماكن العبادة كالمساجد، وقد أدى أعماله الواجبة أو المستحبة، ودخل إلى المسجد أشخاص آخرون يريدون القيام بأعمالهم العبادية.

ثالثاً: احترام أسرار المجالس وعدم إفشائها، فإن ذلك من مقتضيات الأمانة، وقد ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "المجالس بالأمانات، وليس لأحد أن يحدث بحديث يكتمه صاحبه إلا بإذنه"(8). أجل، لو كان الحديث الدائر في المجلس فيه خيانة للأمة، أو تخطيط للتآمر على أحد الناس بهدف قتله أو نحو ذلك، فهنا تكون رعاية مصلحة الأمة أو مصلحة حفظ النفوس والأعراض أهم من مفسدة إفشاء أسرار المجالس، ولذا ورد في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس: مجلس سفك فيه دم حرام، أو مجلس استحل فيه فرج حرام، أو مجلس يستحل فيه مال حرام بغير حقه"(9).

3ـ المجالس المحبوبة

غير خافٍ أن للمجالس أنواعاً عديدة ومختلفة، فثمة مجالس مثمرة ونافعة ومفيدة للإنسان في دنياه وآخرته، وفي المقابل فهناك مجالس غير نافعة ولا مفيدة، بل إن بعضها مسيء له أخلاقياً وروحياً. والنوع الأول من المجالس هو المجالس العامرة بذكر الله أو التي تذكره الآخرة أو التي تُتلى فيها تعاليم الإسلام، أو التي تزيد المرء علماً أو عملاً، أو تفتح له أبواب التواصل المثمر مع بني الإنسان، أو تساهم في تقريب القلوب وإصلاح ذات البين، ومجالس كهذه هي مجالس محبوبة لله تعالى ولرسوله (صلى الله عليه وآله)، وإليك أهمها:

أولاً: مجالس طلب العلم

إن كل مجلس يزيد في ثقافة الإنسان ويقدم له معلومة مفيدة، أو تجربة نافعة هو مجلس علم، وهو مبارك بل هو مجلس عبادة، ولذا يرى بعض الفقهاء أن إحياء ليلة القدر بطلب العلم والمذاكرة لا يقل عن إحيائها بالعبادة والتضرع(10)، أو قل: إن مذاكرة العلم فيها هو نوع إحياء لها، ويؤجر صاحبه كما يؤجر من أحياها بالعبادة.

ويروي بعض العلماء أنه خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا في المسجد مجلسان: مجلس يتفقهون، ومجلس يدعون الله تعالى ويسألونه، فقال: "كلا المجلسين إلى خير، أما هؤلاء فيدعون الله، وأما هؤلاء فيتعلمون ويفقهون الجاهل، هؤلاء أفضل، بالتعليم أرسِلتُ. ثم قعد معهم"(11).

ثانياً: مجالس المساجد

لا شك أن في التردد على المساجد وارتيادها فوائد كثيرة وبركات عديدة، ثقافية أو اجتماعية أو روحية، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى ثمان: أخاً مستفاداً في الله، أو علماً مستطرفاً، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو سمع كلمة تدله على هدى، أو كلمة ترده عن ردى، أو يترك ذنباً خشية أو حياء"(12).

ثالثاً: مجالس الدعاء وقراءة القرآن

ومن أنفع المجالس وأعظمها بركة وفائدة مجالس قراءة القرآن والتدبر فيه وتلاوته وتجويده، وكذلك مجالس الدعاء والذكر، أو غيرها من المجالس التي يجتمع المؤمنون فيها للعبادة، أو التوبة إلى الله، ففي الدعاء: "مالي كلما قلت قد صلحت سريرتي وقرب من مجالس التوابين مجلسي عرضت لي بلية أزالت قدمي وحالت بيني وبين خدمتك سيدي"(13).

