أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-3-2017
2082
التاريخ: 25-3-2017
1776
التاريخ: 4-2-2022
1584
التاريخ: 17-3-2021
2695
|
التكييف هو تحديد الطبيعة القانونية التي يعترف بها القاضي لعلاقة قانونية، أو النظام قانوني. إذ يمكن أن تتنازع القوانين على تحديد الوصف القانوني لعمل أو لشي ء أو العقد معين. فمسألة تنازع الأوصاف محصورة بمعرفة أي وصف يجب على القاضي أن يطلقه على طبيعة موضوع النزاع المشوب بعنصر أجنبي المعروض عليه(1).
فلكي يحدد القاضي القانون الواجب تطبيقه على النزاع المشوب بعنصر أجنبي المعروض عليه يجب أن يقوم قبل كل شيء بتكييف طبيعة موضوع هذا النزاع وإعطاء الوصف القانوني الملائم له تمهيدا لإسناد حكمه إلى القانون الواجب تطبيقه عليه وإدراجه ضمن الطائفة التي خصها المشرع بقاعدة إسناد. فالتكييف يتوقف على تعيين القانون المختص الذي يحكم النزاع، لأن المشرع يضع قاعدة إسناد خاصة لكل طائفة من المسائل القانونية، مثل الأحوال الشخصية، وشكل التصرف القانوني في العقود، والوصية، ونوع المال ... إلخ.
فإذا أراد القاضي تطبيق قواعد الإسناد في قانونه الوطني واستخدامها في تعيين القانون المختص، يتعين عليه أن يعرف أولا ما إذا كانت العلاقة القانونية المختلف بشأنها هي من مسائل الأحوال الشخصية أو مما يتصل يشكل التصرف القانوني أو ب الميراث أو بالأموال المنقولة أو غير المنقولة. فإذا ثبت له مثلا ان هذا النزاع متعلق بشكل التصرف القانوني يجد أن قاعدة الإسناد تعطي الاختصاص فيه القانون بلد إبرامه. وإذا اتضح له أن النزاع متعلق بالأهلية يجد أن قاعدة الإسناد تعطي الاختصاص فيها القانون الجنسية. وإذا ثبت له أن النزاع متعلق بالعقار يجد أن قاعدة الإسناد تعطي الاختصاص فيه القانون موقع العقار ... إلخ. فمثلا تنص قاعدة الإسناد الأردنية في المادة ( 12/1) من القانون المدني الأردني على أن: (يسري على الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم...)
فإذا عرض نزاع مشوب بعنصر أجنبي على محكمة أردنية تقوم المحكمة بتكييف موضوعه وتحديد طبيعته القانونية أولا من أجل الاهتداء إلى القانون الواجب تطبيقه عليه. فإذا تبين للقاضي بعد التكييف أن هذا النزاع متعلق بالأهلية أو بالحالة المدنية
للشخص يرجع إلى قواعد الإسناد في القانون المدني ويجد أن المادة ( 12/1) المذكورة تعطي الاختصاص فيها القانون الدولة التي ينتمي إليها الشخص بجنسيته. فالتكييف عملية ضرورية لتفسير العلاقة القانونية وتحديد وصف وطبيعة موضوعها للاهتداء إلى القانون الواجب تطبيقه عليها.
والتكييف يختلف من بلد لآخر لعدم وجود أساس موحد في جميع الدول لتحديد ومسف وطبيعة العلاقات القانونية، ولأن المشرع الوطني يستأثر بوضع قواعده بحرية تامة، مما يخلق نوعا جديدا من التنازع يتعلق بالوصف.
ولذلك إذا افترضنا أن قاعدة خضوع شكل التصرف القانوني لقانون بلد إبرامه وقاعدة خضوع الأهلية اللازمة لإجراء هذا التصرف لقانون الجنسية واحدة فسمي قوانين جميع الدول، يمكن والحالة هذه تأمين وحدة القانون المختص، ولكن المسألة في التكييف ليست بيان إخضاع شكل التصرفات القانونية لقانون بلد تحريرها وبيان إخضاع الأهلية اللازمة له القانون الجنسية، وإنما المسألة هي تحديد المقصود من الشكل والأهلية وطبيعتهما القانونية ووصفهما. لأن ما يدخل في مفهوم الشكل في قانون دولة معينة قسد تعتبر مسن الأهلية في قانون دولة أخرى(2).
فمثلا يمنع القانون المدني الهولندي كل هولندي من عمل وصية عرفية غير رسمية في الداخل والخارج، ويعتبر هذا المنع متعلقا بالأهلية اللازمة لعمل الوصية لا بالشكل اللازم لها، بينما القانون الفرنسي يعتبر هذا المنع متعلقا بالشكل لا بالأهلية. فرغم تشابه القانون الفرنسي والقانون الهولندي في مبدأ إخضاع شكل العقد لقانون بلد تحريره وإخضاع أهلية أطرافه لقانون جنسيتهم، فقد ظهر التنازع والخلاف بينهما في تكييف قضية لا تخرج في موضوعها عن أحد هذين الموضوعين: (الأهلية وشكل التصرف).
