الأمراض الفايروسية التي تصيب الاسماك Viral diseases

الفيروسات كائنات حية دقيقة جدا تبلغ من الصغر بحيث يمكن أن تمر خلال المرشحات التي تحتجز البكتريا ومن هنا جاءت تسميتها بالرواشح. إن حجم الفيروسات أقل من 0.3 ميكرون (300 ملي مايكرون) ولا يمكن لأشكالها وأبعادها أن تحدد إلا بوساطة المجهر الإلكتروني.

تتكون الفيروسات كيماويا من بروتينات نووية، أي من اتحاد بروتين مع حامض نووي. المركب البروتيني يشبه الألبومين، أما الحامض النووي فقد يكون DNA Deoxyribonucleic acid أو حامض Ribonucleic acid RNA وقد تحتوي دهون أو دهون بروتينية.

تتكاثر الفيروسات داخل جسم الكائن الحي بسرعة فائقة مكونة بروتين فايروسي جديد مشابها للأصل من حيث خواصه الفيزياوية والكيماوية. وقد ترتبط الفايروسات بعضها مع بعضها الآخر مكونة خيوط أو شباكه أو بلورات.

ومن أهم الأمراض الفايروسية التي تصيب الأسماك:۔

1. مرض لمفوسیستس Lymphocystis disease (مرض التكيس اللمفاوي):

تم وصف هذا المرض لأول مرة في أوربا عام 1874، وهو يصيب أسماك المياه العذبة والمالحة في أجزاء عديدة من العالم، كما انه يصيب أسماك الزينة التي تعيش في المياه العذبة أو المالحة أيضا. مسبب المرض هو الفايروس Lymphocystis disease virus ويكتب مختصرة .L.D.V وهو سداسي الشكل وقد يصل حجمه 300 ملي مايكرون. تحصل العدوى عن طريق انسلاخ الجلد والذي يحصل بفعل الصيد بواسطة الشباك او التلف الذي تحدثه الطفيليات او السلوك التناسلي. إن انتشار الفايروسات يحدث عقب انفجار الأكياس اللمفاوية Lymphocystis.

تتلخص أعراض المرض في ظهور نموات صغيرة تشبه حبات اللؤلؤ (بشكل مفرد أو مجاميع) على الجلد أو الزعانف والذنب، وأحيانا على الخيوط الغلصمية والفم (شكل 1).

(الشكل 1) نموات مرض لمفوسیستس

تزداد هذه النموات في الحجم بصورة بطيئة وقد تحتاج لعدة شهور حتى تصل إلى ارتفاع cm 0.5 وإذا ما استمرت بالنمو فقد تصل إلى ارتفاع cm 2 على الزعانف أو الذنب. وتهزل الأسماك المصابة تدريجيا وتكون عرضة إلى الافتراس بسبب خمولها وبطء حركتها. إن نموات مشابهة لتلك التي تحصل خارج الجسم قد تتكون في الأعضاء الداخلية ولكن لا يمكن مشاهدتها إلا بعد تشريح الأسماك.

2. مرض القرنبيط Cauliflower disease

ويسمى أيضا بمرض Papillomatosis وهو معروف لدى الصيادين منذ أمد بعيد. أكثر الأسماك إصابة بهذا المرض هو سمك الثعبان الأوربي European eel وأسمه العلمي Anguilla anguila إلا إن أسماكا أخرى قد تصاب به أيضا.

لم يتم تحديد الفايروس المسبب لهذا المرض لحد الآن وتتشابه أعراض الإصابة بهذا المرض مظهريا مع أعراض المرض السابق لمفوسیستس إلا إن النموات الخارجية تظهر بصورة أساسية على الرأس وخاصة منطقة الفم. ويشبه مظهر هذه النموات مظهر القرنبيط مما حدا العالم Schaperclaus إلى إطلاق أسم مرض القرنبيط على هذا الوباء. تكون النموات في بداية الإصابة بيضاء اللون ثم تصبح بنية وبالنهاية تكون بنية غامقة ولا تلبث أن تكون بشكل بقع أو خطوط حمراء (الشكل 2).

(الشكل 2) مرض القرنبيط

وتظهر على الأسماك الشديدة الإصابة بهذا المرض علامات التعب والإنهاك وتضعف تدريجيا بتقدم المرض لعدم تمكنها من التغذية بصورة طبيعية، وقد تموت بسبب الجوع لا غير. يجب إتلاف الأسماك المصابة بأسرع وقت ممكن وعدم إعادتها للماء عند صيدها كي لا تنتقل العدوى للأسماك السليمة.