رابعاً: المجالس الأسرية

وهي المجالس التي تجتمع فيها الأسرة بكامل أبنائها وأعضائها، ففي هذه المجالس صلة رحم وتداول في هموم الأسرة ومشاكلها، ومحاولة إيجاد الحلول لها. والإسلام يرغب في هذا الأمر، لأن العمل على تطويق المشاكل وحلها داخلياً هو أجدى وأفضل بكثير من نقل المشكلة إلى المحاكم والملاحقات القضائية، قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 35]، ويحسن بالأبناء بعد أن يتزوجوا وينجبوا أولاداً أن لا ينسوا البيت الذي تربوا فيه والحضن ـ حضن الأب والأم ـ الذي ترعرعوا فيه، وينبغي لهم أن يصحبوا أبناءهم أسبوعياً ـ على الأقل ـ إلى بيت الجد، ليتلاقى الأولاد والأحفاد وأولاد العم والخال، ليتعارفوا ويتواصلوا، ويدخلوا بذلك السرور على الجد والجدة، ويستفيدوا من تجاربهم، فـ "في التجارب علم مستأنف"(14). كما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام).

خامساً: مجالس المؤمنين

وهي المجالس التي يلتقي فيها المؤمنون، ففي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إذا رأيتم روضة من رياض الجنة فارتعوا فيها! قيل: يا رسول الله وما روضة الجنة؟ قال: مجالس المؤمنين (15). ومن الطبيعي أن هذه المجالس إنما عُدت روضة من رياض الجنة لكونها مجالس عامرة بذكر الله أو نصيحة عباد الله، أو ذكر وصايا النبي (صلى الله عليه وآله) وسيرته العطرة، أو تعاليم الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) ففي الحديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) لا يخاطب ميسراً وهو أحد أصحابه: "أتخلون وتتحدثون وتقولون ما شئتم؟ قلت: إي والله، إنا لنخلو ونتحدث ونقول ما شئنا، فقال: أما والله لوددت أني معكم في تلك المواطن، أما والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم، وإنكم على دين الله ودين ملائكته فأعينوا بورع واجتهاد"(16).

سادساً: مجالس العلماء والأتقياء

إن مجالسة العلماء والأتقياء تثري المرء وتزيده علماً وتقى، ولذا كانت من أحب المجالس عند الله تعالى، فقد روي أنه سأل بعض الحواريين روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) من نجالس؟ قال: "من يذكركم الله رؤيته ويرغبكم في الآخرة عمله ويزيد في منطقكم عِلمُه"(17)، وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة"(18).

سابعاً: مجالس العمل الاجتماعي والثقافي

إن المجالس التي تتضمن ندوات فكرية، أو اقتصادية أو صحية أو نحوها هي من أفضل وأجمل المجالس، لما فيها من فوائد جمة للإنسان، وهكذا المجالس التي تتضمن أعمالاً ترفيهية أو رياضية.. فإن الإنسان ولا سيما الشباب بحاجة ماسة إلى هذه المجالس، وقد ورد: "روّحوا القلوب ساعة بساعة(19)"، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكم"(20).

4 ـ المجالس الممقوتة

وفي المقابل فإن ثمة مجالس يمقتها الإسلام أو يحرّمها، ويدعو إلى مقاطعتها والابتعاد عنها، وإذا تواجد المؤمن فيها فعليه أن يعمل على تغيير وجهة المجلس، من مجلس يبغضه الله إلى مجلس يحبه الله، بأن يصدع بالحق وينكر المنكر وينتصر للمظلوم، فإن "أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر"(21)، وإن لم يستطع الإنسان الانتصار للمظلوم والردع عن المنكر، فعليه الانسحاب من المجلس، ولا يجوز له البقاء فيه.

فالمطلوب إذا في مثل هذه المجالس إما:

1 ـ محاولة تغيير وجهة المجلس.

2 ـ وإن لم يستطع فعليه الانسحاب.

 فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلساً يعصى الله فيه ولا يقدر على تغييره" (22). وفي حديث آخر عنه (عليه السلام): من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس مجلساً ينتقص فيه إمام أو يعاب فيه مؤمن»(23).

