أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-1-2016
7260
التاريخ: 26-5-2021
2607
التاريخ: 4-06-2015
4689
التاريخ: 17-12-2015
4924
|
مصبا- الخير : الكرم والجود، والنسبة اليه خيرىّ على لفظه ، ومنه قيل
للمنشور خيرىّ، لكنّه غلب على الأصفر منه، لأنّه الّذى يخرج دهنه ويدخل في
الأدوية، وفلان ذو خير أي ذو كرم، ويقال للخزامى : خيرى البرّ، لأنّه أذكى نبات
البادية ريحا. والخيرة : اسم من الاختيار مثل الفدية من الافتداء. والخيرة بمعنى
الخيار، والخيار هو الاختيار، ومنه يقال له خيار الرؤية. ويقال هي اسم من تخيّرت
الشيء مثل الطيرة اسم من تطيّر، وقيل هما لغتان بمعنى واحد، ويؤيّده قول الأصمعي
الخيرة ليس بمختار و في التنزيل- مٰا كٰانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ. وقال في البارع :
خرت الرجل على صاحبه أخيره من باب باع خيرا وزان عنب ، وخيرا وخيرة : إذا فضّلته
عليه ، وخيّرته بين الشيئين : فوّضت اليه الاختيار فاختار أحدهما، وتخيّره واستخرت
اللّه طلبت منه الخيرة، وهذه خيرتي أي ما اخترته. والخير خلاف الشرّ، وجمعه خيور
وخيار. ومنه خيار المال : لكرائمه، والأنثى خيرة، والجمع خيرات، وامرأة خيّرة
بالتشديد، والتخفيف أي فاضلة في الجمال والخلق، ورجل خيّر أي ذو خير، وقوم أخيار،
ويأتي خير للتفضيل فيقال هذا خير من هذا، ويكون اسم فاعل لا يراد به التفضيل نحو
الصلاة خير من النوم أي هي ذات خير وفضل ، وهذا أخير من هذا في لغة بنى عامر،
وكذلك أشرّ منه، وسائر العرب تسقط الألف منهما.
مقا- خير : أصله العطف والميل ، ثمّ يحمل عليه، فالخير خلاف الشرّ
لأنّ كلّ أحد يميل اليه ويعطف على صاحبه. والخيرة : الخيار. والخير : الكرم
والاستخارة : أن تسأل خير الأمرين لك ، وكلّ هذا من الاستخارة وهي الاستعطاف ويقال
استخرته. قالوا : وهو من استخارة الضبع، وهو أن تجعل خشبة في ثقبة بيتها حتّى تخرج
من مكان آخر. ثمّ يصرّف الكلام فيقال رجل خيّر وامرأة خيّرة :
فاضلة. وقوم خيار وأخيار. وامرأة خيرة في جمالها وميسمها- {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرحمن : 70]. ويقال خايرت فلانا
فخرته. وتقول : اختر بنى فلان رجلا- {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا } [الأعراف : 155]. تقول هو الخيرة خفيفة ، مصدر اختار خيرة مثل
ارتاب ريبة.
الاشتقاق 89- هذا خيار الشيء ، وهؤلاء خيار الناس وأخيارهم و
تخيّرت هذا الشيء : أخذت خياره وخيرته ، وفلان خيّر وزن فيعل ، وابل خيار أي
مختارة. وقوم أخيار : جمع خيّر. ويقولون : فلان حسن الخير أي حسن الهيئة والمروءة ،
قال أبو عبيدة : هو فارسي معرّب.
والتحقيق
انّ الأصل الواحد في هذه المادّة : هو انتخاب شيء واصطفاؤه وتفضيله
على غيره، ففيه قيدان الانتخاب والاختيار، والتفضيل، وهذان القيدان ملحوظان في جميع
صيغ اشتقاقها.