وتتلخص تلسك القضية بما يلي:
في 4 من شهر آب سنة 1857م حرر هولندي مقيم في فرنسا وصية عرفية مكتوبة ومؤرخة وموقعة بخط يده. وكان شكل التصرف القانوني في قواعد الإسناد الهولندية والفرنسية يخضع لقانون بلد إبرامه، والأهلية اللازمة لإجرائه لقانون جنسية المتعاقدين. ولكن القانون الفرنسي كان يعتبر الكيفية التي تعمل بها الوصية
من الشكل الخارجي لها ويخضعها لقانون بلد تحريرها وبالتالي يعترف بالوصية العرفية إذا كانت مكتوبة ومؤرخة وموقعة بخط يد الموصي، بينما المادة (992) من القانون المدني الهولندي كانت تمنع كل هولندي من عمل وصية عرفية غير موثقة رسميا، سواء أكان ذلك داخل أو خارج هولندا، وتعتبر هذا المنع متعلقا بالأهلية اللازمة لعمل الوصية وليس م ن الشكل وتخضعه لقانون جنسية الموصي وتعتبر الوصية العرفية باطلة ما لم يتم توثيقها رسميا وعندما نازع في صحة هذه الوصية ورثة الموصي من الهولنديين أمام القضاء الفرنسي طعنوا في صحتها وطالبوا بإبطالها لعدم توافر أهلية القيام بها في الموصي استناد إلى المادة (992) من القانون المدني الهولندي لعام 1829م التي تشير قواعد الإسناد الفرنسية إلى وجوب تطبيقها باعتبارها قانون الدولة التي ينتسب إليها الموصي بجنسيته. حيث أن النص المذكور لا يعترف بالوصية العرفية ويحد من أهلية الهولندي أينما كان فسي عملها، ويعتبر كيفية عمل الوصية من الأهلية وليست من الشكل.
وهنا كان على المحكمة الفرنسية التي تنظر في النزاع المعروض عليها أن تقوم بتكييف العلاقة موضوع النزاع لتحديد طبيعتها القانونية حتى تعين في ضوء ذلك القانون الواجب تطبيقه عليه، ووجدت أنها إذا كيفت مسالة منع عمل الوصية العرفية بأنها متعلقة بالأهلية اللازمة لعمل الوصية يتوجب عليها عندئذ تطبيق قانون جنسية الموصي ، وهو القانون الهولندي عملا بقاعدة الإسناد الفرنسية التي تعطي الاختصاص في الأهلية اللازمة العمل الوصية لقانون الجنسية، وتعتبر الوصية بموجبه باطلة.
أما إذا كيفت مسالة هذا المنع بأنها متعلقة بالشكل الخارجي للوصية، فيتعين عليها حينذاك إخضاعها لقانون مكان عمل الوصية، وهو القانون الفرنسي عملا بقاعدة الإسناد الفرنسية التي تعطي الاختصاص في شكل التصرف القانوني لقانون محل إبرامه، وتعتبر الوصية صحيحة بموجبه، ولذلك كيفتها المحكمة بأنها متعلقة بالشكل وحكمت بإخضاع الوصية للقانون الفرنسي وبصحتها عملا بقاعدة الإسناد الفرنسية التي تعطي الاختصاص في شكل التصرف القانوني القانون بلد تحريره، باعتبار أن الوصية قد نظمت في فرنسا في حين أن هذا النزاع لو كان قد عرض على محكمة هولندية لقضت ببطلان الوصية تأسيسا على أن المنع الذي جاء به القانون الهولندي في عمل وصية بالشكل العرفي أمر متعلق بالأهلية ويراد به حماية الموصي، وأن الأهلية تخضع لقانون الجنسية بموجب قاعدة الإسناد في القانون الفرنسي والقانون الهولندي.
وهكذا رغم تشابه قواعد الإسناد في قانون هاتين الدولتين، فقد اختلف الحكم في النزاع الاختلاف وصف العلاقة وكذلك قضت محكمة النقض الفرنسية بان منع إجراء الوصية العرفية الوارد فسي القانون الإنكليزي يعتبر متعلقا بالشكل لا بالأهلية، وعليه تصح وصية إنكليزي يعملها ف ي فرنسا بخط يده.