وكان أحد أصحاب الصادق (عليه السلام) يتردد على مجلس يَصِفُ صاحبه الله تعالى بأوصاف البشر، فقال له الإمام (عليه السلام): "إما جلست معه وتركتنا وإما جلست معنا وتركته، فقال: هو يقول ما يشاء، أي شيء عليّ منه إذا لم أقل ما يقول؟ (وهذا عذر نسمعه من الكثيرين اليوم، حيث يقال: أنا لا أفعل الحرام فما شأني بالآخر) فقال له (عليه السلام) : أما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعاً"(24). إذا مقاطعة هذه المجالس هي من باب:

1 ـ النهي عن المنكر.

2 ـ عدم تشجيع الانحراف.

 3ـ الانتصار للمؤمنين.

4 ـ كما أن وجود المؤمن في بعض هذه المجالس يؤدي إلى هتك حرمة نفسه.

5 ـ على أن ثمة أثراً وضعياً لمن يجلس في هذه المجالس، وهو أنه في معرض أن تناله نقمة الله سبحانه وعذابه الذي قد يصيب أهل هذه المجالس. وفيما يلي نذكر بعض المجالس المبغوضة لله تعالى:

أولاً: مجالس الاستهزاء بالدين ورموزه

وهو من أبغض المجالس وأمقتها عند الله، قال الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140]. وقال سبحانه: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأنعام: 68 - 69].

ثانياً: مجالس الكذب على الله ورسوله

في الحديث عن الامام الصادق (عليه السلام): "ثلاثة مجالس يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم: مجلساً (هكذا) فيه من يصف لسانه كذباً في فتياه.."، أي مجلس المفتي الكاذب، كالكثير من علماء السلطة الذين يمشون في ركب السلطان ويبررون له تصرفاته.

ثالثاً: مجالس تمجيد أعداء الله

وفي تتمة الحديث الآنف عنه (صلى الله عليه وآله) جاء: ".. ومجلساً ذكر أعدائنا فيه جديد وذكرنا فيه رثّ، ومجلساً فيه من يصد عنا وأنت تعلم"(25)، أي يهان فيه أعلام الدين ورموزه، وهذا ما أشرنا إليه أولاً.

رابعاً: مجالس المعصية

ومن جملة المجالس المبغوضة لله تعالى مجالس العصيان وفعل المنكرات، من قبيل السباب والغيبة وغيرهما. فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "من قعد عند سباب لأولياء الله فقد عصى الله"(26)، وفي حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام): "من قعد في مجلس يسب فيه إمام من الأئمة يقدر على الانتصاب (الانتصار) فلم يفعل ألبسه الله الذل في الدنيا، وعذبه في الآخرة، وسلبه صالح ما منّ به الله عليه من معرفتنا"(27)، وقد تقدم حديث الامام الصادق (عليه السلام): "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس مجلساً ينتقص فيه إمام أو يعاب فيه مؤمن"(28).

ومن أبرز مجالس المعصية مجلس شرب الخمر، فقد حرم الإسلام الخمرة ودعا إلى مقاطعة شاربها، ففي الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) "ولا تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر فإن العبد لا يدري متى يؤخذ"(29)، وقد أسلفنا المحور الخامس أن الله تعالى إذا أبغض شيئاً لم يكتف بتحريمه بل ويحرم كل المقدمات المؤدية إليه، فهو ـ مثلاً ـ عندما حرم شرب الخمر فإنه سد كل السبل المؤدية إلى إنتاج الخمر وتداوله، لذا فإنه حرم زراعة شجرة الخمر التي تكون معدة لذلك ولا يستفاد منها إلا في ذلك، وكذلك حرم عصرها، والجلوس على مائدتها.. وأهمية هذا الإجراء الأخير، أنه يخلق حاجزاً نفسياً تجاه الحرام، بينما الجلوس على مائدة الخمر أو عصره أو تقديمه للآخرين کفيل مع الوقت بإسقاط هذا الحاجز النفسي تجاهها، مما قد ينجر إلى شربها، ففي الحديث عن زيد بن علي عن آبائه (عليه السلام): "قال: لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الخمر وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومشتريها وساقيها وآكل ثمنها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه"(30).

ويهمني التنبيه هنا إلى أن واحدا من أخطر وأسوأ مجالس المعصية، هو مجلس الغيبة حيث يتناول أصحابه أعراض الآخرين ويأكلون لحومهم، والغيبة في حقيقة الأمر هي آفة المجالس.