فالخير هو ما يقابل الشرّ : فالخير ما يختار وينتخب من بين الأفراد
ويكون فاضلا وراجحا، وله مراتب. كما أنّ الشرّ ما يكون مرجوحا ومفضولا وله أيضا
مراتب- {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} [الأنبياء : 35] - {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [النور : 11] -. {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج : 20، 21] - {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
شَرًّا يَرَهُ ...} [الزلزلة : 8] ، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة : 7].
والخير : جمعه الخيور والخيار، والخيرة في الأنثى، وجمعها الخيرات {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة : 148] ، {وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [آل عمران : 114].
والخيّر : وزان شريف بمعنى ما كان مختارا ومنتخبا وذا فضل، والجمع أخيار
كما في شريف وأشراف- {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} [ص : 47].
يقال : خار يخير خيرا فهو خيّر، وخيّرة فتخيّر واختار واستخار،
فكلّها من الأصل، واختلاف المعاني انّما يحصل باختلاف الصيغ والهيئات.
{وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ...} [طه : 13] ، {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ...} [الدخان : 32] ، {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
وَيَخْتَارُ...} [القصص : 68] ، {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ
رَجُلًا} [الأعراف : 155] - يراد الانتخاب
مع توجّه ورغبة وقصد وكون المنتخب ذا فضيلة ، فتدل الهيئة على الرغبة.
{وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ...} [الواقعة : 20] ، {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ} [القلم : 38] - أي تتخيّرون، فانّ
التفعّل لمطاوعة التفعيل، يقال خيّرة أي جعله ذا اختيار فتخيّر.
{وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة : 221] - {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ...} [آل عمران : 54] - {ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ...} ، {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ
أُولَئِكُمْ...} [القمر: 43] ، {أَأرباب مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ ...} ، {ولَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ
مُشْرِكَةٍ }، ...{ولدار الْآخِرَةِ خَيْرٌ...} ، { وأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ...}، {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ ومَغْفِرَةٌ خَيْرٌ ...}، {ومٰا عِنْدَ اللّٰهِ خَيْرٌ...} ، {ولباس التَّقْوىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ}- والخير في هذه الموارد صفة- كصعب يستوي فيه المذكّر والمؤنّث
والمفرد والجمع والأمر المحسوس أو المعقول، وفي هذا اشارة الى أنّ الموضوع المنسوب
اليه الخير ملحوظ من حيث هو ومنظور بذاته ولا يتوجّه الى جهات اخر من التذكير
والتأنيث والافراد والجمع والمحسوس والمعقول.
وأمّا مفهوم الأفضليّة الكائنة فيما يستعمل بحرف من : فانّما يستفاد
من تلك الحرف لا من كلمة الخير، كما قال بعضهم انّها أفعل تفضيل في الأصل، مضافا
الى انّ التفضيل جزء من مفهوم اللفظ وقيد من معناه- { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ } .
فظهر الفرق بين هذه المادّة وموادّ الحسن والجميل والصالح وغيرها
فانّ في كلّ واحدة منها قيد وخصوصيّة مخصوصة.
وسبق في الجبي : انّ الاجتباء هو الجمع بقيد الانتخاب. وسيجيء في
الصفي والنخب معناهما الحقيق قاموس المقدّس - داود : أي المحبوب، وهو ابن يسّا من
سبط يهودا، تولّد قريبا من سنة 1033 قبل الميلاد ببيت اللحم، وقد ذكر حياته
الروحانيّة في زبوره، وقد اختاره اللّه لمقام السلطنة، ليقوم مقام شاءول ملك
إسرائيل، وملك أربعين سنة، وتوفّى وقد مضى من عمره احدى وسبعين سنة، ودفن في جبل
صهيون من بلدة داود.
المعارف- ثمّ استخلف اللّه بعد إشماويل، داود بن
أي شا، وكان سابع سبعة اخوة له وهو أصغرهم، وكان يرعى على أبيه،
وكان تزوّج ابنة طالوت، وكان شرط ذلك على طالوت ان قتل جالوت، فولدت له إبشالوم،
ثمّ تزوّج امرأة أوريا بن حنان بعد أن قتل، فولدت له سليمان بن داود.