3- مرض الجدري Pox disease

ويسمى أيضا بالتورم ألطلائي ألحلمي Epithelioma populosum وهو يصيب أسماك العائلة الشبوطية وخاصة أسماك الكارب الاعتيادي Cyprinus carpio وأسماك الكارب البروسي Carassius carassius Prussian carp وقد يصيب بعض أنواع أسماك الزينة. وبالرغم من أن هذا المرض معروف منذ أكثر من 400 سنة إلا أن الفايروس المسبب للمرض لم يعرف إلا في عام 1952 وهو فايروس كروي الشكل يتراوح قطره بين 220-70 ملي مايكرون ويظهر بشكل مجاميع. أهم أعراض المرض ظهور بقع بيضاء حليبية صغيرة تشبه البقع الشمعية لا تلبث أن تزداد بالحجم تدريجيا، وقد تندمج مع بعضها لتغطي مساحة كبيرة من جلد السمكة، وقد تظهر على الزعانف وحتى على العيون (الشكل 3).

يصبح لون البقع معتما أحيانا نتيجة ظهور خيوط دقيقة من طبقة سوداء وقد يصبح لونها أشهبا محمرة. إن هذه البقع الجلدية تكون صلبة القوام وأكثر سمكا من أجزاء الجسم المحيطة بها ولا يمكن إزالتها بالحك ولكن تلقائيا تسقط بعد أن تصل سمكة معينة (بمقدار  ml1-2 فوق سطح الجلد)، ثم تعود للظهور بعد مدة من الزمن تتراوح ما بين 6-8 أسابيع. قد لا تغطي الإصابة مساحة واسعة من الجسم ولذلك فأن السمكة سوف لا تعاني كثيرة ومع هذا فإنها ستصاب بحالات بطء النمو نتيجة الضعف العام وخاصة الضعف الهيكلي نظرا لعدم اكتمال عملية تصلب العظام وخاصة الفقرات. أما في حالة شفاء الأسماك المصابة بالضعف الهيكلي فقد يبقى العمود الفقري منحنية. وبالرغم من إن مرض الجدري لا يعد مميتا للأسماك إلا إنها قد تموت نتيجة الإصابة به في حالات نادرة.

(الشكل 3) سمكة مصابة بمرض الجدري

4- مرض نخر البنكرياس المعدي (Infectious pancreatic necrosis (I-P-N

تم وصف المرض لأول مرة عام 1940 في كندا وهو منتشر الآن في معظم البلدان الأوربية ويصيب اسماك السالمون المرقط وخاصة اليرقات الصغيرة في مرحلة التغذية الأولى بعد الفقس وحتى عمر 20 أسبوعا، ويسبب لها الموت الذي قد تصل نسبته %85-80. الفيروس المسبب للمرض اسمه I-P-N virus أو trough virus وقطره 65 ملي مايكرون. أهم الأعراض الخارجية للمرض تتمثل بسباحة السمكة المصابة بطريقة لولبية تدور فيها حول محورها وأحيانا تسبح بطريقة شاذة أو جنونية ناتجة عن حالات الألم الشديدة، تعقبها أوقات هدوء حيث تلتجئ السمكة للقعر. أما الأعراض السريرية فتتمثل في جحوظ العين وتضخم البطن وبروز المخرج ودكون اللون ونزف في قاعدة الزعانف الحوضية. أما داخليا فيشحب لون الكبد والطحال ويلاحظ ظهور مادة مخاطية كثيفة القوام بيضاء أو صافية عديمة اللون تملا المعدة والأمعاء (الشكل 4).

(الشكل 4) مرض نخر البنكرياس المعدي

سمي المرض بنخر البنكرياس المعدي لأن البنكرياس هو أول الأعضاء المصابة بالمرض وبتقدم المرض تحصل حالة نخر شديدة في البنكرياس وفي العضلات المخططة (الهيكلية) وفي الصفراء وتشمل الإصابة الكليتين والكبد.