خامساً: مجالس المتكبرين والمرائين

إن مجالس أصحاب الدنيا الذين لا حديث لهم إلا حديث المال والجاه والتكاثر بالأولاد، هي مجالس مذمومة ومبغوضة لله تعالى؛ لأنها مجالس لا تفوح منها سوى رائحة التكبر والغرور مما يميت القلب وينسي الرب تعالى، وهذا هو ما يرمي إليه النبي (صلى الله عليه وآله) ـ فيما يروى عنه ـ قال: "أربع يمتن القلب: إلى أن قال: ومجالسة الموتى! فقيل يا رسول الله (صلى الله عليه وآله): وما الموتى؟ قال: كل غنيّ مترف"(31).

وعلى العموم، فإن من المناسب للإنسان أن يصاحب أو يجالس من هم دونه في الوضع المالي؛ لأن ذلك مدعاة لاكتشاف عظيم النعمة الإلهية عليه، كما أنه مدعاة لشكر الله تعالى، يروى أن نبي الله سليمان (عليه السلام) كان إذا رأى مسكيناً جلس إليه وقال: "مسكين جالس مسكيناً"(32)، وفي الحديث: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله): "اين الله؟ فقال: عند المنكسرة قلوبهم"(33).  

ونحن لا نقصد بما ذكر الدعوة إلى تكريس نوع من الطبقية في المجالس ليكون للأغنياء مجالسهم وللفقراء مجالسهم، كلا فهذا أمر مذموم بكل تأكيد، بل إننا ندعو إلى كسر الحواجز الطبقية. فالغني يجدر به أن يخرج من طبقة الأغنياء ليجالس الفقراء ويزورهم، ويحسن به أن يصطحب معه أبناءه، ليشعروا بنعمة الله عليهم، وليتحسس هو وأولاده معنى الفقر والجوع والألم.

سادساً: المجالس المختلطة

والمجالس المختلطة هي التي يجتمع فيها الرجال والنساء، فما هو الموقف من هذه المجالس؟

والجواب: أن اختلاط الجنسين ليس محرماً في الإسلام إذا روعيت فيه الشروط التالية:

1 ـ أن لا يكون الاختلاط مريباً ومثاراً للشبهة ومدخلاً للشيطان، كما في حالة اختلاء الرجل والأنثى، فإنه ما اختلى رجل وامرأة "إلا كان الشيطان ثالثهما"، كما ورد في الحديث النبوي الشريف(34).

2 ـ مراعاة الحشمة والعفة وعدم الابتعاد عن حدود اللياقة والأخلاق، فمجالس الرقص والغناء والمجون التي يجتمع فيها الجنسان، كلها مجالس محرمة ويبغضها الله تعالى، وكذلك لا بد من اجتناب الكلام المثير، قال تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32].

سابعاً: مجالس الفضوليين

من المجالس التي يكرهها الإسلام، وإن لم يصل الأمر فيها إلى حد التحريم: مجالس الفضوليين، وهي مجالس أولئك الأشخاص الذين لا ينتفع الإنسان بمجالستهم شيئاً، لا في دين ولا في علم ولا ثقافة، فهي مجالس للترف واللهو، والمزاح الثقيل والضحك العالي، وشرب الدخان و(الأراكيل). أجل، إن الإسلام لم يحرم المزاح الخفيف ولا اللهو البريء، لأنه كما يقول علي (عليه السلام): "إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فتخيروا لها طرائف الحكمة"(35)، وقال (عليه السلام): "روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلب إذا أكرة عمي"(36). لكن على الإنسان أن لا يتجاوز الحدود الشرعية، فلكل شيء حدوده، فللمزاح حدوده، وكذلك للضحك. ومن الحدود التي ينبغي مراعاتها: عدم استهلاك الوقت في أمثال هذه المجالس، بحيث يصبح هم الإنسان وشغله الشاغل هو ارتياد مجالس الضحك واللهو والمزاح، بعيداً عن مسوؤلياته الاجتماعية وواجباته الدينية.. ويروى أنه دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المسجد فوجد جماعة متجمعين حول رجل فسأل: من هذا؟ فقالوا: علامة، فقال: وما العلامة؟ قالوا: إنه يعلم بأنساب العرب وأيام الجاهلية وبالأشعار العربية، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): "ذاك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه" ثم قال: "إنما العلم ثلاثة: آية محكمة أو فريضة عادلة أو سنة قائمة وما خلاهن فضل"(37)، وما أكثر الفضول في مجالسنا وفي أحاديثنا!