المروج 1/ 32- وندب طالوت الناس وجعل لمن يخرج الى جالوت ثلث ملكه
ويتزوّج ابنته، فبرز داود فقتله بحجر كان في مخلاته، رماه بمقلاع، فخرّ جالوت
ميّتا- {وقَتَلَ داوود جالوت}. ورفع
اللّه ذكر داود. وأبى طالوت أن يفي لداود بما تقدّم من شرطه، فلمّا رأى ميل الناس
اليه زوّجه ابنته وسلّم اليه ثلث الجباية وثلث الحكم وثلث الناس، وانقادت بنو
إسرائيل الى داود، وكانت مدّة طالوت عشرين سنة، وألان اللّه عزّ وجلّ لداود الحديد
فعمل منه الدروع وسخّر الجبال والطير يسبّحن له، وأنزل اللّه عليه الزبور
بالعبرانيّة خمسين ومائة سورة، وبنى داود بيتا للعبادة باورشليم وهي بيت المقدّس
وهو البيت الباقي لوقتنا هذا وهو سنة 332- ه، يدعى بمحراب داود، ليس في بيت
المقدّس أعلى منه في هذا الوقت.
صموئيل الأوّل 16/ 18- فأجاب واحد من الغلمان وقال هو ذا قد رأيت
ابنا ليسّى البيت لحمى بحسن الضرب وهو جبّار بأس ورجل حرب وفصيح ورجل جميل والربّ
معه، فأرسل شاول رسلا الى يسى يقول أرسل الى داود ابنك الّذي مع الغنم ... فجاء
داود الى شاول ووقف أمامه فأحبّه جدّا، وكان له حامل سلاح، فأرسل شاول الى يسى-
ليقف داود أمامي لأنّه وجد نعمة في عيني، وكان عند ما جاء الروح من قبل اللّه على
شاول أنّ داود أخذ العود وضرب بيده.
صموئيل الثاني 5- وجاء جميع أسباط إسرائيل الى داود الى حبرون
وتكلّموا قائلين هوذا عظمك ولحمك نحن، ومنذ أمس وما قبله حين كان شاول ملكا علينا
قد كنت أنت تخرج وتدخل إسرائيل و قد قال لك الربّ أنت ترعى شعبي إسرائيل وأنت
تكون رئيسا على إسرائيل، 4- كان داود ابن ثلاثين سنة حين ملك وملك أربعين سنة، في
حبرون ملك على يهودا سبع سنين وستّة أشهر، وفي أورشليم ملك ثلاثا وثلاثين سنة على
جميع إسرائيل ويهودا الملوك الأوّل 2- ولمّا قربت أيام وفاة داود أوصى سليمان ابنه
قائلا، أنا ذاهب في طريق الأرض كلّها فتشدّد وكن رجلا، احفظ شعائر الربّ الهلك إذ تسير
في طرقه وتحفظ فرائضه ووصاياه وأحكامه وشهاداته كما هو مكتوب في شريعة موسى لكي
تفلح.
إنجيل متّى- كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم، ابراهيم
ولد اسحق واسحق ولد يعقوب ويعقوب ولد يهوذا وإخوته ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار
وفارص ولد حصرون وحصرون ولد أرام وأرام ولد عمّينا داب وعمّينا داب ولد نحشون
ونحشون ولد سلمون وسلمون ولد بوعز وبوعز ولد عوبيد وعوبيد ولد يسّى ويسّى ولد داود
الملك وداود الملك ولد ولد سليمان من التي لاوريّا.