وقضت أيضا بان ما يقضي به القانون النمساوي من ضرورة حضور الزوجين أمام الرجل الديني عند الطلاق يعتبر مسألة متعلقة بالشكل لا بالموضوع (3)
وقضت أيضا بان ما يقضي به القانون الكندي من أن الطلاق لا يتم إلا بتصريح من البرلمان مسألة متعلقة بالإجراءات لا بالموضوع
وهناك قضية أخرى وقعت عام. 1908 إم بين إنكلترا وفرنسا وتتلخص وقائعها بما يلي: تزوج فرنسي الجنسية عمره (19) سنة متوطن في إنكلترا اسمه (أوكادن) من امرأة إنكليزية دون حصوله على رضا الوالدين مخالفا بذلك نص المادة (148) من القانون المدني الفرنسي التي تمنع الولد من الزواج بدون حصوله على رضا الوالدين إذا لم يكن بالغا (25) سنة من عمره. وعند عودته إلى فرنسا طلب من محكمة فرنسية إبطال عقد زواجه بحجة عدم حصوله على رضا الوالدين، وتزوج ثانية في فرنسا بعد حصوله على قرار من المحكمة الفرنسية في صالحه. كما تزوجت زوجته السابقة الإنكليزية في إنكلترا من إنكليزي، ولما علم زوج الإنكليزية بأن زوجته كانت متزوجة من فرنسي رفع دعوى إبطال زواجه أمام محكمة إنكليزية بسبب أن زوجته لا تزال على ذمة الزوج الفرنسي الذي تزوج بزوجة ثانية خلافا لمنع تعدد الزوجات في القانون الإنكليزي، فقضت المحكمة الإنكليزية ببطلان الزواج الثاني للزوجة الإنكليزية من الإنكليزي وبقائها على ذمة وعصمة زوجها الفرنسي منعا من تعدد الأزواج، لأن القانون الفرنسي و إن كان يعتبر رضا الوالدين من الأمور الجوهرية أو الشروط الموضوعية لزواج الولد الذي لم يبلغ 25 سنة من عمره، ويخضع ذلك لقانون الجنسية، إلا أن هذا الشرط يعتبر في القانون الإنكليزي من الأمور المتممة للشكلية ويخضع القانون مكان انعقاد الزواج وهو القانون البريطاني. فالقانون الفرنسي يكيف المسالة بانها متعلقة بالأهلية والقانون الإنكليزي يكيفها بأنها متعلقة بالشكلية(4). " : وهناك قضية أخرى تعرف بقضية (زواج المالطي) التي تتلخص وقائعها بما يلي: رجل وامرأة من أهالي مالطا تزوجا في موطنهما المشترك بمالطا ثم حصلا عام 1891م على موطن مشترك لهما في الجزائر عندما كانت تهدت الاستعمار الفرنسي واشتري الزوج عقارا فيها ثم توفي وطالبت الزوجة بحقها في ربع العقار تطبيقا للقانون المالطي الذي كان يقر هذا الحق لها باسم (ربع الزوج الفقير) في الإرث (5)
وهنا كان لا بد من تكييف وصف طلب الزوجة في العقار من أجل تعيين القانون الواجب تطبيقه عليه، من حيث هل يعتبر حقا في الميراث غير المنقول ويسري عليه عندئذ قانون موقع العقار وهو القانون الفرنسي الذي تقرر قواعده علم حق الزوجة في ربع عقار زوجها في مثل هذه الحالة ورد طلبها، لأن القانون المختص لا يقره، أم أنه يعتبر من النظام المالي للزوجين ويسري عليه القانون المختار المتمثل في قانون (موطن الزوجية )، وهو بموجبه قاعد الإسناد الفرنسية - التي تقضي بإخضاع النظام المالي للزوجين للقانون المختار - القانون المالطي الذي يعتبر قانونا لموطن الزوجية، لأنه المكان المختار لإبرام عقد الزواج، ويعطي الحق في ربع العقار للزوجة؟. وبنتيجة التكييف الذي قامت به المحكمة لطلب الزوجة حددت طبيعة هذا الطلب بانه متعلق بالميراث غير المنقول وقررت تطبيق قانون موقع العقار عليه، وهو القانون الفرنسي وحرمت الزوجة بموجبه من حقها في ربع العقار. في حين لو كان النزاع ذاته قد عرض على محكمة مالطية لاعتبرته متعلقا بالنظام المالي للزوجين وطبقت عليه القانون المختار، وهو قانون موطن الزوجية. أي القانون المالطي الذي كان يقر الحق للزوجة في ربع العقار(6).
وهناك قضية أخرى وقعت بين إنكلترا وإسبانيا تتلخص وقائعها بما يلي: في بعض التشريعات يحق للدولة أن تدني الحق في تركة من لا وارث له وتضع يدها عليها بصفتها صاحبة السيادة، والمال بلا مالك، كما في القانون الإنكليزي والفرنسي والشريعة الإسلامية. بينما في قوانين دول أخرى تؤول تركة من لا وارث له إلى الدولة لا بصفتها صاحبة السيادة، بل بوصفها وارثا لمن لا وارث له، كما في القانون الألماني والإسباني والسويسري والتركي والمكسيكي. ففي الحالة الأولى يحل أي تنازع متولد عن هذه المسالة وفقا لقانون موقع المال، بينما في الحالة الثانية يحل وفقا للقانون الذي يدير التركة.