______________________________

(1) الكافي ج2 ص179، ونهج البلاغة ج4 ص41.

(2) نهج البلاغة ج4 ص41.

(3) نسب هذا الشعر إلى أمير المؤمنين  (عيه السلام)، انظر: المستطرف في كل فن مستظرف ج1 ص209، النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين للسيد نعمة الله الجزائري ص327.

(4) الكافي ج2 ص644.

(5) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج1 ص284، ومعاني الأخبار ص82، بيان قوله: (ولا يوطن الأماكن)، أي لا يتخذ لنفسه مجلساً يعرف به، وقوله: "ويعطي كل جلسائه نصيبه» أي بالنظر والحديث والعناية به، فلا يفضل أحداً على أحد، وقوله «من جالسه صابره" أي يصبر على جليسه ولا يظهر التبرم منه حتى يكون هو المنصرف عنه.

(6) انظر: صحيح البخاري ج 1 ص 23.

(7) المعجم الكبير للطبراني ج 1 ص 280.

(8) الكافي ج 2 ص 66.

(9) وسائل الشيعة ج 12 ص 105، الباب 71 من أبواب أحكام العشرة الحديث 4.

(10) قال الشيخ الصدوق: "ومن أحيا هاتين الليلتين بمذاكرة العلم فهو أفضل"، انظر: الأمالي ص747.

(11) منية المريد، للشهيد الثاني ص106، تحقيق: رضا المختاري ط1، دار المرتضی، بيروت - لبنان، 2008م.

(12) الخصال للصدوق ص 410.

(13) من دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) المعروف بدعاء أبي حمزة الثمالي، انظر مصباح المتهجد للشيخ الطوسي ص 588.

(14) شرح نهج البلاغة ج 20 ص 259.

(15) بحار الأنوار ج 71 ص 188.

(16) الكافي ج 2 ص 187.

(17) بحار الأنوار ج 71 ص 189.

(18) الكافي ج 1 ص 39.

(19) انظر: كنز العمال ج 3 ص 37.

(20) نهج البلاغة ج 4 ص 20.

(21) كما في الحديث النبوي الشريف، انظر: الكافي ج 5 ص 60.

(22) الكافي ج2 ص374

(23) المصدر السابق ص377.

(24) المصدر السابق ص375.

(25) المصدر السابق ص387.

(26) المصدر السابق ص397.

(27) المصدر السابق ص 379.

(28) المصدر السابق ص 377.

(29) الخصال للصدوق ص 619.

(30) الكافي ج 2 ص 398.

(31) الخصال للصدوق ص228.

(32) إحياء علوم الدين للغزالي ج6 ص29، والمحجة البيضاء في تهذيب الإحياء ج3 ص204، ورياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين ج4 ص354.

(33) بحار الأنوار ج70 ص157.

(34) دعائم الإسلام ج 2 ص 214، ومسند أحمد ج 1 ص 18.

(35) نهج البلاغة ج4 ص45.

(36) شرح مئة كلمة لأمير المؤمنين (عليه السلام) لابن ميثم البحراني ص165.

(37) الكافي ج1 ص32. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.






جمعيّة العميد وقسم الشؤون الفكريّة تدعوان الباحثين للمشاركة في الملتقى العلمي الوطني الأوّل
الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السابق: جناح جمعية العميد في معرض تونس ثمين بإصداراته
المجمع العلمي يستأنف فعاليات محفل منابر النور في واسط
برعاية العتبة العباسيّة المقدّسة فرقة العبّاس (عليه السلام) تُقيم معرضًا يوثّق انتصاراتها في قرية البشير بمحافظة كركوك