تاريخ ابن الوردي ج 1/ 23- ثمّ حضر بنو إسرائيل الى شمويل وسألوه أن
يقيم فيهم ملكا، فأقام فيهم شاول وهو طالوت بن قيس من سبط بنيامين كان راعيا وقيل
سقّاء وقيل دبّاغا، فملك سنتين، واقتتل هو وجالوت وجالوت من جبابرة الكنعانيّين،
وكان داود أصغر بني أبيه راعيا في غنم أبيه واخوته، فطلبه طالوت واعتبره شمويل
بالعلامة، وهي دهن كان يستدير على رأس من يكون فيه السرّ، وأحضر أيضا تنور حديد
وقال الّذي يقتل جالوت يكون ملأ هذا التنور، فلمّا اعتبر داود ملأ التنور واستدار
الدهن على رأسه : فتحقّقت العلامة، فأمره طالوت بمبارزة جالوت، فبارزه {وَقَتَلَ
دَاوُودُ جَالُوتَ} [البقرة: 251] ، وعمره إذ ذاك ثلاثون سنة، ثمّ
مات شمويل ... ومال الناس الى داود حبّا، فحسده طالوت وقصد قتله مرّة بعد اخرى
فهرب داود منه واحترز على نفسه، ثمّ ندم طالوت ... وكان مقام داود بحبرون فلمّا
استوثق له الملك وأطاعه كلّ الأسباط لثمان وثلاثين سنة من عمر داود انتقل الى
القدس ثمّ فتح في الشام كثيرا ثمّ أرض فلسطين وبلد عمّان وناب وحلب ونصيبين وبلاد
الأرمن وغير ذلك.
فرهنگ عبرى لحييم- (دود) عمو، دائى، شوهر، دوست.
(دوديم) (هميشه بعلامت جمع واسم مذكر) عشق.
و في الكتاب المقدّس العبرى- (داويد).
[فظهر أنّ التلفّظ في العبرىّ هو داويد، ثمّ استعمل في اللغة
العربيّة - بكلمة داود ، وفي المادّة معنى الودّ والحبّ الشديد.
وظهر انّه عاش احدى وسبعين سنة، وحكومته في أراضى القدس والسوريّة
والأردن وما والاها. ويتّصل نسبه الى يعقوب بعشرة آباء ووسائط، ودفن في جبل صهيون
من بلدة داود، وتولّد في القرن الحادى عشر قبل الميلاد والقرن السادس من وفاة موسى
عليه السلام.
وأمّا كتابه الزبور : فهو مائة وخمسون مزمارا، قد طبعت في ضمن الكتاب
المقدّس بجميع الألسنة الموجودة، وتشتمل على مناجات وأدعية ومواعظ ونصائح وحقائق
ولطائف ، وفيها ما يحتاج الى التأويل والتصحيح.
وأمّا علّة اطلاق كلمة المزامير على الزبور وخصوصيّات الكتاب : يقول
في قاموس الكتاب المقدّس ما خلاصته عربيّا : انّها أشعار روحانيّة كانت تقرأ
بالصوت وبالمزمار في مقام التمجيد والتقديس والتوجّه لساحة القدس الإلهي، وهذا
الكتاب ينقسم على خمسة أقسام، ويذكر في آخر كلّ قسمة لفظ آمين.
وتأليف المزامير قد كمل في امتداد زمان موسى ع الى حياة سليمان ع،
بمدّة الف سنة ، فمزمور 90 ينسب الى موسى (عليه السلام) ، واثنى عشر مزمورا منها
ينسب الى آساف اللاوىّ من أصحاب آلات الطرب في زمان داود، وأحد عشر مزمورا ينسب
الى بنى قورح سلسلة من الشعراء الكاهنين في أيام داود، وسبعة مزامير ينسب الى
أي ام داود وسليمان ... انتهى.
وبهذا يظهر انّ اسناد هذا الكتاب غير مبيّن تفصيلا، فلا يصحّ
الاستناد اليه في الموارد المشتبهة والجملات المبهمة والكلمات المخالفة، فهو كسائر
الكتب المؤلّفه من أفراد مختلفة.
ونظير هذا الكتاب سائر كتب (الكتاب المقدّس) فانّ كلّ واحد منها على
اعتراف علمائهم وبشهادة مضامين الكتب غير مبيّنة اسنادا، ونبحث عنها إن شاء اللّه
في الموارد المناسبة.
نعم انّ هذه الكتب مشحونة بكلمات في المعارف والحقايق والمواعظ
واللطائف ، يستلذّ منها العارف البصير، وانّها لا تخلو عن موضوعات ضعيفة وأحكام
متناقضة وجملات محرّفة لعبت بها أيدي الجهلة.
{وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء : 163] ، { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ
النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا } [الإسراء: 55] ، {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا} [النمل : 15].
فنزول كتاب على داود بعنوان الزبور مسلّم كالتوراة والإنجيل، الّا
أنّ هذا الكتاب المنزل غير محفوظ، قد لعبت به أيدي الخونة.
{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ
دَاوُودَ} [المائدة : 78] - قد لُعنوا مَرّات
على لسان داود في المزامير، كما في مزمار 55، 58 وغيرهما ، وفي 59- وليؤخذوا
بكبريائهم ومن اللعنة ومن الكذب الّذين يحدّثون به ، أفن بخنق أفن ولا يكونوا
وليعلموا انّ اللّه متسلّط في يعقوب الى أقاصي الأرض.
وأمّا خصوصيّة داود ع في اللعن : فانّه كان ملكا ونبيّا من بنى
إسرائيل عارفا بمصالحهم ومفاسدهم عالما بما هو خير مجتمعهم وشرّه، وهو لا يريد
الّا ما- ينفعهم وفيه صلاحهم وسعادتهم الدنيويّة والاخرويّة، وله قدرة ونفوذ وعلم
وحكومة يتمكّن من اجراء ما يريد، ومع هذه المقامات فانّهم اختلفوا فيه وخالفوه
وقاتلوه ومانعوا من توسعة قدرة بنى إسرائيل، فغضب منهم أشدّ غضب وحزن، وقال في
مزمار 55- فقلت ليت لي جناها كالحمامة فأطير واستريح ... أهلك يا ربّ فرّق ألسنتهم
لأنّى قد رأيت ظلما وخصاما في المدينة نهارا وليلا يحيطون بها ... الخ.
{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ
بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى} [ص : 26] {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ
الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص : 20] { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا
الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص : 17] {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص : 25] - {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا
وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ} [الأنبياء : 79] - {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ
لَكُمْ} [الأنبياء : 80] - فتدلّ هذه
الآيات الكريمة على أنّ لداود مقامات روحانيّة وفضائل عالية مخصوصة ويجمعها
المقام الأعلى والمرتبة التي هي فوق المراتب الكماليّة للإنسان وليس فوقها درجة
متصوّرة له، وهي الخلافة الالهيّة في الأرض أي المظهريّة التامّة لأسمائه وصفاته
ومجلى الربّ في أرضه ، فمن عرفها فقد عرف اللّه عزّ وجلّ.
وامّا المقامات الجزئيّة له فهي أيتاء الحكم، فصل الخطاب، الأوّابيّة،
وكونه ذا أيد وقوّة طاهريّة وروحانيّة، وله قرب وزلفى، أيتاء العلم، تسخير الجبال
له، تعليم صنعة اللبوس.
راجع الحكم، الخطب ، الأوب ، الأيد ، الخلف.
{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ
نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [الأنبياء : 78]. {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا
آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء : 79] - عطف على قوله- {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ
الْفُرْقَانَ} [الأنبياء : 48] ، {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ} [الأنبياء : 51] ، {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } [الأنبياء : 74] ، {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} [الأنبياء : 76] - والآيات الكريمة
في مقام أيتاء النعم والألطاف الالهيّة للأنبياء، ليتوجّه الناس اليها وليشكروا
بها.
ولمّا كان سليمان مع صغر سنّه قد فهّمه اللّه تعالى تفصيلا من الحكم
الّذى حكم به أبوه داود فبيّنه وفسّره ، وكان مرجع حكمهما واحدا، وعلى هذا نسب
الحكم اليهما معا وصرّح بقوله- {وكُنّٰا لِحُكْمِهِمْ شٰاهِدِينَ...}، {وكُلًّا آتَيْنٰا حُكْماً وعِلْماً }. ولا يصحّ القول بخطإ داود ع في الحكم مع تصريح شهادة اللّه وتوجّهه
وايتائه الحكم والعلم- راجع الحرث، النفش، الغنم، السلم.