ففي قضية (تركة مالدونادو) التي وقعت عام 1954م بين إنكلترا وإسبانيا كان سببها هذا النوع من الاختلاف. إذ توفي (مالدونادو) و هو إنكليزي الجنسية ومتوطن في إسبانيا عن تركة دون وارث أو وصية، وكانت الشركة عبارة عن مبلغ من النقود في البنوك الإنكليزية وكان القانون الإسباني يقر حق الحكومة الإسبانية في التركة بوصفها و اراثا لمسن لا وارث له، بينما كان القانون الإنكليزي يشترط في الوارث أن يكون قريبا للمتوفى وإلا فإن للحكومة وضع يدها على التركة بوصفها صاحبة السيادة. فكيفت محكمة الموضوع الإسبانية المرفوع إليها النزاع المسالة بأنها متعلقة بالإرث ويجب أن تؤول إلي الحكومة الإسبانية بوصفها و ارثا لمن لا وارث له، بينما كان تكييفها وفقا للقانون الإنكليزي يؤدي إلى أن يعتبر أموالا لا مالك لها ومن حق الحكومة الإنكليزية وضع يدها عليها بوصفها صاحبة السيادة(7).
وهناك عدة مجالات أخرى تؤدي إلى التنازع في التكييف غير التي ذكرناها ضمن الأمثلة السابقة نذكر منها ما يلي:
أ- في قوانين بعض الدول يكيف التقادم بمرور الزمان بمسألة أصولية تخضع لقانون القاضي (Lex fori)، كما في القانون الأمريكي، بينما في قوانين دول أخرى يكيف بمسألة موضوعية جوهرية تخضع للقانون الذي يحكم أساس وجوهر النزاع، كما في قوانين بعض الدول الأوروبية.
ب- موضوع دعوى إثبات نسب المولود من زواج غير شرعي يكيف في قوانين بعض الدول على أساس الفعل غير المشروع ويخضع لقانون محل وقوع الفعل غير المشروع، بينما في قوانين دول أخرى يكيف بالحقوق العائلية ويخضع للقانون الشخصي .
ج- تكيف إجراءات الزواج الديني في قوانين بعض الدول بمسألة موضوعية تخضع القانون الجنسية، كما في القانون اليوناني، بينما تكيف في قوانين دول أخرى بالشكليات وتخضع لقانون مكان إبرام عقد الزواج.
د- يكيف التعويض المتولد من فسخ الخطبة في قوانين بعض الدول على أساس المسؤولية التقصيرية وتخضع لقانون مكن وقوع الفعل الضار ، كما في فرنسا، بينما في قوانين دول أخرى يكيف بالحقوق العائلية وتخضع للقانون الشخصي.
هـ - إن المال الذي يكيف بالمنقول في قانون دولة معينة، قد يكيف بغير منقول في قوانين دول أخرى، كالعقار بالتخصيص الذي هو مال منقول بطبيعته، إلا أن القانون اعده عقارا بالتخصيص إذا وضعه مالكه رصدا لخدمة عقار مملوك له واستغلاله، مثل آلات الحراثة ومكائن سقي الأراضي الزراعية، أو كالمنقولات ، بحسب المال التي هي عقارات بطبيعتها ولكنها تعتبر من المنقولات بحسبة المال قانونا وتطبق عليها أحكام المنقولات لأنها مرشحة للفصل عن الأرض بعد زمن قليل وتحولها إلى منقول، كالمباني إذا بيعت مستحقة للهدم والأشجار المغروسة إذا بيعت مستحقة للقلع(8) أو كاسهم بنك فرنسا التي يعتبرها القانون الفرنسي أموالا غير منقولة إذا رفع نزاع يطلب فيه تحديد طبيعتها مع انيها في الحقيقة والواقع تعتبر أموالا منقولة في قوانين الدول الأخرى.
و- في قوانين بعض الدول تكيف الحضانة يأثر من آثار الزواج وتخضع لقانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج، بينما في قوانين دول أخرى تكيف بأثار الطلاق ويسري عليها قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت رفع الدعوى، وفي قوانين دول أخرى تكيف بالولاية على النفس وتخضع لقانون من تجب حمايته، أي و قانون جنسية المحضون (9) .
القانون الذي يحكم التكييف:
التكييف ينقل القاعدة القانونية من المجرد إلى الواقع ومن الحالة النظرية إلى الواقعية بتحديد طبيعة العلاقة القانونية التي يراد تعيين القانون الواجب تطبيقه عليها وحل نزاعها. فالتكييف إذن أمر ضروري وأولي لحل تنازع القوانين، لأن تعيين القانون الذي يحكم النزاع يتوقف على تحديد وصف وطبيعة العلاقة وإدخالها ضمن وصف قانوني معين. ولهذا نتساءل: وفقا لأي قانون يجب أن يتم التكييف؟.