5- مرض النزف الدموي الفايروسي (Viral hemorrhagic septicemia (V-H-S

ويطلق عليه أيضا فقر الدم المعدي Egtved disease و Infectious anemia ومرض الفايروس الدنماركي Danish virus disease. سجل المرض لأول مرة في الدنمارك وهو مرض وبائي يستوطن حقول السالمون المرقط trout في أنحاء أوربا ولم يرد ذكره خارج تلك القارة. كما أنه يصيب أسماك السالمون المرقط القزحي Rainbow trout والسالمون المرقط البني Brown trout وأنواع أخرى. يعد هذا المرض من أمراض المياه الباردة حيث ينتشر خلال الشتاء عندما تنخفض درجة الحرارة عن °C 15، كما ويتفشى خلال الصيف في المزارع التي تستخدم مياه الينابيع الباردة. مسبب المرض فيروس ذا شكل شبيه بالإطلاقة، أبعاده 70x 180 ملي مايكرون. تحصل العدوى عن طريق التماس المباشر والماء الملوث، أما مدخل العدوى فيعتقد الغلاصم. يصيب المرض الأسماك المجهدة التي يصل عمرها بحدود 4 أسابيع بعد التغذية وحتى مرحلة النضج الجنسي.

أهم الأعراض التي يمكن ملاحظتها على السمكة المصابة هي الخمول والسباحة ببطء بالقرب من حافات الحوض والمياه الضحلة وبحركات غير متناسقة، كما إن الأسماك المصابة قد يصبح لونها غامقا مائلا إلى السواد، وقد تصاب العيون بالجحوظ وتتهرأ الزعانف وتظهر قروح على الجلد. تصاب السمكة بفقر دم واضح يمكن التعرف عليه من نسبة الهيموكلوبين المنخفضة في الدم ومن ملاحظة الغلاصم ذات اللون الشاحب. تنتفخ البطن ويظهر سائل مصفر اللون عفن الرائحة في الجوف الجسمي وقد يبرز المخرج خارجا (الشكل 5).

 (الشكل 5) مرض النزف الدموي الفايروسي

قد يصاحب هذه الأعراض حصول نزف بسيط في العين أو حولها وفي العضلات وعلى الكيس الهوائي وانتفاخ الجزء الخلفي من الكلية والتهاب الأمعاء واحمرارها.

قد تحصل نتيجة الإصابة بهذا المرض حالة إصابة ثانوية بفطريات الجنس Saprolegnin أو البكتريا وقد وجد أن في كل 50% من حالات الإصابة بهذا المرض هناك حالة إصابة ثانوية بالحيوان الابتدائي Hixamita truttae.

السيطرة على الأمراض الفايروسية The control of viral diseases

الوقاية: prevention

1. إذا اصطيدت الأسماك وتبين أنها مصابة بمرض فايروسي يجب عدم إعادتها للماء ثانية، بل يجب إتلافها بحرقها أو دفنها.

2. إذا ظهر المرض في حوض التربية فيجب نقل الأسماك التي لم تظهر عليها علامات المرض ووضعها في حوض جديد أو في أحواض الحجر الصحي. هذه الأسماك المنقولة لا يمكن عدها سليمة ما لم تمضي مدة شهرين في الأقل من دون أن تظهر عليها علامات المرض.

3. يجب تفريغ الأحواض التي ظهرت فيها الإصابة ومن ثم تجفيفها وتعقيمها وتعقيم الشباك والأدوات المستعملة الأخرى.

4. تجنب حالات الازدحام السمكي في البرك والأحواض وتهيئة ظروف جديدة للأسماك المصابة مثل الماء النظيف الحاوي على كمية كافية من الأوكسجين ودرجة الحرارة المناسبة.

5. في حالات نقص الكالسيوم في التربة أو الأحواض يوصي بإضافة الطباشير. مع الطعام المقدم للأسماك.

6. عند الشك بوجود مرض V-H-S يجب تقليل كمية الغذاء المجهزة للأسماك أو حتى إيقاف التغذية مؤقتا لحين التدخل والسيطرة على المرض.

العلاج Treatment

تتم معالجة الأسماك المصابة بمرض الجدري بحقنها ب 1 مللتر من محلول Arycil بتركيز 1% تعقبها ثلاث حقن (بمعدل حقنة واحدة في اليوم) من المادة نفسها ولكن بتركيز 5%. أما غالبية الأمراض الفيروسية فانه إلى حد الآن لا توجد وسيلة معينة لمعالجة الأسماك المصابة أو للتخلص من الفايروس أو للتخفيف من شدة المرض. ولذلك فان الإجراءات الوقائية المذكورة آنفا يجب إتباعها وتطبيقها لتوقي الإصابة بهذه الأمراض أو في الأقل حصر هذه الأمراض وعدم انتشارها.