{وهَلْ أَتٰاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرٰابَ إِذْ
دَخَلُوا عَلىٰ دٰاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قٰالُوا لٰا تَخَفْ خَصْمٰانِ بَغىٰ
بَعْضُنٰا عَلىٰ بَعْضٍ ....} {إِنَّ هٰذٰا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً ولِيَ نَعْجَةٌ
وٰاحِدَةٌ فَقٰالَ أَكْفِلْنِيهٰا....} {قٰالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤٰالِ
نَعْجَتِكَ ....} {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ
فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ} [ص : 24] - هذه الآيات واردة في مقام الدعوة الى الصبر والاستقامة
في صراط الحقّ-. {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ} [ص : 17] ، ثم يذكر جريان من تعجيل
داود في الحكم- قبل التحقيق من طرف الخصومة غفلتا ولعدم احتماله الخلاف في موضوع الحكم،
وبعد حكمه توجّه الى تعجيله فيه، وهذا التهاون في الجملة خطأ من الأنبياء، ولا
سيّما انّه ظنّ بالقرائن بانّه كان في مقام الافتتان من اللّه المتعال.
فالاستغفار والمغفرة راجعتان الى هذه الغفلة وترك الدقّة لا عمدا،
وهذا المقدار من الخطأ لا ينافي مقام العصمة النبويّة، فانّه خطأ بالنسبة الى ساحة
قرب الربّ الجليل، وليس بتقصير أو عصيان.
راجع- الخصم، النعجة، السور، الحرب.
{وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ
وَكُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء : 79] { إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ
وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً } [ص : 18، 19] {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي
مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ : 10] - التسخير هو التذليل والتكليف بالقهر. والتأويب هو
الترجيع. وقد ذكرت كلمة معه في الآية الاولى قبل ذكر الجبال، وفي الثانية بعده،
وفي الثالثة بعد التأويب : فانّ الآية الاولى في مقام تخصيص داود بعد ذكره مع
سليمان- {وكُلًّا آتينا حُكْماً وعِلْماً } ، أي سخرنا معه لا مع سليمان، فذكر قبلًا، وهذا بخلاف الثانية فانّ
الملحوظ فيها هو ذكر تسخير الجبال وأمّا الثالثة فيلاحظ فيها جهة التأديب
والتسبيح.
ولمّا كان النظر في تسخير الجبال للتسبيح : أن يكون بتبع داود، كما
صرّح به في الثالثة- وأَوِّبِي
مَعَهُ- أي رجّعى تسبيحه معه : فيكون ظرف مَعَهُ ظرفا مستقرّا أي
مقدّرا عامله، والتقدير وسخّرنا الجبال كائنة مع داود، فالجملة الظرفيّة حاليّة،
ولا يجوز تعلّقه بفعل سَخَّرْنٰا
، فانّ داود ليس سخّر للتسبيح بل تسبيحه اختياري وارادي. ولا يجوز
أيضا أن يتعلّق بفعل يُسَبِّحْنَ فانّ تسبيح الجبال ليس في عرض تسبيح
داود ومعا، بل بتبعه.
وأمّا حقيقة تسبيح الجبال معه وتأديبه : فانّما هي تسخير الجبال
والتكليف القهري الجبري في إثر تسبيح داود، فأوتي لمناجاته وتسبيحه الروحاني
النافذ مع التوجّه الخالص والمحبّة التامّة والصوت الحسن المخصوص، تأثير ونفوذ
وتحريك في الجبال بحيث تؤوّب وترجّع تسبيحه، كانعكاس الصوت في بعض الجبال لجهات
طبيعيّة. وهذا التأثير والتأويب والترجيع قد ينقل من بعض أهل المعرفة الصالحين
المحبّين المخلصين في مناجاتهم وأذكارهم.
وهذا التأثير كان من معجزات داود ع، قد اوتى اليه من جانب اللّه
العزيز.