للإجابة على ذلك نقول: إن التكييف من مسائل القانون الدولي الخاص الأكثر إثارة النظريات ومناقشات حادة وطويلة حول القانون الذي يحكمه كالآتي:
أولا- نظرية القانون المقارن :
تذهب هذه النظرية التي من أنصارها (رابل Rabel) إلى إخضاع اختلاف الأوصاف في التكييف للأفكار العالمية في القانون المقارن. أي للأفكار المجردة السائدة في قوانين دول العالم المتمدين على أساس أن تنازع القوانين يتصف بالدولية مما يجب إضفاء صفة عالمية عليه باستخلاص مفهومه المطلق عن طريق الدراسية المقارنة القوانين وفقسه وقضاء الدول المتمدينة بما يتفق وحاجة المعاملات الدولية والوصول إلى الحكم السليم العادل دون التقيد بقانون دولة معينة بالذات. فإذا كان قانون قاضي الموضوع لا يعرف نظام تعدد الزوجات مثلا، يجب أن لا يتردد في موضوع نزاع معروض عليه متعلق بتعدد الزوجات نوعا من الزواج في المفهوم العالمي الثابت في قوانين بعض الدول
ورغم أن هذه النظرية تؤدي إلى توحيد أوصاف العلاقة القانونية وتضفي على قواعد الإسناد المعنى العالمي وتذلل الصعوبات التي تجابه قاضي الموضوع ف ي تكييف علاقة قانونية تتعلق بنظام قانوني غير معروف في قانونه الوطني - (كتعدد الزوجات، والأوقاف، والمهر) بالنسبة لقوانين الدول الأوروبية، و (التبني) بالنسبة لقوانين الدول الإسلامية - وتستهدف الوصول إلى الحكم الأمثل والأكثر عموما، إلا أن تطبيقه صعب عمليا. لأن قواعد القانون المقارن لم تتبلور بعد ولم يتم توحيد أوصاف العلاقات القانونية فيها، ويحتاج ذلك إلى دراسات وبحوث كثيرة ومستويات عالية(10)
ثانيا- نظرية قانون القاضي (Lex Fori):
تذهب هذه النظرية إلى إخضاع التكييف القانون القاضي المعروض علية النزاع المشوب بعنصر أجنبي، على أساس أن التكييف تفسير القاعدة التنازع الواردة في قانون القاضي من أجل تحديد وصف العلاقة القانونية موضوع النزاع وتعيين القانون الواجب تطبيقه عليها.
وقد ساق هذه النظرية أول الأمر الفقيه الألماني (Kahn) عام 1891م ثم تبعه الفقيه الفرنسي (Bartin) وأقره اتفاق لاهاي سنة 1920م، وأخذت به قوانين دول متعددة (11).
وبرر (بارتان) رأيه على أساس فكرة السيادة من حيث أن المشرع الوطني في كل دولة عندما يضع قواعد الإسناد في قانونه الوطني، ينظم ويضبط بها حدود سلطان قانون دولته. وعندما يسمح بتطبيق قانون أجنبي في إقليم دولته في بعض المسائل يجتزی من السيادة الإقليمية للقانون الوطني ويصبح تحديد طبيعة هذه المسائل بمثابة بيسان الحالات والحدود التي سمح فيها بالحد من سيادة قانون دولته من أجل إفساح المجال لتطبيق قانون أجنبي، فيعتبر تحديد طبيعة هذه المسائل تهديدا لنطاق قاعدة الإسناد الوطنية، وبالتالي تحديدا للسيادة ويخضع للقواعد الآمرة الإقليمية في قانون القاضي، فالقانون الأجنبي عندما يعطى له الاختصاص إشارة من قاعدة الإسناد الوطنية يعد بمثابة نصوص أقرها المشرع الوطني نفسه وحدد نطاق تطبيقها في حدود نطاق التنازل الذي قدمه له ليمكن تطبيقه ب دلا من قانونه الوطني ومثل هذا الإبدال يجب تقييده وحصره بالظروف التي يراها هو الا غيره وعدم التوسع في حدود هذا التنازل و التقيد بذلك المقدار من التسامح الذي أجازه(12)، لأنه لا يمكن للقاضي أن يخرج على أوامر مشرعه الوطني ويعطي التكييف القانون أخر، وهو إن الجا إلى ذلك يكون قد خرج على اختصاص قانون دولته(13) خاصة أن التكييف متمم القاعدة الإسناد مما يجب إخضاعهما لقانون واحد. ولكن النظرية تستثني من هذه القاعدة ما يلي:
أ- تكييف المالي لغرض تصنيفه إلى عقار ومنقول، حيث يجب إخضاعه لقانون موقع المال وقت إنشاء العلاقة القانونية .(Lex rei Sitae) لا لقانون القاضي، وذلك حرصا على تأمين الاستقرار في المعاملات المتعلقة بالأموال والمحافظة على الثروة الوطنية وهذه أمور متعلقة بالنظام العام. وقد انتقد هذا الاستثناء على أساس أنه يؤدي إلى عدم تطبيق قاعدة الإسناد الواردة في قانون القاضي تطبيقا سليما، خاصة أن قاعدة الإسناد بالنسبة للمال ليست واحدة دائما، فمثلا يخضع الميراث غير المنقول القانون موقعه، بينما يخضع الميراث المنقول لقانون المتوفي. كما أن المال ينقسم إلى ، منقول وغير منقول بحسب طبيعته أو بمقتضى نص قانوني. فالمال الذي يعتبر منقولا في قانون دولة معينة، قد يعتبر غير منقول في قانون دولة أخرى، كاسهم بنك فرنسا التي هي أموال منقولة بحسب قابليتها للحركة والانتقال من مكان إلى آخر دون تلف، بينما و يعتبرها القانون الفرنسي بنص صريح. أموالا غير منقولة(14) .
ب- إذا استحالة تكييف العلاقة موضوع النزاع بمقتضى قانون القاضي ماديا، لجهله بها، يجب على القاضي عدم تكييفه وفقا لقانونه الوطني، بل بموجب نفس القانون الأجنبي الذي ورد فيه هذا النظام القانوني مثل (المهر وتعدد الزوجات والوقف) بالنسبة للتشريعات الغربية و التبني) بالنسبة لتشريعات الدول الإسلامية، ولكن بعض الشراح عارضوا ذلك واقترحوا ضرورة تكييف مثل هذه القضايا في ضوء النظم القانونية الأكثر تشابها لقانون القاضي(15).
ج- إذا وجد نص في قانون خاص أو معاهدة نافذة في دولة القاضي يقضي بإخضاع التكييف في مسائل معينة لقانون أخر غير القانون الوطني، مثلما نصت على ذلك المادة (24) من القانون المدني الأردني، أو كاتفاقية الشروط العامة لتسليم البضائع التي عقدت بين الاتحاد السوفياتي والدول الشيوعية (قبل التجزئة) ونصت على قواعد موضوعية تطبق مباشرة على المنازعات المشوية بعنصر أجنبي في النقل الجوي والبحري وقد انتقدت نظرية قانون القاضي أيضا وقيل بأن هدفها هو حل التنازع بين السيادات التشريعية، بينما الهدف من قواعد الإسناد هو تقرير العدالة بإعطاء الاختصاص في حكم العلاقة ذات العنصر الأجنبي إلى القانون الأنسب.
ثالثا- نظرية إخضاع التكييف للقانون المختص (Lex Causaet):
وتذهب هذه النظرية التي من أنصارها (Despagnet) إلى إعطاء الاختصاص في التكييف للقانون الذي سيحكم موضوع النزاع. أي إلى القانون الذي يتقرر تطبيقه على العلاقة القانونية موضوع النزاع المشوب بعنصر أجنبي إشارة من قاعدة الإسناد في قانون القاضي. لأن لكل تشريع أسسه الخاصة بالتكييف. فالقانون المختص الذي يتقرر تطبيقه في النزاع يحوز الأوصاف اللازمة لتحديد طبيعة العلاقة القانونية موضوع النزاع، مما يجب إعطاء الاختصاص الكامل له في تكييف وحل النزاع دون التفرقة بين قواعده الموضوعية وقواعده المتعلقة بالتكييف (16).
وقد انتقدت هذه النظرية من الناحية العملية على أساس عدم إمكان معرفة القانون المختص إلا بعد التكييف. أي بعد تحديد وصف الطبيعة القانونية للعلاقة في النزاع المعروض، فكيف يحكم القانون المختص التكييف ما دام هذا القانون لم يتم تعيينه بعد؟.
فالقول بتطبيق القانون المختص على التكييف يعتبر كلاما من قبيل التنبؤ السابق لأوانه ويصطدم بالاستحالة العملية وبالحدود التي رسمها المشرع الوطني للسماح بتطبيق قانون اجنبي في إقليم دولته. لأن افتراض النتيجة (تطبيق القانون المختص) قبل معرفة السبب (التكييف) من شأنه إيجاد حلقة مفرغة يتعذر الخروج منها ما دام التكييف يعتبر مرحلة أولية وضرورية للكشف عن القانون الواجب تطبيقه، فلا يمكن معرفة هذا القانون إلا عندما يتقرر اختصاصه في النزاع بعد التكييف، ومع ذلك فقد اتجه القضاء في بعض الدول إلى الأخذ بهذه النظرية، كقرار محكمة التمييز التركية رقم 2798 الصادر ف ي 24 مايس سنة 1945، في قضية وقعت بين تركيا واليونان (17) .
التكييف في القانون الأردني:
كانت المحاكم الأردنية تخضيع التكييف القانون القاضي كقاعدة عامة وتخضع تكييف المال لقانون موقعه استثناء إلى يوم نفاذ القانون المدني في 1/1/1977 الذي نصل المادة (11) منه على أن: (القانون الأردني هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع فيها القوانين لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها). وبهذا النص أورد المشرع الأردني قاعدة عامة أخضع فيها التكييف للقانون الأردني بوصفه قانونا القاضي عندما يطلب منه تحديد طبيعة الروابط القانونية في نزاع مشوهه بعنصر أجنبي معروض عليه لإدخاله في طائفة (نوع) من طوائف النظم القانونية الخاصة بشكل التصرف أو بحالة الأشخاص أو بالميراث أو بالوصية أو بموقع المال ... إلخ.