وأمّا العشىّ والاشراق : فكأنّ وقت طلوع الشمس والعشاء كانا من اوقات
الدعاء والمناجات كما في مزمار 55/ 16- أمّا أنا فإلى اللّه أصرخ والربّ يُخلّصني-
مساء وصباحا.
وأمّا ما ينسب في بعض الأحاديث العامّة اليه من تزويجه بثشيع زوجة
اوريّا على طريق غير مرضى : فهو حديث اسرائيلي مأخوذ من العهد القديم- صموئيل
الثاني 11/ 4- فأرسل داود رسلا وأخذها فدخلت اليه فاضطجع معها وهي مطهّرة من طمثها
ثمّ رجعت الى بيتها وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود وقالت انّى حبلى 26- فلمّا
سمعت امرأة اوريّا انّه قد مات اوريّا رجلها ندبت بعلها، ولمّا مضت المناخة أرسل
داود وضمّها الى بيته وصارت له امرأة وولدت له ابنا، وأما الّذى فعله داود فقبح في
عيني الربّ. 13/ 1- فأرسل الربّ ناثان الى داود فجاء اليه وقال له كان رجلان في
مدينة واحدة واحد منهما غنى والآخر فقير 2- وكان للغنىّ غنم وبقر كثيرة جدّا 3-
وامّا الفقير فلم يكن له شيء الّا نعجة واحدة صغيرة ... 4- فجاء ضيف الى الرجل
الغنىّ ... فأخذ نعجة الرجل الفقير. فحمى غضب داود على الرجل جدّا وقال لناثان ...
انّه يقتل الرجل ... 7- فقال ناثان لداود أنت هو الرجل ... انتهى.
هذا ما في صموئيل وهو واحد من الكتب المقدّسة لليهود، وهو كما ترى
ينسب عمل القتل والزنا الى ساحة قدس نبي جليل معصوم خليفة من اللّه المتعال في
أرضه، ولا تعجب من هذا المقال المندرج في ذاك الكتاب، فانّ الكتاب مجهول الاسم
والرسم ، لا يعرف مؤلّفه ولا خصوصيّة التأليف، وأمّا نسبته الى صموئيل النبي :
فافتراء محض، فانّه كما في صموئيل الأوّل 25/ 1- مات قبل أن يملك داود، وقد ملك
داود أربعين سنة. ويقول في آخر صموئيل الثاني- وبنى داود هناك مذبحا للربّ وأصعد
محرقات وذبائح سلامة، واستجاب الربّ من أجل الأرض وكفّت الضربة عن إسرائيل.
فهذا الكتاب قد ألّف بعد موت داود، ويتضمّن جريان حياة داود وما وقع
في أي ام حياته، فهو كتاب تاريخ مجهول التأليف والمؤلّف، ولا
يمكن الاعتماد الى ما فيه، وفيه ما فيه.
ويقول في قاموس الكتاب : ولعلّ وجه تسمية الكتاب بسموئيل، انّ أوّله
قد احتوى بما يختص بوقائع أي ام سموئيل.
وهذا هو الفرق بين كتاب حقّ سماوي وكتاب عادىّ تاريخىّ مجهول،
فالقرآن الكريم يقول في مقام تعريف داود- {إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً} [ص : 26] ، ... {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ...} [ص : 20] {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى...} [ص : 25] ، {إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص : 17] ، {الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ } [الأنبياء : 79] معه. وأمّا هذا الكتاب فيقول- فدخلت اليه فاضطجع
داود معها وحبلت زوجة اوريّا وهي في زواجه ، وكتب داود اجعلوا اوريّا في وجه الحرب
الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت 11/ 15، ثمّ يحكم على الرجل آخذ النعجة
بانّه يقتل.
فكأنّ المورّخ مؤلّف صموئيل حكى له من القصّاصين الجاعلين للروايات
والمحرفين للقضايا الماضية أحاديث من جريان زواج داود وحكمه ووقائع حكومته ما
يطابق مندرجات هذا الكتاب .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|