ويقصد بالقانون الأردني هنا جملة القواعد القانونية المعمول بها في المملكة الأردنية الهاشمية، سواء أكانت متعلقة بالأشخاص أم بالأموال وأيا كان مصدرها، التشريع أو أحكام الفقه الإسلامي أو مبادئ الشريعة الإسلامية أو العرف . والمشرع الأردني لسم يورد استثناء على القاعدة التي تعطي الاختصاص في التكييف للقانون الأردني فيما يتعلق بوصف الشيء وتحديد ما إذا كان يعتبر عقار أو منقولا، وإخضاع ذلك لقانون موقع الشيع خلافا للمشرع العراقي(18)، بغية ترك هذه المسالة للاجتهاد، ولأن إعطاء الاختصاص في وصف الشيء وتحديد ما إذا كان منقولا أو عقارا لقانون موقع الشيء أصبح من المبادئ الشائعة، وما شاع وانتشر دولينا يعمل به حتى في حالة عدم وجود نص تطبيقا للمادة (25) من القانون المدني(19)، وإنما جاء باستثناء واحد على القاعدة التي تعطي الاختصاص فسي التكييف القانون الأردني، وهو حالة وجود نص في قانون خاص أو في معاهدة يقضي بإخراج التكييف، من اختصاص القانون الأردني. إذ على القاضي الأردني في هذه الحالة الالتزام بالمضمون الذي تقرره المعاهدة أو القانون الخاص تطبيقا للمادة (24) من القانون البدني التي تنص على أن: (لا تسري أحكام المواد السابقة إذا وجد نص في قانون خاص أو في معاهدة دولية نافذة في المملكة الأردنية الهاشمية يتعارض معها)، وذلك لأن نص المادة (11) هو من بين أحكام المواد السابقة المشار إليها في المادة (24) بخصوص التكييف.
. وبانتهاء تحديد وصف العلاقة القانونية موضوع النزاع تنتهي مهمة قاضي الموضوع في التكييف. أي تنتهي مرحلة التكييف لتبدأ مرحلة الإسناد، لأن تطبيق القانون الأردني بوصفه قانونا للقاضي في التكييف وفقا للمادة (11) الأنف الذكر لا يشمل إلا تحديد طبيعة العلاقات في النزاع المعروض فقط(20) ، ومن ثم يذهب القاضي إلى قواعد الإسناد في قانونه الوطني لترشده إلى القانون الواجب تطبيقه على النزاع من بين القوانين المتنازعة على حكمه، وبالتالي يسند حكم النزاع إلى واحد من هذه القوانين، وبذلك تنتهي مرحلة الإسناد أيضا لتبدأ مرحلة الإحالة.
. فقواعد التنازع قواعد إسناد وإحالة تقتصر وظيفتها على تحديد وصف العلاقة القانونية وإرشاد المحكمة إلى القانون الواجب تطبيقه عليها فقط ولا تمس موضوع النزاع ولا تنهيه فما هي الإحالة؟.
______________
1- نظر الدكتور إدمون نعيم - القانون الدولي الخاص وفقا للتشريع والاجتهاد في لبنان - بيروت 1961 – ص 47.
2- انظر الدكتور عز الدين عبد الله - القانون الدولي الخاص - الجزء الأول - الطبعة السادسة القاهرة/ 1999 - ص 115 والدكتور مصطفى كامل ياسين -مذكرات في القانون الدولي الخاص - مسحوبة بالرونيو د بغدد/ 1956 ص11 و 72 ,
Prof . Dr . Osman Berki
3- التفاصيل هذه القرارات راجع الدكتور عز الدين عبد الله - المرجع السابق - ص 119
4- انظر الدكتور ممدوح عبد الكريم حافظ – القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن - مطبعة الحكومة - بغداد / 1972 ، ص258
5- هذه التسمية تطلق في مالطا على أقل نصيب يصيب الوارثين، أي فضل كل شيء أو الشيء القليل جدا .
6- انظر الدكتور عز الدين عبد الله - المرجع السابق - ص118 والدكتور إدمون نعيم - المرجع السابق - ص 48 والدكتور ممدوح عبد الكريم حافظ - المرجع السابق - ص 260 و الدكتور جابر الراوي - أحكام تنازع القوانين في القانون العراقي - مطبعة الحكم المحلي - بغداد/ 1980 ص 33.
7- انظر 73 , Prof . Dr . Osman Berki , sf والدكتور ممدوح عبد الكريم - المرجع السابق - ص 260.
8- هذا ما قضت به محكمة القاهرة الابتدائية - دائرة الأحوال الشخصية للأجانب عام 1951م من أن حق حضانة الولد يدخل ضمن نظام الولاية.
9- للمزيد من المعلومات بهذا الصدد راجع مؤلفنا " المدخل إلى علم القانون وخاصة الأردني - الطبعة الثالثة المرجع السابق - ص 275 وما بعدها.
10- انظر حسن المهداوي و الدكتور غالب الداودي - القانون الدولي الخاص - الجنسية والموطن ومركز الأجانب وأحكامها في القانون العراقي. الجزء الأول - مطابع مديرية دار الكتب للطباعة والنشر في جامعة الموصل " ص 52.
11- ومن هذه القوانين، القانون المدني الأردني (م11) والمدني العراقي (م 17) والمدني الليبي (م10) والمدني السوري (م11) وقانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني (م 84) والمدني المجري (م14) وقانون بوستا منتي (م 7) والمدني البولوني لعام 1965م والمدني اليوناني لعام 1940م والمدني الإيطالي لعام 1924م، وكذلك يأخذ به القضاء والفقه في تركيا وسويسرا رغم سكوت قانونها عن نص صريح بذلك على أساس أن التكييف عبارة عن تفسير لقاعدة التنازع والتفسير يخضع لقانون القاضي .
12- انظر الدكتور عز الدين عبد الله - المرجع السابق - ص 118 و
76 . Prof . Dr . Osman Berki , sf
13- انظر الدكتور حسن المهداوي و الدكتور غالب الداودي - المرجع السابق - ص56.
14- المرجع السابق – ص 60
15- انظر الدكتور ممدوح عبد الكريم حافظ - المرجع السابق ، ص 263 .
16- انظر،
Despagnet, les conflits de lois relatifs a la qualification des rapports juridigues chunet , 1898 , sf . 253 , prof . Dr . Osman Berki , sf 76 نقلا من
17- وتتلخص وقائع هذه القضية بما يلي :
توفى يوناني الجنسية في استانبول بلا وارث فوضعت الحكومة التركية يدها على تركته المنقولة وغير المنقولة وطلبته من المحكمة المختصة الحكم بأيلولتها للخزينة التركية، فقررت المحكمة رد المطلب لعدم اختصاصها في النزاع وفقا لمعاهدة لوزان. فميزت دائرة الخزينة القرار وحكمت محكمة التمييز بأن تركة المتوفي التي طالبت بها الخزينة تحتوي على أموال غير منقولة يجب انتقالها إلى الدولة بوصفها وارثا لمن لا وارث له، وأموال منقولة يجب أيلولتها إلى الحكومة اليونانية، دون أن تدقق مسالة "هل أن القانون المدني اليوناني يقرر انتقالها إلى خزينة الدولة اليونانية بوصفها وارثا لمن يتوفى من وطنييها بلا وارث، أو لأن الأموال تعتبر بلا ماك". فإذا كانت هذه الأموال تنتقل إلى الحكومة اليونانية بوصفها وارثا، يعتبر رد المحكية الطلب دائرة خزينة الحكومة التركية موافقا للقانون، ولو كان العكس يكون قبول الطلب هو الموافق للقانون، وبناء عليه فإن قرار المحكمة المذكور يعتبر مخالفا للقانون.
فمحكمة التمييز التركية ذهبت في قرارها هذا إلى ضرورة تكييف المسألة وفق القانون الواجب تطبيقه قبل تحديد هذا القانون وانتقدت قرار المحكمة بخصوص رد طلب دائرة الخزينة التركية لعدم اختصاصها ف ي الدعوى استنادا إلى الاتفاقية العالية للإقامة والعلاجية المرتبطة بمعاهدة لوزان المعقودة عام 1923، لأن مفعول هذه الاتفاقية قد انتهى منذ عام 1930 فلا يصح الاستناد إلى اتفاقية منتهية، ونبهت محكمة الموضوع إلى ضرورة حل النزاع وفق القانون الذي يحكم الميراث، أي وفق القانون الشخصي للمتوفي وهو القانون اليوناني اشارة من قاعدة الإسناد التركية، ولذلك استوجبت تكييف المسالة وفقا للقانون اليوناني المختص، وبينت بأنه إذا تبين بعد التكييف وفقا للقانون المختص (اليوناني بأن الحكومة اليونانية قد وضعت يدها على الأموال المنقولة للمتوفى بوصفها صاحبة السيادة، فإن سيادتها لا تسري في الإقليم التركي ويجب أيلولة هذه الأموال الموجودة في تركيا إلى الخزينة التركية، أما إذا تبين أن الحكومة اليونانية قد وضعت يدها على الأموال المنقولة للمتوفي بوصفها وارثا لمن لا وارث له من مواطنيها، فيجب أن تؤول هذه الأموال إلى خزينة الدولة اليونانية ومما يلاحظ أن محكمة التمييز التركية قد طلبت في قرارها من محكمة الموضوع تكييف المسألة وفقا للقانون الواجب تطبيقه على العلاقة موضوع النزاع مباشرة، وهو القانون اليوناني. (انظر
Mustafa Rasit Belgesay, Devletler Hususi Hukukunda Adliye. Istanbul 1937 sf. 67, prf. Dr. Sakir Berki, Tatbiki Devletler Hususi Hukuku. Ankara, 1959 Sf. 40 Ve Prof Dr. Osman Berki, sf. 78(
18- تنص المادة (17/2) من القانون المدني العراقي على أن: (ومع ذلك فإن القانون الذي يحدد ما إذا كان الشيع عقارا أو منقولا هو قانون الدولة التي يوجد فيها الشيء).
19- تنص المادة (25) المشار إليها على أن: (تتبع مبادئ القانون الدولي الخاص فيما لم يرد في شانه نص في المواد السابقة في أحوال ينازع القوانين).
20- انظر المذكرات الإيضاحية لمواد القانون المدني الأردني، ج 1، ص 42.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|